واشنطن: إنهاء حرب اليمن يتطلب وقف تدفّق الموارد إلى الحوثيين    انفجار عنيف يهز منطقة المصينعة في شبوة    حضرموت تعود إلى الميدان برسائل جنوبية حاسمة ضد الملشنة والتشكيلات المسلحة    الإصلاح يسلّم نفط مأرب للحوثي نكاية بالجنوب ورفضًا لوصول الإيرادات إلى عدن    المنتخب الوطني يتقدم أربعة مراكز في تصنيف الفيفا    مخيم مجاني للسكري والضغط بصنعاء    توزيع هدايا رمزية عينية للأطفال المرضى بمستشفى الثورة بالبيضاء بمناسبة اليوم العالمي للطفولة    تراجع الذهب مع توقعات خفض الفائدة الأمريكية    مصطفي حسان يطلق رواية أبناء الرماد.. تكشف خيبات الحرب وتعرّي الفساد    الصفقة السعودية ‐الأمريكية.. خطوة استراتيجية تعيد رسم موازين القوة    جرحى تعز يعلنون رفع الاعتصام من أمام الجوازات عقب اتفاق مع قيادة المحافظة    10578 شهيدا وجريحاً من الأطفال في اليمن    البنك الدولي يحذر من تفاقم أزمة الأمن الغذائي في اليمن    الغيثي: استمرار شراكة الانتقالي مع حكومة الشرعية يدفن القضية الجنوبية    الإمارات تتخذ ميناء بوصاصو مركزا للمؤامرة على اليمن والمنطقة    تركيا تتاجر بآلام غزة وتناور بورقة نتنياهو... وكذبة اعتقال النتن ياهو    لوجه الله.. امنعوا الباصات وأعيدوا باصات النقل العامة    أحسم الأمر قبل تفاقمه    استعداد لمنع استيراد الملابس الجاهزة وتوفيرها محليا بجودة افضل    الجنوب بين معاناة الناس الحياتية وتسابق أجندة المصالح الخارجية    خدمة لاسرائيل..وفد بريطاني رفيع في عدن لزعزعة أمن البحر الأحمر    تريليون دولار بلا مقابل: كيف تحوّلت الرياض إلى ممول للاقتصاد الأمريكي؟    متقاعدون معاقون في عدن: راتب 25000 ريال لا يعيل أسرة ولا يغطي أجرة المواصلات    العزي يطلّع على سير العمل في ملعب الظرافي تمهيدًا لافتتاحه    اختتام جمعية المنتجين ومركز سند دورة في تمكين المرأة اقتصاديًا    وزير الداخلية.. جابي ضرائب لا حامٍ للمواطن.. غرامة مالية متنقلة على ظهور الناس    الكشف عن بنود الخطة الأمريكية للتسوية في أوكرانيا    خبير في الطقس: البرد سيبلغ ذروته خلال اليومين القادمين ودرجات الحرارة السطحية تنخفض إلى ما دون الصفر    الاتفاق بالحوطة يتغلب على البرق بتريم في البطولة التنشيطية الثانية للكرة الطائرة بوادي حضرموت    قراءة تحليلية لنص "عيد مشبع بالخيبة" ل"أحمد سيف حاشد"    المبعوث الأممي يناقش في مسقط جهود التوصل إلى تسوية سياسية في اليمن    تعز.. مسلح يعتدي على قيادي تربوي وزوجته    (هي وهو) حين يتحرك النص بين لغتين ليستقر    صحفي: السماح لأسرة غازي الأحول بزيارته    صنعاء.. البنك المركزي يوقف التعامل مع شبكة تحويلات مالية وأربع منشآت صرافة    غداً... انطلاق بطولة غرب آسيا للجودو في عمّان بمشاركة يمنية    العراق يستفيد من نتائج القارات ويخوض مباراة واحدة في الملحق العالمي    مدينة الوفاء والسلام المنكوبة    العلامة مفتاح يشيد بالمشاريع الكبيرة لهيئة الزكاة    تنافس قوي على رئاسة الإعلام الرياضي بعدن    برشلونة ينجح في الحصول على موافقة "اليويفا" للعودة الى كامب نو    رئيس سياسية الإصلاح: العلاقات اليمنية الصينية تاريخية ممتدة وأرست أساساً لشراكة اليوم    الهيئة العليا للأدوية تختتم الدورة التدريبية الثالثة لمسؤولي التيقظ الدوائي    مهرجان "إدفا" ينطلق من أمستردام بثلاثية احتجاجية تلامس جراح العالم    يا حكومة الفنادق: إما اضبطوا الأسعار أو أعيدوا الصرف إلى 750    قراءة تحليلية لنص"البحث عن مكان أنام فيه" ل"أحمد سيف حاشد"    الكاتب والصحفي والناشط الحقوقي الاستاذ محمد صادق العديني    تفاصيل اجتماع رونالدو مع الرئيس ترامب    رابطة "معونه" لحقوق الإنسان والهجرة الامريكية توقع اتفاقية مع الشبكة اليمنية    الإعلان عن الفائزين بجوائز فلسطين للكتاب لعام 2025    فريق أثري بولندي يكتشف موقع أثري جديد في الكويت    مركز أبحاث الدم يحذر من كارثة    إحصائية: الدفتيريا تنتشر في اليمن والوفيات تصل إلى 30 حالة    مدير المركز الوطني لنقل الدم وأبحاثه ل " 26 سبتمبر " : التداعيات التي فرضها العدوان أثرت بشكل مباشر على خدمات المركز    قطرات ندية في جوهرية مدارس الكوثر القرآنية    تسجيل 22 وفاة و380 إصابة بالدفتيريا منذ بداية العام 2025    وزارة الأوقاف تعلن عن تفعيل المنصة الالكترونية لخدمة الحجاج    الإمام الشيخ محمد الغزالي: "الإسلام دين نظيف في أمه وسخة"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مزاعم ''الثورة المضادة'' وأوهام '' الفلول ''
نشر في يمنات يوم 04 - 08 - 2012

إكتسبت الساحة الإعلامية والسياسية مع الوقت زخماً متنامياً في المصطلحات الثورية والسياسية , وللأسف الشديد يكون اكثرها إما مستورداً او مقلّدا مقتبساً او مغلوطا ومشكوكا في صحتها, وإما يساء استخدامها وفهمها وقلب معانيها -حسب الحاجة- بدرجة كبيرة , مما قد تؤدي بصورة مباشرة الى الكذب الإعلامي الممنهج وقلب الحقائق وتمييع المعاني وحرفها عن مسارها ومفهومها الصحيح , تتحدث وسائل الإعلام باستطراد شديد عن مزاعم (الثورة المضادة) وأوهام (الفلول) , وتعليق الفشل والإخفاق الحكومي والسياسي دوما بعدو وهمي لا تكاد تراه , ولا يوجد الا في مخيّلات وعقول اصحاب الفكرة الناشئة المستوردة من سجلات الثورات العالمية الناجحة , تقليد فاضح وبشع للغاية يقود في النهاية الى نسف المنظومة السياسية واخفاء الحقائق وقلب الطاولة على رؤوس اصحاب المشاريع الضّيقة والممولّة خارجياً.
ونشطت وسائل الإعلام -المحسوبة على اللقاء المشترك- بذر الرماد على العيون وكماهيالعادة في انتهاج مبدأ الكذب الإعلامي الممنهج والمغالطة الإعلامية, و إنشاء مصطلحات وهمية عارية عن الصحة ك ثورة مضادة و فلول وغيرها في موادها الإخبارية والصحفية العقيمة , وان كان الإقتباس اللغوي لا ينفي مفهوم صحة المعنى الكلي تماما , ولا ينفي حدوث تجاوزات ما بصورة مباشرة أو غير مباشرة , الا أن اللبس الحاصل في المفاهيم السياسية التي لا تحتمل أنصاف المعاني و المعنى النسبي فحسب وتكون دائما مطلقة تماما, إما مثبتة او منفية , ولا توجد بينهما منطقة ضبابية وسطى باهته او رمادية الألوان , تؤدى بشكل عام الى ان الثورة المضادة مصطلح يطلق في حال نجاح الثورة الأولى -بصورة مطلقة- ويتبعها مستوى عال من الإصلاحات الدستورية ومشوار كبير من التغييرات الجذرية في البلاد , وعليه تسعى فلول النظام السابق لدولة ما , والتي تعطلت مصالحها ولحق بها الضرر والأذى , بتعطيل مسيرة الثورة المؤسسية الجديدة , واحداث فجوة عميقة في المنظومة السياسية الوليدة, وعمل ثورة مضادة مهمتها الأساسية اجتثاث النظام الجديد أوتعطيل مسيرتة الخصبة و هدم مشروعة الحضاري .
وقد يكون مصطلح الثورة المضادة خارج من رحم الثورة الأم والنظام الجديد نفسه ومنشقاً عنه , في مواجهة تيار مناهض للحكم قادم من الخارج , كما حدث في جمهورية كوبا –مثلا- حينما سعى فيديل كاسترو الى ايجاد ثورة مضادة لمواجهة ومقارعة توسع النفوذ الأمريكي الأوروبي, حينما قامت بتشكيل قوى مختلفة وبات يعرف ما يسمى ب "فيلق مناهضة الشيوعية لمنطقة البحر الكاريبي" , وعليه استعان بجيفارا لشن حمله ثورية مضادة للتدخل مما ادى لاحقا الى زيادة سرعة اصلاح الأراضي الزراعية وتمكن الإقتصاد الكوبي ونهضتة وحينها تقلد جيفارا وزيرا للصناعة , وكما أسس لينين لجانا استثنائية (الشي كا) لمكافحة الثورة المضادة للثورة البلشفية في الإتحاد السوفيتي سابقا.
ومع إندلاع ثورات الربيع العربي انصهرت هذه المصطلحات كليا في البوتقة السياسية الرائدة , واصبحت منهجاً وكلاما متعارفا علية في الأوساط السياسية والمثقفة وانتقلت الى الشارع العربي , وبذا تم تداولها ابتداءً من تونس ومصر وليبيا وانتهاءً الى اليمن , ويقوم غالبا بالثورة الضادة اجنحة الفلول وهم غالبا مجموعة وشريحة سياسية وشعبية - قد تكون واسعة- من اتباع النظام السابق الذي انهارت مصالحهم بمجرد نجاح الثورات الشعبية , قد يكون المعيار الكلي لإستخدام هذين المصطلحين في تونس ومصر بدرجة كبيرة من المصداقية صحيحا جداً, لما حققته الثورتين في البلدين من انجازات و نجاحات كبيرة وملموسة , من اسقاط النظام كليا واختفاء مظاهر الإحتقان الثوري والسياسي , وبداية إستتباب الأمن والإستقرار وسير العجلة السياسية في مصر وتونس بشكل متقدم وملحوظ ,وان كانت ببطئ شديد في ليبيا الا انها تخطو خطوها نحو التقدم باستماتة وعزم شديدين.
أما في اليمن .. يكاد يكون استخدامها نوعا ما مبالغاً فيه وخطئا فادحاً , فالثورة الشبابية لم تحقق مكاسبها ومنجزاتها ولم تسقط النظام الحاكم , وما حدث فعلا هو مظاهر من تزواج النظام القديم والمعارضة في قالب واحد لتشكيل حكومة توافق وطني , اذن البت والحسم في مسالة الثورة المضادة يكاد يكون هنا منفيا تماما , مع توسع رقعة الخلاف فلا توجد بينهما منطقة فاصلة محددة , بل توجد منطقة ضبابية مموًهة غامضة الألوان بين نظامين , نظام خارج من رحم النظام السابق ونظام ولّدته الثورة الشعبية والأحداث التي عصفت باليمن خلال العام الماضي , ومع وجود الفترة الإنتقالية تؤكد فرضية انتفاء الثورة المضادة وإنعدامها .
وكذلك يسوقنا حتما الى الرؤية والتمعن في مسميات الفلول كونه تعريفاخاطئا يطلق على أنصار الرئيس السابق واتباعه و نظامه في اليمن , فان كان التعريف دارج على جميع الشخصيات الإدارية والوزارية الحاكمة من الحزب حاكم , فهو مازال الحاكم المطلق , ومازال الرئيس السابق نفسه هو رئيس الحزب والنظام معاً و له الأغلبية في مجلس النواب وحائز على أهم المقاعد الوزارية السيادية في التشكيلة الحكومية الجديدة , فكيف يمكن إذن ان يسمى ثورة مضادة ؟ ,وكيف يتم تعريف جميع مكوناته وقياداته بالفلول , وحقيقة أن الفلول هم الأتباع وبقايا حشود لأنظمة قديمة انهارت وتلاشت , وكون المصطلح يرمز الى الدلالة اللغوية الحربية اكثر منه الى السياسية , لما اشيع عنه من التعريفات الدارجة عن مطاردة الفلول المنهزمة والهاربة من المنتصر القوي.
أما ما يحدث في اليمن فهو عبارة عن قلب الحقائق والتلاعب بالمصطلحات وعكس المفاهيم , فالفلول -حسب التعريف الشائع والمتداول حالياً- مازالت تتصدر المواقع السياسية والمركزية والقيادية الحساسة في الصدارة , وتتبؤ مكانة عالية ومرموقة منتصرة بالحصانة المطلقة , وتتربع على عرش العدالة الإنتقالية والحكم , فكيف يتم مناداتها بالفلول ومازالت تمسك زمام الأمور ومقاليد الحكم في المؤسسة الأمنية والعسكرية , وكيف يراد لها ان تكون ثورة مضادة ومازالت هي..هي النظام الحاكم نفسه , التي تتحكم في جميع مرافق الدولة ومؤسساتها الحيوية والرسمية , وان كانت حكومة الوفاق صورية سطحية بشكلها الظاهري الا انها أيضا فاقدة الصلاحيات منزوعة السيادة , حيث ان اغلب الوزارات السيادية والمواقع الحساسة في الدولة مازالت في ايدي النظام السابق ومازال الجيش وقيادة الأمن المركزي والحرس الجمهوري وغيرها من مفاصل الجيش الهامة في قبضة الأسرة الحاكمة .
إن (وهمْ الإنتصار الثوري) والتلاعب السياسي والمتاجرة بالثورة وخيال الفوز والشراكة السياسية الجامح في الحكم اعمت المكونات الحزبية عن رؤية الحقيقة المجردة الصادمة , هذا الوهم المستفيض واحلام اليقظة جرّت الى اوهام عديدة من الثورة المضادة واوهام الفلول , وتعليق الفشل السياسي وتعطيل مسير حكومة الوفاق بتدخلات الأسرة الحاكمة والثورة المضادة , فهل نجحت الثورة وسقط النظام كليا حتى يتم ادراج هذه المسميات والمصطلحات في الثقافة السياسية اليمنية ؟.
وان كانت تسمية (الجمع الثورية) تحمل دلالات قوية عن مدى السقوط الثوري والذل والإمتهان الذي وصلت اليه الثورة مع مختلف الأطياف الثورية والحزبية المشاركة , حينما يتم استجداء النصر وطلب تحقيق الأهداف الثورية بطريقة مذله ومهينة جدا , و حينما يتم المطالبة بسرعة هيكلة الجيش وتغيير قيادات العائلة وإقالتها من المواقع العسكرية الحساسة, وحينما يتم الدعوة مرارا وتكرارا في كل جمعة ثورية الى احقاق العدالة الثورية ومحاكمة الجناه وتطبيق القصاص العادل , فأين هي الثورة الحقيقية إذن, وأين هي الثورة المضادة ؟, وأين هم الثوار والأحرار, وأين هم الفلول والأنصار؟, ما يجري الان هو تخبط ثوري وسياسي في مسيرة الوطن بشكل عام , نصف ثورة لم تحقق شئ , ونظام لم يسقط كليا , وفي الطرف المقابل يتم اتهام الثورة المضادة بافتعال الأزمات وخلق المشاكل , فهل يثور النظام على نفسه , وهل يجري الفلول الى وهم السلطة وهم من يديرون شؤون البلاد ؟!.
إن حدود الفهم القاصر بينما هو حقيقي وخيال , بينما هو ملموس و وهم تكاد تكون مفقودة تماما في التعامل معمختلف المصطلحات وسبر اغوارها ومحاورها اللغوية والأدبية والعملية ايضا وتطبيقها على ارض الواقع , وجس نبض الحقيقة المطلقة , فالتعامل مع الثورة كانها نجحت يعتبر إسفافا وإستخفافا كبيراً بالمطالب الشعبية , وتحميل النظام السابق جريمة الهزيمة والفشل يعتبر هروباً الى الأمام , اذا لم تكن هناك معايير ومفاهيم حازمة وصارمة وواضحة تحدد مسيرة العمل الثوري والسياسي سيغرق المركب بالجميع, وتصبح الساحة اليمنية مجردة تماماً من قيم النجاح والعطاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.