استطاعت القوات المسلحة اليمنية، من خلال عمليات الإسناد العسكري للمقاومة في قطاع غزة ونصرة الشعب الفلسطيني أن تحقق إنجازات ونجاحات كبيرة يأتي في مقدمتها تحييد منظومة الدفاع الجوي للكيان الصهيوني، التي فشلت مرارًا وتكرارًا في اعتراض الصواريخ اليمنية الفرط صوتية من طراز "فلسطين 2" و"ذي الفقار"، والطائرات المسيّرة من طراز "يافا". وقد وضعت القوات المسلحة، بهذا التطور النوعي اللافت، حدًا للرهاب الصهيوني الذي ترسّخ في أذهان كثير من قادة الأنظمة العربية وغيرها، بأن جيش الكيان "لا يُقهر". ناصر الخذري تتوالى العمليات النوعية التي تنفذها القوات المسلحة ضد كيان العدو الصهيوني باستخدام الصواريخ الفرط صوتية والطائرات المسيّرة، مما ضاعف خسائر العدو ورفع مستوى القلق الوجودي لدى المستوطنين، الذين يفرّون بالمئات إلى الملاجئ عقب سماع صافرات الإنذار بعد كل عملية رصد صاروخ قادم من اليمن. وقد جعل ذلك قادة الاحتلال عاجزين عن تبرير فشل دفاعاتهم الجوية في حماية وتأمين المستوطنين، وكذلك العديد من الأهداف الحساسة التي كانت ولا تزال عرضة للاستهداف وضربات القوات المسلحة اليمنية. وعن تأثير هذه العمليات، قال الخبير الإسرائيلي في شؤون الشرق الأوسط وأفريقيا، ونائب رئيس جامعة "تل أبيب"، إيال زيسر، إن هجمات اليمنيين "لم تعد مجرد إزعاجات في ساعات الفجر، بل تحولت إلى تهديد فعلي له تداعيات اقتصادية وأمنية مباشرة على إسرائيل". وأشار إلى أن الصواريخ والمسيّرات التي تُطلق من اليمن تفرض أثمانًا باهظة على "إسرائيل"، أبرزها تعطيل حركة الملاحة نحو البحر الأحمر، وشلّ ميناء "إيلات". البعد الإنساني تؤكد القوات المسلحة اليمنية في بياناتها أن العمليات التي تطال عمق المناطق المحتلة تأتي في إطار استشعار المسؤولية الدينية والإنسانية والأخلاقية، بهدف وقف جرائم الاحتلال الصهيوني البشعة التي فاقمت أوضاع المدنيين في قطاع غزة، بعد أن تفشت فيهم الأمراض الفتاكة واجتاحت مدنهم المجاعة، بسبب منع العدو إدخال المساعدات، واستمراره في قتل الفلسطينيين في المستشفيات، وفي مخيمات النزوح، وفي طوابير انتظار المساعدات. كل هذه الجرائم المروعة دفعت اليمن وقواته المسلحة إلى تأكيد موقفهما الإنساني بفرض حصار بحري على الملاحة الصهيونية في البحر الأحمر وباب المندب، ردًا على إمعان العدو في التجويع والتهجير القسري لسكان قطاع غزة. واقع جديد لم يعد خافيًا مدى الرعب الذي تحدثه الصواريخ اليمنية، التي وسّعت مجال الحظر البحري والجوي على كيان العدو الصهيوني، بعد أن بات مطار اللد المحتل شبه مشلول، وتوقفت كثير من شركات الطيران المرتبطة بالاحتلال عن تسيير رحلاتها بشكل متكرر، وكذلك شركات الملاحة البحرية التي أوقفت رحلاتها التجارية عبر البحر الأحمر، مما جعل ميناء "أم الرشراش" المحتل خارج الخدمة. هذا التطور النوعي المتسارع، الذي ظهرت به القوات المسلحة اليمنية من خلال عملياتها الواسعة بحرًا وجوًا، فرض واقعًا جديدًا يصعب على أمريكا وكيان الاحتلال الصهيوني تغييره، وفق منطق القوة الذي لا يجدي نفعًا مع القوات المسلحة اليمنية، التي باتت تملك من القدرات الدفاعية ما يجعلها ترد الصاعين صاعين، وتدافع بحزم وقوة عن السيادة الوطنية ضد كافة مؤامرات العدو وأدواته، التي باتت عبارة عن أوراق محروقة لم تنفع في الماضي ولن تنفع كذلك في المستقبل. تقنية متطورة امتلاك المعلومات الكافية عن الأهداف المعادية في أجواء اليمن ومياهه، وفي عمق المناطق المحتلة، مثّل تفوقًا تقنيًا واستخباراتيًا، جعل القوات المسلحة توجه ضرباتها للسفن المخالفة بدقة عالية، رغم التمويه ورفع أعلام دول أخرى، بعد أن رفضت تلك السفن الاستجابة لنداءات قواتنا البحرية. إلى جانب ذلك، تم التصدي للطائرات الاستطلاعية المعادية، التي كانت أهدافًا سهلة، حيث تم اصطياد الكثير منها خلال معركة "الفتح الموعود" و"الجهاد المقدس". هذا التطور التقني والمعلومات الاستخبارية والرصد والاستطلاع بأنواعه، أضاف بعدًا هامًا لمجريات المعركة المفتوحة التي تخوضها القوات المسلحة دفاعًا عن السيادة الوطنية، وإسنادًا لشعب فلسطين ضد الاحتلال الصهيوني الغاصب. المرحلة الرابعة وفي إطار التصعيد والرد على مذابح الصهيونية وحصارها الجائر ضد شعب فلسطين المحاصر في قطاع غزة، أعلنت القوات المسلحة اليمنية بدء المرحلة الرابعة من الحصار البحري ضد الاحتلال الصهيوني، مؤكدة أن العمليات العسكرية لن تتوقف ضد العدو بحرًا وفي عمق المناطق الفلسطينيةالمحتلة، إلا بعد وقف جرائم الإبادة ورفع الحصار الجائر عن قطاع غزة. عمليات نوعية وفي إطار العمليات العسكرية المساندة لقطاع غزة ونصرة الشعب الفلسطيني، تتواصل الضربات الموجعة للكيان في مختلف المناطق والمطارات المحتلة، ضمن استراتيجية الإسناد العسكري المستمر، الذي يباغت المحتل بشكل شبه يومي. وفيما يلي أبرز العمليات التي أعلنت عنها القوات المسلحة خلال الفترة من 27 يوليو المنصرم إلى 1 أغسطس الجاري: - استهداف مطار اللد بصاروخ فرط صوتي من طراز "فلسطين 2"، نجحت القوة الصاروخية في استهداف مطار اللد المحتل، وهذا ما أكده بيان القوات المسلحة الصادر في 1 أغسطس الجاري، في عملية نوعية جعلت من هذا المطار شبه مغلق. - استهداف يافا وعسقلان والنقب في 30 يوليو المنصرم، أكدت القوات المسلحة في بيان لها تنفيذ ثلاث عمليات عسكرية استهدفت ثلاثة أهداف للعدو الإسرائيلي في يافا وعسقلان والنقب بفلسطينالمحتلة، وذلك بخمس طائرات مسيّرة. - "فلسطين 2" يستهدف اللد وكانت القوات المسلحة قد أعلنت عن تنفيذ عملية عسكرية استهدفت مطار اللد في منطقة يافا المحتلة، وذلك بصاروخ باليستي فرط صوتي من نوع "فلسطين 2"، بتاريخ 29 يوليو المنصرم. لن يفلح المتآمرون وأمام مستوى الجاهزية القتالية العالية لقواتنا المسلحة، المسنودة بأحرار الشعب، لن يفلح العدو الصهيوني في تحقيق أي من أهدافه في الحد من عمليات اليمن المساندة، مهما حاول وبأي طريقة كانت. فالتلاحم الوثيق بين الجيش والشعب، والالتفاف حول القيادة، مثل أهم نقاط القوة التي عززت الصمود وأسهمت في تحقيق الانتصارات على مدى عقد من الزمن ضد المعتدين وأدواتهم من مرتزقة الداخل والخارج. وعلى من يظنون أنهم يستطيعون تحقيق مخططاتهم في اليمن أن يستفيدوا من تجارب الماضي القريب، وأن يدركوا أنه لا سبيل لوقف عمليات القوات المسلحة المساندة لغزة إلا بالشرط الواضح، وهو وقف العدوان على غزة ورفع الحصار عنها، وإن الرهان على غير ذلك فهو من مستحيلات العصر، مهما حاول العدو الصهيوني الهروب إلى الأمام، فإن عملياته حتمًا سيكون مصيرها الفشل كسابقاتها، وسيضع نفسه في ورطة جديدة قد يصعب عليه الخروج منها. وفي هذا السياق، يقول الباحث والكاتب السياسي والتاريخي، العميد عبدالله بن عامر، في تغريدة نشرها على صفحته في منصة (X): "إذا قرر نتنياهو وقادته الهروب إلى #اليمن، فسيقعون فيما لم يتوقعوا. فمن يتوقع لهم واقع اليمن اليوم (وهو واقع غير متوقع)، هم أنفسهم من أخطأوا التوقع بالأمس، فوقعوا في توقعاتهم وتوقيعاتهم بما لم يتوقعوا، وأوقعوا بذات التوقعات من أوقعوا، فتقوقعوا على وقع ذات التوقع، وذات الإيقاع، وذات التوقيع." في هذه التغريدة، لخّص العميد بن عامر صورة لما قد تشهده المرحلة القادمة من تطورات، في حال غامر العدو بارتكاب حماقة جديدة في اليمن، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر عبر الأدوات، فمآلهم إلى الفشل الذريع، وستكون العواقب وخيمة على الكيان وعلى أدواته إن هم تورطوا في فخ اليمن مجددًا. هذا جانب، أما الجانب الآخر، فيوحي الحديث بأن أسلحة حديثة ربما يتم الكشف عنها في قادم الأيام تختلف في مستوى القوة التدميرية للأهداف المعادية وعلى مديات أبعد مما استهدفته قواتنا المسلحة خلال الفترة الماضية في المياه الإقليمية اليمنية، وفي المياه الدولية التي تتخذ منها سفن الاحتلال والسفن المرتبطة به مسارًا لها، بعد حظرها في البحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب، وأيضًا أهداف قد تتجاوز المناطق الفلسطينيةالمحتلة. الأيام القادمة حبلى بالمفاجآت، وهذا ما نقرأه ونستشفه من قراءة متواضعة لمجريات وتطورات الأحداث.