التعيينات الجديدة تحتكم إلى رؤية تقوم على توسيع دائرة الشراكة في القرار داخل الإمارات. أبوظبي- يفتح تعيين الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ابن رئيس الإمارات، في منصب ولي عهد إمارة أبوظبي، الطريق أمام تهيئة السياسي الشاب لقيادة الدولة في المستقبل، وهي العادة التي دأبت عليها قيادة الإمارات منذ عهد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. وقال متابعون للشأن الإماراتي إن التعيينات التي قررها رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الأربعاء تأتي ضمن رؤية تقوم على توسيع دائرة الشراكة في القرار داخل الدولة، وهو ما يقوّي التضامن القائم حاليا بين مكونات الحكم في وقت تدخل فيه مرحلة نوعية في تاريخها تحتاج فيها إلى كل كفاءاتها وطاقاتها وعناصر قوتها. وكان رئيس الإمارات أصدر مراسيم بتعيين الشيخ منصور بن زايد نائبا لرئيس الدولة إلى جانب الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وتعيين الشيخ هزاع بن زايد والشيخ طحنون بن زايد نائبين لحاكم أبوظبي. وأشار المتابعون إلى أن قرارات رئيس الإمارات ومثلما أنها عملت على توسيع دائرة القرار، فقد سعت كذلك إلى التفكير في المستقبل من خلال تعيين الشيخ خالد بن محمد بن زايد وليا لعهد أبوظبي وتمكينه من القيام بمهامه في وضع مريح في ظل تماسك مؤسسة الحكم وتضامنها، وتحميله المسؤولية ليكون طرفا رئيسيا ضمن مسار التطوير الشامل الذي تعيشه الإمارات وبوّأها مكانة مرموقة لتكون طرفا مؤثرا إقليميا ودوليا. بدر سيف: تعيين الشيخ خالد يوفر انتقالا أكثر سلاسة في إدارة الإمارات وكتب الخبير الخليجي بدر السيف وهو أستاذ التاريخ المساعد في جامعة الكويت، على تويتر في تعليقه على تعيين الشيخ خالد بن محمد بن زايد وليا لعهد أبوظبي "هذه الخطوة كانت متوقعة (..) كونها تتبع النموذج (..) في أماكن أخرى في الخليج"، في إشارة إلى مسار خليجي يقوم على تهيئة القيادات الشابة لقيادة المستقبل. وأضاف أن التعيين "يوفر مزيدا من الاستقرار" وانتقالا أكثر سلاسة في إدارة الدولة، معتبرا أنّ "توطيد السلطة بين أشقاء الشيخ محمد بن زايد ليس سراً. المراسيم تؤكد ذلك". وكان الشيخ محمد بن زايد قرّر بحسب وكالة الأنباء الإماراتية (وام) تعيين شقيقه منصور بن زايد نائباً لرئيس الدولة إلى جانب الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم. ويتولّى الشيخ منصور منصب نائب رئيس مجلس الوزراء. كما أصدر رئيس الإمارات مرسومين أميريين بتعيين شقيقيه هزّاع بن زايد وطحنون بن زايد نائبين لحاكم إمارة أبوظبي. وإلى جانب منصب مستشار الأمن الوطني، يتولّى الشيخ طحنون مناصب عديدة في الدولة بينها رئاسة مجلس إدارة صندوقها السيادي، وعرف بتحركاته وزياراته ضمن إستراتيجية "تصفير المشاكل" التي اعتمدتها الإمارات تجاه قطر وتركيا وإيران. وأصبحت الإمارات أحد أكبر منتجي النفط في العالم وحليفا للولايات المتحدة وروسيا والصين على حد سواء، وقوة رئيسية في الشرق الأوسط مع تراجع مراكز الثقل التقليدية مثل مصر والعراق في السنوات الأخيرة. وقد رحّب قادة دول الخليج بتعيين الشيخ خالد بن محمد بن زايد، بما في ذلك السعودية وقطر، فضلاً عن قادة الإمارات الست الأخرى في دولة الإمارات. وشغل الشيخ خالد بن محمد (41 عامًا) منصب عضو المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي ورئيس المكتب التنفيذي لإمارة أبوظبي. وهو عضو في مجلس إدارة شركة النفط العملاقة "أدنوك" الحكومية. وقد شارك عن كثب في المشاريع الشبابية والبيئية بالإضافة إلى الرياضة، حيث قام بالترويج للجوجيتسو والمساعدة في جلب مباريات كرة السلة الأميركية "أن بي إيه" إلى العاصمة الإماراتية. وقال أستاذ العلوم السياسية الإماراتي عبدالخالق عبدالله إن الشيخ خالد بن محمد مثّل والده بالفعل في رحلات خارجية كجزء من استعداداته لتولي القيادة. عبدالخالق عبدالله: حصل على ثقة والده ويتعامل بسهولة مع الناس وهو أمر مهم وذكر أنه فيما سيعمل الشيخ خالد بن محمد بن زايد مباشرة مع والده البالغ من العمر 62 عامًا والذي لا يزال في المرحلة الأولى من فترة رئاسته، فإنّ أمامه متسعا من الوقت للتعلم. وتابع "كان يتم إعداده لهذا المنصب. كل من راقبه عن كثب على مر السنين يعرف أنه جاهز له وهو لائق بالمهمة"، مضيفا "لقد حصل على ثقة والده. إنه يتعامل بسهولة مع الناس (…) وهو أمر مهم جدًا". ويُنظر إلى الشيخ محمد بن زايد على أنّه رجل البلاد القوي الذي يقف وراء صعودها الدبلوماسي منذ سنوات حتى قبل توليه الرئاسة. وأصبح الشيخ محمد بن زايد ولياً لعهد أبوظبي في نوفمبر 2004، وهو ثالث أبناء الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسّس الإمارات. وشغل أيضا منصب نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس المجلس التنفيذي لأبوظبي. وتفتخر الدولة التي يقل عدد سكانها عن عشرة ملايين نسمة باستقرارها السياسي والاقتصادي. ولديها واحد من أعلى مستويات دخل الفرد في العالم، وتستضيف الملايين من العمال المغتربين الذين يشكلون الجزء الأكبر من القوة العاملة. وضمن التغييرات الجديدة، أصدر الشيخ محمد بن زايد، بصفته حاكماً لإمارة أبوظبي، مرسوماً أميرياً بإعادة تشكيل المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي برئاسة الشيخ خالد بن محمد بن زايد ولي العهد. وفي وقت سابق من هذا الشهر أعلنت أبوظبي عن إعادة تشكيل مجلسي إدارة أكبر صندوقين سياديين تملكهما. وتملك الإمارة العديد من صناديق الثروة السيادية التي تجعلها مجتمعة واحدة من أغنى الدول المستثمرة في العالم.