يحاكي هذا الفيلم الذي اعده عثمان البتيري واخرجه علي صبري لقناة الجزيرة الوثائقية منتصف العام 2008م ؛ هجرة الحضارم إلى الأرخبيل الأندونيسي لقرون متواترة من الزمن , وحجم التأثر والتأثير والاندماج في تلك المجتمعات على كافة الصعد الثقافية والاقتصادية والسياسية وقبل كل ذلك ؛ تأثير الحضارم المباشر على سكان تلك المجتمعات من خلال استقطابهم إلى الدين الإسلامي الحنيف, باتباع منهاج الدين المعاملة , فاستطاع الأوائل المخلصون من الحضارم-غفر الله لهم-أن يغيروا مجرى التاريخ العقائدي للأرخبيل الأندونيسي وشرقي آسيا. الجذور التاريخية مع تحطم سد مأرب,بدأت هجرة القبائل اليمنية العربية وانتشرت في بلاد الرافدين وبلاد الشام وغيرها,وهنا نشأت صفة قدرة على الهجرة والاندماج في المجتمعات الجديدة بالنسبة لأبناء العرب من جنوب الجزيرة العربية. ويرى رجل الأعمال والباحث في شئون الحضارمة/زكي النهدي,أن الهجرات الرئيسية التي أتت ثمارها في وجود سلالة عربية في بلاد اندونيسيا وشرق آسيا؛بدأت بنهاية القرن السابع عشر وبداية الثامن عشر,كان أوجها في نهايات القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر,كهجرات عن طريق السفن,بدؤا يتمركزون في المدن الكبرى الساحلية مثل ميدان في سومطرى وجاكرتا التي كانت تسمى باتافيا وسمارنج وسوربايا وبنجر ماسين في كليمنتان التي كانت تُعرف هذه المناطق غالباً توجد فيها مايسمى أيام الاستعمار(كابتن عرب)أو عمدة العرب وهو الوجيه فيهم الذي يتعامل مع حكومة الاستعمار كممثل للعرب,ولاتوجد احصائيات واضحة هناك الا من خلال بعض الأرقام التي كانت موجودة عند المستعمر الهولندي لإحصاء العرب لمعرفتهم بقدرة هذه الشريحة من المجتمع في اندونيسا على التأثير القوي من الناحية الروحية الدينية ومن الناحية الاجتماعية,ويقدر بنهاية القرن الثامن عشر كان عددهم نحو عشرون ألف,وهذه الاحصاءات في المدن الكبرى فقط ولم تكن هناك احصاءات في المدن الصغيرة.
يقرر الأستاذ الجامعي والباحث الاجتماعي/ ظفري الكثيري وصول العرب الحضارمة إلى اندونيسا قبل وصول الاستعمار البرتغالي إلى تيمور الشرقية والاستعمار الهولندي إلى اندونيسيا,واستوطنوا المناطق الساحلية , وكونوا مجتمعاتهم الخاصة بهم,ولايمكن احصاء الحضارمة الآن,لأنه بعد الاستقلال يُسجَل العرب على انهم اندونيسيون,أما الاحصائيات الموجودة عنهم فهي من فترة الاستعمار الهولندي,الذي كان يعزلهم في مناطق خاصة بهم؛ خوفاً من تأثيرهم على الاندونيسيين,لكن رجل الأعمال والبرلماني السابق/أحمد القانص يقدر اعدادهم الآن بنسبة2-3% من اجمالي السكان الآن أي حوالي خمسة مليون نسمة على أقل تقدير. خلايا الاندماج التزاوج كل المهاجرين من حضرموت إلى اندونيسيا لم يأخذوا نسائهم معهم,تركوا نسائهم وأولادهم وهاجروا للتجارة,ثم تزوجوا في مواطن هجراتهم مثل الهندواندونيسيا,فهذه أول خلية من خلايا الاندماج في المجتمع,وأول نقطة للاندماج فبالزواج من بناتهم تتم معرفة طبائعهم وأعرافهم وعاداتهم وتقاليدهم,ثم تدريجياً يؤثرون عليهم بالممارسة اليومية والاحتكاك اليومي. واندمج الحضارمة بشكل كامل في المجتمع الأندونيسي وأثّروا فيه أيّما تأثير,لكنهم احتفظوا ببعض العادات العربية,خاصة فيما يتعلق بالزواج والوفاة والولادة,وهو الأمر الذي لايزال يميزهم إلى حد ما عن السكان الأصليين. وشكل اندماج الحضارمة في المجتمع الأندونيسي وقبول الأندونيسيين بهم أكسبهم دوراً مؤثراً في المجتمع خاصة في الجانب الديني,حيث أصبح لأكثر العلماء من الحضارمة العرب أنشطة مؤثرة في نشر الإسلام وتعليم اللغة العربية.
الجمعيات الاسلامية
نشأت بعض الجمعيات الإسلامية لتنشيط وتأطير هذه الأنشطة,مثل جمعية الخيرات,توسعت بشكل كبير,وهي كانت تابعة خاصة للسادة العلويين,اللذين هم أهل علم أتوا من حضرموت ومدنهم ومجتمعاتهم كانت مجتمعات علم,ثم نشأت بعدها جمعية الإرشاد الإصلاح الاجتماعي,هذه الجمعية لنشر الدين وتعليم اللغة العربية أيضاً,واستمر الموضوع إلى اليوم,تجد مجلس العلماء الأندونيسي,أعلى جهة علمية إسلامية في البلد,منهم مجموعة كبيرة من العلماء العرب. وبلغ الاندماج ذروته بمشاطرة السكان الأصليين كفاحهم ضد المستعمر الأجنبي,وتوجت نضالات الحضارمة بانتزاع اعتراف عربي بالدولة الاندونيسية الناشئة وهو ماميز الحضارمة عن غيرهم من القوميات كالهنود والصينيين الذين لايزال المجتمع الاندونيسي يعتبرهم غرباء,بينما يتبوأ الحضارمة أعلى المناصب في الحكومات الاندونيسية المتعاقبة. ولم ينسَ معد ومخرج الفيلم أن يقرع, ناقوساً بذوبان الهوية العربية الاسلامية في اطار الهوية الاندونيسية على مستوى الجيلين الأخيرين من احفاد الحضارمة. ___________________ * لمشاهدة فيلم حضارمة اندونيسيا يرجى النقر على الرابط التالي : http://www.youtube.com/watch?v=04dwWorGGG4