“مغلق من قبل الشعب"، لافتة تختزل مشهد التصعيد القائم للفعاليات الشعبية الاحتجاجية المطالبة بإسقاط النظام السياسي الحاكم في تعز، جنوبي العاصمة صنعاء، حيث أخفق العسكر رغم استخدامهم الرصاص الحي ومجاميع “البلاطجة" في كبح جماح ثورة شبابية خرجت عن حدود السيطرة وحولت تفاعلاتها المدينة التي درج على تسميتها “حالمة اليمن" إلى ما يشبه المنطقة المغلقة على مظاهر عصيان مدني شامل . وكان يوم أمس قد سقط ثمانية جرحى على الأقل إثر إطلاق قوات الأمن النار على المعتصمين بشارع جمال، واشارت مصادر محلية إلى أن المدينة تشهد منذ مساء الجمعة تصعيدا عسكريا غير مسبوق من قبل قوات الحرس الجمهوري، وأن إطلاق نار متقطع تشهده المدينة بشكل متقطع، موضحة أن قوات الحرس الجمهوري والأمن حاولت أمس فض اعتصام المعلمين أمام مكتب التربية، إلا أنها فشلت في ذلك . وقالت الناشطة بشرى المقطري إن معلومات مؤكدة تشير إلى تلقي قوات الحرس الجمهوري والأمن المركزي أوامر بالضرب مباشرة على المعتصمين في شارع جمال وفض الاعتصام بالقوة، موضحة أن حملة اعتقالات واسعة النطاق تجاه الشباب المعتصمين في ساحة الحرية وشارع جمال تأتي ضمن حملة التصعيد تجاه شباب الثورة اليمنية من قبل السلطات الأمنية . وتصدرت تعز قائمة ال 17 محافظة يمنية التي تتفاعل فيها مفردات الثورة الناشئة في إحراز خطوات متقدمة على صعيد حسم المرحلة الأخيرة من فصول الأزمة السياسية القائمة المستمرة منذ ما يزيد على ثلاثة أشهر، اثر اتساع نطاق الاعتصامات الاحتجاجية لتتجاوز حدود ساحة الحرية بمديرية القاهرة إلى شارع جمال عبدالناصر التجاري الذي يعد أكبر الشوارع الرئيسة في المدينة، الأمر الذي تسبب في شل مظاهر الحياة والحركة العامة وتوقف شبه تام لحركة المواصلات وتعطيل الدراسة في كافة المدارس والمعاهد والجامعات وإغلاق كافة المحال والمعارض والأسواق التجارية . امتداد نطاق الاعتصامات الاحتجاجية بتعز إلى وسط المدينة مثل نقطة تحول مفصلية في ديناميكية الفعاليات الاحتجاجية الهادفة إلى إسقاط النظام حيث أسهم هذا التحول في تعقيد مهمة قوات الحرس الجمهوري والأمن المركزي المكلفة بقمع تفاعلات الثورة الشبابية بتعز وحصر نطاقها في حدود منطقة “صافر" بمديرية القاهرة ومنع استحداث ساحات اعتصام قريبة من مواقع المنشآت والمقار الحكومية والقصر الرئاسي بالمدينة . سقوط تعز عملياً في قبضة شباب ثورة فبراير، هو التوصيف الموضوعي الذي يمكن من خلاله اختزال مفردات المشهد القائم في المدينة التي اضطرت قوات الأمن المركزي والحرس الجمهوري إلى الانسحاب من أجزاء شاسعة منها إلى المدخل الشمالي للمدينة لانتظار وصول تعزيزات وإمدادات من مناطق متاخمة مثل محافظة إب وبعض المديريات الجنوبية والشرقية كإجراء اضطراري للتمكن من معاودة التقدم باتجاه المناطق الحيوية في المدينة واستئناف معترك المواجهات الدامية وغير المتكافئة بين الرصاص الحي والصدور العارية .