لا تزال عملية الانتقال السياسي في اليمن هشة، فإذا لم يستطع الرئيس إقناع أبناء الجنوب للمشاركة في الحوار الوطني، يمكن أن تنحدر البلاد في حالة من الفوضى. ويقول مراقبون إن اليمن قد وصلت إلى نقطة تحول تاريخية. في بداية هذا العام، كانت العاصمة اليمنية مليئة بالحواجز العسكرية، وقد قامت الشرطة والجيش بمصادرة الأسلحة والدراجات النارية والتي أصبحت الأدوات المفضلة للسرقة والاعتداء على الناس في الشوارع. تيم Petschulat، رئيس معهد فريدريش إيبرت في اليمن، يرى أن الإجراءات الأمنية تعد مؤشراً جيداً، ووفقا لPetschulat، فإن أمين العاصمة - المعين من قبل الرئيس الجديد عبدربه منصور هادي - يحاول «إعادة القواعد التي تم فقدانها أثناء الثورة». في أوائل عام 2011، اندلعت المظاهرات الأولى ضد عبد الله صالح واستمرت لعدة أشهر، وفي نوفمبر الماضي استقال الرئيس السابق بعد الموافقة على خطة الانتقال السياسي التي صاغتها دول الخليج العربية، وبموجب هذه الخطة، أجريت انتخابات في 2012 فبراير، والتي أفضت إلى انتخاب عبدربه منصور هادي كرئيس في المرحلة الانتقالية في البلد المضطرب ويتعين على هادي الآن تشكيل هيئة يكون من مهامها كتابة دستور جديد والإعداد للانتخابات. الموالون لصالح يحاولون تأخير عملية التحول السياسي ووفقا لPetschulat، فإن مبادرة الخليج نجحت في منع حدوث حرب أهلية في اليمن، حيث كان على حافة الدخول في حرب أهليه في 2011. وقال لكن الانتقال لم يكن سهلا إذ لا يزال الرئيس السابق صالح رئيس حزبه، و يتمتع بأغلبية في البرلمان، والموالون له لا يزالون يحتلون مناصب رئيسية في الجيش والأجهزة الأمنية. الصحفي محمد القاضي يقول «صالح له تأثير كبير». تمكن الرئيس الجديد هادي، من الإطاحة ببعض أقارب صالح من مناصبهم، ولكن في كثير من الأحيان لم يكن هذا ممكناً إلا عندما يتم الضغط على صالح والموالون له من الخارج، وفقا لPetschulat. «فإن الدبلوماسيين هددوا بتجميد حسابات مصرفية أجنبية تابعة لصالح»، هذا التهديد يتيح الاستفادة الفعالة منه في المفاوضات، لأن جزء كبير من النخبة السياسية لديها أصول في الخارج. ضيق الإطار الزمني ليست تمردات الموالين لصالح هي التي تأخر عملية الانتقال، على الرغم من أنه كان من المفترض أن يبدأ ما يسمى ب "الحوار وطني" في نهاية عام 2012. Petschulat لا يتوقع أن يبدأ الواقع قبل فبراير، وربما يؤخر إلى مارس 2013.
وقال Petschulat «إن الإطار الزمني ضيق جدا»، وأشار إلى أن جنوب أفريقيا استغرقت عدة سنوات من أجل التحول السياسي، في حين أن اليمن لديها فقط أشهر لحل مشاكلها والتي منها الدستور والقوانين الانتخابية التي يجب أن تصاغ ويجب أن تناقش أسئلة أساسية حول طبيعة الدولة، على سبيل المثال، ما إذا كان البلد سيتبنى نظام جمهوري رئاسي أو برلماني. وقال Petschulat إن الاستعدادات في اللجنة، التي من المفترض أن تنظم الحوار الوطني تسير على ما يرام، ويتم تمثيل كل المجموعات الرئيسية في المجتمع باستثناء جنوب اليمن. وكان الجنوب جمهورية مستقلة حتى تم ضمها إلى الشمال في 1990م في وقت مبكر، وبعض الناس في الجنوب لا تزال تفكر في الانفصال عن اليمن، في العاصمة السابقة عدن يتزايد الإحباط، وعندما يتحدث Petschulatمع الناس هناك لا يكاد يجد كلمة طيبة عن صنعاء. الصحفي القاضي يعتقد أن الحركات الانفصالية ستكون «أكبر تحد» للحوار الوطني، وذلك لأن المبادرة الخليجية تستبعد تقسيم اليمن. وبعيدا عن التحول السياسي فإن اليمن تعد واحدة من أفقر البلدان في العالم العربي، حيث يواجه تحديات اقتصادية واجتماعية ضخمة. مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية، يقدر أن ما يقرب من نصف السكان لا يملكون ما يكفي من الطعام. في بعض المناطق، يعاني كل طفل ثالث من سوء التغذية،ورسميا فإن معدل البطالة هو 35 في المائة، وجيل الشباب هم الأكثر تضررا، وهناك أيضا انقطاع للكهرباء التي تترك العاصمة صنعاء بدون كهرباء لساعات. وقال Petschulat، الذي غادر العاصمة بسبب خطر الاختطاف «غالبا ما يتم تفجير خطوط أنابيب النفط من قبل بعض القبائل التي لديها خلافات مع الحكومة أو أنها تريد الضغط من أجل الإفراج عن أعضاء من القبيلة من السجون». ومن خلال فراغ السلطة الذي خلفته الثورة، تمكن المتشددين الإسلاميين ذو الصلة بتنظيم القاعدة السيطرة على مساحات واسعة من البلاد، وقد أيدت الولاياتالمتحدة الحرب ضد الإسلاميين، ولكن الوضع في اليمن لا يزال غير مستقر، هناك أيضا زعماء قبائل لديهم ميليشيات المسلحة. وقال Petschulat «في مثل هذه البيئة، فإنه من الصعب على الحكومة إحراز تقدم»، هناك تعقيد للوضع السياسي في ضوء حقيقة مفادها أن الرئيس، الذي يحكم إلى حد كبير من خلال القرارات، سيكون الممثل الوحيد الشرعية والمنتخب من الشعب حتى الانتخابات المقبلة. وقال الصحفي القاضي «إن اليمن يواجه منعطفا تاريخيا»، «وإذا لم تستغل هذه الفرصة، فإن اليمن لن يكون به أمن ولا استقرار ولا سلام». المصدر: موقع Deutsche Welle الألماني