حضرموت.. قوات الانتقالي تسيطر على مدينة سيئون وأغلب مديريات الوادي    وفاة رئيس اتحاد الأدباء في إب عبد الإله البعداني    قرار حكومي بمنع اصطياد وتسويق السلاحف البحرية لحمايتها من الانقراض    تجربة تعاونية رائدة في مديرية الشعر بإب.. المغتربون حجر الزاوية فيها    عن الطالبانية الجامعية وفضيحة "حمّام الطواشي"    النفط يتراجع وسط ترقب لنتائج محادثات السلام في أوكرانيا    إدارة ترامب توقف رسمياً إجراءات الهجرة والتجنيس للقادمين بعد 2021 من 19 دولة بينها اليمن    قاضٍ في إب يكشف عن عمليات ابتزاز تمارس باسم القضاة داخل المحاكم    عاجل: استشهاد أول أبطال القوات المسلحة الجنوبية في معركة تحرير وادي حضرموت    ماجد زايد... صديق بعمر الوفاء، وقلب بحجم البلاد    قصف صاروخي للعدو السعودي يستهدف قرى سكنية بمديرية رازح الحدودية    عاجل: سقوط اللواء 137 مدرع في الخشعة أقوى أسلحة الدروع اليمنية    بدء تعزيزات مرتبات شهر أكتوبر 2025    محمد منصور: فتنة ديسمبر كانت مخططة    تقديرات استخباراتية تؤكد توجهًا صينيا للسيطرة عسكريا على تايوان بحلول 2027    حضرموت: المصير الذي لا يُقسَّم (2)    برشلونة يعاقب أتلتيكو في كامب نو    مباراة الأهداف التسعة.. مانشستر سيتي ينجو من ريمونتادا مجنونة أمام فولهام    قناة آي 24 نيوز: عدن .. أزمة خانقة وشلل اقتصادي وغياب تام للدولة    تقرير أوروبي: عمليات اليمن البحرية تعيد رسم ميزان القوة وتكشف هشاشة الردع الغربي    خالد بحاح يفضح الشرعية ويكشف تضحيات التحالف العربي مقابل فساد النخبة اليمنية    باتيس يهدد بإحراق الوادي ويؤكد أن بترول المسيلة ملك للشعب اليمني    لان الامارات صنّاع العطاء.. احتفلت شبوة بيومها الوطني    المغرب يفتتح مشواره في كأس العرب بالفوز على جزر القمر    لقاء تنسيقي بمأرب يؤكد على أهمية مواجهة التحديات الإنسانية بالمحافظة    الجبواني والجفري يشهدان الحفل الفني الذي أقيم بمحافظة شبوة بمناسبة الذكرى ال54 لعيد الاتحاد الاماراتي    ندوة ولقاء نسائي في زبيد بذكرى ميلاد الزهراء    إعلان تشكيل لجنة تسيير لشراكة اليمن للأمن البحري بمشاركة دولية واسعة    معجزة غزة.. فيلم لبناني يحصد جائزة في برلين    وزارة الإدارة والتنمية المحلية تبدأ حملة تقييم ميداني لأداء المحافظات    مواطنون يشكون تضرر الموارد المائية لمناطقهم جراء الأنفاق الحوثية في إب    اتحاد الأدباء والكتّاب اليمنيين ينعى الأديب عبدالإله البعداني    صنعاء.. إيقاف التعامل مع منشأة وشركة صرافة    بدائل بسيطة لتخفيف السعال والتهاب الحلق في الشتاء    الذهب ينخفض مع جني الأرباح والنفط يرتفع بفعل الأخطار الجيوسياسية    الأرصاد: صقيع متوقع على أجزاء من المرتفعات    كلية المجتمع في ذمار تنظم فعالية بذكرى ميلاد الزهراء    كأس العرب.. فوز تاريخي لمنتخب فلسطين على قطر    برشلونة يقترب من ضم موهبة مصرية لتعزيز الهجوم    خبير آثار: معبد أثري بمأرب يتعرض للاهمال والنهب المنظم    صراع النفوذ السعودي الإماراتي يطفئ مدن حضرموت    هيئة الأوقاف في البيضاء تعيد تأهيل مقبرتي الخرقاء الشرقية والغربية    تنافس القوى الكبرى في البحر الأحمر في رسالة ماجستير للمقطري    حقول النفط في حضرموت: معاناة الأهالي مقابل ثراء فئة قليلة    جاهزية صحية قصوى في وادي حضرموت وسط مخاوف من تطورات وشيكة    الإمارات في عيدها 54.. اتحاد راسخ ورؤية تنموية رائدة    الهيئة النسائية في تعز تدشن فعاليات إحياء ذكرى ميلاد الزهراء    لملس و الحريزي يفتتحان مشروع إعادة تأهيل شارع معارض السيارات في الشيخ عثمان    8 وفيات و12 إصابة بحمى ماربورغ في إثيوبيا    المغرب يستهل كأس العرب بمواجهة غامضة واختبار صعب للكويت والسعودية    حضرموت.. بترومسيلة تعلن إيقاف إنتاج وتكرير النفط نتيجة تدهور الأوضاع الأمنية    خط ملاحي دولي يستأنف نشاطه إلى ميناء الحديدة    الليغا ... ريال مدريد يستمر في السقوط    مرض الفشل الكلوي (30)    إب.. تحذيرات من انتشار الأوبئة جراء طفح مياه الصرف الصحي وسط الأحياء السكنية    رسائل إلى المجتمع    تقرير أممي: معدل وفيات الكوليرا في اليمن ثالث أعلى مستوى عالميًا    في وداع مهندس التدبّر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما سكن الطاهش شواطئ معاشيق
نشر في شبوه برس يوم 21 - 01 - 2015

هاجر مبكرا من عدن بعد الثانوية العامة وعاش في بلد الغربة 25 عاما وعاد للوطن دكتورا من أكبر اختصاصيي الجراحة، بحث عن أصدقائه، كنت أول من تذكرهم، وبواسطة صديق تقابلنا وكانت أجمل لحظات اللقاء عندما نسرد ذكرياتنا الجميلة معا في رحلات كنا ننظمها لشواطئ وجزر وقمم جبال عدن.
كانت تلك الرحلات جزءا من حياة الأسر العدنية، وخاصة زيارات أولياء الصالحين التي صارت اليوم “محرمة”، وكانت بالأمس رمزا للتلاقي والتجمع والاحتفالات الشعبية، فيها عبق التاريخ وأصالة المدينة والتآلف الاجتماعي كزيارة الهاشمي والعيدروس، وكثيرة هي الزيارات التي كنا نلهو ونمرح ونركب المراجيح وترفع البيارق وتردد الأهازيج وترش العطور، ونرى الحاوي بالحركات البهلوانية والخدع، كان يحدثك بكلامه المعسول الجميل الجذاب ليخدعك بحركات يديه، كبعض القوى السياسية اليوم، التي تتغنى بالقيم وآمال وطموحات الجماهير، وهي تهد ما تبقى من وطن.
نعود لصديقي المهاجر، الذي ذكرني بأجمل رحلاتنا مع زملاء من حافة حسين والقاضي، أسر من أصول هندية كنا سنويا نذهب لساحل أبو الوادي في معاشيق، ونتسلق الجبل طلوعا وهبوطا لنصل إلى هذا الساحل، وهناك عدد كبير من الأسر تستعد لهذا اليوم، كانوا يسمونه زيارة ضريح ريحان الظافري، تُرفع على قبره البيارق، وكانت الأسر تخيم في الساحل أسبوعا كاملا، يذبحون الذبائح ويطبخون الزربيان ويقدمون الطعام للفقراء والمساكين والزوار على حد سواء، ويسهرون في المساء حتى الصباح غناء ورقصا ودعاء وتلاوة للقرآن، يتحول الساحل لحياة وخير للكل.
حن صديقي لتلك الأيام الجميلة وعزم على زيارة الساحل، وذهبنا أولا لزيارة زملائنا في حافة حسين والقاضي، أتذكرهم إلى اليوم فيزان وافتاب وعلي عراقي، ربنا يعطيهم الصحة وطول العمر، ومات منهم مصطفى حنيف - الله يرحمه - وعادت بنا الذكريات في هذا اللقاء لتلك الحقبة بجمالها ورونقها وإنسانيتها.
قال صديقي لنذهب إلى الساحل غدا، ضحك فيزان ضحكته المعروفة والمزعجة التي لم تتغير مع شكله المتهالك الذي أنهكه العمر، فاستغرب صديقي، ورد فيزان أتريد أن تذهب لساحل أبو الوادي قال: نعم وما وجودي هنا لغير زيارة عدن ومعالمها فبل أن أموت، وأهم مكان لا بد من زيارته هو أبو الوادي، وذكرياتي فيه جميلة، رد فيزان اذهب لقد سكن معاشيق طاهش وحول حقات بمسبحها العريق الذي شيد عام 1954م وكان مزارا لكل من تطأ قدمه عدن ومدرسة للسباحة لأبناء عدن وجبل معاشيق إلى ثكنة عسكرية ومنطقة محظورة عسكريا، قال: من هو الطاهش، رد فيزان: إنه الزعيم القبلي الذي دخل عدن منتصرا وحاقدا ليستولي على تراثنا ومتنفساتنا وسواحلنا وحرمنا 20 عاما من الاحتفال والتمتع في هذا الساحل الذي يذكرنا بأجدادنا وآبائنا وأسلافنا، وهذا جزء من عمليات الطمس والاستيلاء على معالم ومتنفسات عدن الجميلة.
غضب صديقي المهاجر وصمت قليلا ثم صرخ قائلا: لماذا سكتم لماذا تهاونتم في ذلك كنتم ستعترضون وتحتجون أو حتى ترفعون قضية للقضاء؟!، كرر فيزان ضحكاته: أنت واهم، نحن لسنا دولة ولا نشبه الدول التي عشت فيها، وعدن لم تعد عدن، لا تعرف ما حل بنا بعد اجتياحهم في حربهم الظالمة 1994م لم يبقَ لنا غير الهواء نتنفسه بحرية لنعيش، دون ذلك كان مرا وقهرا وحسرة، وإذا رفعت صوتك أو حتى استأذنت قتلوك، ولا أحد يعلم مصيرك إنها سلطة غاشمة وطاغية ومتخلفة وعنجهية وكل هذه الصفات عندما تجتمع تكون الشر والإرهاب والفساد، عندما نحتج يبرز أسوأ ما فيهم يكشرون أنيابهم كالضباع أكلة القمامات يقول “ما شتيك بالساحل اغرب عن وجهي قبل ما أفجر رأسك”، وأنت فحط وإلا مصيرك في الغيب.
بكى صديقي بحرقة، وقال لا أستطيع أن أزور أبو الوادي وأنا في هذا العمر، جزء من تراب بلدي، لم أستوعب، حرمنا من زيارة عدن وسواحلها ومناطق لها ذكريات عزيزة على قلبي، زرت عدن أيام عبدالفتاح إسماعيل، وزرت أبو الوادي، وهكذا أيام البيض، لكن هذا الطاهش منعنا من زيارة أغلى وأعز مكان على قلبي في عدن معشوقتي الجميلة، كم أنا حزين أن أفارق عدن دون أن تطأ قدمي ساحل أبو الوادي، كل هذا لأن الطاهش أراد أن يعيش في قصر توني بس على قمة معاشيق وليحمي نفسه من سلوكه من ظلمه من بطشه جعل كل منطقة حقات ومعاشيق ثكنات عسكرية وطرد الساكنين على قمة الجبل، وهم لسنوات كانوا جيران مسالمين طيبين للمناضل عبدالفتاح إسماعيل يمر من أمامهم ويؤدي التحية لهم، وهكذا عقبه علي سالم البيض في بلد كانت فيه الموطنة نسبيا أفضل، أتاكم الطاهش من الجبال والتلال التي بنى على كل منها قلعة تحميه ليستولي على قمة المعاشيق لأنه لا يعرف غير الظلم، ومن الظلم أعداؤه كثر.
غادر صديقي ومات في الغربة، وهو يحن ويحلم أن تطأ قدمه أبو الوادي، عليكم من الله ما تستحقون، فقد انكسرت نفسي بسماع خبر وفاته ونفسه معلقة بعدن وساحل أبو الوادي. هل سيفتح الساحل لأبناء عدن بعد أن سقط الطاهش أم سيظهر طواهيش كثر غيره.
بقلم : أحمد ناصر حميدان - الأيام
أحد شواطئ مدينة عدن عبثت بها أيدي التدمير النهب والتخلف
كانت في الماضي الجميل قبل تلويثها وردمها وتشويهها


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.