هو الشاعر أبو بكر بن عبدالرحمن بن محمد بن شهاب الدين. ولد في قرية (حصن آل فلوقة) في ضاحية تريم الشرقية سنة1262ه الموافق 1846م. وفي تريم درس على شيوخها وعلمائها، ثم طاف بكثير من مراكز العلم في حضرموت ونهل منها ما أمكنته الأيام ثم شد رحاله الى مكة حاجا عام 1286ه الموافق 1869م ليبقى ثمة، وفي المدينةالمنورة طالب علم. وكان العلامة السيد أحمد زيني دحلان أحد شيوخه في ذلك المقام. تهيأ له أن يكون شاعرا ذائع الصيت فتلقاه أمراء ذلك العصر وحكامه بترحاب، فساح ابن شهاب في بقاع كثيرة لكنه قر في الهند، وكانت مدينة حيدر أباد- الدكن مستوطنه الأبدي، وقد قضى بها نيفا وثلاثين حولا عالما مشهورا وشاعرا مذكورا. وفي عام 1331ه الموافق 1912م زار حضرموت بعد غياب طويل وكان على عزم بأن يستقر بها بعد أن يعود إلى الهند ثانية ويحضر كل من كان وما كان له بها، لكن المنية وافته قبل أن تتحقق له تلك الأمنية في عام 1341ه الموافق 1922م فدفن في مدينة حيدر آباد- الدكن حيث عاش بها. لابن شهاب ديوان شعر مطبوع وله غير الشعر كتب أخرى منها : 1 إسعاف الطلاب ببيان مساحة السطوح وما يتوقّف عليه من الحساب. طُبع في الهند سنة 1309 ه. 2 إقامة الحجة على التقي ابن حجّة ( في نقد بديعية ابن حجّة الحمَوي ). طبع في بومباي سنة 1305 ه. 3 تحفة المحقق بشرح نظام المنطق ( شرح أرجوزة له في المنطق ). طبع في القاهرة 1330 ه. 4 الترياق النافع بايضاح وتكملة مسائل جمع الجوامع ( في أصول الفقه ). طبع في حيدر آباد 1317 ه. 5 حدائق ذريعة الناهض إلى تعلّم أحكام الفرائض ( منظومة في الإرث ). طبع في القاهرة 1303 ه. 6 رشفة الصادي من بحر فضائل بني النبيّ الهادي صلّى الله عليه وآله. طبع في القاهرة 1303 ه. ( ويسمّى أيضاً: الشاهد المقبول بفضل أبناء الرسول ). 7 العقود اللؤلؤية في أنساب السادة العلوية بالديار الحضرمية. طبع في بومباي. لم يكن ابن شهاب شاعرا ولا أديبا وحسب، ولكنه كان عالما اتسعت دوائر علمه فشملت الفقه والمنطق وهو إلى هذا مصلح اجتماعي لا تزال أخباره في الصلح بين القبائل المتناحرة تتردد بين العارفين. غنى بشعر ابن شهاب كبار المغنين كالفنان محمد جمعه خان، وأبي بكر سالم بلفقيه.. ولا تزال الشفاه تترنم بأشعاره.. ولا تزال النفوس تطرب لها على تقادم العهد، ومضي السنين. قصائد الشاعر أبي بكر بن شهاب الدين بشراك بشراك هذا منار الحي ترمقه = وهذه دور من تهوى وتعشقه وهذه الروضة الغناء مهدية = مع النسيم شذا الأحباب تنشقه وتلك أعلامهم للعين بادية = تزهو بها بهجة النادي ورونقه فحي سكان ذاك الحي ان شهدت = عيناك سرب الغواني حين يطرقه واخلع به النعل والثم تربة عبقت = بالمسك لما مشى فيها مقرطقه جد في الربوع بمرجان الدموع ولا= تبخل فمحمر دمع الحب أصدقه واقرع على البخت باب الحان عن أدب = لعل يفتح عند القرع مغلقه فثم تلقى الحسان البيض عاكفة = في منظر ورده يذكو وزنبقه على تناول شيء من خصائصه = سلب النهى إن سرى فيها معتقه تجلو أشعته غيم الهموم إذا = تصاعدت ويد الساقي تروقه يدعو إلى كرم الأخلاق ساكبه = بسائل من دم العنقود يهرقه بدر يدور على تلك البدور بما = يكاد في الكاس لولا المزج يحرقه من كل غان كأن الليل طرته = والشمس غرته والسحر منطقه يزهو به من عقود الجيد لؤلؤها = كأنه من دراري الثغر يسرقه لدن القوام دقيق الخصر خاتمه = لو شاء من غير تكليف يمنطقه ما أطيب العيش في أكنافهن وما = أولى الفتى بنفيس العمر ينفقه ألذه حيث كان الشمل مجتمعا = وشره - لا قضى المولى- تفرقه ************ ياحبيب القلب صلني ياحبيب القلب صلني = في الدجى وقت الظلام وارتشف يانور عيني = من يدي كأس المدام يا أعز الناس عندي = وسروري والمرام لاتعذبني فإني = فيك حرمت المنام فيك قد خاصمت عذا = لي ولم اسمع ملام حبك استولى فؤادي = بعد ما فت العظام ليتني لم اعرف العشق = ولم ادر الغرام في الهوى أنفقت عمري = والهوى طبع الكرام يا أمير البيض هل من = زورة تشفي السقام زان غصن البان لما = أن حكى منك القوام واستعار البدر من = نور محياك التمام طرفك الفتان يرميني = بمسموم السهام إن قتل العبد ياروحي = بلا ذنب حرام ماالذي ضرك لو ساعدت = صبا مستهام حجه في مذهب العشق = اليكم والصيام واذا صلى فأنت الركن = والبيت الحرام أنت والله من الدنيا = له أقصى المرام أنت في الحسن إمام = وهو في الحب إمام أنت مولاه ووالي = أمره وهو الغلام في يديك الحكم فاصنع = كيف تهوى والسلام *********** حي الربوع وقف بها حي الربوع وقف بها مستخبرا = وزر التي فتنت محاسنها الورى والثم ثرى تلك الخدور فأنت في = حي تحية غيده لثم الثرى فلك الهنا ماعشت إن شاهدت من = سلمى محياها البديع المسفرا خود محجبة كريمة منبت = لم تدع كسرى جدها أو قيصرا مهما تخيلها الفؤاد تسليا = شب الخيال به الجوى فتسعرا لم أنس إذ يممتها ومصاحبي = فرسي لأظفر أو أموت فأعذرا وقصدت منزلها وماغرضي سوى = في أن أنازعها الحديث وأنظرا فتنكرت ويجوز في شرع الهوى = صونا لذي التعريف أن يتنكرا واستفهمت مع علمها بحقيقتي = أترابها من ذا بساحتنا طرا فأجبن لكن بعد غمز حواجب = ضيف ألم بدارنا يرجو القرى فسمرت أطيب ليلة والذها = وعفاف نفسي غير منفصم العرى وطفقت أسمع مزهرا وأرى هلا = لا نيرا وأشم مسكا أذفرا قسما بطلعتها وتلك ألية = حنث الذي آلى بها لن يغفرا لو أنها التفت بعين رضى إلى = من بالجفا قتلت لعاش وعمرا نفسي الفدا لمليكة الحسن التي = جعل الجمال لها الكواعب عسكرا سجدت ملائكة الغصون لقدها = طوعا ولم نر من أبى واستكبرا حوراء تعلم إذ تفوق سهمها = أن القتيل بلحظها لن يثأرا تذر الكمي مضرجا بدمائه = هدرا وتأنف أن تصيد الجؤذرا هيفاء ضارمة مدار نطاقها = وعثاء ماعقدت عليها المئزرا بيضاء فرق في أثيث حالك = كالبدر يشرق في الظلام إذا سرى ********* تعللنا تعللنا بذكرهم الحداة = وتهدينا النسائم أين باتوا تؤم بنا الركائب حي عرب = لهم في كل نائبة ثبات تجارتهم به سلب الأعادي = وبالألباب تتجر البنات تهيأ للسلام على المغاني = فقد بدت العلائم والسمات تحية حيهم تقبيل ترب = به الغيد الخراعب راتعات تراب ربوعه كالمسك نفحا = تعطره الذيول الساحبات تجد في ذلك الوادي وجوها = تخر لها البدور المشرقات تركن أولي الغرام بهن صرعى = وليس لهن نحوهم التفات تصنع كيف شئت فما لمثلي = ومثلك عن هواهن انفلات تبيت مسهدا قلقا وشوقا = وهن على الأرائك نائمات ******** هو الحي هو الحي إن بلغته فاقصد الحانا = وحي الأولى تلقاهم فيه سكانا ومرغ خدود الذل في مسك تربه = وحصبائه وانثر على الدر مرجانا فثم البنات العامريات رتع = به والحسان البابليات أعيانا غصون من البانات يحملن نرجسا = ووردا وعنابا ويثمرن رمانا معاطير لامن مس جام لطيمة = وأذكى شذا من مسك دارين أردانا من اللاء ما عيبت عليهن خلة = سوى نهب أرواح المحبين عدوانا أوانس كالأقمار يسفرن في الدجى = ويسمون أن يدنين منهن ندمانا حواضر آدابا وتيها ورقة = أعاريب إن حاورن نطقا وتبيانا تديرن حيث الحسن ألقى جرانه = وحيث بزوغ الشمس من نحو شمسانا ولي من أولاك الفاتنات حبيبة = على شكلها لم يخلق الله إنسانا كتمت هواها واتخذت لحبها = وتذكارها في السر سورا وعمرانا ولم أدر لولاها بأن الهوى هدى = ولا عاد كفري بالمحبة ايمانا وما غرس هذا الحب إلا التفاتة = بها اشتعلت مني الجوانح نيرانا نظرت اليها وهي فضل وقد بدت = محاسنها للعين معنى وجثمانا ولم أنس لما أن راتني وعاينت = على لوعتي من شاهد الحال عنوانا تنفست الصعدا وقالت:متيم = كساه الضنى من صبغة الوجد ألوانا ولكنها من غير ذنب تنكرت = علي وأولتني صدودا وهجرانا على أنني والشاهد الله ليس لي = مرام ينافي ما به الشرع أوصانا وإني لمن غير الحديث مبرأ = وإن وسوس الواشي براءة صفوانا أأبقى كذا مالي إلى الوصل حيلة = ولم استطع -لا قدر الله- سلوانا فكم نحوها وجهت من ذي فطانة = لشكوى الهوى طورا وللعتب أحيانا وحاولت أن ترضى بكل وسيلة = وقربت لو شاءت لها الروح قربانا فقالت لهم:نعم الفتى غير أنه = غريب وأنى للغريب بلقيانا ************ بهزك غصن القد بهزك غصن القد ماذا تريدينا = وماذا بلغز العين في السر تعنينا؟ وهل في خواتيم اليواقيت طلسم = بسلب نهى العشاق يغري الخواتينا وهل أنت زحزحت الخمار أم الصبا = أطارته حتى سبح الله تالينا أتسبينني من نظرة وابتسامة = وتصبينني من بعد خمس وخمسينا؟ بلى إن بذر الحب في القلب كامن = وان طمست آثار ثورته فينا سينبته مرآك غضا وناضرا = وينعشه ما تصنعين وتبدينا فرب تصاب في الهوى يفضل الصبا = فكم في الصبا من جهلة تثلم الدينا هلمي بنا نله ونلعب ونجتني = ثمار الأماني والقيان تغنينا فلا سعد بل لامجد إلا بليلة = نزورك في ظلمائها أو تزورينا ندير أحاديث الهوى وشؤونه = ونسقيك من راح السرور وتسقينا ومرحى إذا داعي الهوى ضم شملنا = ودارت على الأعطاف منا أيادينا وإن قضيت مابين ذاك لبانة = فتلك شكاة لاتذيم المحبينا فلا ترهبي إن يفصل الدهر بيننا = فمهما تدانينا استحال تنائينا * عن مجلس شبوه