استطاع الرئيس عبدربه منصور هادي والمكلف بإعادة الاستقرار إلى البلاد بعد ثورة 2011 إحراز بعض التقدم في سنته الأولى من الحكم لكن محاولة إعاقته من قبل بعض القوى السياسية لا يزال يهدد مستقبل اليمن. لم يكن الرئيس عبدربه منصور هادي يأمل في أن يكون هناك ذكرى لتوليه السلطة، لكن بعد عام من الإستفتاء الذي تولى بموجبه مقاليد البلاد اندلعت التوترات في مدينة عدن كانت حصيلتها في نهاية يوم ذكرى توليه خمسة قتلى من الانفصاليين. وعلى الرغم من تركز العنف في عدن وبعض المدن الجنوبية إلا أنه يؤثر على العاصمة صنعاء أيضا، مما يدل على أن المظالم التاريخية في الجنوب ستؤثر على التقدم المبدئي الذي تحقق في صنعاء منذ تولي هادي السلطة في العام الماضي. تولي الرئيس هادي للسلطة كان جزء من المبادرة التي قدمتها دول الخليج العربي والذي هدفت إلى إبعاد الرئيس السابق من السلطة تحت تأثير الاحتجاجات المستوحاة من ثورات الربيع العربي حيث وقع علي صالح على الاتفاقية في المملكة العربية السعودية في نوفمبر الماضي ومنح بموجبها الحصانة القانونية مقابل تخليه عن منصبه ومهد ذلك الطريق لتشكيل حكومة ائتلاف وطني بين المؤتمر والمعارضة وتأمين ترشح هادي كمرشح وحيد لمدة عامين في فبراير الماضي. مهمة هادي الرئيسية هي تمهيد الطريق لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في عام 2014 وفشل ذلك يعني انهيار العملية السياسية واحتمال دخول البلاد في حروب أهلية كما يقول الرئيس هادي نفسه. ومن شأن انهيار الدولة ودخولها في حرب أهلية أن يؤثر على الدول الغنية بالنفط المجاورة لليمن والذي من شأنه أن يزعزع استقرار المنطقة . فتنظيم القاعد في اليمن والذي قام بعدة محاولات انتحارية على الأراضي الأمريكية جعل من استقرار اليمن أولوية بالنسبة للولايات المتحدة. لم يكن أحد يعرف أن هادي يتمتع بهذا الذكاء لم يكن يظهر الرئيس هادي خلال عمله كنائب للرئيس في فترة حكم صالح إلا لقص الشريط لكنه وفي منتصف المدة المحددة له استطاع أن يعكس نظرة المتشائمين والمشككين في بقاءه حتى على قيد الحياة ناهيك عن احتفاظه ببعض صور السيطرة على البلاد. حمزة الكمالي الناشط الشبابي قال أنه لم يكن أحد يعرف أن هادي بهذا الذكاء حيث كان يتسم بالهدوء على الرغم من الضغوط التي كان يواجهها وأضاف :على الرغم من الأشياء الكثيرة التي فعلها الرئيس هادي إلا أنها ليست كافية ولا يزال بعيدا عن التقدم النهائي. من الخطوات الهامة التي اتخذها هادي هي خطوات إعادة هيكلة الجيش لكن لا يزال هناك عدم تيقن من مصير القادة الأبرز في البلاد . أما الحكومة الانتقالية المكلفة بإعادة الأمن والاستقرار للبلاد فقد شل حركتها المناكفة الحزبية مما جعلها في نظر العديد من اليمنيين غير فعالة. وفي هذه الأثناء لا يزال الاقتصاد اليمني يرزح تحت الركود في ظل حكومة مركزية ضعيفة والذي يستغل المتمردين في الشمال ضعفها لينصبوا أنفسهم بديلا عن الدولة. الخطة الحاسمة ما سيحدث في مؤتمر الحوار الوطني القادم - بعد سلسلة من التأخيرات، والذي تقرر أن يبدأ في 18 من مارس - سيكون هو الفصل. مهمة المؤتمر والذي مثل فيه ناشطين وسياسيين وممثلين من منظمات المجتمع المدني معالجة المظالم التاريخية واتخاذ خطوات دائمة نحو إقامة دولة ما بعد صالح، مثل صياغة دستور جديد من شأنه أن يغير نظام الحكم في البلاد. في حين أن معظم الأطراف المختلفة في اليمن تنوي المشاركة في الحوار، يرفض الكثير من أعضاء الحراك الجنوبي المشاركة قائلين بأن هذا ضد مصالحهم، ويطالب الحراك المنقسم باستقلال الجنوب كدولة والبعض الآخر بفدرالية . شخصيات جنوبية من الذين وافقوا على الدخول في الحوار علقوا مشاركتهم في أعقاب أعمال العنف الأخيرة. ويقول لطفي شطارة وهو من الذين علقوا عضويتهم "أن الحكومة بحاجة لبناء الثقة، وأنها بحاجة لاستعادة ثقة الجمهور وبدون ذلك لا يمكن للحوار أن يمضي قدما". وتعتبر القضية الجنوبية مجرد واحدة من عدة قضايا يمكن أن تفسد عملية الانتقال في البلاد. التوترات ما زالت قائمة لا يزال صالح داخل البلاد ولا يزال يرأس حزب المؤتمر الذي يعتبر جزء من مكونات السلطة وأقام مهرجان خطابي يوم 27 من فبراير في العاصمة استقطب الآلاف . أما العنف في شمال البلاد بين المتمردين الحوثيين وأعدائهم من القبائل والسنة الإسلاميين قد هدأ قليلا لكن التوترات لا تزال قائمة. أما إذا استمر الشرخ بين النخب السياسية في صنعاء فقد يتسبب في عودة البلاد إلى حرب أهلية . يتزامن هذا مع الإحباط الذي يبديه بعض الناشطين من أن ثورة 2011 لم تحدث تغيير وأن اليمن بحاجة لثورة ثانية حسب قولهم. مرت سنة ومستقبل اليمن يبدوا غير واضح كما هو عليه الحال عندما تولى هادي السلطة، وبقول محللون أنه حتى لو نجا هادي في سنته الأولى من حكم اليمن فإن قدرته على الوصول باليمن إلى انتخابات 2014 قابلة لعدة احتمالات . غريغوري جونسن مؤلف كتاب الملاذ الأخير الذي نشر في اليمن قال إن المبادرة التي أوصلت هادي للسلطة هي لكسب الوقت أكثر منها كحل سياسي وقال أن اليمن لديه العديد من المشاكل المستعصية بعكس بلدان الربيع العربي الأخرى حيث أن كل اللاعبين الذين كانوا قبل الاحتجاجات لا يزالون موجودين على اليوم لكنهم يقاتلون بوسائل مختلفة. موقع سي إس إم مونيتور الأمريكي