في نطاق قبائل ذي محمد يبرز اسم جماعة تُعرف بالمانع ويُنظر إليهم عادةً على أنهم مزارعون وحرّاثون يعملون بنظام الشراكة وعلى خلاف القبائل التي تمت مناقشتها سابقًا لم يكن للمانع مكانة قبلية متكاملة خلال العقود الأخيرة من القرن الماضي ففي أوائل الثمانينيات قُدِّر عددهم ما بين أربعمائة إلى خمسمائة رجل موزعين على عدد من القرى وكانوا يشاركون قبيلة ذي محمد في الغُرم والجُرم؛ أي في تحمّل الديون والمصاريف المترتبة على النزاعات القبلية إلا أن مكانتهم بقيت محدودة فلم يكن لهم الحق في تقديم تعهدات باسمهم ولا في مرافقة أو حماية الآخرين كما لم يستطيعوا الدفاع عن فرد من ذي محمد ضد آخر من نفس القبيلة ومع ذلك كانوا يقاتلون بجانب ذي محمد في صراعاتها مع القبائل الأخرى ومن المثير أن دية قتل أحد أفراد المانع في ظروف السلم كانت تُحتسب أربعة أضعاف وهو ما يُعد دلالة على وضع التبعية أو الحماية رغم أنهم كانوا مسلحين ويحملون البنادق . هذا الوضع الهش جعل مكانة المانع قضية حساسة يصعب التطرق إليها فالكاتب يذكر أنه في كل مرة سأل عن مكانتهم أثناء مسير قافلة كان الحاضرون يغيرون الموضوع بهدوء خصوصًا إذا وُجد بينهم أحد من المانع ومن الجوانب الغامضة ، أيضًا حالة ذي علي الذين عاشوا في مناطق خيص وملاحة وذفق الطويل فقد عُدّوا تارةً من المانع لكنهم ارتبطوا جزئيًا بذي موسى وجزئيًا بآل دمينة وعندما دبّ خلاف بينهم وبين ذي موسى في رفض آل دمينة نصرتهم عندها لجؤوا إلى ذي زيد وعقدوا معه ميثاق صاحب إخوة الذي يرمز إلى المساواة غير أن قبائل ذي محمد لم تعترف بشرعية هذا الاتفاق فصار ذي علي بمثابة فصيل شبه مستقل يضم نحو سبعين بندقية ليسوا جزءًا واضحًا من ذي محمد ولا محسوبين بوضوح ضمن المانع أما النصوص القبلية فتعكس التباسًا في وضع المانع؛ إذ جاء في النص في الجزء الثاني من القسم رقم 28 أن من يسيء منهم إلى أحد أفراد ذي محمد يُمنح يومًا واحدًا فقط من الحماية قبل أن يغادر برات لكن سطرًا لاحقًا يشير إليهم باعتبارهم إخوة لذي محمد في الشؤون العامة للقبيلة والأكثر لفتًا للانتباه ارتباط مصطلح المنوّعين بكلمة العُرْوة وهي رابطة تُستخدم عادةً للدلالة على القرابة بالنسب أو الزواج وهذا يثير التساؤل: هل كان المانع بمثابة أبناء الأخوات إخوة الأم لرجال ذي محمد أم أن التشبيه مجرد دلالة على علاقة تبعية؟ رجال القبائل اليوم يميلون إلى إنكار وجود فروق في الزواج بين القبلي وغير القبلي مكتفين بالقول إن المانع مرتبطون بالأرض ويحبونها أما المانع أنفسهم فيدّعون أحيانًا أنهم السكان الأصليون لبارات بل ويربطون نسبهم بالقبيلة الأسطورية بني هلال الذين يُقال إنهم تخلّفوا في اليمن بعد انهيار سد مأرب وفي ذي محمد تنتشر رواية بأن المانع هم الأقدم وجودًا في بارات بل إنهم شكّلوا حتى وقت قريب ثلث سكانها المستقرين ولا يقتصر وجودهم على بارات فحسب إذ يُقال إنهم حاضرون أيضًا في ذي حسين آل سالم والعمالسة لكن من الملفت أنهم لا يُوجدون في المعتيرة ورغم أن هذه الجماعة شبيهة بفئات تابعة أخرى كالجيران إلا أن هناك فرقًا جوهريًا بينهم فالجيران كما يشير اسمهم يُعتبرون أهل السوق أو التجار والقرويين المستقرين وكانوا يُعرفون بأنهم ضعفاء بلا قدرة على تقديم كفالة أو حماية لم يكونوا مقاتلين ولم يشاركوا في الغُرم والجُرم إلا فيما يخص خسائر السوق وعلى عكس المانع كانت القبائل تتزوج منهم لكنها نادرًا ما تزوّجهم نساءها وبهذا يظهر أن مجتمع بارات كان يتكون من طبقات متمايزة: قبائل مقاتلة مكتملة المكانة جماعات وسطية مثل المانع لهم سلاح وحضور لكنهم في منزلة تابعة فئات أخرى مثل الجيران والتجار والدواشين الذين كانوا مستقرين حضريين بلا حقوق قبلية تُذكر . إن هذا التنوع يعكس تعقيد البنية الاجتماعية في بارات حيث تتداخل مفاهيم الأصل الحماية والتحالفات مع قصص الأسلاف والأساطير القبلية في ذي حسين وبني نوف وإلى الجنوب بالقرب من مأرب يسمع المرء مصطلح قرار مستخدمًا بمعنى من غير القبائل أو جيران يعطي حبشوش في أواخر القرن التاسع عشر المفرد قراري وهو ما لم أسمعه في ذي محمد يمكن أحيانًا استخدام كلمة قروي للإشارة إلى المنوع بدلاً من رجال القبائل كما هو الحال في النص أ القسم 8 ربما يكون المنطق هو أنه يُفترض أنهم كانوا هناك قبل وصول قبائل ذي غيلان ولكن عادةً في ذي محمد تعني ببساطة الشخص المستقر بدلاً من البدو أو البدوي وتشير إلى شخص يتمتع بمكانة قبلية كاملة يُقارن النص أ القسم 6 بين البدوي والقروي بينما يُشير النص ب القسم 5 إلى البدوي والهجري؛ ولكن لا فرق بين العيش في بيت أو خيمة ، ما يُحدث فرقًا من وجهة نظر رجال القبائل هو النسب ورغم أن المكانة القبلية ربما تكون قد فُقدت في الماضي البعيد من قِبل من وُصفوا لاحقًا بالضعفاء إلا أنه لا يُمكن اكتسابها صراحةً ويُفترض أن رجال القبائل كانوا موجودين هناك فعليًا منذ الأزل .