وزارة الإعلام والثقافة والسياحة تعلن تأييدها لقرارات القيادة السياسية برئاسة الزُبيدي وخيارات شعب الجنوب    "مسام" ينزع 2656 لغماً منذ بداية شهر ديسمبر الجاري    الأرصاد: انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة وتوقعات بتشكل الصقيع    إنتاج قياسي وتاريخي لحقل "بوهاي" النفطي الصيني في عام 2025    تقرير أممي: ثلث الأسر اليمنية تعيش حرمانًا غذائيًا حادًا    المهرة.. مقتل امرأة وطفلين في انفجار قنبلة يدوية داخل منزل    مع ضغط النزوح من حضرموت.. دعوات رسمية إلى سرعة الاستجابة لاحتياجات النازحين بمأرب    ردفان.. ذاكرة الثورة وزخم الحسم ..أضخم حشد جماهيري يزلزل ساحة العروض بعدن مطالبًا بإعلان دولة الجنوب العربي    اللجنة الوطنية للمرأة بصنعاء تكرّم باحثات "سيرة الزهراء" وتُدين الإساءة الأمريكية للقرآن الكريم    هالاند يحطم رقم كرستيانو رونالدو    مأرب.. العرادة يجتمع بالحوثيين والقاعدة لإشعال الفوضى في شبوة وحضرموت    هيئة مستشفى ذمار تدشن مخيما مجانيا لعلاج أمراض العمود الفقري الأربعاء المقبل    سياسي عُماني يرد على الراشد: الجنوب العربي ليس "عش انفصاليين" بل إرادة شعب ودولة مؤجلة    الفرح: أطماع الرياض وأبوظبي وراء تمزيق اليمن وتقاسم نفوذه وثرواته    اليوم انطلاق كأس أمم أفريقيا    موقع أمريكي: مجلس النواب الأمريكي عاجز عن وقف الحرب على فنزويلا    إيلون ماسك أول شخص في العالم تتجاوز ثروته ال 700 مليار دولار    صحيفة أمريكية: أمراء الخليج يتنافسون على ثروات اليمن    الصحفي والقيادي الاعلامي الكبير الدكتور عبدالحفيظ النهاري    الصحفي والقيادي الاعلامي الكبير الدكتور عبدالحفيظ النهاري    شرطة أمانة العاصمة تعلن ضبط 5 متهمين آخرين في حادثة قتل رجل وزوجته بشارع خولان    بمقطع فيديو مسرب له ولشقيقاته.. عبدالكريم الشيباني ووزارة الاقتصاد والصناعة والاستثمار في ورطة..!    عودة اكثر من 50 صياداً يمنياً إلى المخا عقب احتجازهم في إريتريا    السيطرة ليست دولة.. تفكيك وهم الحسم النهائي في حضرموت والمهرة    صنعاء: ضبط بقية المتهمين في جريمة شارع خولان .. "أسماء وصور"    وفاة الصحفي الاميري بعد معاناة طويلة مع المرض    تحذيرات جوية من انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة    الصين تسجل نمواً مطرداً لشحن البضائع عبر السكك الحديدية في أول 11 شهرا    قيادات الدولة تتفقد مشاريع إعادة تأهيل شارع خولان بصنعاء    الحديدة: انطلاق مشروع المساعدات النقدية لأكثر من 60 ألف أسرة محتاجة    الجرح الذي يضيء    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    معلومات حول الجلطات في الشتاء وطرق الوقاية    عودة الأسعار للارتفاع يا حكومة    مع استمرار صراع ادوات المرتزقة..مدن الجنوب بلا خدمات    البنجاك سيلات يستعرض الصعوبات التي تواجه الاتحاد    تدشين صرف إعاشة أسر الشهداء والمفقودين ب 3.6 مليارات ريال    عاجل: إعلان أمريكي مرتقب يضع الإخوان المسلمين على حافة التصنيف الإرهابي    ميرسك تعبر البحر الأحمر لأول مرة منذ عامين وتدرس عودة تدريجية    مهرجان ثقافي في الجزائر يبرز غنى الموسيقى الجنوبية    أمطار شتوية غزيرة على الحديدة    الموسيقى الحية تخفف توتر حديثي الولادة داخل العناية المركزة    "المحرّمي" يُعزِّي في وفاة السفير محمد عبدالرحمن العبادي    بالتزامن مع زيادة الضحايا.. مليشيا الحوثي تخفي لقاحات "داء الكلب" من مخازن الصحة بإب    الأوبئة تتفشى في غزة مع منع دخول الأدوية والشتاء القارس    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    كأس ملك اسبانيا: تأهل اتلتيك بلباو وبيتيس لدور ال16    المغرب يتوج بطلاً لكأس العرب بانتصاره المثير على منتخب الاردن    الحرية للأستاذ أحمد النونو..    انعقاد الاجتماع الفني لبطولة مديريات محافظة تعز - 2026 برعاية بنك الكريمي    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    بين الاعتزاز والانسلاخ: نداءُ الهوية في زمن التيه    اتحاد كرة القدم يعلن استكمال تحضيراته لانطلاق دوري الدرجة الثانية    تحرير حضرموت: اللطمة التي أفقدت قوى الاحتلال صوابها    صباح المسيح الدجال:    مأرب.. السلطة المحلية تكرم فريق نادي السد لكرة القدم بمناسبة الصعود لدوري الدرجة الثانية    بدعم سعودي.. مشروع الاستجابة العاجلة لمكافحة الكوليرا يقدم خدماته ل 7,815 شخصا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمن الشقيق : مأزق الهروب إلى الجنوب !!
نشر في شبوه برس يوم 21 - 08 - 2015


(1)
في مقال كتبته قبل سنوات، ميزت بين قضيتين رئيستين في ما يعرف ب"المسألة اليمنية" إحداهما كابرت صنعاء في الاعتراف بها ثم استخدمت وسائلها التكتيكية لتفكيكها، أعني: القضية الجنوبية ( قضية شعب الجنوب المحتل وسيادته على ترابه الوطني المعترف به دولياً كدولة عضو في الأمم المتحدة حتى 21 مايو 1990). أما القضية الأخرى فهي مسكوت عنها في صنعاء التي استمرأت الهروب منها ليس إلى الأمام وإنما إلى الجنوب، أعني: القضية الشمالية (قضية شعب اليمن الشقيق ومستقبل بناء دولته المدنية على ترابه الوطني المعترف به دولياً حتى 21 مايو 1990).
تلك القضية المسكوت عنها بالغة التعقيد، ولم يكن الهروب إلى الجنوب، إلا هروباً من حلها ومواجهتها، وجعلها مشروعاً وطنياً يعيد ترتيب أوراق هذا البلد منذ 1000عام، ولئن ظنوا أن استراتيجية إبقاء الجنوب تحت الهيمنة والتبعية لن تتعرض للاهتزاز في أي لحظة سياسية، فإنهم كانوا يراكمون المشاكل والإشكاليات شمالاً، في زحام الشحن العاطفي وحدوياً، حتى استوى في معاقرة استراتيجية ذلك الوهمِ، السياسيُّ منهم والمثقف والأكاديمي والعسكري والقبلي والرعوي والإنسان الشاقي العادي الحافي الكحيان الذي لا بيت له يؤويه إلا ظل جدار، مفترشاً قطعة كرتون، ملتحفاً السماء في بلاد يشعر بالكراهية تجاه أهليها لكأنما هو المحتلون الواقفون في سبيل سعادته واستقراره ونومه في الشوارع على عتبات المحلات والبيوت.
ذلك كله، والخطاب المهيمن لما يعرف بالأحزاب السياسية في اليمن الشقيق، يتماهى مع خطاب السلطة، فالجنوب استراتيجية وجود، ولم يكن "الوحدة أو الموت" شعار علي عبدالله صالح وحده، فهم يظنون فعلاً أن الجنوب إذا استقل عنهم فسيموتون جوعاً، كأنهم لم يكونوا شيئاً قبل الوحدة معه، وهذا وهم تم تكريسه بشكل ممنهج، واشتغلت عليه ماكينة الإعلام والمصالح التجارية، ووجد ذلك الخطاب السياسي البائس ترويجاً له في مكاتب وكالات تلك الأحزاب، أعني فروعها في الجنوب، في ظل التحالف الاستراتيجي بين الديني والسياسي في سلطة النظام اليمني الذي تجلى في تفرع حزب الإصلاح – بتركيبته القبلية الدينية – من شجرة المؤتمر الشعبي العام، بحسب مذكرات الشيخ الأحمر، لحظة تأسيس استراتيجية الهيمنة على الجنوب، التي باشروها على الأرض باجتياحه صيف 1994م.
في سياق الاستراتيجية نفسها، وبعد احتراق كرت المؤتمر والإصلاح، ورخاوة الاشتراكي، جنوباً، لم يكن البديل سوى الحوثي، مستغلين انخداع بعض الجنوبيين بخطابه المخاتل، فكان الاجتياح الثاني ربيع 2015، لكن الجنوب لم يعد جنوب 1994م، فكانت المقاومة الوطنية الجنوبية دفاعاً عن وطن ومستقبل، واندحر الغزاة الجدد وحليفهم الغازي القديم وجيشه المؤدلج باستراتيجية إخضاع الجنوب كمطلب وجودي.
(2)
والآن، بعد العدوان والحرب والتداعيات المفتوحة، يعود لغو الأقاليم واليمن الاتحادي، كأن هناك من لم يع طبيعة المسألة اليمنية وقضيتيها الرئيستين، ومن ثم استراتيجية اليمن ا الشقيق التي تتوزع قواه السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية توزيع الأدوار فيما بينها لتحقيق الغايات المرسومة، واستمرار آلية الحل لقضيتهم بالهروب إلى الجنوب.
ولعل من الحقائق التي لا يمكن إغفالها أن من لم يع قبل الحرب، خطيئة البقاء ضمن أي صيغة سياسية مع اليمن الشقيق، وعاها في أثنائها وبعدها، تماماً كما وعى أن ليس الجنوب بيد أي سياسي جنوبي أو يمني شقيق، يصرفه أنى شاء، فالمقاومة الجنوبية وهي التجلي المسلح للنضال السلمي الذي أصل مشروع الحرية والكرامة والسيادة، حتى إذا فرضت الحرب، كانت أرضيتها الفكرية والسياسية جاهزة، إذ ليس في الجنوب إرادة مهيمنة كهيمنة إرادة الاستقلال، واشتغال الطرفين على حل قضاياهم ومشكلاتهم الداخلية، بعيداً عن المواجهة التي لا تسهم إلا في مزيد من التخلف والخراب لكل منهما. ومع أنه لم يعد للمؤتمر والإصلاح وغيرهما من ثقل سياسي حقيقي ولا سيما في الجنوب، فأن عدم انسلاخ أعضائهما الجنوبيين عنهما حتى هذه اللحظة أو إعلان مواقف جماعية – وليست فردية - متقدمة منسجمة مع إرادة غالبية الشعب، يضع علامات استفهام وتعجب، ويتيح لرموز استراتيجية الهيمنة على الجنوب أن يستخدموهم طابوراً خامساً، غير أننا نربأ بأشقاء لنا جنوبيين أن يؤدوا هذا الدور في هذه المرحلة بالذات، فهم جزء من مستقبل الجنوب مثلما أن نظراءهم هناك جزء من مستقبل اليمن الشقيق وفق خارطة توافقهم الوطني.
غير أن من يرد حلاً استراتيجياً يلزمه أن يشتغل على آلية جديدة تعيد النظر في استراتيجية اليمن الشقيق تلك، لأنها باتت تمثل له مأزقاً تاريخياً مؤرقاً اليوم، إذ لم يدر بخلَد أكثرهم تشاؤماً أن يهزم جيش علي عبدالله صالح ، أو تتلاشى صرخات أتباع عبدالملك الحوثي في الجنوب، وإذ وقعت الواقعة أسقط في أيدي الجميع، فلم يعد لهم من مناور أخير سوى حزب الإصلاح الذي سلم صنعاء برداً وسلاماً، وفر ّ جنرال فرقته الأولى مدرع خلسة، وفق لعبة الاستراتيجية التي تمهد لاجتياح الحوثي باعتباره أداة التمكين الجديدة.
لذا فإن مخرجات الحوار الوطني إياه الذي انقلبوا عليه هم، لتعارضه مع مشروعهم الوجودي، ليس أرضية لأي حل الآن، وأجدني مضطراً لتوجيه الإشارة إلى كل جنوبي سواء في السلطة أم في فروع الأحزاب اليمنية الشقيقة: أن قد حان إنقاذ أشقائنا اليمنيين من مأزقهم التاريخي، ليس بخلق أوهام جديدة ويمن جديد – بتعبير عبدربه- لأنه وهم جديد، وإنما بمغادرة مجالسهم، ليس عدواناً ولا كراهية، ولكن لكي يلتفتوا إلى بناء بلدهم بلا جنوبيين ووجع دماغ، فهم الآن كمن أخلت بتوازنه صفعة جنوبية مفاجئة، وآن لهم أن يتوازنوا شمالاً، لأن موسم الهروب إلى الجنوب قد انتهى، ولم يعد لهم فيه موسم، غير أن مواسمهم ستكون أجمل كلما اتجهوا شمالا، فدعوهم بكل معاني المحبة بين الجارين، أن يديروا شؤون قضيتهم فهم أدرى بتعقيداتها، وسينجحون بلا جنوب لم يعد يحتمل خفتهم، ولا أجندات تجديد الهيمنة واليمننة بالسياسة أو الإرهاب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.