مازال مصطلح السياحة الريفية غائباً عن أذهان الجميع ،وربما لم يسمع به سوى عدد قليل من هواة الجمال الحقيقي، برغم امتلاك اليمن لريف جميل ومتنوع يختلف من منطقة إلى أخرى . ولعل الملاحظ أن كثيراً من اليمنيين يفضلون هذا النوع من السياحة ويحرصون عليها سنوياً وإن اختلفت المسميات، فتجد أعداداً كبيرة تتوافد إلى القرى من جميع المدن وخاصة خلال موسم الأمطار في فصل الخريف الذي تتزين فيه جبال وأودية وسهول الريف اليمني بكل مكونات الجمال الطبيعي، فالخضرة تكسو الجبال والسهول وتتدفق الشلالات من كل القمم وتتفجر العيون العذبة من كل حدب وصوب ، ليختلط الجمال الطبيعي بخضرة تسرُّ الناظرين مزينة بأزهار الطبيعة البنفسجية مع خرير الماء وغيرها من مفردات الجمال الطبيعي ، في صورة إبداعية تتجلى فيها قدرة الخالق عز وجل وهو ما يعطي الزائر انطباعاً جديداً لمعاني الحياة الجميلة الصافية والهادئة في وسط تفكير عميق بقدرات الخالق في رسم تلك الصور الجمالية تتعالى فيها كلمات الشكر والابتهال لله سبحانه وتعالى ، وتظل راسخة في الذاكرة تأبى أن تزول حتى يعود المرء لزيارتها مرة أخرى. السياحة الريفية لاتحتاج إلى بنية تحتية مكلفة باستثناء الخدمات الأساسية من طرق وهاتف وكهرباء ، وما تحتاجه فقط هو الترويج الجيد لها على مستوى السلطات المحلية في المديريات والتعريف بها مركزياً عبر وسائل الإعلام المحلية لأن المستهدف فيها بدرجة أساسية هو المواطن اليمني ، وحينها ستبدأ الرحلات العائلية والطلابية الترفيهية ورحلات الموظفين الجماعية بالتوافد نحو الأرياف لقضاء عطلة نهاية الأسبوع والأعياد والمناسبات الخاصة بعيداً عن أجواء المدينة الممتلئة بالغبار والضوضاء التي لا تفارقها ليل نهار. كما أن ما يميز السياحة الريفية أنها قليلة التكاليف اذا ما قورنت بزيارة أي مدينة حضرية، وخدماتها بسيطة جداً ويستطيع الإنسان أن يقوم بمعظمها بحكم طبيعة رحلات الريف التي يحرص هواة هذا النوع من الرحلات على اصطحاب معظم مستلزماته من شراب وطعام وعمل الحلويات والمشويات بأنفسهم كونها من مكملات السياحة الريفية . كما أن السياحة الريفية تعد الطريقة الأجدى لإحداث تنمية حقيقة في الريف اليمني تتناسب مع طبيعة وحاجة السكان ، دون ان تعمل على إحداث تغيير في الصورة الجميلة للمناطق الريفية بحكم ان الزائر لأية منطقة يحتاج لبعض الخدمات البسيطة المكملة لمثل تلك الرحلات من مياه معدنية او عصائر طازجة وخدمات أخرى قد تكون مرتبطة بما تجود به المنطقة نفسها من محاصيل زراعية أو منتجات حيوانية أو خدمات الصيانة للسيارات وغيرها ، وعندئذ سيتجه السكان المحليون نحو توفير تلك الخدمات كل بحسب مقدرته المالية وميوله الشخصية ، طالما والإقبال عليها جيد من الزوار ،وهو ما سيوفر فرص عمل جيدة للسكان .. الأمر الذي سيعمل على تحسين المستوى المعيشي للأسر الريفية وسينعش الحياة وتتجدد آمال الطبيعة الخلابة في البقاء أطول فترة ممكنة، طالما وزائروها ومحبوها يتوافدون اليها حباً في الهدوء والجمال .