ما أجمل روحك وإنسانيتك، قاضي حاشد    صنعاء.. الغرفة التجارية بالأمانة تصدر البيان رقم (1) التصعيدي ضد الجمارك    ماسك يدعو إلى حل البرلمان البريطاني    عدن .. مصلحة الجمارك تضع اشتراطات جديدة لتخليص البضائع في المنافذ الجمركية    في محراب النفس المترعة..    تعز.. مقتل مواطن إثر خلاف تطوّر من عراك أطفال إلى جريمة قتل    سارة قاسم: الإصلاح منح المرأة مكانتها ورسخ حضورها في مختلف المستويات    الوزير البكري يطلع على استعدادات فريق تضامن حضرموت لبطولة كأس الخليج للأندية    سلطة بن الوزير تفشل في الإستفادة من الشمسية الإماراتية والانقطاعات تتضاعف    مدير عام المنصورة يؤكد على الاهتمام بشريحة ذوي الاحتياجات الخاصة    الأربعاء الدامي في صنعاء .. جريمة حرب وفاشية جديدة في استهداف الصحافيين    بشرى حجيج تشيد بحسن تنظيم بطولة أفريقيا لشباب الكرة الطائرة وتشكر القيادة المصرية    غداً انطلاق بطولة كأس الجمهورية لكرة السلة    وزارة الخارجية تدين بيان مجلس الامن حول "الجواسيس"    انهيار وشيك لمجلس القيادة الرئاسي اليمني.. والرياض تتحرك لاحتواء الموقف    الصين تحدد هدف مبيعات السيارات لعام 2025 عند 32,3 مليون سيارة    رغم التعتيم / فيديو مسرب للحظة استهداف مبنى للموساد وسط تل ابيب بصاروخ يمني!    هيئة الآثار تصدر العدد ال 18 من مجلة ريدان    ريال مدريد المنقوص يتماسك ليخرج فائزًا من عرين سوسيداد    الإصلاح.. صمود وتضحيات من أجل الثوابت الوطنية    الداخلية : ضبط 161 متهما بينهم مطلوبون أمنياً في محافظة اب    العلامة مفتاح يواصل زياراته التفقدية للوزارات    الاطلاع على أضرار السيول بالجدار الساند لحي وطن في مديرية السدة    مجلس الأمن يجدد التزامه بوحدة وسيادة واستقلال اليمن ويدين احتجاز المليشيا موظفين أممين    بدء أعمال المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم في صنعاء    عاجل: الرباعية تناقش هيكلة مجلس القيادة الرئاسي وتوجه لإزاحة العليمي    مدير عام مديرية البريقة يتفقد عدداً من مناطق المديرية    فصائل فلسطينية تعلن إعدام 6 أشخاص تعاونوا مع إسرائيل    محافظ حضرموت يبحث مع أورتسلا صيانة محطات الكهرباء    شرطة الممدارة تستعيد حافلة مسروقة وتضبط المتهمين    نائب وزير العدل: قرارات الرئيس الزُبيدي تجسد إرادة شعب الجنوب    نائب وزير المياه والبيئة: قرارات الرئيس الزُبيدي وضعت حدا للتلكؤ بتنفيذ اتفاق ومشاورات الرياض    مستشار الرئيس الفلسطيني: دماء أطفال غزة أحيت الضمائر    الأرصاد يتوقع هطول أمطار رعدية على أجزاء من المرتفعات والسواحل    الصين تعارض إدراج شركات لها ضمن قائمة العقوبات الأمريكية على كيانات يمنية    مرة ثالثة.. الاتحاد يضرب الفتح 42    ممتاز السيدات.. الأهلي يكتسح نيوم بخماسية    القبض على متهم بجريمة قتل والشروع في قتل رجل وامرأة    ضبط 594 مهاجراً غير شرعيا في عمران    ايمري يصف مارتينيز بأفضل حارس في العالم    الدوري الاسباني : التعادل الايجابي ينهي مواجهة إشبيلية والتشي    بعد غياب 4 سنوات.. أحمد حلمي يعود إلى السينما بفيلم جديد    مجلس الأمن يدين الهجوم الإسرائيلي على الدوحة و يؤكد دعمه القوي لسيادة قطر    حين احتملنا ما لا يحتمله جبل    الانتظار الطويل    اليمن كل اليمن    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    توقف مصنع سجائر محلية الصنع وسط انتشار انواع من السجائر المهربة    رابطة علماء اليمن تدعو للصلاة بنية الفرج والنصر لأهل غزة    مركز الهدهد يدين العدوان الصهيوني على المتحف الوطني بصنعاء    الارياني: عودة 16 قطعة أثرية إلى اليمن تتويج لجهود حكومية ودبلوماسية    6 نصائح للنوم سريعاً ومقاومة الأرق    إصلاحيون على العهد    الصحة تغلق 4 صيدليات وتضبط 14 أخرى في عدن    إغلاق صيدليات مخالفة بالمنصورة ونقل باعة القات بالمعلا    العثور على مدفن عمره 5500 عام في ياقوتيا الروسية    تعز.. حملة ميدانية لإغلاق شركات الأدوية المخالفة للتسعيرة الجديدة    مرض الفشل الكلوي (20)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استحقاق عدن "مؤجل"
نشر في شبوه برس يوم 30 - 10 - 2019

"هيكلة الشرعية".. هذا هو العنوان الأعرض، في اتفاق المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة اليمنية.
وهكذا يجب أن يطرح العنوان على رأس مقال، سيحاول استقراء ما يجب أن يكون عليه الحال، بعد توقيع اتفاق بذل فيه السعوديون والإماراتيون جهودا مضنية، ليكون منعطفاً من منعطفات التاريخ السياسي لليمن، وليس لنطاق انقلاب الحوثيين فحسب، فالمسألة أعمق وأكثر دقة، من أن تؤخذ على اعتبار أنها جزء من استعادة صنعاء لحضنها العربي.

أحداث أغسطس 2019 التي شهدتها عدن، كانت فرصة نادرة لمناقشة الأزمة في واحد من أعمق تشكيلاتها المعقدة، فالقضية الجنوبية التي ظلت ممنوعة عن الإعلام، تحولت بمفاعيل الأحداث إلى أهم المداخل لاستفهام أزمات متراكمة ومُعقدة، نتيجة ترحيلها وعدم إيجاد حلول لها، ولعل أحداث عدن، رغم قسوتها، تمثل واحدة من الفرص المواتية لتفكيك الأزمات، فالقضية الجنوبية ليست طارئة بل نواة لقضية من القضايا السياسية الدولية الصعبة.

تقدمت السعودية بخطوة سريعة تمثلت بدعوة طرفي أزمة عدن للحوار السياسي، والسعوديون كعادتهم في إدارة الحوارات، اعتمدوا على تقريب وجهات النظر والخروج باتفاق الحد الممكن من التوافق، بما يضمن تصويب البوصلة باتجاه صنعاء، نجحت الرياض في استخراج ورقة سياسية وعسكرية وأمنية، ستظل محل اختبار لنوايا طرفي أزمة عدن، هذه واحدة من أهم العقبات التي طالما فشل اليمنيون في تجاوزها، فلقد تلازم الحوار بالحرب في ظاهرة يمنية خالصة، فكل حرب يسبقها حوار سياسي والشواهد تبدأ من مؤتمر خمر 1964 مروراً بوثيقة العهد والاتفاق 1994 وصولاً للمبادرة الخليجية 2011.

الصراع اليمني كُل لا يتجزأ، ووقائع السنوات الأخيرة تحديداً ما بعد انطلاق عاصفة الحزم 2015 أكدت أن اليمنيين يعانون بشكل عميق للغاية أزمة تغول الآيديولوجية بشقيها الإخواني والشيعي مع التعصب القبلي، وهو ما شكل الجزء الأكبر من انحراف البوصلة اليمنية في الاستثمار الصحيح لاستجابة السعودية لطلب الشرعية التدخل، لمساعدة اليمنيين في استعادة مشروع الانتقال السياسي، الذي بدأ كذلك سعودياً من المبادرة الخليجية، قبل أن ينزلق المشروع في مؤتمر الحوار الوطني، الذي هو بمثابة مرحلة تهيئة لما قبل الحرب كما اعتاد ذلك اليمنيون.

الإقرار بأن لا مثالية في التركيبة السياسية للمؤسسة الشرعية بكل محاورها السياسية والعسكرية، يبدو مدخلاً صحيحاً للتعامل الجاد مع إشكالية القصور السياسي والعسكري والاقتصادي، فرغم ما تم توفيره من خلال قيادة تحالف دعم الشرعية سعودياً وإماراتياً من أرضية صلبة على المستويات السياسية والعسكرية والإنسانية، فإن الإشكالية تمثلت بعد سنوات من الحرب في شقين أساسيين: الأول عسكري بعدم قدرة الجيش اليمني على تحقيق انتصارات ميدانية على مليشيات الحوثي، والشق الثاني عدم نجاح حكومتي بن دغر ومعين عبدالملك في تحويل العاصمة الجنوبية عدن إلى نموذج ناجح للتنمية الاقتصادية.

التجاذبات اليمنية الحزبية تسببت في عدم القدرة على استغلال المبادرة الخليجية بالشكل الصحيح، هذه التجاذبات وحدها خنقت الفرص المواتية، ووضعت اليمن جنوبه وشماله في ضوائق الاختناقات المستدامة، وحولت الفرص السياسية إلى ألغام قابلة للانفجارات العنيفة، مفهوم التجاذبات والصراعات المستندة إلى اعتبارات المحاصصة الحزبية والمناطقية، يجب أن تسقط تماماً وإلا فإن لا أفق لسلام في جنوب أو شمال اليمن، سواء أكان منفصلاً أو موحداً.

لم تمنح لدولة من الدول فرص سياسية كما منحت لليمنيين في تاريخهم السياسي، استعصاء الحلول لأزماتهم ظل محبوساً في تقاليدهم المتمسكة بإدارة الصراعات بطريقة مثيرة للاستغراب من قدرة على استجلاب الأزمات وتحطيم فرص التسويات السياسية، حتى ما وفرته المبادرة الخليجية من انتقال سياسي احتاجه العديد من البلدان العربية، فرط فيه اليمنيون بمحاولة اغتيال الرئيس السابق علي صالح في مسجد النهدين، مما مهد لاختناق سياسي لم يكن انقلاب الحوثي إلا الصورة الخاتمة فيه بالتفريط اليمني بفرصة استغلال نجاح الانتقال السياسي.

تحرير عدن (اكتوبر 2015) كان من الفرص التي يمكن البناء عليها، خاصة أن بعدها تحققت فرصة عززتها بتحرير مدينة المكلا (أبريل 2016) مما شكل أرضية مواتية في ما بعد نجاح مكافحة الإرهاب الذي أسهمت فيه القوات المسلحة الإماراتية باحترافية عالية، واستطاعت تأهيل القوات العسكرية والأمنية القادرة على حماية المدن، ومع ذلك لم تستطع الحكومة اليمنية توفير أقل ما يمكن من احتياجات السكان، ولم تخف قيادات عُليا تعمدها عدم توفير الاحتياجات الأساسية لسكان المحافظات الجنوبية، لمنعهم من المطالبة بالانفصال السياسي.

تراكم هذا الفشل، رغم أن السعودية والإمارات قدمتا لليمن في سياق المساعدات الإنسانية، أكثر من 15 مليار دولار كان كفيلاً بتحقيق ما أمكن من الأمن الغذائي لملايين المدنيين، تضاف إلى ذلك مراهنات لأطراف سياسية على محاور سياسية مختلفة، سواء المحور الإيراني الذي مازال الحوثيين يراهنون عليه أو المحور الإخواني وما بينهما من تجار حروب وجدوا في استمرارية الأزمة اليمنية مجالاً للتكسب بانتهازية ذاتية.

عدن وصنعاء ضحيتان لسياسات فاشلة، آن الأوان أن تتوقف، باستغلال صحيح لما تشكله الرعاية الملكية السعودية لحوار المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة اليمنية بهيكلة المؤسسات سياسياً وعسكرياً، حتى وإن تأجل ظرفياً استحقاق القضية الجنوبية لمصلحة كسر التدخل الإيراني شمالي اليمن، وهو ما يفرض على أبناء الشمال قبل غيرهم، إعلان اتحادهم ضد المشاريع الأخرى مهما كانت ومهما حملت سنواتهم القديمة من مواريث باعثة للصراعات.

"اتفاق الرياض" نافذة أخرى تتطلب تصميم اليمنيين شماليين أولاً وجنوبيين ثانياً، على استعادة اليمن لحضنه العربي، ثم منح الجنوبيين استحقاقاتهم السياسية العادلة، فالتنازلات الجنوبية وإن عملت على تأجيل الاستحقاق السياسي، فهي أيضاً تُجسد حجم التضحيات لاستعادة صنعاء من أفواه الإيرانيين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.