قضت محكمة مصرية يوم الثلاثاء بسجن 43 موظفا بمنظمات أهلية منهم 16 أمريكيا في دعوى أقيمت وقت إدارة المجلس الأعلى للقوات المسلحة لشؤون مصر عقب الانتفاضة الشعبية التي اطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك والتي عرفت إعلاميا بقضية التمويل الأجنبي. وأدين المحكوم عليهم بتلقي تمويل أجنبي دون إذن السلطات للمنظمات التي عملوا فيها وبينها منظمات مقرها في الولاياتالمتحدة. واتهمت المنظمات وبينها منظمة ألمانية في القضية بالعمل بدون ترخيص لكن المنظمات قالت إن مصر لم توف لوقت طويل بوعد لها بالترخيص. وتسببت القضية في أسوأ أزمة خلال عشرات السنين في العلاقات بين القاهرة وواشنطن التي تقدم مساعدات عسكرية سنوية لمصر تبلغ 1.3 مليار دولار. وقال مصدر قضائي إن محكمة جنايات القاهرة عاقبت 27 من المتهمين بالسجن خمس سنوات غيابيا بينهم 15 أمريكيا على الأقل وحكمت على أمريكي حضر المحاكمة بالسجن سنتين. وأضاف أن أربعة آخرين بينهم مصري واحد على الأقل وألمانية حكم عليهم بالسجن سنتين بينما عوقب باقي المتهمين وهم 11 بالسجن سنة مع إيقاف التنفيذ لكل منهم. وقال رئيس مجلس إدارة مؤسسة دار الهلال الصحفية المصرية يحيى غانم الذي حكم عليه بالسجن سنتين إنه سيبحث الخطوة التالية مع محاميه. وأضاف أنه يتوقع إبطال الحكم حين تنظر محكمة النقض طعنا سيتقدم به للمحكمة. وشغل غانم منصبه في تعديلات على المناصب في الصحف التي تملكها الدولة أجراها مجلس الشورى الذي يهيمن عليه حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين وكان لا يزال متهما في القضية. والحكم واجب النفاذ لحين حكم بإبطاله من محكمة النقض إن رأت بطلانه. وكان المتهمون الأمريكيون باستثناء واحد غادروا البلاد بإذن محكمة أخرى بعد دفع كفالات باهظة مما أثار اتهامات للحكومة بالرضوخ لضغط أمريكي. وبلغت كفالة كل متهم 330 ألف دولار دفعتها الحكومة الأمريكية. والأجانب غير الأمريكيين هم من النرويج وصربيا وألمانيا ومنهم عرب. ومن بين المتهمين مزدوجو جنسية. وأمرت المحكمة أيضا بحل المنظمات الأهلية التي شملتها القضية وبينها فروع المعهد الديمقراطي الأمريكي وفروع المعهد الجمهوري الدولي بمصر. كما أمرت بمصادرة أموالها وأوراقهاالتي حرزت في القضية. وتربط المعهدان الديمقراطي والجمهوري علاقات فضفاضة مع الحزبين الأمريكيين الرئيسيين. ومن بين المحكوم عليهم غيابيا ابن وزير النقل الأمريكي راي لحود. وتعمل المنظمات التي حكم بحلها ومصادرة أموالها وأوراقها وبينها فريدوم هاوس (بيت الحرية) في مجال نشر الديمقراطية. وكانت مصر في إحدى مراحل القضية منعت سفر المتهمين الأجانب مما اضطر عدد من الأمريكيين إلى اللجوء إلى سفارة بلادهم في القاهرة أوائل العام الماضي خشية إلقاء القبض عليهم إلى أن رفع منع السفر عنهم بعد دفع الكفالات. والأمريكي المحكوم عليه حضوريا بالحبس سنتين هو روبرت بيكر وهو موظف سابق في المعهد الديمقراطي الأمريكي. وكانت مصر اتهمت الولاياتالمتحدة بتحويل 150 مليون دولار إلى المنظمات غير الحكومية من أصل المساعدات الاقتصادية المقررة لها بالمخالفة للاتفاقيات الثنائية. وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بحقوق الإنسان ومنظمات حقوقية مصرية نهاية الشهر الماضي إن مشروع قانون أعدته الرئاسة في مصر لتنظيم عمل المنظمات غير الحكومية يبدد الآمال في مجتمع مدني حر بعد انتفاضة عام 2011 التي أطاحت بمبارك. وكان الرئيس المصري محمد مرسي قال في وقت سابق إن مشروع القانون المحال إلى مجلس الشورى يكفل الحرية لمنظمات المجتمع المدني التي تعرضت لمضايقات جمة في العهد السابق. ومنذ الإطاحة بمبارك ظلت القيود على المجتمع المدني سببا للخلاف بين مصر والدول الغربية التي تساعد في تمويل المنظمات غير الحكومية العاملة في مجالات حقوق الإنسان والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية