الفريق السامعي يوجه بالإفراج الفوري عن العودي ويعتبر اعتقاله عارًا ولا ينسجم مع اخلاق اليمنيين    اتحاد اللجان الأولمبية الوطنية الإفريقية يكرم بشرى حجيج تقديرًا لعطائها في خدمة الرياضة القارية    الدكتور حمود العودي واستدعاء دون عودة    استعدادا لمواجهة بوتان وجزر القمر.. المنتخب الأول يبدأ معسكرة الخارجي في القاهرة    لملس يناقش مع "اليونبس" سير عمل مشروع خط الخمسين ومعالجة طفح المجاري    الكثيري يطلع على مجمل الأوضاع بوادي حضرموت    رئيس تنفيذية انتقالي شبوة يدشن مهرجان شبوة الأول للعسل    الدراما السورية في «حظيرة» تركي آل الشيخ    5 عناصر تعزّز المناعة في الشتاء!    صنعاء : قرار تعيين ..    حماس : العدو يخرق اتفاق غزة يوميا .. واستشهد 271 فلسطينيا بشهر    إدريس يدشن حملة بيطرية لتحصين المواشي في البيضاء    صنعاء.. تعمّيم بإعادة التعامل مع شبكة تحويلات مالية بعد 3 أيام من إيقافها    لحج: الطليعة يبدأ بطولة 30 نوفمبر بفوز عريض على الهلال    قبائل شدا الحدودية تُعلن النفير والجهوزية لمواجهة الأعداء    "حماس" تطالب بفتح معبر "زيكيم" لإدخال المساعدات عبر الأردن    وبعدين ؟؟    قراءة تحليلية لنص "خصي العقول" ل"أحمد سيف حاشد"    الجدران تعرف أسماءنا    اليوم العالمي للمحاسبة: جامعة العلوم والتكنولوجيا تحتفل بالمحاسبين    قرارات حوثية تدمر التعليم.. استبعاد أكثر من ألف معلم من كشوفات نصف الراتب بالحديدة    تمرد إداري ومالي في المهرة يكشف ازدواج الولاءات داخل مجلس القيادة    أبين.. حادث سير مروع في طريق العرقوب    وزارة الخدمة المدنية توقف مرتبات المتخلفين عن إجراءات المطابقة وتدعو لتصحيح الأوضاع    الأرصاد يتوقع أجواء باردة إلى شديدة البرودة على المرتفعات    توتر وتحشيد بين وحدات عسكرية غرب لحج على شحنة أسلحة    عالم أزهري يحذر: الطلاق ب"الفرانكو" غير معترف به شرعا    تسعة جرحى في حادث مروع بطريق عرقوب شقرة.. فواجع متكررة على الطريق القاتل    صلاح سادس أفضل جناح في العالم 2025    سؤال المعنى ...سؤال الحياة    برباعية في سيلتا فيجو.. برشلونة يقبل هدية ريال مدريد    بوادر معركة إيرادات بين حكومة بن بريك والسلطة المحلية بالمهرة    هل يجرؤ مجلس القيادة على مواجهة محافظي مأرب والمهرة؟    الأربعاء القادم.. انطلاق بطولة الشركات في ألعاب كرة الطاولة والبلياردو والبولينغ والبادل    العسكرية الثانية تفضح أكاذيب إعلام حلف بن حبريش الفاسد    إحباط عملية تهريب أسلحة للحوثيين بمدينة نصاب    الدوري الايطالي: الانتر يضرب لاتسيو في ميلانو ويتصدر الترتيب برفقة روما    الأستاذ علي الكردي رئيس منتدى عدن ل"26سبتمبر": نطالب فخامة الرئيس بإنصاف المظلومين    الشيخ علي محسن عاصم ل "26 سبتمبر": لن نفرط في دماء الشهداء وسنلاحق المجرمين    مرض الفشل الكلوي (27)    فتح منفذ حرض .. قرار إنساني لا يحتمل التأجيل    ثقافة الاستعلاء .. مهوى السقوط..!!    تيجان المجد    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    الأمين العام لجمعية الهلال الأحمر اليمني ل 26 سبتمبر : الأزمة الإنسانية في اليمن تتطلب تدخلات عاجلة وفاعلة    الزعوري: العلاقات اليمنية السعودية تتجاوز حدود الجغرافيا والدين واللغة لتصل إلى درجة النسيج الاجتماعي الواحد    قراءة تحليلية لنص "مفارقات" ل"أحمد سيف حاشد"    الأرصاد يحذر من احتمالية تشكل الصقيع على المرتفعات.. ودرجات الحرارة الصغرى تنخفض إلى الصفر المئوي    جناح سقطرى.. لؤلؤة التراث تتألق في سماء مهرجان الشيخ زايد بأبوظبي    كم خطوة تحتاج يوميا لتؤخر شيخوخة دماغك؟    الهيئة العامة لتنظيم شؤون النقل البري تعزّي ضحايا حادث العرقوب وتعلن تشكيل فرق ميدانية لمتابعة التحقيقات والإجراءات اللازمة    مأرب.. فعالية توعوية بمناسبة الأسبوع العالمي للسلامة الدوائية    مأرب.. تسجيل 61 حالة وفاة وإصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام    على رأسها الشمندر.. 6 مشروبات لتقوية الدماغ والذاكرة    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    الشهادة في سبيل الله نجاح وفلاح    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شفافيّة النّقد البنّاء!
نشر في شهارة نت يوم 17 - 08 - 2013

ظاهرةُ النّقدِ اللاّذعِ وفي شتّى الميادينِ، شخصيّةً كانت أم عامّةً، باتتْ مُقلِقةً ومزعِجةً جدًّا، خاصّةً وأنّها تُطالعُكَ بها يوميًّا صفحاتُنا الإلكترونيّةُ، أو تَطرقُ بابَ بريدِكَ دونَ إذنٍ منهَ ومنكَ، ليمتلئَ مُتخمًا بها، أو تَهُبُّ بِوجهِكَ ومِن حيثُ لا تدري في المواقعِ المختلفةِ، وبمعظمِها مقالاتٌ تغصُّ بألفاظَ قاسيةٍ وبذيئةٍ ومُهينةٍ ومُجحفةٍ!
والأسوأُ مِن هذا وذاكَ، أنّ بعضَها مُذَيَّلٌ بتعليقاتٍ مؤازرةٍ للكاتبِ، تُربّتُ على كتفِ قلمِهِ الفذِّ المناضلِ الجريء، أو بتعليقاتٍ مُهينةٍ لأصحابِ المقالاتِ.
والغريبُ في الأمرِ حقًّا، أنّ النّاقدَ هذا يستلذُّ ويتمتّعُ بالتّعليقاتِ، لدرجة أنّهُ لا يُعيرُها اهتمامًا، بل؛ ويأتي بما هو أكثرُ فظاظةً وتأجّجًا!
وأغربُ ما في الأمر، لا موضوعيّةُ النّقدِ، خاصّةً فيما يتعلّقُ بالمُبدِعاتِ، فإنّ بعضَ النّقّادِ يُعْلونَ شأنَ بعضِ الأسماءِ، ويَضعونَها في مَصاف السّمواتِ العُليا، وفجأةً، ولأسبابٍ خاصّةٍ ومَجهولةٍ، يَنقلبونَ عليها رأسًا على عقب، فيَرقعونَ بهذهِ الأسماءِ وبالمُبدعاتِ في سافلِ الأرضيّات، ودونَ أيِّ وازعٍ أو رادعٍ، سوى ما تتشرّبُ بهِ أفكارُهم المسكينة، مِن بعضِ أقاويل مَدسوسةٍ حقودةٍ وناقمةٍ، مِن هنا وهناك وفي الخفاء!
لماذا لا يَجرُؤُ مُطلِقوها (صُنّاعُ الشّاعراتِ والمُبدعاتِ المأجورونَ أو الوصوليّون)، أنْ يُجاهِروا بادّعاتهم أو أكاذيبِهم أو افتراءاتِهم علانيّةً إن كانت حقيقةً؟ هل في ذلك إدانةٌ لهم؟
إذًا، ما الّذي يدفَعُهُم إلى تزويرِ الحقيقةِ الثقافيّةِ وتشويهِها، بأن يكتبوا لسين مِن المُبدعات، ثمّ تصحو قلوبهم أو عقولههم أو ضمائرهم فجأة، ويدخلونَ في متاهةِ التقوّلاتِ الخفيّةِ والدسائس، وتوظيفِ أبواقٍ جريئةٍ في تشويهِ هذهِ المُبدعةِ أو تلك؟
كما يُمكنُ أن نُلامسَ بعضَ عقليّاتٍ ثقافيّةٍ محدودةٍ ومرسومةٍ بفِكرِها المُربّعِ، وقد وصلتْ حدَّ الإشباعِ، ولا يمكنها أن تتقبّلَ أو تستوعبَ أيَّ جديدٍ أو مغايرٍ لفِكرِها، بل وتلجأُ إلى لغةِ التّعالي والاستعلاءِ على الآخر، والتّطلُّع مِن علٍ بنظراتٍ دونيّةٍ لبعضِ مجتمعاتٍ وفئاتٍ، فتَستخدمُ لغةً مدسوسةً تدلُّ على انتفاخٍ وانفتاحٍ لا نظيرَ لهما إلاّ النّاقد نفسه، والحرّيّةُ اللاّمحدودةُ عندَهُ صارتْ حربةً بادحةً صدئةً، تُحلّلُ الذّبحَ، وتقذفُ الآخرَ بصمغِ الانغلاق!
والسّؤالُ يتلوّى ويتشعّبُ في أدغالِ واقعِنا مُتشابِكِ الأطرافِ والدّوافعِ:
هل استخدامُ لغاتٍ متعدّدةِ النّكهاتِ تُعطي طاقةً ديناميكيّةً أكبرَ في الاستفزازِ والتّحريضِ؟
هل اللّغةُ المدمِّرةُ هذهِ، تُثيرُ الانتباهَ للموضوعِ المطروحِ، وتُحَمّي وطيسَ الجدلِ فيهِ؟
هل اللّغةُ هذه يمكنُ أن تَغرسَ ألغامَ التّمويهِ والبَلبلةِ وإرباكِ الآخرينِ، وكسْرِ الطاسةِ الثقافيّةِ المُتأرجحة؟
ثمَّ، مَن الّذي أوحى أو خوّلَ أو نَصّبَ هؤلاءَ أوصياءَ ورقباءَ على مجتمعاتِنا وثقافاتِنا وحضارتِنا العربيّةِ؟
مَن هو المُوجِّهُ الحقيقيُّ الّذي نَصَّبَهم وجعلَهم أداةً تتحرّكُ بمهارةٍ دؤوبةٍ، لتُنقذَ- بحنانِكَ ونُبْلِكَ- ما تبقّى للمجتمعِ، مِن براثنِ التّلويثاتِ الصّحيّةِ والمُخلّةِ والمُسيئةِ؟
هل يمكنُ لهؤلاء النقّاد فعلًا اختراقَ تلكَ الحضارةِ، وحرْقِ جذورِها وأغصانِها وثمارِها وأفيائِها، لتستدفئَ بها قلوبٌ تثلّجتْ بشعورِ النّقمةِ والانتقامِ والدّمارِ؟
لماذا هذا النّهجُ والتّوجُّهُ في الدّبغِ والحَرْقِ؟ أحقيقةً ينبعُ مِن غيرةٍ على إرثِنا الماضي والقادمِ، أم ... عكسُهُ الأصحُّ؟
هؤلاء مَن يُشنّونَ هذهِ الحملاتِ (الخيريّةِ)، وبهذهِ الكثافةِ مِن الحمولةِ الطّاردةِ، هل فقدوا لغةَ الإقناعِ تمامًا، فلجؤوا إلى استخدامِ لغةٍ نابيةٍ سوقيّةٍ أسهلَ وأكثرَ إقناعًا؟
وهل البذارُ الّذي ينثرونَهُ في أرضٍ صالحةٍ، يمكن أن يجْنوهُ غلالَ قمحٍ على بيادرِ الزّوان؟
أم أنّ أغمارَ حصادِهم يمكنُ أن يُشعلَهُ نفسُ عودِ ثقابِهم، فيعودُ عليهم وَبالًا؟
لا نستطيعُ أن نكتفي بتذنيبِ هؤلاء النّقادِ فقط، إذ ليسوا وحدَهم المسؤولينَ عن هذا الخللِ المُتفشّي بغزارةٍ دونَ ردعٍ، بل أنّ هناك أطرافًا أخرى هي مشاركِةٌ ومُحفِّزةٌ ومُنشِّطةٌ، لهذه الأقلامِ اللاّدغةِ واللاّذعةِ وسيّالةِ المدادِ السّامِّ، أهمُّها المواقعُ الإلكترونيّة!!
المواقعُ النّاشرةُ للثّقافةِ الرّاقيةِ تُحتّمُ عليها المسؤوليّةَ، في أن تتأنّى في الشّهرةِ لا التّشهيرِ، وأن تتوخّى الاحتياطَ والحذرَ في اختيارِ الزّبدةِ المُفيدةِ والصّحيّةِ للثّقافةِ، لا أن تسعى إلى شهرةِ مواقعِها، من خلالِ عددٍ أكبر مِن القرّاءِ، على حسابِ تشويهِ فئاتٍ أو مؤسّساتٍ أو شخوصٍ، لأنَّ الأهداف السّاميةَ أرقى وأرفعَ مِن الوسائلِ والسُّبلِ الدّنيئةِ!
وهنا يَحضرُني قولٌ جميلٌ لإمامِنا الشّافعيِّ مفادُهُ:
يُخاطبُني السّفيهُ بكلِّ قبح/ فأكرَهُ أن أكونَ لهُ مُجيبا
يَزيدُ سفاهةً فأزيدُ حِلْمًا/ كعودٍ زادَهُ الإحراقُ طيبا
وبكلِّ المحبّةِ والتّسامحِ، لا يَسعُنا إلاّ أن ندعوَ بالخير والصلاح لهؤلاء وأولئِكَ ولكلِّ المُسيئينَ، عسى الجميع مِنَ العائدينَ التّائبينَ إلى سبيلِ الشّفافيّةِ البنّاءةِ!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.