شبوة برس – خاص في تحرك سياسي رمزي يحمل رسائل قوية، وصل سلطان البركان، رئيس مجلس نواب اليمني المنتهي الصلاحية، إلى عدن لمقابلة الرئيس عيدروس الزبيدي، القائد الجنوبي، جالسًا ضعيفًا ووحيدًا، بلا أي حماية أو وفد رسمي، ودون علم الدولة التي يفترض أنه يمثلها. المشهد لم يكن لقاءً عابراً، بل إعلان عملي لانتهاء مرحلة المجاملة السيادية، وتجسيد لفكرة أن الجنوب وحده يحدد شروط الحضور والرمزية على أرضه.
السياسة تُقرأ بما يُخفى أكثر من الظاهر، والمكان هنا لم يكن مجرد ديكور، بل شاهدٌ يتكلم. حضوره وحيدًا أمام القائد الجنوبي قال قبل أن تنطق الكلمات: السلطة هنا جنوبية، والدولة التي يمثلها غائبة أو عاجزة عن فرض أي تأثير. الكرسي الواحد جسّد الحقيقة: لا حماية سيادية، ولا توازن سياسي مفروض، والغياب الرمزي للراية كشف ضعف الشرعية على الأرض الجنوبية.
التوقيت ليس صدفة؛ تصدعات ما يُسمّى بالشرعية، ارتباك المشهد الإقليمي، وصعود خطاب جنوبي أكثر جرأة، جعل من اللقاء اختبارًا علنيًا للمرحلة لا لعبارة عابرة. البركان لم يُسأل عن تصريح فردي، بل واجه سؤال المرحلة: من يتحدث باسم اليمن، وأين تنتهي الدولة حين تغيب رموزها على أرض الجنوب؟
غياب أي قائد شمالي آخر عن المشهد لم يكن تفصيلًا؛ حضوره كان سيخلق توازنًا أو جدلًا، أما غيابه فأفرغ اللقاء من أي طابع شمالي وجعله خطابًا جنوبيًا خالصًا موجّهًا لشخص واحد. الجنوب بهذا المشهد أعاد تعريف شروط الحوار: من يملك الحق في الحديث، ومن يملك سلطة الفعل، ومن يجب أن يُحاسب على كلامه.
الرسالة واضحة للداخل والخارج: من يتحدث عن الجنوب دون تفويض جنوبي سيُسأل، وعلى أرض الجنوب، وفق شروط الجنوب. الجدران الصامتة في عدن قالت ما لم تقله الكلمات: نحن نملك المكان، ونحدد الرمزية، ونفرض قواعد الحضور. والبركان وحده أمام المشهد، يثبت أن الدولة التي يمثلها غير قادرة على فرض سيادتها، والجنوب وحده يملك كلمة الفصل.