مظلومية الإصلاح اليمني "اخوان اليمن"    عودة الأسعار للارتفاع يا حكومة    زيارة مختار النوبي للحجوري في سيئون تثير خوف وفزع الحضارم من تمكين خطاب التكفير والفتنة    مع استمرار صراع ادوات المرتزقة..مدن الجنوب بلا خدمات    عبد الرزاق حمد الله يعتزل اللعب دوليا بعد قيادة المغرب للتتويج بكأس العرب    عقوبات أمريكية على الإخوان المسلمين    الإمارات تشتري ثاني أضخم صفقة عسكرية في تاريخ إسرائيل    بن حبتور يكشف عن السيناريو في المناطق الجنوبية والشرقية    بتعاون أردني..عدوان أمريكي على الأراضي السورية    وزير سابق: تراجع اهتمام واشنطن بالملف اليمني وتعيد النظر وفقا لوقائع الأرض    معركة السيادة في عصر الاستلاب الفكري"    البنجاك سيلات يستعرض الصعوبات التي تواجه الاتحاد    تدشين صرف إعاشة أسر الشهداء والمفقودين ب 3.6 مليارات ريال    تفجير تعز.. قيادات إصلاحية تربوية تدفع ثمن مواقفها الوطنية    خبير في الطقس: برد شديد رطب وأمطار متفرقة على عدد من المحافظات    هجوم جوي يستهدف قوات الانتقالي في حضرموت    ميرسك تعبر البحر الأحمر لأول مرة منذ عامين وتدرس عودة تدريجية    تقرير أممي: ثلثا اليمنيين يعانون انعدام الأمن الغذائي ومعدلات الجوع تسجل ذروة غير مسبوقة    تقرير أممي: تصعيد الانتقالي في حضرموت أجبر آلاف الأسر على الفرار والنزوح    جريمة إرهابية مروعة    أبناء أبين يؤدون صلاة "جمعة الثبات والتمكين" في ساحة الاعتصام بزنجبار    قيادة السلطة المحلية بالبيضاء تنعي حاتم الخولاني مدير مديرية الصومعة    شرطة المرور تعلن إعفاء أكثر من ثلاثة ملايين مخالفة مرورية    قراءة تحليلية لنص "نور اللحجية" ل"أحمد سيف حاشد"    مهرجان ثقافي في الجزائر يبرز غنى الموسيقى الجنوبية    معارك ليست ضرورية الآن    أمطار شتوية غزيرة على الحديدة    الموسيقى الحية تخفف توتر حديثي الولادة داخل العناية المركزة    "المحرّمي" يُعزِّي في وفاة السفير محمد عبدالرحمن العبادي    الأرصاد تتوقع أمطارًا متفرقة على المرتفعات والهضاب والسواحل، وطقسًا باردًا إلى بارد نسبيًا    بالتزامن مع زيادة الضحايا.. مليشيا الحوثي تخفي لقاحات "داء الكلب" من مخازن الصحة بإب    الأوبئة تتفشى في غزة مع منع دخول الأدوية والشتاء القارس    "أسطوانة الغاز" مهمة شاقة تضاعف معاناة المواطنين في عدن    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    الحبيب الجفري يحذّر من تسييس الدين: الشرع ليس غطاءً لصراعات السياسة    أزمة خانقة في مخابز عدن.. المواطن يعاني والانتقالي يبيع الأوهام    الذهب يسجّل أعلى مستوى له في التاريخ    كأس ملك اسبانيا: تأهل اتلتيك بلباو وبيتيس لدور ال16    الحرية للأستاذ أحمد النونو..    السبت .. انطلاق سباق الدراجات الهوائية لمسافة 62 كم بصنعاء    المغرب يتوج بطلاً لكأس العرب بانتصاره المثير على منتخب الاردن    انعقاد الاجتماع الفني لبطولة مديريات محافظة تعز - 2026 برعاية بنك الكريمي    القرفة في الشتاء: فوائد صحية متعددة وتعزيز المناعة    تجار تعز يشكون ربط ضريبة المبيعات بفوارق أسعار الصرف والغرفة التجارية تدعو لتطبيق القانون    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    نادية الكوكباني تفوز بجائزة نجيب محفوظ لأفضل رواية عربية للعام 2025    بين الاعتزاز والانسلاخ: نداءُ الهوية في زمن التيه    شرطة أمانة العاصمة تكشف هوية الجناة والمجني عليهما في حادثة القتل بشارع خولان    اتحاد كرة القدم يعلن استكمال تحضيراته لانطلاق دوري الدرجة الثانية    روائية يمنية تفوز بجائزة أدبية في مصر    صباح عدني ثقيل    تحرير حضرموت: اللطمة التي أفقدت قوى الاحتلال صوابها    صباح المسيح الدجال:    مأرب.. السلطة المحلية تكرم فريق نادي السد لكرة القدم بمناسبة الصعود لدوري الدرجة الثانية    تأكيداً على عظمة ومكانة المرأة المسلمة.. مسيرات نسائية كبرى إحياء لذكرى ميلاد فاطمة الزهراء    جوهرة الكون وسيدة الفطرة    بدعم سعودي.. مشروع الاستجابة العاجلة لمكافحة الكوليرا يقدم خدماته ل 7,815 شخصا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجنوب العربي: سراب التعافي أمام طاحونة الجوع والفساد السياسي
نشر في شبوه برس يوم 04 - 08 - 2025

منذ أشهر، تتردد على ألسنة المسؤولين والدوائر الاقتصادية في عدن كلمات مثل "التعافي التدريجي"، و"ضبط الإنفاق"، و"خطة إنقاذ اقتصادي"، إلا أن الواقع الذي يعيشه المواطن في الجنوب العربي وتحديدًا في عدن، الضالع، أبين، شبوة، وحضرموت، يكذب كل هذه الوعود. فالأسعار تواصل صعودها الجنوني، وسعر صرف الريال اليمني أمام الدولار يهوي بلا كوابح، في وقت تتكاثر فيه التصريحات وتقل فيه الحلول.

في خضم هذا المشهد المتأزم، تظهر التساؤلات حول ما إذا كان هناك بالفعل "سر للتعافي"، أم أن ما يُروّج ليس إلا وهمًا مغلفًا بلغة اقتصادية منمقة، لذر الرماد في العيون وامتصاص الغضب الشعبي المتصاعد. فحتى اللحظة، لم يشهد الشارع الجنوبي أي تحسن ملموس في حياة الناس اليومية. الدولار، في السوق المحلية، تجاوز حاجز 1800 ريال في بعض المناطق، وسط غياب أي تدخل فعلي من البنك المركزي أو الحكومة، التي يبدو أن همّها الأكبر هو البقاء السياسي، لا تحسين حياة الناس.

أما المجلس الرئاسي، برئاسة رشاد العليمي، فقد أصبح أشبه بمجلس ديكوري عاجز عن اتخاذ قرارات سيادية حاسمة، أو حتى الظهور بمظهر المتماسك. فالمجلس، الذي تأسس على أمل أن يضبط الفوضى السياسية والعسكرية، أصبح اليوم جزءًا من حالة الجمود، وربما المعضلة نفسها. العليمي، الذي كان يُراهن عليه كوجه مدني قادر على كبح جماح مراكز القوى، أصبح متهمًا بالتواطؤ مع منظومة الفساد، أو في أقل الأحوال، بالصمت على انهيار المؤسسات.

الجوع لم يعد حالة ظرفية عابرة، بل بات سمة من سمات الحياة اليومية. المواطن الجنوبي صار محاصرًا بين أسعار تقصم الظهر، وأجور لا تكاد تكفي لأيام معدودة، واحتكار تجاري خنق السوق، وسط صمت الجهات الرسمية التي تبدو وكأنها تخوض معركة باردة ضد شعبها. في الأسواق، بات الناس يسألون عن بدائل لأبسط ضروريات الحياة، والعديد من الأسر تتخلى عن اللحوم، والخضروات، وحتى الخبز في بعض الأحيان.

المؤشرات جميعها تنذر بانفجار شعبي محتمل، فحالة الغليان لا تحتاج إلا إلى شرارة. لم تعد الاحتجاجات بعيدة، ولا الشعارات المطلبية محصورة في نقابات أو ناشطين على وسائل التواصل. الناس بدأت تفكر بصوت عالٍ في "الخروج الكبير"، في "الغضب المشروع"، في "سقوط الأقنعة". ومثلما سقطت عروش في مراحل سابقة من تاريخ اليمن بفعل الفقر والفساد، فإن مؤشرات مشابهة اليوم تتراكم بصمت.

التغيير في تركيبة المجلس الرئاسي لم يعد ترفًا سياسيًا أو مطلبًا نخبويًا، بل ضرورة شعبية ملحة. هناك أصوات تتحدث علنًا عن ضرورة استبدال العليمي، وربما حل المجلس الرئاسي بالكامل، وتشكيل مجلس إنقاذ وطني جنوبي مستقل، أو مجلس عسكري مدني قادر على إدارة المرحلة بما يناسب حجم التحديات. هذه الرؤية، وإن بدت راديكالية للبعض، تعكس عمق فقدان الثقة في الطبقة السياسية الحالية.

الرهان الوحيد الذي لا يزال قائمًا هو وعي الشارع، وقراره بتحويل هذا الغضب المشروع إلى فعل سياسي منظم، يفرض التغيير من الأسفل لا من فوق. فالمعادلة القديمة القائمة على تقسيم السلطة، ونهب الموارد، وتقديم المبررات، لم تعد قابلة للحياة. الجنوب، الذي قدّم آلاف التضحيات على أمل استعادة دولته، يجد نفسه اليوم غارقًا في دولة بدون روح، ومجلس بدون إرادة.

هل نحن أمام بداية نهاية التركيبة الحالية للسلطة؟ هل سيشهد الجنوب موجة غضب تعيد ترتيب المشهد؟ هل تتبلور قيادة بديلة تستجيب لطموحات الناس بدلًا من الاكتفاء بإدارة الأزمات؟ كلها أسئلة ستجيب عنها الأيام المقبلة، لكن المؤكد أن زمن الصمت قد ولى، وأن الجنوب مقبل على مفترق طرق لن يكون سهلًا ولا تقليديًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.