الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان تدين العدوان الصهيوني على محطة حزيز الكهربائية    بعد توقف الدوري ..بطولة "بيسان" تعز ..2025 .. متنفس جماهيري لعودة الحياة - وزخمها الكروي وروحها التنافسي بعد (10) سنوات من الانقطاع    النصر السعودي يضم الفرنسي كومان رسميا من بايرن ميونخ    23 لاعبًا يرحلون و7 صفقات تعيد بناء ميلان    إعلان نتائج اختبارات المعاهد التقنية والمهنية للعام 1446ه    فعالية لقيادة المحور الشمالي بالحديدة بمناسبة المولد النبوي    رئاسة مجلس الشورى تناقش التحضيرات لفعالية المولد النبوي للعام 1447ه    مناقشة الخطة الأمنية لتامين فعاليات إحياء ذكرى المولد النبوي    الزراعة تعد استراتيجية وطنية لمواجهة تحديات الأمن الغذائي    حملة توعوية لانتقالي الضالع لنشر ثقافة الوسطية والاعتدال    رئيس هيئة الأوقاف يشيد بمستوى العمل وانضباط كوادر الهيئة بذمار    هيئة مكافحة الفساد تتسلم اقرار رئيس مؤسسة موانئ البحر الأحمر    القبض على رئيس الجالية الإثيوبية بالمهرة بتهمة الاتجار بالبشر وقيادة شبكة تهريب    مناقصة لتوريد أدوية تكميلية لمركز علاج الأورام بشبوة    اعتقال ناشط في مطار عدن الدولي    حكومة التغيير والبناء تحقق إنجازات اقتصادية وتنموية في عامها الأول    (100) مليون ريال يحصل عليها محافظ أبين يوميا من الجبايات    بيان السفارة الأمريكية في اليمن: إصلاحات عاجلة خلال 90 يومًا    ترسيخ الطبقية والتمييز الاجتماعي: السلطة تحتكم لجرحى القبيلة وتتجاهل شهيد الطبقة المستضعفة    عشر سنوات من الغرام، واليوم فجأة.. ورقة طلاق!    10 سنوات في سجن الأمن السياسي بمأرب ظلمآ.. ابن شبوة المذاح خرج بريئآ    مطوع من مجرمي حزب الإصلاح يقتل شابين عدنيين في طريقهما للدراسة في الخارج    مجلة أمريكية: مجاعة من صنع الإنسان.. هكذا تُجوّع إسرائيل غزة    الشركة اليمنية تصدر قائمة أسعار جديدة للغاز المنزلي    طريقة بسيطة للوقاية من أمراض القلب    قصف إسرائيلي يستهدف العاصمة صنعاء    بهدفي كين ودياز.. بايرن يتوّج بالسوبر ال 11    بين أمل البسطاء ومؤامرات الكبار    الضالع .. جريمة قتل مروعة على خلفية خلاف عائلي    الأهلي يُعلن جاهزية عاشور    العدو الصهيوني يكشف عن السلاح المستخدم في استهداف كهرباء حزيز    تقرير جديد يكشف عن هزيمة البحرية الأمريكية في البحر الأحمر    بايرن ميونخ بطلًا للسوبر الألماني بثنائية في شتوتجارت    الأمن يضبط المتورطين في حادثة اختطاف طفلتين هزت ذمار    إسرائيل تقصف محطة الكهرباء في صنعاء من جديد    البيضاء.. استشهاد فتاتين بانفجار لغم حوثي أثناء رعيهما الأغنام في مديرية نعمان    الأستاذ علي مقبل غثيم المناضل الأنسان    محكمة بريطانية تسجن يمني عقب اختراق آلاف المواقع وسرقة بيانات المستخدمين    البرلماني بشر: هل أصبح القضاء لعبة بيد الغوغاء لإصدار الأحكام كمساعدة؟!    الصحة العالمية: اليمن يسجل عشرات الآلاف من الإصابات بالكوليرا وسط انهيار البنية الصحية    رسميًا | SPORTBACK GROUP توقع مع نجم التلال عادل عباس    العميد جمال ديان آخر الرجال المهنيين والأوفياء    أكاذيب المطوّع والقائد الثوري    من يومياتي في أمريكا .. أيام عشتها .. البحث عن مأوى    أفضل وأحسن ما في حلف حضرموت أن أنصاره اغبياء جدا(توثيق)    مصر تستعيد من هولندا آثارا مهربة    المؤرخ العدني بلال غلام يكتب عن جولة أضواء المدينة "جولة الفل"    الارصاد يتوقع امطار رعدية مصحوبة بحبات البرد على اجزاء من المحافظات الجبلية والساحلية    الرئيس الزُبيدي يعزي العميد عادل الحالمي في وفاة والدته    السيول تقطع حركة النقل بين ساحل ووادي حضرموت    أبو بارعة: مسؤولون في حجة يحوّلون الأجهزة الطبية إلى غنيمة    وقفة وإضراب جزئي لصيادلة تعز لمطالبة شركات الأدوية بخفض الأسعار    وفاة 23 شخصا بتعاطي خمور مغشوشة في الكويت    الاشتراكي "ياسين سعيد نعمان" أكبر متزلج على دماء آلآف من شهداء الجنوب    فنانة خليجية شهيرة تدخل العناية المركزة بعد إصابتها بجلطة    ثمرة واحدة من الأفوكادو يوميا تغير حياتك.. وهذه النتيجة    بين القصيدة واللحن... صدفة بحجم العمر    توكل كرمان، من الثورة إلى الكفر بلباس الدين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا علينا أن نُعيد تعريف الصراع في الشرق الأوسط
نشر في شبوه برس يوم 29 - 10 - 2024

العرب لن يخرجوا من الدوامة التي سيغرقون فيها أكثر طالما ما زال بعضهم يعتقد أن العقل الإيراني سيتحوّل من فكرة الثورة إلى الدولة، وأن إسرائيل المتشددة يمكنها أن تعيد إنتاج رابين آخر.

*- شبوة برس – هاني مسهور .. العرب
منذ أبريل 2024، كُسر "حاجز الخوف" بين إسرائيل وإيران، ومنذ ذلك الهجوم، كان على العرب أولًا أن يُعيدوا تعريف الصراع في الشرق الأوسط. بواقعية مؤلمة، لا بد أن تقبل شعوب المنطقة العربية حقيقة أن الصراع العربي – الإسرائيلي فعليًا قد انتهى، وصار شيئًا من إرث التاريخ الماضي. لم يعد من المقبول بحال من الأحوال تصوير القضية على أنها صراعٌ مرتكزٌ على ما حدث في نكبة العام 1948. ومن المؤكد أن شعوب المنطقة ستُعاني رفضًا لهذا المنطق، غير أنها لا بد أن تعي أن الحقيقة، وإن كانت موجعةً، عليها أن تتقبلها كما هي. هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023 صنع نقطةً فاصلةً بين التعريفات، وصنع تحولًا عميقًا في قواعد اشتباك لم تعد موجودةً منذ تلك اللحظة تمامًا. مفهوم الصراع القومي انتهى، وعلينا في المنطقة أولًا، ثم المجتمع الدولي، القبول بهذا المُتغيّر الحادّ الذي فرضته القوى الأيديولوجية في منطقة لا تقبل الخروج من دائرة أنها أصل الحضارات والأديان، فهذه طبيعة تكوينها، ومن طبيعة التكوين التطور، وما حصل هو تطورٌ في الصراع على هذه المنطقة.

لأكثر من سبعة عقود، ظلّ التعريف للقضية الفلسطينية مرتكزًا على أنه صراعٌ عربي – إسرائيلي. خاضت دول العالم العربي، من بعد الحرب العالمية الثانية، حروبها على هذا التعريف، وتشكل في الوجدان والوعي القومييْن العربييْن أن الصراع على أن فلسطين هي أرضٌ عربيةٌ لا تتجزأ من التراب العربي. فاسترداد الحق العربي، وإقامة الدولة الفلسطينية على ما تبقى من بعد حرب الأيام الستة عام 1967، بقي هو التحدي القومي الذي على أساسه أبقى العرب على حقوقهم السياسية بموجب ما أنتجه مؤتمر اللاءات الثلاث في الخرطوم (لا صلح، ولا اعتراف، ولا تفاوض مع العدو الصهيوني قبل أن يعود الحق لأصحابه). هذه القاعدة لم تتغير بالمطلق، حتى مع وصول الخميني إلى حكم إيران في العام 1979، بل إن الرئيس المصري محمد أنور السادات فرض قاعدةً سياسيةً واقعيةً في مفهوم الصراع عندما أبرم معاهدة السلام في كامب ديفيد مع إسرائيل، بأن تكون ورقة السياسة جزءا آخر من أوراق الصراع لإقامة الدولة الفلسطينية.

قدمت الشعوب العربية فصولًا متعددة في سبيل دعمها للشعب الفلسطيني. الأردن كان في خط النار عام 1968 قبل أن يأتي لبنان عام 1978. وفيما كانت دول وطنية عربية على طول الأرض العربية تعطي لممثلي حركة فتح الفلسطينية، باعتبار ياسر عرفات رمزًا سياسيًا حاصلًا على الشرعية السياسية الكاملة من مؤتمر الخرطوم 1967، الدعم السياسي والعسكري لإقامة الدولة الفلسطينية، كانت في اللاوعي تتخمر المادة الأيديولوجية التي تغدق عليها تيارات الإسلام السياسي كل ما يمكنها أن تحصل عليه من قطرات زيت لسكبه على ماء الصراع المتفجر. كانت كل المنظومة السياسية العربية تضع في تفكيرها قاعدة لم تغادرها أبدًا، ألا وهي إقامة الدولة الفلسطينية.

*- التسوية السياسية الصعبة في الشرق الأوسط تعقدت أكثر من أيّ وقت في التاريخ. لبنان والعراق وشمال اليمن مناطق مؤهلة للولوج إلى حروب أهلية لعدم قدرتنا في العالم العربي على القبول بحقائق التعريف

في العام 1981، قدّم الملك فهد، الذي كان حينها وليًا للعهد في السعودية، أول مبادرة للسلام مع إسرائيل في قمة فاس المغربية. وأعاد الملك عبدالله بن عبدالعزيز، في العام 2002، إنتاج مبادرة السلام في صيغة واضحة (إنشاء دولة فلسطينية معترف بها دوليًا على حدود 1967، وعودة اللاجئين، والانسحاب من هضبة الجولان المُحتلّة، مقابل اعتراف وتطبيع العلاقات بين الدول العربية مع إسرائيل). مؤتمر مدريد للسلام عام 1991 عبّد الطريق لمعاهدة وادي عربة بين الأردن وإسرائيل، تلاهما اتفاق أوسلو عام 1993 الذي منه انتزع ياسر عرفات الاعتراف بمسار إقامة الدولة، وكانت صفقةً كبرى في سياق مفهوم الصراع العربي – الإسرائيلي. الفلسطينيون حصلوا على سلطة وحكم ذاتي بعد عقود من اللاوجود السياسي، لم تستوعب الذهنية الشعوبية قيمة الصفقة حتى وهي تُشاهد إسحاق رابين يُغتال في تل أبيب على يد مُتطرف يهودي.

كانت لحظةً مشهديةً كبرى في ما يجب أن تَعيه المنطقة والعالم، فكما أن العرب كانوا قد أخطأوا عندما لم يتنبّهوا إلى أن في كهوف تورا بورا وقندهار تختمر أفكارُ جماعة الإخوان المسلمين، التي حوّلت الكهوف إلى معامل لتخصيب أفكارها، وصنعت منها موادَّ مُتفجّرةً ضربت العواصم العربية أولًا، ثم ذهبت لِتُطلق هجومها الإرهابي الكبير على أبراج مانهاتن في الولايات المتحدة في هجمات 11 سبتمبر 2001، وكما كان العرب في غفلة، كانت إسرائيل كذلك في الغفلة نفسها، فهناك من كان يعمل على إذكاء نوعية مُضادّة لمفهوم الدولة الإسرائيلية، وكان معنيًّا تمامًا بإعادة تعريفها على حدود تعريفها في التلمود بإقامة الدولة اليهودية الكبرى.

لم تكن أسماء بن غوريون وغولدا مائير وموشيه دايان وحتى أرييل شارون سوى مقدمات لإنتاج النسخة المتشددة إسرائيليًا، بن غفير وسموتريتش وغيرهما من الذين حصل عليهم بنيامين نتنياهو في موقعة تشكيل الوجه الآخر من الدولة الإسرائيلية. إسرائيل اليمينية تقابلها إيران المتسلحة ليس بالصواريخ البالستية وتقنيات الطائرات المسيّرة بل بألوف مؤلفة من عناصر الإخوان المسلمين بكافة أذرعهم، داعش، القاعدة، وكلها مسميات لشيء عقائدي بيد المرشد في طهران. حتى اليساريون العرب الساخطون لمجرد السخط انساقوا إلى المعسكر الإيراني، فأيديولوجيا تقابل أيديولوجيا، والتطرف ينتج تطرفًا يقابله، وهذه هي طبيعة الكون، فلا يمكن إلغاء الطبيعة تحت مبررات أخرى لا تصل إلى حقيقة أن المفهوم الوطني بات ضيقًا ومحصورًا بين القاهرة وأبوظبي، العاصمتين المتمسكتين بقوة على ما يجب أن يبقى من إرث الدولة الوطنية الفلسطينية العربية.

ضرورة تعريف الصراع جزء لا يتجزأ من الحل، علينا الإقرار بحقائق الأشياء والاعتراف بها، فكما تجرأت جماعة الحوثي على تحويل اليمن إلى قنبلة نووية متفجرة في باب المندب، فإن في المقابل إسرائيل تجرأت على أن تطلق طائراتها لتقطع أكثر من ألفي كيلومتر، هي طول البحر الأحمر كاملًا، لتقصف ميناء الحديدة في اليمن وتقول لكل المنطقة إن عليها أن ترى طول اليد الإسرائيلية وأن ترى حجم النار المشتعلة. هذه الحقيقة ليست الوحيدة، فقد اغتالت إسماعيل هنية في وسط طهران، وعادت واخترقت السيادة العراقية والسورية بل وقضمت أجزاء من التراب اللبناني. هذه حقائق وليست أشياء أخرى فرضتها إسرائيل كما فرضت إيران حقائق أذرعها على دول شمال اليمن ولبنان والعراق وسوريا. مع هذه الحقائق لم يعد من الواقعية السياسية البقاء عند تعريف هوية الصراع على أنه قوميّ – عربي -إسرائيلي، الصراع دينيّ – عقائدي عابر لحدود الأوطان العربية.

التسوية السياسية الصعبة في الشرق الأوسط تعقدت أكثر من أيّ وقت في التاريخ. لبنان والعراق وشمال اليمن مناطق مؤهلة للولوج إلى حروب أهلية لعدم قدرتنا في العالم العربي على القبول بحقائق التعريف. فلو أن العرب أقروا بأن عليهم القبول بإعادة تعريفهم للحقائق لاستطاعوا الوصول إلى الصيغة المنطقية التي أنتجت معاهدة السلام المصرية والاتفاقيات الإبراهيمية. فدون التعريف الصحيح لن يخرج العرب من الدوامة التي سيغرقون فيها أكثر طالما ما زال بعضهم يعتقد أن العقل الإيراني سيتحوّل من فكرة الثورة إلى الدولة، وأن إسرائيل المتشددة يمكنها أن تعيد إنتاج رابين آخر. هذه التصورات هي أوهام تستنزف العرب وتبقيهم خارج معادلة الواقعية التي من دونها لا يمكن للسياسة أن تكون فعلًا من مفاعيل الواقع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.