اليمن.. حرب بلا منتصر وأزمة بلا نهاية    الجنوب المحرر والشرعية الغائبة: من يملك الأرض يملك القرار    حضرموت على صفيح ساخن: تمرد بن حبريش وصفقات الديزل تُمهّد للانفجار    فرح مشوب بالحذر.. وقف إطلاق النار في غزة يشعل السوشيال ميديا    وزيرة الرياضة بعد الفضيحة: شوهتم ماليزيا    6 أيام تحسم مصير 8 في أوروبا    عامان ونصف.. سوروب يقود الأهلي    تواصل أعمال المؤتمر العلمي السادس بجامعة البيضاء بمشاركة واسعة من داخل اليمن وخارجها    المنتخبات المتأهلة لكأس العالم 2026    مباراة مصيرية لليمن ضد بروناي في تصفيات كأس آسيا 2027    مضامين المرحلة الألى من اتفاق وقف اطلاق النار بغزة..وما سيليها    ناشط يتهم سلطة الأمر الواقع في تعز بإصدار توجيهات بتصفيته وأسرته    تواصل محادثات شرم الشيخ بشأن غزة.. وأنباء عن تقدم إيجابي وسط انضمام وفود فصائل فلسطينية    لابورتا: مباراة برشلونة في ميامي ستكون استثنائية    الاعتداء على فعالية نسائية بالمكلا.. الانتقالي يتبنى نهجاً معادياً للسياسة    البرلمان الإسباني يُقرّ قانوناً يحظر تصدير الأسلحة ل"إسرائيل"    المقالح: انفصاليو الشمال غضبوا من الدعوة لانضمام تعز إلى الجنوب    الفنان أحمد الحبيشي يدخل العناية المركزة في أحد مستشفيات صنعاء    دوغاريك يعلن إفراج سلطة صنعاء عن موظف أممي    مصر تفوز على جيبوتي وتتأهل لكأس العالم 2026    اتحاد الأكاديميين العرب يمنح عضويته للدكتور ناجي الشدادي ويكلفه بإدارة فرع المركز العربي للتنمية الزراعية والبيئية باليمن    شركة المقبلي للطاقة المتجددة الراعي الذهبي للمعرض الثاني للطاقة الشمسية والري الحديث بصنعاء    صاعقة رعدية تودي بحياة مواطن في الزهرة بالحديدة    تقرير خاص : من الضالع الى حضرموت.. الجنوب يسير بثبات نحو استعادة دولته    فعالية خطابية في صنعاء بأربعينية الشهيد الدكتور رضوان الرباعي    نقابة فلسطينية تطالب بمحاسبة إسرائيل على جرائمها بحق الصحفيين    محافظ حضرموت ومؤسسة الكهرباء يبحثان احتياجات قطاع التوليد    بن بريك: استئناف المشاورات مع صندوق النقد خطوة لإعادة الثقة بالمؤسسات الاقتصادية اليمنية    إطلاق خارطة طريق علمية لمواجهة التحديات المناخية والبيئية في عدن    الرئيس الزُبيدي يُعزّي في وفاة الشيخ كمال الجبني    تنفيذي جحاف يبحث الاستعدادات للاحتفال بذكرى 14 أكتوبر    منسقية كلية الحاسبات بجامعة حضرموت تختتم برنامج الطريق إلى سوق العمل التقني    مكتب التجارة يواصل حملته الرقابية لضبط الأسعار في المنصورة    لو سمحتوا أعيدوا العصا الى يد المعلم؟ المجتمع في خطر    اجتماع بهيئة المواصفات يناقش سبل تطوير الأداء المؤسسي    "دبور الجولان" يقتل جندي إسرائيلي    تقرير أمريكي: إيران تزود الحوثي بأسلحة متطورة وحرب اليمن مستمرة    بعد 12 عاماً من الملاحقة القضائية.. تفاصيل جديدة في محاكمة فضل شاكر    ضبط المتورطين في تفجير قنبلة بجوار منزل وكيل النيابة في يريم    السفيرة البريطانية: سلطات صنعاء تؤجج الأزمة الإنسانية وتعرقل المساعدات    صباح الخير يارفيق ماجد زايد    مستجدات المحادثات حول خطة ترامب لإنهاء حرب غزة    من "لا يقاتل لن يلعب" - و"الغروريقتل النجاح" دروس فيلك بعد الهزيمة؟!    النفط يواصل الارتفاع بعد زيادة إنتاج (أوبك+)    الرمان... الفاكهة الأغنى بالفوائد الصحية عصيره يخفض ضغط الدم... وبذوره لها خصائص مضادة للالتهابات    ما فوائد تناول المغنيسيوم وفيتامين «بي-6» معاً؟    حين أضاعوا الجنوب وراحوا ينتظرونه محملًا بأحلامهم    اليهود في القرآن...!!    إِنَّا عَلَى العَهْدِ    مرض الفشل الكلوي (22)    محمد عبده الفنان السادس على مسرح البواردي    وادي التماثيل في جزيرة قشم.. بقايا ظواهر رسوبية وجدران طبيعية مذهلة    كاد تهرب المسؤول أن يكون كفرا    جريمة قتل جماعي قرب حقل مياه عدن.. دفن نفايات شديدة الخطورة في لحج    مأرب.. تكريم الفائزين بمسابقة شاعر المطارح    بدء توزيع الزكاة العينية للأسر الفقيرة في مديرية اللحية    رئيس إصلاح المهرة يدعو إلى الاهتمام بالموروث الثقافي واللغوي المهري    في 2007 كان الجنوب يعاني من صراع القيادات.. اليوم أنتقل العلة إلى اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل ارتكب بايدن خطأ استراتيجياً في مواجهة الحوثيين؟
نشر في شبوه برس يوم 26 - 08 - 2024

في مشهد درامي من المسلسل الأمريكي الشهير "وست وينغ"، يطلب الرئيس الأمريكي الخيالي جيد بارتليت من مستشاريه توضيح سبب الرد المحدود على تهديد عسكري قائلاً: "لقد ضربوا طائرة، لذلك نضرب جهاز إرسال، أليس كذلك؟"

هذا الحوار يعكس إشكالية معقدة تواجهها القوة العظمى في العالم عند التعامل مع تهديدات تأتي من جهات أصغر وأقل حجماً، وهو نفس المأزق الذي تجد إدارة بايدن نفسها فيه اليوم أمام التحدي الحوثي في البحر الأحمر وخليج عدن.

بعد تسعة أشهر من بدء الحوثيين حملة إرهابية باستخدام الطائرات بدون طيار والصواريخ لفرض حصار على مضيق باب المندب، استجابت الولايات المتحدة بنشر أربع حاملات طائرات في المنطقة، في خطوة تهدف إلى حماية حركة الشحن الدولي من التهديدات الحوثية. لكن هذه الاستجابة، التي يمكن وصفها بالرد المتناسب، تثير تساؤلات عميقة حول فعالية النهج الأمريكي في التعامل مع تهديد من الدرجة الثالثة مثل الحوثيين.

يقول صمويل بايرز، المستشار البارز لشؤون الأمن القومي في مركز الاستراتيجية البحرية، إن قصة "وست وينغ" تسلط الضوء على الحدود التي قد تواجهها القوة العسكرية، وعلى المسؤولية التي تقع على عاتق القيادة في اتخاذ القرارات المناسبة. في المسلسل، يجد الرئيس بارتليت نفسه في موقف معقد بعد إسقاط طائرة أمريكية، حيث يتوجب عليه أن يختار بين الرد العسكري المتناسب والرد الذي يعكس قوة أمريكا كدولة عظمى.

في الواقع، تجد إدارة بايدن نفسها في موقف مشابه، حيث عليها أن توازن بين استخدام القوة العسكرية الكبيرة في مواجهة الحوثيين وبين التداعيات الدبلوماسية والإنسانية التي قد تنتج عن التصعيد العسكري. القرار الذي اتخذته الإدارة بالاعتماد على حاملات الطائرات لحماية الشحن كان خطوة "مسؤولة" و"معقولة"، لكنها قد لا تكون كافية لتحقيق المصالح الاستراتيجية الأمريكية.

إضافة إلى ذلك، كان على الولايات المتحدة أن تأخذ بعين الاعتبار ما أنجزته دولة الإمارات من تأهيل لقوات المجلس الانتقالي الجنوبي وحراس الجمهورية، والتي باتت تشكل قوة ميدانية جاهزة لمواجهة الحوثيين في مناطق سيطرتهم. إن الاعتماد على هذه القوات للقيام بعملية عسكرية ميدانية، مع تقديم ضمانات سياسية واضحة للجنوبيين بشأن حقهم في تقرير المصير والمشاركة السياسية المستقبلية، قد يكون حلاً أكثر فعالية واستدامة.

ومن المهم أيضاً ملاحظة أن الضربات المتناسبة، كتلك التي نفذتها إسرائيل في ميناء الحديدة بعد استهداف الحوثيين لتل أبيب، قد أثبتت فعاليتها. هذه الضربة القوية والمباشرة أرغمت الحوثيين على الامتناع عن الرد وشهدنا انخفاضاً ملحوظاً في الهجمات الإرهابية التي تستهدف السفن التجارية. هذا يؤكد أن التناسب في الضربات قد يعطي نتائج موضوعية مع جماعة أيدولوجية مثل الحوثيين، حيث إن التصعيد المحدود، إذا ما نفذ بحزم، يمكن أن يحقق أهدافاً استراتيجية دون الحاجة إلى تصعيد شامل.

السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: هل يستحق تهديد الحوثيين استنزاف هذه الموارد الاستراتيجية الهامة؟ وهل كان من الأفضل للولايات المتحدة أن تستثمر في دعم قوى محلية مؤهلة ومدعومة سياسياً وعسكرياً مثل قوات المجلس الانتقالي الجنوبي وحراس الجمهورية؟ إن الرد المتناسب الذي اتبعته الإدارة كان مكلفاً وغير فعال، حيث استمرت الهجمات الحوثية، بينما اضطرت السفن التجارية إلى التحايل على المرور عبر مضيق باب المندب من خلال الإبحار حول رأس الرجاء الصالح، مما أدى إلى انخفاض كبير في حركة المرور البحرية وعائدات قناة السويس.

من الناحية الاستراتيجية، السؤال الأهم هو: هل تتناسب الجهود الأمريكية في البحر الأحمر مع النتائج المحققة؟ يبدو أن الإجابة هي لا، فقد أثبتت استراتيجية إدارة بايدن عدم قدرتها على مواجهة التحدي الحوثي بشكل فعال.

من المؤكد أن الإدارة الأمريكية اختارت مساراً أبطأ وأقل فعالية في التعامل مع التهديد الحوثي، ربما لتجنب التصعيد العسكري الكبير. ولكن السؤال هو: هل هذا النهج البطيء والمتردد يخدم المصالح الأمريكية على المدى الطويل؟ أم أنه يؤدي فقط إلى استنزاف الموارد وإطالة أمد الأزمة دون تحقيق حلول حقيقية؟

بدلاً من التركيز على ردود فعل محدودة ومترددة، كان من الممكن أن تتخذ إدارة بايدن خطوات أكثر جرأة وفعالية. على سبيل المثال، كان يمكن للإدارة أن تعتمد على ما أنجزته دولة الإمارات في تأهيل القوات المحلية، وتقديم دعم سياسي وعسكري حاسم لهذه القوات لتمكينها من تنفيذ عمليات عسكرية فعالة ضد الحوثيين. مثل هذه الاستراتيجيات، مع تقديم ضمانات سياسية واضحة للجنوبيين حول حقهم في تقرير المصير والمشاركة المستقبلية في السلطة، قد تكون مكلفة على المدى القصير، لكنها كانت ستؤدي إلى حل المشكلة بشكل أسرع وأكثر فعالية.

في الواقع، كان على الإدارة أن تفكر بشكل أعمق في مفهوم التناسب، وأن تدرك أن التناسب ليس دائماً الخيار الأمثل في كل حالة. كان يجب عليها أن تأخذ بعين الاعتبار أن حماية المصالح الاستراتيجية الأمريكية تتطلب أحياناً تصعيداً يتجاوز قدرة الخصم على الرد، وليس مجرد رد فعل متناسب مع مستوى العنف الذي يستخدمه.

لقد أثبتت تجربة إدارة بايدن في التعامل مع التهديد الحوثي أن الرد المتناسب قد لا يكون دائماً هو الخيار الأفضل. في بعض الأحيان، يتطلب تحقيق المصالح الوطنية استراتيجية أكثر جرأة وشمولاً، حتى لو كان ذلك يعني تصعيداً مؤقتاً. إن التحديات التي تواجهها الولايات المتحدة في البحر الأحمر ليست مجرد تحديات تكتيكية تتعلق بحماية الشحن، بل هي جزء من صراع أكبر يتعلق بالنفوذ الإقليمي والتوازن الاستراتيجي.

إذا كانت إدارة بايدن تأمل في الحفاظ على هيبة الولايات المتحدة كقوة عظمى، فعليها أن تعيد النظر في استراتيجياتها تجاه التهديدات التي تواجهها، وأن تتبنى نهجاً أكثر فعالية وحزماً في مواجهة الخصوم. الرد المتناسب قد يكون خياراً آمناً، لكنه في كثير من الأحيان يكون غير كافٍ لتحقيق الأهداف الاستراتيجية الكبرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.