عقال ومشايخ ريمة يروون حقيقةَ مصرع المدعو "حنتوس"    انفجارات تهز مدينة تعز والكشف عن السبب الحقيقي والضحايا    الغارديان: إسرائيل استخدمت قنبلة زِنتها 500 رطل لقصف مقهى بغزة    ريال مدريد على موعد مع أرقام قياسية جديدة في كأس العالم للأندية    دخول 150 إرهابي أجنبي إلى لبنان للتخريب بتكليف من نظام الجولاني    الترب :السلام يصنعه أبناء اليمن بعيدا عن التدخل الخارجي    - خلاف حاد بين الغرفة التجارية ووزارتي الاقتصاد والمالية في صنعاء اقرا السبب    حمد الله تاسع مغربي يحمل الشعار الأزرق    ثنائية لونا تصعد بأمريكا لمواجهة المكسيك في نهائي الكأس الذهبية    هل يكتب عبدالرزاق حمدالله فصلاً جديداً من المجد مع الهلال في كأس العالم للأندية؟    إن لم يُنصَف الأكاديمي والمعلم اليوم، فأي جنوب سنبنيه غداً؟    بندر عدن.. ومآسي الزمن    "النمر" يكشف خطأ شائعًا: خفض الكوليسترول لا يقي من الجلطات والوفيات إلا باتباع طرق مثبتة طبيًا    الحكومة تنتقد تجاهل المبعوث الأممي لجريمة الحوثيين بحق الشيخ حنتوس    "ملائكة السيدة ماريا" رواية جديدة ل"عبد الفتاح اسماعيل"    تجاوز عتبة الخوف    من يومياتي في أمريكا .. أنتم خزي وعار وتاريخ اليمن الأكثر قتامة    العبسي كشف خبايا جريمة قتل في تعز واحتجز في صنعاء رغم تعرضه لمحاولة اختطاف    تعز.. طرفا الصراع يعتقلان ناشطَين مدنيَّين    مدير أمن المهرة يرأس الاجتماع نصف السنوي لمناقشة الأداء الأمني لعام 2025    تحت التهديد وتحت جنح الظلام.. الحوثيون يفرضون إجراءات مشددة على دفن الشيخ حنتوس    البنك المركزي بصنعاء يوقف ثالث شركة صرافة خلال يومين ويعيد التعامل مع 13 شركة ومنشأة    دراسة : ممارسة الرياضة تساهم في التغلب على مرحلة ما قبل السكرى    مفتاح يناقش آليات دعم وتطوير أداء مصلحة الدفاع المدني    إعلام العدو: حماس فكّت شيفرة تحرك جيش الاحتلال وتصطادهم ك "البط"    صنعاء: مناقشة سلاسل القيمة لمنتجات "الألبان والطماطم والمانجو واللحوم"    افتتاح مركز الغسيل الكلوي في مستشفى يريم العام    محافظ لحج يوجه بتشكيل لجنة تحضيرية لمهرجان القمندان الثقافي الفني التراثي    هيئة المواصفات تصدر تعميمًا بشأن الإعفاء الجمركي لمدخلات منظومة الطاقة المتجددة    وكيل وزارة الشباب يتفقَّد سير العمل بمركز الشباب للتدريب والتنمية    الشعيب: جمعية الحاجة قدرية توزع سبعون سلة غذائية لخمس مدارس في المديرية    الغرفة التجارية بأمانة العاصمة تعلن رفضها القاطع لقرار مشترك للمالية والصناعة بشأن حظر استيراد بعض السلع    20 ساعة يوميا تحول حياة أهالي عدن إلى جحيم    التعليم في جحيم الصيف وعبء الجوع    مخيم طبي مجاني في صنعاء    إيطاليا.. العثور على مدفن إتروسكي سليم عمره 3000 عام    حملة المرور في صنعاء اليوم تبدأ لمنع بيع الأدوات التي تتسبب بعدم الرؤيا    دورتموند ينهي مغامرة مونتيري.. ويصطدم بريال مدريد    في عاصمة الخلافة والاخوان المسلمين.. صدامات بسبب رسوم مسيئة للنبي محمد    لم تعد اللحظة لحظة "إخوان اليمن"    إسرائيل تتوعد الحوثيين.. والسفير الأميركي في تل أبيب يهددهم بقاذفات B-2    ريال مدريد يهزم يوفنتوس ويتأهل لربع نهائي مونديال الأندية    أركان دفاع شبوة يتفقد الجانب الأمني لمشروع الطاقة الشمسية بعتق ويؤكد توفير الحماية    مونديال الاندية : ريال مدريد يتخطى يوفنتوس الايطالي بصعوبة ويتأهل للدور المقبل    مارك زوكربيرك (شيطان الشعر الجديد) في عصر التواصل الاجتماعي    لماذا فضل الشيخ صالح حنتوس الكرامة على السلامة؟    الأمل لايموت .. والعزيمةً لن تنكسر    اليمنية تعلن إعادة الطائرة المتضررة للخدمة بعد فحص جوي للتأكد من جاهزيتها    الجوبة وماهلية ورحبة في مأرب تحيي ذكرى الهجرة النبوية    الكثيري يشيد بجهود وزارة الاوقاف والإرشاد في تنظيم موسم الحج ويؤكد أهمية ترشيد الخطاب الدعوي الديني    العثور على معبد ضخم يكشف أسرار حضارة انقرضت قبل ألف عام    بيع أربع قطع أثرية يمنية في مزاد بلاكاس    تصورات خاطئة عن الآيس كريم    استخراج 117 مسمارا من بطن مريض في لحج (صور)    - والد زينب الماوري التي تحمل الجنسية الأمريكية ينفي صحة اتهامها لابن عمها؟    الحديدة: صرف 70 مليون ريال مساعدات للنازحين    شركة النفط والغاز تنظم فالية بذكرى الهجرة النبوية    فوضى أئمة المساجد والمعاهد الدينية تؤسس لإقتتال جنوبي - جنوبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما سكن الطاهش شواطئ معاشيق
نشر في شبوه برس يوم 21 - 01 - 2015

هاجر مبكرا من عدن بعد الثانوية العامة وعاش في بلد الغربة 25 عاما وعاد للوطن دكتورا من أكبر اختصاصيي الجراحة، بحث عن أصدقائه، كنت أول من تذكرهم، وبواسطة صديق تقابلنا وكانت أجمل لحظات اللقاء عندما نسرد ذكرياتنا الجميلة معا في رحلات كنا ننظمها لشواطئ وجزر وقمم جبال عدن.
كانت تلك الرحلات جزءا من حياة الأسر العدنية، وخاصة زيارات أولياء الصالحين التي صارت اليوم “محرمة”، وكانت بالأمس رمزا للتلاقي والتجمع والاحتفالات الشعبية، فيها عبق التاريخ وأصالة المدينة والتآلف الاجتماعي كزيارة الهاشمي والعيدروس، وكثيرة هي الزيارات التي كنا نلهو ونمرح ونركب المراجيح وترفع البيارق وتردد الأهازيج وترش العطور، ونرى الحاوي بالحركات البهلوانية والخدع، كان يحدثك بكلامه المعسول الجميل الجذاب ليخدعك بحركات يديه، كبعض القوى السياسية اليوم، التي تتغنى بالقيم وآمال وطموحات الجماهير، وهي تهد ما تبقى من وطن.
نعود لصديقي المهاجر، الذي ذكرني بأجمل رحلاتنا مع زملاء من حافة حسين والقاضي، أسر من أصول هندية كنا سنويا نذهب لساحل أبو الوادي في معاشيق، ونتسلق الجبل طلوعا وهبوطا لنصل إلى هذا الساحل، وهناك عدد كبير من الأسر تستعد لهذا اليوم، كانوا يسمونه زيارة ضريح ريحان الظافري، تُرفع على قبره البيارق، وكانت الأسر تخيم في الساحل أسبوعا كاملا، يذبحون الذبائح ويطبخون الزربيان ويقدمون الطعام للفقراء والمساكين والزوار على حد سواء، ويسهرون في المساء حتى الصباح غناء ورقصا ودعاء وتلاوة للقرآن، يتحول الساحل لحياة وخير للكل.
حن صديقي لتلك الأيام الجميلة وعزم على زيارة الساحل، وذهبنا أولا لزيارة زملائنا في حافة حسين والقاضي، أتذكرهم إلى اليوم فيزان وافتاب وعلي عراقي، ربنا يعطيهم الصحة وطول العمر، ومات منهم مصطفى حنيف - الله يرحمه - وعادت بنا الذكريات في هذا اللقاء لتلك الحقبة بجمالها ورونقها وإنسانيتها.
قال صديقي لنذهب إلى الساحل غدا، ضحك فيزان ضحكته المعروفة والمزعجة التي لم تتغير مع شكله المتهالك الذي أنهكه العمر، فاستغرب صديقي، ورد فيزان أتريد أن تذهب لساحل أبو الوادي قال: نعم وما وجودي هنا لغير زيارة عدن ومعالمها فبل أن أموت، وأهم مكان لا بد من زيارته هو أبو الوادي، وذكرياتي فيه جميلة، رد فيزان اذهب لقد سكن معاشيق طاهش وحول حقات بمسبحها العريق الذي شيد عام 1954م وكان مزارا لكل من تطأ قدمه عدن ومدرسة للسباحة لأبناء عدن وجبل معاشيق إلى ثكنة عسكرية ومنطقة محظورة عسكريا، قال: من هو الطاهش، رد فيزان: إنه الزعيم القبلي الذي دخل عدن منتصرا وحاقدا ليستولي على تراثنا ومتنفساتنا وسواحلنا وحرمنا 20 عاما من الاحتفال والتمتع في هذا الساحل الذي يذكرنا بأجدادنا وآبائنا وأسلافنا، وهذا جزء من عمليات الطمس والاستيلاء على معالم ومتنفسات عدن الجميلة.
غضب صديقي المهاجر وصمت قليلا ثم صرخ قائلا: لماذا سكتم لماذا تهاونتم في ذلك كنتم ستعترضون وتحتجون أو حتى ترفعون قضية للقضاء؟!، كرر فيزان ضحكاته: أنت واهم، نحن لسنا دولة ولا نشبه الدول التي عشت فيها، وعدن لم تعد عدن، لا تعرف ما حل بنا بعد اجتياحهم في حربهم الظالمة 1994م لم يبقَ لنا غير الهواء نتنفسه بحرية لنعيش، دون ذلك كان مرا وقهرا وحسرة، وإذا رفعت صوتك أو حتى استأذنت قتلوك، ولا أحد يعلم مصيرك إنها سلطة غاشمة وطاغية ومتخلفة وعنجهية وكل هذه الصفات عندما تجتمع تكون الشر والإرهاب والفساد، عندما نحتج يبرز أسوأ ما فيهم يكشرون أنيابهم كالضباع أكلة القمامات يقول “ما شتيك بالساحل اغرب عن وجهي قبل ما أفجر رأسك”، وأنت فحط وإلا مصيرك في الغيب.
بكى صديقي بحرقة، وقال لا أستطيع أن أزور أبو الوادي وأنا في هذا العمر، جزء من تراب بلدي، لم أستوعب، حرمنا من زيارة عدن وسواحلها ومناطق لها ذكريات عزيزة على قلبي، زرت عدن أيام عبدالفتاح إسماعيل، وزرت أبو الوادي، وهكذا أيام البيض، لكن هذا الطاهش منعنا من زيارة أغلى وأعز مكان على قلبي في عدن معشوقتي الجميلة، كم أنا حزين أن أفارق عدن دون أن تطأ قدمي ساحل أبو الوادي، كل هذا لأن الطاهش أراد أن يعيش في قصر توني بس على قمة معاشيق وليحمي نفسه من سلوكه من ظلمه من بطشه جعل كل منطقة حقات ومعاشيق ثكنات عسكرية وطرد الساكنين على قمة الجبل، وهم لسنوات كانوا جيران مسالمين طيبين للمناضل عبدالفتاح إسماعيل يمر من أمامهم ويؤدي التحية لهم، وهكذا عقبه علي سالم البيض في بلد كانت فيه الموطنة نسبيا أفضل، أتاكم الطاهش من الجبال والتلال التي بنى على كل منها قلعة تحميه ليستولي على قمة المعاشيق لأنه لا يعرف غير الظلم، ومن الظلم أعداؤه كثر.
غادر صديقي ومات في الغربة، وهو يحن ويحلم أن تطأ قدمه أبو الوادي، عليكم من الله ما تستحقون، فقد انكسرت نفسي بسماع خبر وفاته ونفسه معلقة بعدن وساحل أبو الوادي. هل سيفتح الساحل لأبناء عدن بعد أن سقط الطاهش أم سيظهر طواهيش كثر غيره.
بقلم : أحمد ناصر حميدان - الأيام
أحد شواطئ مدينة عدن عبثت بها أيدي التدمير النهب والتخلف
كانت في الماضي الجميل قبل تلويثها وردمها وتشويهها


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.