بعد مجزرة يوم الكرامة شاع مصطلح الخروج المشرف لرأس النظام , فجاءت المبادرة الخليجية بنسخها المتعددة لتترجم ذلك الخروج المشرف لصالح وأركان حكمه من العائلة وحينها تناقلت وسائل الإعلام المختلفة ان قائمة تضم(500 ) شخصية او يزيد وهؤلاء مشمولين بمميزات الخروج الآمن , ثم جاء قانون الحصانة المشئوم ليؤكد الخروج الآمن لصالح ومن معه , مع منح ضمانات اقل لأركان العائلة الآخرين , وفي فقرات أخرى من المبادرة تضمنت صيغة توافقية أي على قاعدة التوافق بين المعارضة من جهة وبين حزب المؤتمر الشعبي العام من جهة أخرى , و التوافقية هنا مع حزب المؤتمر وليس مع صالح وعائلته فهم خارج سياق حالة التوافق , فليس من المنطق ان تضمن لهم خروج آمن ومشرف ثم يعودون مرة أخرى على حساب حزب المؤتمر والصيغة التوافقية معه خلال الفترة الانتقالية , وهذا ما أراد صالح ان يفعله يعنى العودة من بوابة المؤتمر الشعبي العام , الأمر الذي يعنى ان عودة صالح وبقية أفراد العائلة في السلطة أمر يتناقض مع المبادرة الخليجية لان حالة التوافق جزء من عملية خروج النظام وليست شراكة معه ولا تسمح ببقائه , وهنا فرقت المبادرة ووضعت حد فاصلا يفصل بين نظام صالح كمنظومة حكم وبين حزب المؤتمر كلاعب سياسي , وهذا التمييز الايجابي الذي وفرته المبادرة لحزب المؤتمر بمثابة فرصة للمؤتمر ليعيد ترتيب وضعه كحزب سياسي ويفك ارتباطه بعائلة صالح , فإذا لم يتحقق ذلك واستمر صالح في استغلال المؤتمر فان ذلك يعنى ان حزب المؤتمر سيفقد مكانه في المبادرة ويصبح جزء من النظام ومحكوم عليه بالخروج , ان تلويح صالح باستخدام المؤتمر في معركته مع ثورة التغيير يعد مخاطرة بالحزب ستكون نهايتها وخيمة على المؤتمر إذا استمر في مجارات صالح وإتباع خطواته , فلو أقدم المؤتمر على سحب الثقة من الحكومة مثلا فانه سيواجه قرار الحل فالرئيس هادي سيرد بإصدار قرار حل الحزب بمباركة محلية وإقليمية ودولية باعتبار حزب المؤتمر عائق أمام تنفيذ المبادرة ,وباعتبار ذلك أيضا خروج عن حالة التوافق الوطني , وربما يشتمل قرار حل حزب المؤتمر الشعبي العام على عقوبات إضافية من قبيل منع قياداته ورموزه من ممارسة العمل السياسي تحت أي اسم ولمدة سنوات قادمة, وعلى المؤتمر الشعبي العام ان يدرك ان منهجية اتخاذ القرار الرئاسي قد تغيرت , فالرئيس الحالي يتخذ قراراته من منطق رؤيته لمصلحة الوطن وليس الحزب , وان عهد اختطاف الحزب للقرار الرئاسي قد انتهى ولن يعود وأمام هذه المعادلة فان حزب المؤتمر مخير بين التمسك بصالح وهذا يعنى حل الحزب وفرض عقوبات على قيادته, او إبعاد صالح عن الحزب لضمان استمراره في إطار حالة التوافق, وهذا أمر يأتي في سياق مدلولات نصوص المبادرة وفي ذات السياق فان بقاء أفراد من عائلة صالح في مواقع قيادية هامة مخالف للمبادرة ومتناقض معها ومع قانون الحصانة المستند إليها , فإذا كان الأمر على هذا النحو فان إعادة تعيين هؤلاء الأقارب للرئيس السابق أكثر مخالفة , وهو انحراف عن مسار المبادرة التي جاءت كوسيلة لإخراجهم من السلطة فكيف تكون هي أداة عودتهم مجددا ,فالعودة هنا تعني التنازل عن المبادرة والحصانة وستكون مشروطة بالبراءة , فالتعيين يستلزم المحاكمة لمن يتهم بارتكاب جرائم جسيمة, باعتبارهم خارج سياق المبادرة التي وفرت لهم الخروج الآمن من السلطة , فان استمروا في مواقعهم او تم تعيينهم فذلك يعني ان المبادرة ليست سوى وسيلة حماية للقتلة لان ما نفذ منها الا شق الحماية ولم ينفذ الشق المتعلق بالخروج الكامل وهو ما يعنى ان خروج افراد عائلة صالح من السلطة جزء أصيل في المبادرة , وليس ذلك من قبيل إرضاء طرف على حساب طرف أخر, فأفراد عائلة صالح هم رؤوس مفاصل حكم صالح وسبب رئيسي في استمرار الأزمات , وكل الأحداث تؤكد ذلك , من المرجح ان الرئيس هادي سيمضي في تنفيذ المبادرة فيما يتعلق بإقالة أركان حكم صالح وليس في الأمر اختيار , اذ ان ذلك متطلب أساسي لبناء نظام جديد , فلا يجتمع نظامين في وقت واحد الا حل الفساد واستمر الخراب والتخريب وعلى النظام الجديد ان يفكك مفاصل النظام السابق ليفسح المجال للسير نحو المستقبل