سنان بيرق من قلب الجراح، من صعدة التي اعتادت الصبر أكثر من اللزوم، خرج رجلٌ لا يطلب فتاتًا من فضل أحد، بل يعلن — بملء الكرامة — أن السكوت قد مات، وأن للوجع صوتًا لا يُقمع. مواطنٌ بسيطٌ في مظهره، عظيمٌ في كبريائه، أطلق مهلة من ثلاث ليالٍ لا للعويل، بل ليُحمّل العقلاء مسؤوليتهم، ويُمهلهم فرصة أخيرة للوقوف في وجه من يظنّ أن جبروت السلطة يمنحه الحق في سحق الضعفاء. إنه لا يطلب منةً من سلطة لم تعرف كيف تكون راعية، ولا يستجدي عطفًا من منظومة تحوّلت إلى أدوات قهر بدل أن تكون ميزان عدل. هو لا يهدد عبثًا، بل يُنذر بصدق رجلٍ لم يتبقَّ له شيء ليخسره... إلا كرامته. قالها والرصاصة على مقربة من جبينه: "إذا لم أُنصف، سأقتل نفسي أمام الإعلام، أمام الناس، ليشهد العالم أن في صعدة، يُقتل الإنسان بالقهر أكثر من البارود." يحمل سلاحه لا ليرهب، بل ليدافع عن حقه حين تخاذل الجميع. لا يعتدي، بل يردّ العدوان بما تبقّى له من رجولة. أيها العقلاء… يا من في وجوهكم بقيت بقايا نور، ويا من لا زال في صدوركم قلب يعرف أن الإنسان خُلق مكرّمًا لا مداسًا: هذا الرجل ليس حالة فردية، بل مرآة لمجتمع بأكمله يختنق تحت ركام الظلم. إن سقط صوته، فلن يسقط وحده، بل سيسقط معه ما تبقى من وهم العدالة في هذا البلد. ثلاثة أيام ليست مجرد وقت، بل اختبار للرجولة والإنصاف، فمن لم ينصر المظلوم اليوم، سيبكي حين يفقد قدرته على الكلام غدًا. إلى العقلاء، لا إلى الطغاة… كونوا كما يجب أن يكون الأحرار، سندًا للحق، ودرعًا للكرامة، ولا تتركوا أبناء الأرض يُجبرون على الموت ليُسمَع صوتهم في وطنٍ ولدوا فيه غرباء.