سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
نصر طه مصطفى: الشباب الثائر وقع ضحية مكيدة سياسية محكمة دفعته لاتهام المملكة بمعاداة التغيير في اليمن محاولة أغتيال اليدومي عمل اجامي الهدف منه ادخال البلاد في فتنة وقطع الخطوط أمام اي خطوط سلمية ..
أما فيما يتعلق بالترابط بين الموقفين السعودي والأمريكي فأود أن أقول لك أن هذا الترابط بدأ من لحظة التحضير لمؤتمر أصدقاء اليمن وليس من اليوم، بل ولعله بدأ قبل قصة الطالب النيجيري، فالبلدان يتابعان حالة التدهور المتواصلة في أداء الحكم في اليمن على جميع الجبهات سياسياً واقتصادياً وأمنياً وغير ذلك منذ تصاعد المواجهات العسكرية مع الحوثيين ثم تصاعد نشاط الحراك الجنوبي، ثم الخلاف المتواصل مع أحزاب المشترك، كل ذلك مصحوبا مع الصراع التكتيكي المستمر مع القاعدة منذ عشر سنوات وانشغال النظام بالترتيب للتمديد كمقدمة للتوريث فيما كل شيء في البلد يتراجع من التنمية إلى الموارد إلى الأمن والاستقرار إلى هيبة الدولة إلى الخدمات بمختلف أنواعها... ولذلك كله كان الحليفان السعودي والأمريكي يراقبان الوضع عن كثب في اليمن، وفيما كانا يفكران على استحياء بأن تغيير النظام الحاكم أصبح ضرورة قصوى باعتباره أثبت فشله في إدارة ومواجهة كل هذه التحديات، فإنهما وبعد موجة الثورات الشعبية في المنطقة واندلاعها في اليمن طالبا بالتغيير صراحة ودون مواربة وأنه أصبح حتميا ومن هنا بدأت واستمرت محاولاتهما ومبادراتهما لإنجاز التغيير ونقل السلطة بصورة سلمية ومشرفة وكان آخرها لقاء مستشار الرئيس الأمريكي برينان بالرئيس صالح في الرياض حيث أبلغه ضرورة الإسراع في نقل السلطة. *"مقاطعاً" ..لكن السعودية كما يقال قلبها مع المعارضة وسيفها مع صالح، ثم هل نسيت وصفها لشهداء محرقة تعز بالمتمردين؟، آل سعود ضد اليمن أريد قراءتك للمشهد؟. ** أعطني نظاماً رسمياً عربياً واحداً لن يسمي الشباب الثائر بالمتمردين... ربما اليوم فقط يمكن استثناء النظامين المصري والتونسي من ذلك لأن ثورتيهما نجحتا وتحرر البلدان من ربقة الاستبداد وتحرر إعلامهما، أما بقية الأنظمة فلن تسمي الثوار إلا بالمتمردين... ومع ذلك يمكنك قراءة الموقف السعودي من ثورة الشباب في اليمن من خلال مثقفي المملكة وصحفييها الذين وقفوا صفا واحدا إلى جانب الثورة مؤيدين للتغيير ولو كانت المملكة مع الرئيس صالح كما قلت فإنها كانت ستطلب من هؤلاء الأكاديميين والصحفيين عدم التعرض بالنقد للرئيس وللنظام في اليمن حتى تتجنب الإحراج ومع ذلك أقول لك إن حادث جامع الرئاسة ووجود الرئيس في المملكة للعلاج سيجعلها تتأنى في اتخاذ أي موقف من باب اللياقة الدبلوماسية ولديها كامل الحق في ذلك وعلى كل حال، فالعلاقات اليمنية السعودية بحلوها ومرها قصة طويلة يصعب روايتها وتحليلها في حديث صحفي أو تحليل سياسي. * فيما بين الحسم السياسي والحسم الثوري للمشهد الراهن.. ما الذي تراه ممكناً؟ وما رأيك في الإعلان عن تشكيل مجلس رئاسي انتقالي مؤخراً؟. ** أقول للشباب الذين يتحدثون عن ضرورة الحسم الثوري إننا بحاجة لتعريفهم لمفهوم الحسم الثوري الذي لا أستحضر له نموذجا إلا النموذج الليبي الذي نرجو الله ألا نقع فيه، أما النموذجان التونسي والمصري فقد انتهيا باتفاق سياسي وليس بالحسم الثوري ,فما فعله الجيشان التونسي والمصري كان عملاً سياسياً وهذا أمر غير متوافر لدينا ولذلك فإن الخارج هو الطرف الوحيد المؤهل لرعاية مخرج سياسي عندنا بدلا عن الجيش، لذا فإن أي تعديلات دستورية قادمة يجب أن تتضمن نصوصاً واضحة لتحييد الجيش والحيلولة دون وقوعه تحت تأثير أي سلطة عائلية أو حزبية أو مناطقية، لأن تكرار مثل هذا الأمر سيجعل البلد رهينة بيد قنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في أي وقت، أما بالنسبة للمجلس الرئاسي الانتقالي الذي أعلن عنه مؤخرا فقد لا يكون خطوة واقعية بالتأكيد، لكن أعجبتني إلى حد كبير تشكيلته رغم ما شابها من نقص، وبالإمكان اعتباره حجرا يحرك المياه التي ركدت منذ وقت طويل، وإعلانه إن لم ينفع فلن يضر بالتأكيد... ومن المهم التأكيد هنا أن ثورة الشباب في اليمن اكتسبت إعجاب العالم كله نظرا لسلميتها ولصمودها وطول صبر الشباب وحرصهم على عدم الانجرار إلى العنف، وأظن أن الثورة قد حققت أهدافها فالعالم كله مع تغيير النظام في اليمن الذي أعتقد أنه قد انتهى من الناحية الواقعية... فأي نظام لا يستطيع توفير الخدمات لشعبه ولا توفير الأمن هو نظام على الورق فقط، ويكفي أن تنظر إلى مشهد السبعين كل جمعة لتدرك ذلك رغم المكابرة والحديث عن ملايين لا وجود لها... التغيير أصبح حتميا ومسألة وقت فقط ولذلك يجب أن يتحلى الشباب بالمزيد من الصبر وبروح التسامح والأخوة والمحبة حتى يكونوا أهلا لبناء اليمن الجديد الذي يطمح إليه الجميع. * إذا كان الأمر كما تقول فلماذا تصر السلطة على الاحتفال ب 17 يوليو حتى في هذا الظرف ؟!. ** أولاً من المستغرب أن يتم الاحتفال بهذه الذكرى - مع احترامي الشخصي الكبير لها ولصاحبها - في بلد يقول نظامه أنه تعددي ديمقراطي، فلا يوجد نظام ديمقراطي تعددي في العالم يحتفل بذكرى انتخاب رئيسه وأكثر من هذا أن تتواصل الاحتفالات على مدى ثلث قرن بهذه المناسبة ومثل هذا الأمر على فكرة لم يحدث مرة واحدة في عهد الرئيس المصري السابق حسني مبارك رغم استبداديته لأنه أمر معيب في بلد ديمقراطي... تصور أن أوباما أو كلينتون أو بوش يحتفل سنوياً على مستوى البلاد كلها بذكرى انتخابه... وثانياً من الإنصاف القول أن الرئيس/ علي عبدالله صالح قد أنجز الكثير وفي مقدمة إنجازاته استعادة وحدة اليمن ولكن المرء أيا كان يفقد القدرة على العطاء ويحس بالملل والسأم بعد ثلث قرن من وجوده على رأس السلطة وهذا ما قاله بنفسه في أكثر من مناسبة وبالذات في خطابه الشهير في 17 يوليو عام 2005م... لقد مرت دورة زمنية كاملة منذ 17 يوليو 1978 الموافق 12 شعبان 1398 هجري إلى 17 يوليو 2011م الموافق 16 شعبان 1432هجري عاد فيها شهر شعبان ليلتقي بشهر يوليو لأول مرة في يومين متقاربين جدا وهذا يحدث كل 33 سنة مرة واحدة... والعبرة هنا في أن اليمن بعد ثلث قرن عاد لنفس النقطة التي استلم فيها الرئيس السلطة عام 1978 من اضطرابات قبلية.. وتمردات مسلحة.. وخلافات سياسية حادة.. وتفكك للتماسك الاجتماعي.. وغياب كامل لهيبة الدولة.. وفساد مستشري.. وفوضى وانفلات أمني.. وتمزق للجبهة الداخلية.. وأزمة ثقة بين شمال اليمن وجنوبه.. وتبعية شبه كاملة للخارج.. مع فارق واحد لصالح 1978 حيث كان الوضع الاقتصادي والمعيشي أفضل مقارنة بما هو عليه اليوم.. لذلك فاليمن يحتاج اليوم لفارس جديد يقوده لبر الأمان تماما كما فعل الرئيس صالح في عام 1978 عندما وصل بالشمال إلى بر الأمان وقاده لاستعادة الوحدة مع شطره الجنوبي ثم أوصل الوحدة لبر الأمان ليستمر الخط التصاعدي حتى بروز مشروع الاحتكار الكامل للسلطة بالتفرد والتمديد والتوريث فبدأ الانحدار حتى وصلنا إلى هذه اللحظة الصعبة الحالية التي وجد شباب اليمن أنفسهم فيها أمام خيار واحد فقط وهو الثورة السلمية والخروج إلى الشارع لإحداث التغيير وإنقاذ البلاد. * على ضوء ما يجري اليوم كيف تقرأ المشهد السياسي القادم؟. ** المشهد السياسي القادم سيكون قاتما إن لم يقدم الرئيس على تحمل مسئوليته الوطنية بتجنيب البلاد كارثة... ولا سبيل إلى ذلك إلا بأن يتولى الرئيس بنفسه - بعيدا عن أي مبادرات - القيام بالترتيب لختام مشرف لحياته السياسية فهو قد حكم ثلث قرن كما أشرنا قبل قليل بحلوها ومرها أصاب فيها وأخطأ وأنجز الكثير وأخفق كذلك في البعض ومن حقه أن يستريح ويصبح كما قال في يوم ما رئيسا سابقا معززا مكرما... هو التزم بعدم التمديد والتوريث... وعليه الآن أن يقدم كل الضمانات لتنفيذ التزامه وفي ظني أن أكثر الخيارات أمنا للوطن وللرئيس ولعائلته وللقوى السياسية هو أن يتولى النائب الرئاسة... ما لم فإن الخيارات القادمة ستكون صعبة... وأخشى من رهان البعض على خيار القوة لإنهاء ثورة الشباب لكني أظن أنهم يدركون أنه خيار منعدم النتائج تماما، وأن اليمن الذي أعطاهم الكثير ولم يأخذ منهم إلا القليل يستحق منهم التضحية بالسلطة التي لم تدم لأحد على مر التاريخ. اخباراليوم