بقلم القاضي:علي يحيى عبدالمغني أمين عام مجلس الشورى/ تناول علماء وفقهاء الشريعة الإسلامية (السفه) باعتباره حالة شخصية فردية، وعرفوا السفيه بأنه من يتصرف في أمواله بطريقة عبثية صبيانيه بعيدة عن الرشد والحكمة، وحكموا على السفيه بالحجر والمنع من التصرف في أمواله التي جمعها السفيه بنفسه او ورثها عن والده، وبينوا الحكمة من ذلك بأن هذا المال وإن كان من الناحية القانونية مال السفيه، إلا أنه مال الله في الحقيقة، وللأخرين حق إلهي فيه. ولذلك يجوز للولد اذا اثبت سفاهة والده لدى المحكمة او القاضي بشاهدين فقط أمر القاضي او المحكمة بمنع والده من التصرف في كافة أمواله، وكذلك بقية أفراد الأسرة والمجتمع والأمة اذا انعدم الأقربون، فالمال في النهاية مال الله، لا يجوز اهداره او العبث فيه بطريقة جنونية غير منطقية وغير مجدية، إلا أن العلماء والفقهاء للأسف لم يتناولوا السفاهة باعتبارها حالة جماعية، ولم يبينوا حكمها في الشريعة. ولعل السبب في ذلك أنهم لم يتصوروا أن تتطور هذه المسألة في الأمة وتصل الى ما وصل إليه بعض الحكام والشعوب والأنظمة، اليوم السفه لم يعد حالة فردية، بل صار حالة جماعية، لم يعد هناك سفه شخصي فردي في الوطن العربي فقد بات اغلب العرب والمسلمين فقراء لا يجدون قوتهم يومهم، وباتت خيراتهم وثرواتهم واموالهم تحت سيطرة قلة قليلة في الجزيرة العربية. شعوب الأمة تعاني من الفقر والمجاعة والجوع والبطالة وحكام الخليج ينفقون ثروات هائلة في إشعال الحروب والصراعات في المنطقة، ويدفعون لأمريكا الجزية التي دفعها اليهود والنصارى للأمة بأضعاف مضاعفة، سفاهة حكام الخليج لم تثبت بشاهدين فقط، بل ثتبتت بشهادة الثقلين أيضا، فقبل أشهر دفع حكام الإماراتوقطر والسعودية ما يزيد عن ألف مليار دولار للولايات المتحدةالأمريكية، والشعوب العربية والإسلامية من حولهم تتضور جوعا، وتنتظر المساعدات الغربية، اليوم يعاود النظام السعودي الصفة، ويدفع ابن سلمان للرئيس الأمريكي الف مليار دولار بمفرده، الغريب هو ان تبرر شعوب الخليج تصرفات سفهائها، وتدعي أن هذه الأموال خاصة بها، نتمنى من علماء الأمة وفقهاء الشريعة أن يبينوا حكم هذا السفه ونوعه، وواجب الشعوب العربية والإسلامية نحوه. والعجيب أن سفهاء الخليج يمنحون من يزورهم مليارات الدولارات كما حصل في زيارة ترمب للرياض وابوظبي والدوحة، ومثلها لمن يزورونه أيضا كما حصل اليوم في زيارة بن سلمان للبيت الأبيض، فموقعهم من الأعراب مفعول بهم دائما، آلاف المليارات من الدولارات التي دفعها حكام قطر والسعودية والأمارات لامريكا مقابل الحماية، لو أن هذه الأنظمة دفعتها للصين او روسيا او غيرها لأعادت للحضارة الاسلامية عزها ومجدها، ولكانت كافة الشعوب العربية والإسلامية في خدمتها، لكن هذه الأنظمة والحكام والشعوب آثرت الدولة العبرية على كافة الدول العربية، واتخذت من هذه الأموال ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وارصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل، وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد أنهم لكاذبون، فسينفقونها، ثم تكون عليهم حسرة، ثم يغلبون، والذين كفروا إلى جهنم يحشرون .