موعد والقنوات الناقلة لمباراتي برشلونة ضد سان جيرمان ودورتموند ضد أتلتيكو مدريد    السفاهة.. حين تكون دينا..!    معهد دولي أمريكي: أربعة سيناريوهات في اليمن أحدها إقامة دولة جنوبية    أبناء المهرة أصبحوا غرباء في أرضهم التي احتلها المستوطنين اليمنيين    انتشال جثتي طفلتين من أحد السدود بمحافظة صنعاء وسط مطالبات بتوفير وسائل الحماية الأزمة    ما وراء امتناع شركات الصرافة بصنعاء عن تداول العملة النقدية الجديدة !    تحذير حوثي من هجرة رؤوس الأموال والتجار من اليمن نتيجة لسياسية النهب    حكم الجمع في الصيام بين نية القضاء وصيام ست من شوال    نجحت بأوكرانيا وفشلت بإسرائيل.. لماذا أخفقت مسيّرات إيران؟    هل ستطيح أمريكا بالنظام الإيراني كما أطاحت بنظام "صدام حسين" وأعدمته بعدما قصف اسرائيل؟    ماذا يحدث بصنعاء وصعدة؟؟.. حزب الله يطيح بقيادات حوثية بارزة بينها محمد علي الحوثي وعبدالملك يضحي برجالاته!    لا داعي لدعم الحوثيين: خبير اقتصادي يكسف فوائد استيراد القات الهرري    اليمن يطرح مجزرة الحوثيين بتفجير منازل رداع على رؤوس ساكنيها في جلسة لمجلس الأمن الدولي    "إيران تسببت في تدمير التعاطف الدولي تجاه غزة"..كاتب صحفي يكشف عن حبل سري يربط بين اسرائيل وايران    مصرع جنديين وإصابة 4 في حادث انقلاب طقم عسكري بأبين والكشف عن حوادث السير خلال 24 ساعة    فيرونا يعود من بعيد ويفرض التعادل على اتالانتا في الدوري الايطالي    - ماهي الكارثة الاليمة المتوقع حدوثها في شهر شوال أو مايو القادمين في اليمن ؟    القوات الأمنية في عدن تلقي القبض على متهم برمي قنبلة يدوية وإصابة 3 مواطنين    الليغا .... فالنسيا يفوز على اوساسونا بهدف قاتل    نونيز: كلوب ساعدني في التطور    الحكومة: استعادة مؤسسات الدولة منتهى أي هدف لعملية سلام    مسلسل تطفيش التجار مستمر.. اضراب في مراكز الرقابة الجمركية    شيخ مشائخ قبائل العلوي بردفان والضالع يُعزَّي المناضل ناصر الهيج بوفاة زوجته    المبعوث الأممي يحذر من عواقب إهمال العملية السياسية في اليمن ومواصلة مسار التصعيد مميز    الوزير الزعوري يشيد بمستوى الإنضباط الوظيفي بعد إجازة عيد الفطر المبارك    إصدار أول تأشيرة لحجاج اليمن للموسم 1445 وتسهيلات من وزارة الحج والعمرة السعودية    خلال إجازة العيد.. مستشفيات مأرب تستقبل قرابة 8 آلاف حالة    إنتر ميلان المتصدر يتعادل مع كالياري بهدفين لمثلهما    كيف نتحرك في ظل هذه المعطيات؟    "العمالقة الجنوبية" تسقط طائرة مسيرة حوثية على حدود شبوة مأرب    جريمة قتل في خورة شبوة: شقيق المقتول يعفوا عن قاتل أخيه فوق القبر    البنك الدولي.. سنوات الصراع حولت اليمن إلى أكثر البلدان فقراً في العالم مميز    مجلس الامن يدعو للتهدئة وضبط النفس والتراجع عن حافة الهاوية بالشرق الأوسط مميز    العوذلي: البلاد ذاهبة للضياع والسلفيين مشغولين بقصّات شعر الشباب    إسرائيل خسرت 1.5 مليار دولار في ليلة واحدة لصد هجوم إيران    12 دوري في 11 موسما.. نجم البايرن الخاسر الأكبر من تتويج ليفركوزن    زواج الأصدقاء من بنات أفكار عبدالمجيد الزنداني    الوحدة التنفيذية : وفاة وإصابة 99 نازحاً بمأرب في حوادث حريق منذ العام 2020    هل يعيد التاريخ نفسه؟ شبح انزلاقة جيرارد يحلق في سماء البريميرليج    جماعة الحوثي ترفض التراجع عن هذا القرار المثير للسخط الشعبي بصنعاء    هل صيام الست من شوال كل إثنين وخميس له نفس ثواب صومها متتابعة؟    تراث الجنوب وفنه يواجه.. لصوصية وخساسة يمنية وجهل وغباء جنوبي    فشل محاولة اغتيال"صعتر" مسرحية لتغطية اغتيال قادم لأحد قادة الانتقالي    فضيحة جديدة تهز قناة عدن المستقلة التابعة للانتقالي الجنوبي (صورة)    الخميس استئناف مباريات بطولة كرة السلة الرمضانية لأندية ساحل حضرموت    البنك الدولي يضع اليمن ضمن أكثر البلدان فقراً في العالم    رئيس الوزراء يعود الى عدن بعد أيام من زيارته لمحافظة حضرموت    حلقة رقص شعبي يمني بوسط القاهرة تثير ردود أفعال متباينة ونخب مصرية ترفض الإساءة لليمنيين - فيديو    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    أهالي تعز يُحذرون من انتشار فيروس ومخاوف من تفشي مرض خطير    حتى لا يُتركُ الجنوبُ لبقايا شرعيةٍ مهترئةٍ وفاسدةٍ.    نزول ثلث الليل الأخير.. وتحديد أوقات لإجابة الدعاء.. خرافة    موجة جديدة من الكوليرا تُعكر صفو عيد الفطر في اليمن    تخيل أنك قادر على تناول 4 أطعمة فقط؟.. شابة مصابة بمرض حيّر الأطباء!    يستقبلونه ثم تلاحقه لعناتهم: الحضارم يسلقون بن مبارك بألسنة حداد!!    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    سديم    بين الإستقبال والوداع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمن وإندونيسيا .. علاقات تاريخية وثيقة
نشر في الجمهورية يوم 08 - 12 - 2009

تربط اليمن بإندونيسيا علاقات أخوية تاريخية وثيقة تعود إلى فترة تاريخية طويلة تمتد من القرن الحادي عشر الميلادي، منذ مجيء اليمنيين إلى إندونيسيا في القرن ال 11 للميلاد وذلك لغرض نشر الإسلام والتجارة.. وأضحت هذه العلاقات الثنائية في يومنا الحاضر أكثر متانة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية..
وفي هذا السياق يقول مدير دائرة الشرق الأوسط بوزارة الخارجية الإندونيسية عيديل شاندراسليم:«علاقتنا مع اليمن كانت طويلة جداً، إنها علاقة تاريخية منذ القرن الحادي عشر للميلاد عندما كان التجار الحضارم يأتون من اليمن إلى إندونيسيا لنقل البضائع التجارية ودعوة الإندونيسيين إلى الإسلام وكذا نشر الإسلام في إندونيسيا، فهناك روابط أخوية قديمة بين اليمن وإندونيسيا، كما أن عدداً من أولئك التجار اليمنيين استقروا في إندونيسيا منذ ذلك الوقت..،ويشير إلى أنه يوجد إحصاء غير رسمي حول وجود حوالي خمسة ملايين من اليمنيين أو المنحدرين من أصول يمنية في إندونيسيا..
تعاون مشترك
ويضيف عيديل:« اليمن هي واحدة من الدول العربية الأوائل التي اعترفت بالاستقلال لنا وكان ذلك في عام 1948م وبعد تحقيق الوحدة اليمنية عام 1990م فتحنا باب التواصل عبر التمثيل الدبلوماسي وفتح سفارتين في البلدين، وأصبحت العلاقات الإندونيسية اليمنية في الوقت الحالي أكثر متانة، وحتى اليوم لدينا حوالي «22» اتفاقية تعاون مشترك بين اليمن وإندونيسيا في مختلف المجالات من الاقتصاد والاستثمار والزراعة والتعليم والنفط والشباب والرياضة والأعمال الدينية والمصرفية وغيرها.. متمنياً تعزيز وتطوير العلاقات الطيبة القائمة بين البلدين في مختلف المجالات خاصة في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية وبما يعود بالنفع على الشعبين اليمني والإندونيسي..
مؤشرات تجارية
وبالنسبة للعلاقات التجارية بين اليمن وإندونيسيا فهناك ثمة بوادر ومؤشرات إيجابية في هذا الجانب،حيث شهدت تطوراً خلال السنوات الخمس الماضية إذ بلغت قيمة التبادل التجاري «التجارة البينية» بين البلدين عام 2004م حوالي 64 مليون دولار، وارتفع إلى 75 مليون دولار عام 2005م،ثم إلى 90 مليون دولار عام 2006م،ووصل إلى 124 مليون دولار عام 2007م، إلا أن قيمة التبادل التجاري انخفضت في عام 2008م، إلى 115 مليون دولار بسبب الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية..
استيراد النفط
كانت إندونيسيا عضواً في منظمة الأوبك إلا أنه تم توقيف عضويتها في الأوبك لأسباب أرجعها عيديل سليم إلى كون «إندونيسيا لم تعد دولة مصدرة للنفط فالكمية التي تستهلكها أكبر من الكمية المنتجة من النفط أي أنها تحولت من دولة مصدرة إلى دولة مستوردة للنفط،حيث انخفض إنتاج إندونيسيا من النفط من «1,4»مليون برميل إلى «700» ألف برميل يومياً في الوقت الذي يصل استهلاكها من النفط إلى «900» ألف برميل يومياً..
وعلى الرغم من الأزمة المالية العالمية وآثارها على الاقتصاد العالمي، يشير عيديل إلى أن إندونيسيا تمكنت من مواجهة والتغلب على آثار الأزمة المالية العالمية،منوهاً إلى أن إندونيسيا تأتي ضمن مجموعة الدول العشرين «وهي الدول الصناعية» كما أنها تأتي إلى جانب الصين والهند كممثلين عن الدول النامية..
هدف سياحي
يشار إلى أن إندونيسيا حققت خلال العام الماضي 2008م أعلى نسبة إقبال للسياح بلغ عددهم ستة ملايين وأربعمائة ألف سائح،مقارنة بعدد خمسة ملايين وأربعمائة ألف سائح في العام الذي قبله وهو مايرفع من مستوى الدخل السنوي للسياحة إلى متوسط سبعة مليارات دولار ونسبته «7 %» من إجمالي الدخل العام .. يقول مدير التعاون الثنائي بوزارة الثقافة والسياحة الإندونيسية دانيان جاياالسوما الذي التقيناه في مكتبة بوزارة السياحة الإندونيسية إن العام الجاري سيشهد نمواً في عدد السياح إلى اندونيسيا بنسبة «2,3 %»،حيث من المتوقع أن يصل عددهم مع نهاية العام إلى ستة ملايين وخمسمائة ألف سائح.
ويعيد ذلك إلى أن إندونيسيا تزخر بكثير من المقومات السياحية التي تجعلها هدفاً سياحياً للسياح من مختلف دول العالم منها،لغات متعددة وثقافات متنوعة وعادات وتقاليد مختلفة..ويشير إلى أن إندونيسيا بلد إسلامي حيث إن نسبة المسلمين فيها تبلغ 90 %من إجمالي عدد السكان وإلى جانب المسلمين يوجد المسيحيون كاثوليك وبروتستانت وأيضاً الهندوسيون والبوذيون،أي هناك أربعة أديان والجميع يتعايشون بسلام، ولدينا أيضاً نظام ديمقراطي، وهذه عوامل جذب للسياحة.
ويضيف دانيان «هناك تنوع ثقافي وديني وطوائف متعددة وهذا يجعل إندونيسيا محطاً للزوار، إضافة إلى ذلك فإن إندونيسيا تمتلك مقومات طبيعية جاذبة ومناظر خلابة إلى جانب المعالم والآثار التاريخية والسياحية..
جزيرة بالي
ويردف دانيان قائلاً:«لدينا جزيرة فلوريس وجزيرة جاوة وسومطرة وكاليمنتان وغيرها من الجزر البديعة،أول معلم لنا هي جزيرة بالي التي تمتاز بالشواطئ المفروشة بالرمال البيضاء الناعمة وجمال مناظرها والخضرة التي تكسوها وسلوكيات سكانها المحبوبة بالإضافة إلى مزارع الأرز المصفوفة الرائعة والتلال الجميلة والجبال البركانية الشامخة،وقد انتخبت هذه الجزيرة كأحسن وأجمل منطقة سياحية في العالم من قبل مجلة السياحة العالمية لأربع مرات متتابعة وهذه الجزيرة منحت لقب «جنة الله في الأرض»..
فنتازيا
بعد أن هبطنا في مطار سوكارنو الدولي في العاصمة الاندونيسية جاكرتا .. هنالك كانت الصورة حقاً تفوق ماكان متوقعاً ، حينها ازدانت العيون بفنتازيا من الجمال والرقي ارادت أن تخبرنا بجلاء هذه اندونيسيا الإسلام والمعرفة والتطور.. منظر العاصمة جاكرتا بمبانيها وابراجها واريج هوائها والأهم من ذلك تلك الابتسامات الموسومة في وجوه وشفاه الإنسان الاندونيسي تشعرك انك لم تغادر بعيداً عن اسرتك فاستسلمت ارواحنا لهذا البلد الجميل ارضاً وشعباً منذ أن وطئت عليه اقدامنا لتبدأ عيوننا وعقولنا تفتش عن كنوز جاكرتا واسرار قوتها وتقدمها..
اندونيسيا
اندونيسيا دولة مترامية الأطراف ذات طبيعة خلابة تقع في جنوب شرق آسيا ،وهي أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان الذين يصل عددهم إلى أكثر من 240 مليون نسمة مايزيدعلى 90بالمئة من سكانها يدينون بالإسلام ،وتعتبر اكبر دول الأرخبيل في العالم لأنها تضم أكبر مجموعة جزر على مستوى العالم ،حيث يصل عددها إلى حوالي سبعة عشر ألفاً وخمسمائة جزيرة يعيش معظم الاندونيسيين على الجزر الكبرى مثل جاوه وسومطرة وكاليمنتان وسولاويسي وبابوا إلى جانب جزيرة بالي.. وتبلغ مساحة اندونيسيا نحو مليون وتسعمائة الف كيلو متر مربع ، يحيط بها المحيط الهندي غرباً وجنوباً والمحيط الهادي «الباسيفيك» شرقاً وبحر الصين الجنوبي شمالاً ،ولها موقع استراتيجي لوقوعها بين قارة آسيا شمالاً وقارة استرالياً جنوباً.. تشكل اللغة الاندونيسية أو البهاسا اندونيسيا اللغة الوطنية الرسمية لاندونيسيا .. عاصمة اندونيسيا جاكرتا وكانت تعرف قديماً باسم «باتافيا» والعملة هي الروبية «يعادل الدولار الامريكي قرابة عشرة آلاف روبية» أعلن استقلال الجمهورية الاندونيسية في السابع عشر من شهر اغسطس عام 1945م بعد 350053 سنة من حكم الاستعمار الهولندي، المناخ الاندونيسي استوائي الطقس حار طوال السنة وتتراوح درجة الحرارة فيها بين 28 درجة مئوية إلى 33 درجة مئوية.. ويعتبر الأرز الغذاءالرئيسي في اندونيسيا.
وبعدد سكانها الذين يفوقون 240 مليون نسمة تعد اندونيسيا رابع أكبر دولة في العالم بعد الصين والهند والولايات المتحدة الامريكية ويعيش فيها أكثر من 300 سلالة ولغة حية وتتميز بمزايا كبيرة من قوة العمل ووفرة الموارد الطبيعية وكذا البنية التحتية الحديثة كما أنها تعد أحد النمور الآسيوية ،وقد تمكنت من تسجيل حضورها بقوة على الخارطة الاقتصادية العالمية فلها مكانة بارزة في الاقتصاد العالمي ،وماتزال تحقق معدلات نمو اقتصادي مرتفعة ،ويتوقع أن يصل معدل النمو الاقتصادي لاندونيسيا للعام الحالي 20092م إلى حوالي5،6% وتبلغ نسبة المسلمين في اندونيسيا أكثر من 90% من إجمالي عدد سكانها ،وهو ماجعلنا نفتش في مصادر التاريخ بحثاً عن تاريخ وصول الإسلام إلى هذا البلد.
بوابة اندونيسيا
جاكرتا: هي عاصمة وبوابة اندونيسيا ،وتقع على الساحل الشمالي الغربي لجزيرة جاوه التي تعد من أكثر الجزر المأهولة بالسكان في الأرخبيل الاندونيسي.. ويقطن مدينة جاكرتا احد عشر مليون نسمة وباعتبارها عاصمة للبلاد ومركزاً للحكومة والاقتصاد والتجارة فهي حافلة بالعمران العصري الحديث من الشوارع وطرق متفرعة والعمائر الشامخة الراسية التي تقتحم السماء إلى جانب الفنادق والمطاعم ومراكز التسوق والمنتزهات الممتعة والأماكن المكسوة بجمال الطبيعة.
دراجات ونساء
في الصباح الباكر تستيقظ مدينة جاكرتا فتدب الحركة وتنبض الحياة في كافة مظاهرها فتكون اشبه بورشة عمل ضخمة لايتوقف العمل فيها ،وتبدأ الشوارع تموج بالناس وتضج بحركة السيارات والدراجات النارية ،وفي الشوارع مسار أو مشرب خاص يقع في الجانب الأيمن من الشارع وهو يرتفع قليلاً عن مستوى الشارع وهو مخصص لمرور الباصات أو الحافلات الكبيرة التي تنقل الركاب من موقف لآخر من خلال النقاط التي تتوزع على الشوارع والواقعة عند الجزء السفلي من منتصف الجسور الخاصة بمرور المشاة لاجتياز الشارع أو التنقل بين ضفتيه الشوارع تشهد ازدحاماً في حركة المرور تصل ذروتها مع اقتراب وقت الظهيرة وتستمر حتى الساعة الثالثة عصراً وخلال هذه الفترة تعاني شوارع جاكرتا ازمة مرورية خانقة تشل حركة السير..
اللافت في شوارع جاكرتا إلى جانب رقيها وتنظيمها اكتظاظها بالدراجات النارية بشكل كبير الأمر الذي اثار تساؤلنا عن سر هذا العدد الكبير للدراجات النارية ،وهو ما أوضحه لنا مرافقنا حيدر بقوله: إن الاندونيسيين يعمدون إلى شراء الدراجات النارية بشكل كبير كونها عملية وسريعة نظراً للازدحام الشديد للحركة المرورية ،وأيضاً تخفف الضغط على الشوارع العامة.. بعد ذلك علمنا أن إجمالي عدد الدراجات النارية في العاصمة جاكرتا تصل إلى أربعة ملايين دراجة نارية فيما عدد السيارات لاتزيدعلى مليوني سيارة فقط.. ومع أن رجل المرور يندر تواجده في الشوارع وتقاطعاتها لتنظيم الحركة المرورية إلا أن ذلك لايؤثر على حركة السير فالجميع يحترم النظام ويلتزم به ،هذا النظام لم يكن في الشوارع فحسب بل الالتزام بالنظام يعد سمة تميز الشعب الاندونيسي فالنظام وحب العمل جزء من الثقافة الاندونيسية.
أيضاً لفت انتباهنا عدم اقتصار استخدام الدراجات النارية على الذكور ،بل وتستخدمها الإناث في تنقلاتهن مع اهاليهن أو بدونهم.. مناظر النساء وهن خلف اهاليهن على الدراجات النارية بدت لنا مغايرة لما نعهد في كثير من الدول الإسلامية ومع ذلك تظل التقاليد والأعراف المكتسبة والظروف الحياتية هي الأسلوب الأمثل لحياة الناس ولايشكل أي خرق للعقيدة الإسلامية التي وجدناها عند الاندونيسيين تمثل لهم الملاذ الآمن والخط القويم الذي يهتدون به إلى غدهم ومستقبلهم وتحضرهم..
بعد الساعة الخامسة عصراً تشهد جاكرتا بشوارعها حركة الناس منهم من يجدون في المتنفسات أماكن للراحة والهدوء،وآخرون يتجهون إلى الأسواق والمراكز التجارية المنتشرة في معظم مناطق جاكرتا.. لقد انتهى يوم عمل وبدأت فترة الفسحة والنزهة إذ إن فترة العمل أو مواعيد الدوام الرسمي في مدينة جاكرتا تبدأ يومي السبت والأحد من كل أسبوع.. اضافة إلى ذلك فإن حرارة الجو المرتفعة تبدأ تطلق من الخامسة عصراً فجو جاكرتا حار طوال السنة وتصل درجة الحرارة فيها إلى 33 درجة مئوية.
لوحة معمارية
بدت لنا مدينة جاكرتا بمبانيها لوحة معمارية فريدة مزجت بين الأصالة والمعاصرة تمنح النظر بعداً خيالياً يرتحل إلى ماضٍ حضاري تليد معانقاً للحاضر المزدهي بالتطور والنماء ،هنا تجد العيون نفسها حائرة بل ومتصلبة أمام هذا المنظر المدهش ،فكلما ارتفع النظر في مسار عالياً يجد المباني العملاقة تلامس السحاب شامخة تحكي قدرة وإبداع الإنسان الاندونيسي على مجاراة بل ومواكبة التطور والتقدم بكل مجالاته حتى أضحى بلده أحد نمور آسيا الصناعية ،وإلى جوارها تلك المباني المتواضعة في تطاولها ذات السقوف التي يغلب عليها اللون الأحمر المصنوعة من الخشب أو الحديد متخذة اشكالاً مثلثية بديعة وكان لتصميم السقوف أسباب فنية ومناخية أوضحها لنا مرافقنا ،حيث اعادها إلى أنها تمثل حماية من الأمطار الغزيرة التي تهطل وتتساقط على المدينة طوال فترة ستة أشهر من السنة ،وأن هذا الطابع المعماري يمتاز به معظم مدن شرق آسيا.
البتاويون
«باتافيا».. هو الاسم القديم الذي كان يطلق على جاكرتا قبل الاستقلال.. أما سكان جاكرتا الأصليون فهم «البتاويون» .. وعلى الرغم من شدة تيار الحياة العصرية العنيف والتأثيرات الأجنبية العارمة في عصر العولمة فإن البتاويين فخورون بتقاليدهم المتوارثة جيلاً بعد جيل وثقافتهم العريقة ،وحرصاً على ضرورة الحفاظ على استمرارية هذه الثقافة والتقاليد قررت حكومة جاكرتا حماية حي سيتوبابكان وحي شونديت في جنوب جاكرتا ،وجعلتهما خاصين بحفظ التراث والثقافة من خلال الحفاظ على البيوت والمساكن التقليدية والتحدث بلهجة البتاوي وأيضاً الحفاظ على الفنون والثقافة التقليدية لتبقى حية مثل موسيقى تانجيدور ورقصة القناع وغيرها..
في نهاية نهر تشيليوونغ بشمال جاكرتا يقع ميناء سونداكيلابا وكان يعد الميناء الهام والاستراتيجي للتجارة منذ القرن السابع عشر الميلادي ،ومازال يشكل مرفأ ومرسى للصيادين وميناء للبواخر التي تربط الجزر الاندونيسية.
العربية بوابة التعليم
يحدثنا حيدر أوغستيان ، الشاب الاندونيسي الذي رافقنا خلال هذه الزيارة لجاكرتا التي لم تتجاوز خمسة أيام أنه يحب اللغة العربية وهذا مادفعه إلى الالتحاق بقسم اللغة العربية بكلية العلوم الإنسانية بالجامعة الاندونيسية وهي جامعة حكومية ،وذلك ليتعلم اللغة العربية ،وهو الآن في السنة الدراسية الثالثة وإن هناك 400طالب يتعلمون اللغة العربية في القسم الذي يدرس فيه ،وأوضح لنا أن الطفل الاندونيسي يدخل المدرسة الطفولية منذ السنة الرابعة من عمره يتعلم في هذه المدرسة كتاب «اقرأ» لمدة سنتين يتم خلالها تعلم كتابة ونطق الحروف الهجائية .. منوهاً إلى أن المدرسة الطفولية ايضاً مخصوصة لقراءة القرآن الكريم وقال إننا نتعلم القرآن الكريم منذ الصغر ، وبعد ذلك يتم الالتحاق بالمدرسة الابتدائية ومن ثم الثانوية والعالية وبعدها الدراسة الجامعية.
الوحدة في التنوع
إضافة إلى الإنجازات العمرانية الهائلة والعملاقة التي تفخر بها جاكرتا ،فإنها أيضاً مدينة ثرية بالمعالم التاريخية والمتنزهات والأماكن السياحية والثقافة العريقة ،فهناك متاحف تحتفظ بالمعلومات عن تاريخ الشعب الاندونيسي وثقافته وحضارته ، وغيرها من الآثار التي خلفها هذا الشعب وتحكي تاريخه وحضاراته العريقة ومن ذلك المتحف الخاص بتاريخ جاكرتا مدى العصور وتاريخ سكانها البتاويين ،كما أن هناك مراكز ثقافية وفنية تقام فيها المعارض الفنية المحلية والدولية التي تحتوي على الأفلام السينمائية والتمثيليات والموسيقيات وفن التمثيل الشعبي التقليدي وعرو ض الرقص الشعبي وماشابه ذلك..ومن المتنفسات والمتنزهات في جاكرتا حديقة اندونيسيا الجميلة المعروفة باسم تامن ميني اندونيسيا انداه ،وهي حديقة واسعة جميلة تقدم لزوارها صورة مصغرة لاندونيسيا والجزر التي تضمها ليتعرفوا على هذه البلاد الجميلة وسكانها المعروفين ببشاشة الوجوه وتنوع عاداتهم وتقاليدهم المتوارثة وثقافتهم وحضاراتهم العريقة ودياناتهم المتعددة التي تجمعها مبدأ الوحدة في التعدد والتنوع ،وفي الحديقة بستان الاوركيد وحديقة الطيور ومسرح كيونج ايمكس العملاق ، بالإضافة إلى متحف اندونيسيا وهناك ايضاً حديقة احلام انشول «حديقة جايا انشول» وتمثل المكان الأول للترفيه والاستجمام والمرح العائلي ، سكان جاكرتا يقصدون هذه الحديقة لاسيما يوما الإجازة الأسبوعية السبت والأحد من كل اسبوع لينعموا بالهدوء الذي يعمها والاسترخاء والترفيه عن النفس بعيداً عن ضوضاء المدينة وجوها الحار والمتلوث.
برج موناس
البرج الوطني المعروف باسم «موناس» الواقع في قلب مدينة جاكرتا يعد أهم معالم مدينة جاكرتا وأكثرها شهرة ،ورمزاً تعتز به جاكرتا.. ويصل ارتفاع برج «موناس» إلى 137 متراً..
وجاء بناء برج موناس بهدف احياء ذكرى إعلان استقلال جمهورية اندونيسيا في 17 أغسطس 1945م وتكريماً لنضال الشعب من أجل الاستقلال ومحاولة لايقاظ حس وطني بين الناس وأن الحكومة رأت ضرورة بناء نصب تذكاري عرف فيما بعد باسم النصب التذكاري الوطني «موناس» وصدر قرار التشييد في عام 1959م وتم افتتاحه في 18 مارس 1972م وترمز طريقة بناء برج موناس وابعاده إلى الخصائص المميزة لاندونيسيا.
في أعلى البرج على ارتفاع 115 متراً توجد منصة المرصاد التي تستوعب 50 شخصاً في نفس الوقت يصعدون إليها عبر المصعد ،والمنصة تمكن زوارها من مشاهدة مدينة جاكرتا وضواحيها الخلابة من مختلف الاتجاهات.
على الجزء العلوي من البرج توجد شعلة مصنوعة من البرونز الذي يفوق وزنه عشرة أطنان وطولها 1 متراً وقطرها 6 أمتار وهي مطلية بخمسين كيلو جراماً من الذهب ،هذه الشعلة المسماة بشعلة الاستقلال ترمز إلى الروح الابدية للدفاع عن سيادة البلاد.. ويقع تحت قاعدة برج موناس بعمق 3 امتار تحت سطح ارض الفناء متحف تاريخي جدرانه وأرضيته مصنوعة من الرخام ويحتوي على اثنتي عشرة صورة خاصة تصور سلسلة من الأحداث التاريخية من عصور ما قبل التاريخ الاندونيسي إلى الكفاح من أجل الاستقلال..
في الحديقة التي تحتضن برج موناس الفينا عدداً من المصورين الذين يعرضون على الزوار التقاط صور تذكارية لهم بجانب برج موناس.
قصة نجاح
جاكرتا باعتبارها عاصمة جمهورية اندونيسيا وأكبر وأهم مدنها وبوابتها المطلة على العالم ،ناطحات سحاب ومبان عمرانية عصرية متناغمة مع المباني والمساكن الشعبية ومزيج من الضباب والدخان الذي يلوث هواءها وأزمة مرورية خانقة ، وذلك لايؤثر على مالهذه المدينة من جاذبية وجمال آسر ودفء مستمد من طيبة وبشاشة سكانها وتميزهم باللطافة في التعامل والترحيب والحفاوة بالزوار.. كما أن جاكرتا التي تمثل عرين أحد النمور الإسلامية الآسيوية تحكي قصة نجاح اقتصادية جعلتها نمراً آسيوياً.
وبرغم ماشهدته هذه المدينة من عمران مادي حافل وعملاق مما يجعلها اشبه بغابة خرسانية.. وماتعانيه من كثافة سكانية فائقة فإن لها مساحة أرضية واسعة، خصبة خضراء متروكة وشأنها الطبيعي والاستوائي ،وهذا بالطبع من الأمور التي تختص وتتميز بها جاكرتا ،علاوة على ذلك فإن المدينة محفوفة أيضاً بالأشجار الباسقة والكثيفة التي تبهج الناظرين كما أن الأشجار تحف كثيراً من شوارعها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.