صباح الاثنين السابع عشر من شهر حزيران " يونيو" المنصرم كنت بمعهد الموسيقى والفنون العسكري مع الأخوين محمد الشوذري ومحمد السوداني للاستفسار عمَّ توصلوا إليه مع فاطمة البيضاني حول مسرحيتي "قوارير في أيادٍ مرتعشة " التي تم الاتفاق على تغيير اسمها " يانا من الشيبة " نزولا عند رغبة الأخت فاطمة البيضاني وطلب جهات التمويل حسب زعمها .. وذلك بعد أكثر من ثلاثة أشهر على تسليمها النص الثالث المعدل .. تفاجأت وأنا أرى حالة استنفار وتأهب لدى الفرقة الفنية بالمعهد فسألت السوداني ماذا لديكم .. قال اليوم سيتم عرض مسرحية يانا من الشيبة في معهد يالي الأمريكي .. هل أنت مستعد للذهاب معنا .. ترددت قليلا وأنا أتساءل بيني وبين نفسي لماذا لم يخبروني ولم يقدموا لي على الأقل دعوة لحضور مسرحيتي .. ثم وافقت على مرافقتهم لأشهد العمل الذي قمت به مجسدا على المسرح أمامي .. في معهد يالي .. أول ما لفت نظري اللوحة التي عليها دعاية العرض والمكتوب عليها "أيدنوت و يالي يقدم مسرحية يانا من الشيبة .. تحت الصورة التي أخذت من بروفات المسرحية على لوحة الدعاية مكتوب بتمويل من المعهد الأمريكي يالي والسفارة الأمريكية تقدم مؤسسة أيدنوت للفلكور مسرحية اجتماعية من التراث اليمني " يانا من الشيبة " إخراج نبهان الشامي. فوجئت وزعلت لعدم وجود اسمي كمؤلف للعمل وهممت بالمغادرة .. رآني محمد الشوذري فاعترضني وسألني عن سبب انزعاجي فقلت له ألا ترى أنهم تعمدوا إسقاط اسمي من العمل ولم يكتبوا تأليف أمين أبوحيدر .. باستحياء أشار إلى ورقة أيفور ملصقة على لوحة الدعاية لا تكاد تبين حتى أني لم ألاحظها إلا حين ركزت معه على اللوحة بعد دعوته لي لقراءتها ..إذا بها مكتوب المعالجة الفنية أمين أبوحيدر وفاطمة البيضاني .. لم أفهم ماذا تعني المعالجة وما دخل فاطمة البيضاني في ذلك .. حين رأتني فاطمة البيضاني صعقت وتوجهت لسؤالها ماذا يعني المعالجة الفنية وأين اسمي على برشوت الدعاية .. تلكأت وقالت منصة العرض صغيرة ولم تكن مناسبة واضطرينا نلغي بعض الفقرات على سبيل المثال الراوي .. لم يرق لي ذلك وجلست على مضض لأشهد المهزلة . - في بدء العرض قام الشوذري بتقديم المسرحية للجمهور قائلا : " نقدم لكم مسرحية يانا من الشيبة تأليف الأستاذ الشاعر أمين ابوحيدر مشيرا إلي وإخراج نبهان الشامي .. علا صوت مقاطعا من الصف الأمامي جهة المقاعد المخصصة للنساء لم أتبين ماقال إلا أنها كانت فاطمة البيضاني .. عاد الشوذري ليقول المعالجة الفنية أمين أبوحيدر وفاطمة البيضاني .. بدأت أشعر بأن ثمة شيء في نفس البيضاني من هذه المعالجة .. كان سبب تأخر العرض لأشهر .. وهو إجراء تدخل جراحي للمسرحية لتوهم الداعم الذي طلب منها عملا فنيا من التراث الشفهي بأنها مسرحية تراثية شفهية فمؤسستها هي أيدنوت للتراث الشفهي ولابد أن تجعل المسرحية تتواءم مع شعار وأهداف مؤسستها .. غير آبهة بحقوق الكاتب الأدبية والفكرية .. فهي تقحم حتى ما ليس بتراث شفهي بالتراث الشفهي وتحمل المصطلح ما لا يتحمله .. بعيدا عن الموضوعية والمنهجية العلمية .. إذ وإن كان عنوان العمل " يانا من الشيبة " مثلا شعبيا يندرج ضمن التراث الشفهي فهذا لا يعني مطلقا أن تكون المسرحية كعمل إبداعي تراثا شفهيا فهي ملك مبدعها وإلا كان أي عمل أدبي جاء عنوانه مثلا شعبيا أو حكمة أو قول مأثور تراث شعبي شفهي .. مثل مسلسل "كيني ميني" ، "عيني عينك" ،" ماعد بش حلا في شي" والكثير من الأعمال المحلية والعربية والعالمية التي كانت عناوينها ألأمثال والحكم مثل " ذهب مع الريح".. من منا لا يعرف أن التراث الشفهي المحكي لا يخرج عن كونه " أحجية – لغز- حزوية – أمثال وحكم .. أساطير .. فنون شعبية محكية كالزامل وغيره .. فكيف أقحمت مسرحيتي وجعلتها من التراث الشفهي وتعمدت مصادرة حقي الأدبي والفكري. ليس هذا فحسب فما خفي كان أعظم وسيتضح لاحقا. - حين بدأ عرض المسرحية بدأت تتكشف التشوهات " المعالجة " بمفهوم فاطمة البيضاني .. إذ تم حذف دور الرواي من جميع المشاهد وهو دور أساسي يقدم المثل الشعبي ويشخص الظاهرة الاجتماعية التي قامت على الفهم الخاطئ له وما سبب من مآسي للفتاة اليمنية القاصر وتم ذلك الحذف بدون الرجوع للمؤلف أو مشاورته وذلك انتهاك صارخ للنص وتعدٍ على مؤلفه . - جاء المشهد الأول الذي بطلته المطلَّقة شمس مجتزأ ..من المشهد الثالث للنص الأصلي " القارورة الثالثة " شيبة وقدور وشباب وحقور" .. حيث بتر نصف المشهد وهو الأهم فجاء المشهد ليترجم نصف المثل لشعبي الذي بني عليه ولم يطلع المشاهد على النصف الأول وهو حياتها مع وضاح زوجها الأول " شباب وحقور". - المشهد الثاني " جاء معتمدا على فكرة المشهد الرابع في النص الأصلي " القارورة الرابعة " إذا شيب الرجل اديت له صبية" لكنه جاء مشهد مسخ ومسيء فالفتاة القاصر التي كان عمرها معقولا طالبة في الثانوية بنت 17عاما تستبدل ببنت 8سنوات وذلك مناف للمثل الشعبي الذي قام عليه " صبية" كما أني تشويه للواقع ومناف للذوق وفي إساءة للمجتمع اليمني وتقديمه للمنظمات على أنه شهواني وقد يتزوج الرجل بطفلة دون العاشرة .. ومع ان المعالجة البيضاني أرادت أن يكون لها بصمة لتقحم نفسها بدون وجه حق في تأليف مشهد جديد في النص .. فقد تم سرقة تعابير وفكرة ماورد في المشهد الرابع الأصلي بالنص في أكثر من موضع ولم تأت بجديد وإن غيرت اسما الأبطال واستبدلت قارورة العسل بالرياضة والصبية القاصر بالطفلة دون العاشرة ..وقد جاء المشهد هزلي سامج وغير هادف . - المشهد الثالث في عرض يالي هو المشهد الأول في النص الأصلي " القارورة الأولى بنت ثمان وعلي الضمان " وقد ورد كاملا مع تعديل بسيط هو إلغاء دور أم البطلة وردة ووالدها. - تم إغفال وحذف المشهد المهم الذي سلط الضوء على تجربة البنت القاصر الأقسى وهو قطب المسرحية " يانا من الشيبة "..القارورة الثانية أو المشهد الثاني في المسرحية. - كل ما جرى من حذف وتقديم وتأخير واستبدال أفرغ المسرحية من محتواها وشوهها وحولها إلى اسكتشات عبثية .. وفي ذلك إساءة لصاحب النص وسطو على حقوقه الفكرية والأدبية ومنافي للأخلاق وأدب المعاملات إذ كان ينبغي أخذ الأذن من صاحب النص في أي تعديل لا أن يتم ذلك بمزاجية ولا مبالاه .. وكأن شعار مؤسسة أيدنوت وفاطمة البيضاني هو الغاية تبرر الوسيلة . وهو تحويل النص رغما عن أنفه وأنف صاحبه وكل القوانين والدساتير والأعراف والأخلاق إلى تراث شفهي . - الطامة التي جاءت به الدكتورة الجراحة والمعالجة فاطمة هو في العرض الليلي الذي لم أحضره وهو الإيعاز إلى مقدم الحفل والمسرحية بعدم تكرار ما حدث صباحا من ذكره للمؤلف أمين ابوحيدر والتباهي لبعض زوارها وحاضري المسرحية من من يعرفون أمين أبو حيدر بأنها هي التي قامت بكل شيئ وحين يقولون لها معقول تجيب هو ساعدنا بقدر بسيط حتى الورقة الأي فور التي كان اسم امين أبوحيدر عليها في العرض الصباحي تم نزعها في عرض المساء .. لتأتي التصريحات لوكالات الأنباء وينزل الخبرفي جميع الصحف والمجلات والمواقع الالكترونية بان المسرحية يتيمة بلا صاحب سوى العبد لله المخرج نبهان الشامي . الكلام له شجون واكتفي بهذا القدر.. إلا أنه يجب التوضيح والتنويه -على الأقل الآن – إلى أن ما عرض في معهد يالي من عمل ناقص ومبتور جاء على حساب النص الأصلي ولم يحقق الفكرة كما ينبغي فالنص الأصلي لمسرحيتي "قوارير في أياد مرتعشة" التي تم تغيير اسمها إلى " يانا من الشيبة "ا فكرتها الرئيس مثل شعبي يمني يحمل مجموعة قيمية مجتمعية ولدت أنماطا وسلوكيات سلبية وقمعية للفتاة اليمنية قد لا يكون المسؤول عنها المثل بعينه بقدر ما يتحمل تلك المسؤولية الفهم القاصر لدلالاته .. وتهدف المسرحية إلى إعادة النظر في المفاهيم القاصرة والتطبيقات الخاطئة والإسقاطات التعسفية للأمثال الشعبية التي تتحكم في مصير الفتاة اليمنية التي هي نصف الحاضر وكل المستقبل .. القارورة الأولى "يانا من الشيبة" والقوارير التي تليها ..صرخات مدوية تستنفر الضمائر الحية في المجتمع وتدعوها لاستهجان استغلال الفهم الخاطئ للمثل الشعبي وتعميمه كي لا يكون مبررا لزواج الصغيرة من كبير السن لأي سبب مهما كان.. والمسرحية بشكل عام تهدف إلى تحفيز الرأي العام كي يشكل عامل ضغط على السلطات لوضع حد لتفشي ظاهرة الزواج المبكر للفتاة اليمنية بسن تشريع يحدد السن الملائمة لزواج الفتاة . - بنية المسرحية : - قامت البنية الموضوعية لهذا العمل من أربعة مشاهد على قاعدة أساسها أربعة أمثال شعبية هي " زوِّج بنت الثمان وعلى الضمان" – يانا من الشيبة – "شباب وحقور وشيبة وقدور" - "إذا شيَّب الرجل أديت له صبية "بحيث يشكل المثل الأوسط " يانا من الشيبة " .. القطب والمركز بما يخدم فكرة العمل والبنية الفنية التي تقوم على ثنائية "السرد والصورة " في المشاهد الأربعة .