كان قرار حماس السماح لحركة فتح بإقامة مهرجان انطلاقتها ال48 له صداه الإيجابي ليس على مستوى حركة فتح فحسب، بل تجاوزه ليعم الكل الفلسطيني لما يحمل هذا القرار من مؤشرات تعزز آمال الجماهير في تحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام ، بشكل عملي وبعيداً عن البروتوكولات والتصريحات والاتفاقيات التي سئمت الجماهير من الحديث عنها دون أي تطبيق عملي ملموس على الأرض . مؤشرات عديدة يحملها هذا القرار وعلى جميع المستويات ويلمسها المراقب عبر ما تتوفر من معلومات من الطرفين عبر وسائل الإعلام من إخبار منقولة أو تصريحات منسوبة لشخصيات أو هيئات رسمية من داخل التنظيميين . إحدى هذه التصريحات الملفتة للنظر كان تصريح رسمي للهيئة القيادية العليا لحركة فتح في قطاع غزة بأن " اللجان الخاصة بتنظيم مهرجان الانطلاقة قد وضعت خطة أمنية شاملة لتأمين المهرجان والمكان الذي سيعقد فيه وكذلك الحفاظ على سلامة الحضور والانضباط العام " حسب ما نشره موقع العهد حول هذه القضية , وحسب ما نشره نفس الموقع المذكور " سيشارك في هذه المهمة زهاء الخمسة ألاف عضو من أبناء الحركة المؤهلين والقادرين على التعامل مع فعاليات من هذه النوع ". دلالات هذه القضية تكمن في أن المهام الموكلة للمشاركين في هذه المهمة هي مهام ذات طبيعة أمنية من تأمين المهرجان ومكان انعقاده والحفاظ على سلامة الحضور والانضباط العام . فبالتالي فإن الأمر يتطلب درجة عالية من التنظيم والإدارة اللوجستية والعملياتية والإتصالات لها ، لضمان النجاح في تحقيق الأهداف المطلوبة ، و لتوضيح الأمر نشير إلى أن الرقم 5000 عضو يمثل عدد لواء جيش . وفي الأعمال الأمنية ذات الطابع المدني من حراسات أو خدمات أمنية مختلفة تجرى العادة بأن يتم التنسيق مع الجهات الأمنية المحلية لتحقيق انسجام و الخطة الأمنية العامة المعمول بها في البلد ، وكذلك الحصول على الإسناد القانوني والرسمي وحتى العملياتي لتلك الأعمال . وكون حركة حماس تتولى المسؤولية الأمنية في قطاع غزة ، عبر المؤسسات الأمنية والشرطية المختلفة ، فلذلك من المتوقع أن يتم هذا التنسيق بين تلك المؤسسات و الإطار المسئول في الهيئة الحركية العليا لحركة فتح في قطاع غزة . وهو تنسيق قد يسبق المهرجان بوضع خطة أمنية شاملة تحدد مهام كل جانب لضمان عدم التعارض والتصادم ، ومستويات التنسيق والإدارة العملياتية للعناصر المشاركة في المهام الأمنية المختلفة من عناصر شرطة وأمن وحفظ نظام وعناصر النظام المدنية التابعة لحركة فتح ، وقد يتطلب الأمر تعبئة مسبقة لتلك العناصر و التدريب من خلال مناورة مشتركة لتقييم الأداء. وهو أمر وبالبديهية المهنية يتطلب تشكيل غرفة عمليات مركزية مشتركة ويتفرع منها غرف عمليات فرعية ميدانية حسب الضرورة . و أنا لا أملك معلومات بل استنتاج منطقي وطبيعي ، لأنه لو لم يحدث فسيكون هناك إشكاليات ومعيقات أمام تحقيق أهداف التأمين والحفاظ على الانضباط العام في المهرجان ، وإحدى هذه المعوقات التعارض الميداني بين قوى الأمن والشرطة التي من المتوقع أن تكلفها الأجهزة الأمنية في غزة وبين عناصر النظام وحماية المهرجان من أبناء حركة فتح . وبتقديري فإن صدور تصريح رسمي من حركة فتح حول وضع خطة لتأمين المهرجان لهو مؤشر أولى حول بدايات هذا التنسيق الميداني بين الطرفين ، وهو أمر يحمل في طياته دلالات على بداية لتطبيق واقعي للمصالحة على المستوى العملي ، لأن بحدوث هذا التنسيق وفي هذا الحدث المهم لأبناء حركة فتح ، تم حل معضلة مستعصية بين الطرفين على مستوى المنظور الأمني ، فأبن فتح لم يعد ينظر لقوى الأمن التابعة لحماس كقوى بوليسية غير شرعية أو محتلة وابن حماس لم يعد يحمل في عقيدته الأمنية الصورة النمطية للفتحاوي بأنه خارج عن القانون ومستهدف على مستوى النشاط الأمني . حسن حسين الوالي-غزةفلسطين [email protected]