قرأنا تقرير مارتن جريفيث المقدم لمجلس الأمن في 19 فبراير الماضي، و لا يمكن لأي مراقب إلا ان يقول ان جريفيث يبيع الوهم لليمنيين. قال في المقدمة "حققنا تقدماً كبيراً"!! و انا اعتقد ان التقدم الكبير الذي يعنيه الرجل ما هو الا مجرد اتفاق للإنتشار من مينائي الصليف و رأس عيسى، و بعد ذلك إعادة انتشار من ميناء الحديدة، و بعض الأجزاء من المدينة، و بعد ذلك المرحلة الثانية التي لن تبدأ الا بعد ان يدعوا جريفيث الطرفين الى تنفيذ الاتفاق دون تأخير.
و حتى كتابة هذا السطور يرفض الانقلابيون تنفيذ الخطوة الاولى.
يعتقد جريفيث انه حقق إنجازاً في السويد، و انه جمع الطرفان على طاولة واحدة و تصافحا، و اتفقوا على الإفراج عن جميع الأسرى! اين ذهب هذا الاتفاق؟ و بعد ذلك صرّح انه سيتم إطلاق الدفعة الأولى، و لكنه لم يحدد جداول زمنية.
يعتقد البعض ان جريفيث يتبع سياسة الخطوة خطوة الشهيرة، و قد قال الرجل ان لقاء السويد لبناء الثقة، و الحل الشامل يعتبر حل الصراع!! و لكن غفل جريفيث بان الخطوة خطوة تحتاج لأن يكون لدى طرفي النزاع نية صادقة لحل الصراع، هل يستطيع جريفيث ان يقنعني و يقنع الشعب اليمني و التحالف ان لدى الانقلابيين هذه النية؟
يغالط من جريفيث بكيل المديح لعبدالملك الحوثي كونه متعاون من أكل الحل؟ و الحوثيون يقولوها نهاراً جهاراً ان حل الصراع في اليمن لن يتم الا "بتوازن القوى" على الحدود السعودية-اليمنية.
الا يعني هذا يا سيد جريفيث ان النية مبيتة لإطالة الصراع؟ قرار مجلس الأمن رقم 2216 يؤيد الشرعية بدون اي شروط، و قد كان واضحا بفرض العقوبات على الانقلابيين و تسليم اسلحتهم و الانسحاب من الاراضي التي استولوا عليها بما في ذلك صنعاء، و الأممالمتحدة كلفت مارتن جريفيث بتطبيق هذا القرار، و لكن السيد جريفيث حرّف القرار و يتحدث عن طرفي الصراع و يمتدحهما معاً لتعاونهما في التوصل إلى الاتفاق، بل و السعي لانقاذ الانقلابيين من هزيمة محققة في الحديدة، بحجة مراعاة الاعتبارات الانسانية.
الخلاصة: خلاصة الرأي ان الشرعية ضعيفة جداً في مواجهة فهلوة جريفيث، او انها لا تملك الكادر المفاوض المتمكن لانتزاع حقوقها التي أقرته الأممالمتحدة، فيجب ان تكون لديهم الحجة بأن يلزموا جريفيث بالقوة لتغيير نهجه، لأن هذا النهج ما هو الا مساعدة للحوثيين الذين يراهنون على ان الوقت، سوف يساعدهم على ترسيخ وجودهم في المناطق التي يسطرون عليها، و يمكن حتى في غيرها. و يجب اقناع جريفيث بقوة الحجة، و ان سياسة الخطوة خطوة لا تفيد في ظل غياب الإرادة لانهاء الصراع.
انني لا ارى نهاية لهذا الصراع الا القوة و الحل العسكري، و إصلاح فساد الشرعية.