عجز الأمم المتحدة في قضية محمد قحطان.. وصفة فشل لاتفاق السلام    عاجل: نجاة أمين مجلس شبوة المحلي ومقتل نجله وشخصان آخران (صور)    إلى متى نتحمل فساد وجرائم اشقائنا اليمنيين في عدن    مصدر برلماني: تقرير المبيدات لم يرتق إلى مستوى النقاشات التي دارت في مجلس النواب    عاجل.. إن بي سي: الإعلان عن وفاة الرئيس الإيراني وعدد من المسؤولين بسقوط المروحية خلال ساعات    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 35,456 شهيداً و 79,476 مصابا    الجامعة العربية: أمن الطاقة يعد قضية جوهرية لتأثيرها المباشر على النمو الاقتصادي    إنتر ميامي يتغلب على دي سي يونايتد ويحتفظ بالصدارة    وزير المياه والبيئة يبحث مع المدير القطري ل (اليونبس) جهود التنسيق والتعاون المشترك مميز    - البرلماني حاشد يتحدث عن قطع جوازه في نصف ساعة وحرارة استقبال النائب العزي وسيارة الوزير هشام    قيادات الدولة تُعزي رئيس برلمانية الإصلاح النائب عبدالرزاق الهجري في وفاة والده    تعز.. وقفة احتجاجية لأمهات المختطفين للمطالبة بإطلاق سراح أبنائهن من سجون المليشيا    رئيس هيئة النقل البري يتفقد العمل في فرع الهيئة بمحافظة تعز مميز    وفاة وإصابة عشرة أشخاص من أسرة واحدة بحادث مروري بمأرب    عدن.. وزير الصحة يفتتح ورشة عمل تحديد احتياجات المرافق الصحية    رئيس الهيئة العليا للإصلاح يعزي الهجري في وفاة والده    مدرب مفاجئ يعود إلى طاولة برشلونة    ريبون حريضة يوقع بالمتصدر ويحقق فوز معنوي في كاس حضرموت    تقرير: نزوح قرابة 7 آلاف شخص منذ مطلع العام الجاري    وكيل قطاع الرياضة يشهد مهرجان عدن الأول للغوص الحر بعدن    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    مصرع عدد من الحوثيين بنيران مسلحي القبائل خلال حملة أمنية في الجوف    من هو اليمني؟    خسائر في صفوف قوات العمالقة عقب هجوم حوثي مباغت في مارب.. واندلاع اشتباكات شرسة    الكشف عن حجم المبالغ التي نهبها الحوثيين من ارصدة مسئولين وتجار مناهضين للانقلاب    هاري كاين يحقق الحذاء الذهبي    نافاس .. إشبيلية يرفض تجديد عقدي    صحيفة إماراتية تكشف عن "مؤامرة خبيثة" لضرب قبائل طوق صنعاء    نهائي دوري ابطال افريقيا .. التعادل يحسم لقاء الذهاب بين الاهلي المصري والترجي التونسي    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    فرع الهجرة والجوازات بالحديدة يعلن عن طباعة الدفعة الجديدة من الجوازات    توقف الصرافات الآلية بصنعاء يُضاعف معاناة المواطنين في ظل ارتفاع الأسعار وشح السلع    جريمة لا تُغتفر: أب يزهق روح ابنه في إب بوحشية مستخدما الفأس!    دعوات تحريضية للاصطياد في الماء العكر .. تحذيرات للشرعية من تداعيات تفاقم الأوضاع بعدن !    "لا ميراث تحت حكم الحوثيين": قصة ناشطة تُجسد معاناة اليمنيين تحت سيطرة المليشيا.    لحوثي يجبر أبناء الحديدة على القتال في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل    الاستاذة جوهرة حمود تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقة    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الحرب إلى 35 ألفا و386 منذ 7 أكتوبر    الإرياني: مليشيا الحوثي استخدمت المواقع الأثرية كمواقع عسكرية ومخازن أسلحة ومعتقلات للسياسيين    الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد تصدر توضيحًا بشأن تحليق طائرة في سماء عدن    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    منذ أكثر من 40 يوما.. سائقو النقل الثقيل يواصلون اعتصامهم بالحديدة رفضا لممارسات المليشيات    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    الهلال يُحافظ على سجله خالياً من الهزائم بتعادل مثير أمام النصر!    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقرير إقليمي حديث يرصد الإنتهاكات التي تعرض لها الصحفيون في اليمن
نشر في يمنات يوم 0

ذكر تقرير حديث عن الحريات الصحفية في الوطن العربي تزايد الانتهاكات والاعتداءات لحرية الصحافة والصحافيين خلال العام 2007م والتي رافقها ممارسة العديد من الصحفيين والكتاب لحرية التعبير بطريقة غير مألوفة في اليمن حد تجاوزها لما كان يعتقد أنها "خطوط حمراء" وأيضاً لاستمرار حملة التحريض والاستعداء ضد الصحفيين التي يقوم بها قيادات في الدولة وتتناولها وسائل الإعلام العامة من خلال مفردات يتم إطلاقها في الخطابات والمقابلات والمقالات والأخبار ضد الصحفيين المخالفين بالرأي .
وأوضح التقريرأن من أبرز المعوقات الرئيسية التي تواجه حرية الصحافة في اليمن التعطيل القضائي للصحيفة وإغلاقها ومنعها من التداول والطباعة, إلى جانب فقدان الصحفي صفته الصحفية بسبب فصله وفقاً لنص في القانون أو منعه من مزاولة المهنة كعقوبة تكميلية .
وأشار التقرير الإقليمي الصادر عن مركز عمان لحقوق الإنسان أن معاقبة رئيس التحرير كفاعل أصلي إلى جانب الكاتب وفقاً لمبدأ المسئولية التضامنية التي فرضها القانون اليمني يمثل إخلالاً بمواد الدستور وخروجاً عن مبدأ شخصية العقوبة وإحالة الصحفيين إلى رقباء في ممارسة النشاط الصحفي لتفادي الوقوع في قضايا يجرمها القانون .
و تطرق التقرير الذي شارك في إعداده من اليمن الزميل / رشاد الشرعبي إلى أن القانون لم يتضمن نصوصا واضحة تحدد الفوارق بين الصحف الرسمية والأهلية والحزبية سواء من حيث بنائها الداخلي أو فيما يتعلق بالصحفيين وحقوقهم.
نص التقرير:
ليس جديداً القول إن الحق في الحصول على المعلومات وتداولها ونشرها والحق في التعبير عن الرأي كلاهما يرتبطان ببعضهما وبحرية الإعلام لتأمين عملية حصول الناس على المعلومات عبر وسائل الإعلام من أي مصدر وحرية نقلها ونشر الأفكار حولها والآراء دون قيود, وبغض النظر عن نوع الوسيلة الإعلامية (صحافة مطبوعة, أو إلكترونية, او محطات الإذاعة والتلفزيون الرضية أو الفضائية, او حتى عبر الهاتف الجوال).
ومع مايشهده العالم من تطورات متسارعة في مجال التكنولوجيا والاتصالات والإعلام لم يعد من المقبول لنظام في أي دولة كانت يزعم انه نظام ديمقراطي قائم على التعددية ويكفل حقوق الإنسان والحريات العامة, وينص دستوره على الالتزام بالمواثيق الدولية الموقع عليها, ان يظل ينتقص من تمتع مواطني دولة هذا النظام بحقوقهم الإنسانية ومنها الحق في المعرفة, والحق في الحصول على المعلومات والحق في التعبير عن الرأي بحرية تامة, والحق في امتلاك وسائل الإعلام أيا كان نوعها.
وفي دولة كاليمن تتباهى باستمرار بعدد الاتفاقيات والمواثيق والعهود الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والتي وقعت عليها (أكثر من 55 وثيقة), ورغم مرور 17 عاماً على إعلان الوحدة اليمنية وإقرار دستور ينص على ان "لكل مواطن حق الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية, وتكفل الدولة حرية الفكر والإعراب عن الرأي بالقول والكتابة والتصوير في حدود القانون", وبرغم انه لم يكن بمستوى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أو العهدين الدوليين, إلا أنه حتى تلك الحقوق المقيدة والمنقوصة لا تزال بعيدة المنال, وسلبت نصوص قانون الصحافة والمطبوعات ولائحته التنفيذية الجزء الكبير لتأتي الممارسة العملية على ماتبقى من هامش حقوقي.
ولقد كفل الدستور اليمني لمواطنيه حق الإعراب عن الرأي بالثلاث الوسائل (القول, الكتابة, التصوير) وقيدها بعبارة "في حدود القانون", ونتيجة لهذا الخلل الدستوري فإن الحكومة اليمنية مازالت ترفض السماح لليمنيين بامتلاك القنوات الإذاعية والتلفزيونية, ومع الإصرار على حرمان المواطن اليمني من امتلاك وسائل التعبير الأكثر فعالية, والتي تمكنه من التعبير عن رأيه في مختلف القضايا, يبقى الحديث عن حق المواطنيين في التعبير عن آرائهم مقصوراً على مايكتب في الصحف.
وانفرد الدستور اليمني بتحديد الوسائل الثلاث (الكتابة والقول والتصوير) عن دساتير الدول العربية التي تضيف "وسائر وسائل التعبير", مايعني أن المشرع اليمني أتاح مجال التعبير عن الرأي من خلال 3 وسائل فقط, لأن واقع الممارسة لم ينحصر فيها فقط وإنما تعداها إلى وسائل التعبير كافة.
والحصول على المعلومة وحرية نشرها هو حق للصحفي في الحصول على الأخبار والإحصائيات والمعلومات والأفكار وضمان حريته في إذاعتها ونشرها وتداولها وحق يشمل الصحفي والمواطن عامة, ويرى الخبير القانوني احمد الوادعي أن ذلك الأمر يتضمن إعادة بناء النظام السياسي والإداري في اليمن كأساس لإيجاد وازدهار حرية الرأي في اليمن, لمامن شأنه توفير "مستوى من الشفافية يسمح بتدفق المعلومات إلى المجتمع والأفراد بدون عوائق", على اعتبار أن "الدولة بأجهزتها المختلفة بحكم مالها من سلطة ومن إمكانيات, هي بمثابة بنك المعلومات في اليمن تستوجب إزالة الحُجب الموضوعة على هذه المعلومات حالياً يجب ان تُزال ولامبرر للإبقاء عليها إلا حرمان المواطنين من معرفة حقائق الأمور ووعيها فكل شيء في اليمن مكشوف معروف للخارج ولكنه مضنون به على أهله فقط وهم المواطنون".
وينص الدستور اليمني على كفالة حق الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمواطنين, إلا انه لم يكفل لهم الوسيلة اللازمة ليكون هذا الإسهام ممكناً وفاعلاً, وهي الحصول على المعلومات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية, ولكنه بخلاف دساتير اخرى, اغفل ذلك فليس فيه نص خاص بهذا الحق, ومن الطبيعي في ظل هذه الضبابية الدستورية السالبة للحقوق ان تبرز الصعوبة في "إدراك حق المعرفة وتدفق المعلومات والذي يؤدي احتكارها وعدم شفافيتها وعدم مد الصحفي بها بسبب عدم وضوح مصادر المعلومات او بسبب القيود القانونية المفروضة سارية المفعول التي تشير الى سرية المعلومات والوثائق ممايخل بالحق الدستوري والقانوني الخاص بالحصول على المعلومات كجوهر أساسي", وترى وكيلة وزارة الإعلام اليمني انه ذلك يسنده "عدم وجود نصوص قانونية تستوعب المستجدات والمتغيرات والتطورات التكنولوجية في حقل الصحافة والمعلوماتية مما يؤدي إلى عدم وضوح العلاقة بين الشركاء الذين يستخدمونها", بالإضافة إلى عدم وجود نصوص خاصة بالمعلومات على اعتبار ان "تدفق المعلومات الموثوق بها المتصفة بالشمولية والملائمة والجودة والمصداقية يسمح بالشفافية وتحسين أداء الحكومة وتقليص قوى الفساد"
ومع القصور الكبير الذي احتواه الدستور اليمني تجاه الحقوق المؤكدة عليها المواثيق الدولية, فإن قانون الصحافة والمطبوعات لسنة 1990م ولائحته التنفيذية مثلا خطا راجعا عن ما نص عليه الدستور ذاته, ومنذ أكثر من 3 سنوات والحكومة تلوح بمشروع تعديل للقانون النافذ طالت قبضته الشمولية الصحافة الإلكترونية ونقابة الصحافيين ككيان مدني وعوضت عقوبة حبس الصحفي بقضايا النشر بغرامات مالية تثقل كاهل الصحافة الحزبية والأهلية محدودة الموارد أساساً, في حين لوحت العام 2007م بمشروع قانون جديد بشأن (حماية الوحدة الوطنية والجبهة الداخلية والسلام الاجتماعي) بدا من خلال نصوصه التي قوبلت بالرفض الشديد حتى من وسط الحزب الحاكم, انه يهدف إلى "إصباغ الصفة القانونية على الأفعال القمعية", ويتيح للحكومة "إمكانية تطويع وتكييف مايروق لها من التهم ضد المعارضين وإنزال عقوبات قاسية ضدهم لا يقل حدها الأدنى عن سنتين من السجن ويبلغ حدها الأعلى 15 عاماً من السجن والأخطر وضع هامش عريض لإنزال عقوبة الإعدام بحق المتهمين, واعتبرت المعارضة والفعاليات المدنية ان مشروع القانون هذا خطورته أكبر مما في مشروع التعديل لقانون الصحافة الذي رفض تماماً والتزمت الحكومة للمانحين بعدم تمريره عبر مجلس النواب إلا بعد موافقة الأوساط الصحفية عليه, حيث يحقق مشروع قانون حماية الوحدة ذات الهدف الذي كان يراد تحقيقه من خلال مشروع التعديل لقانون الصحافة لأنه يفرض عقوبات ضد حرية الصحافة وضد ذوي الرأي المغاير تحت غطاء حماية الوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي, وتمنع إحدى مواده تناول رئيس الجمهورية بالنقد باعتباره رمز الدولة.
وبغض النظر عن اللائحة التنفيذية لقانون الصحافة والمطبوعات الصادرة عام 1992م والتي تحكم الخناق على الحرية المحدودة للصحافة الحزبية والأهلية, إلا أن قوانين أخرى تتضمن عقوبات تصل في بعض الأحيان حد الإعدام والسجن لعشر سنوات في قضايا النشر حيث خصص باب كامل لجرائم العلانية والنشر من قانون الجرائم والعقوبات, بالإضافة إلى قانون الإجراءات الجزائية والوثائق والخدمة العسكرية.
ويؤخذ على قانون الصحافة النافذ الذي وضعت الحكومة مشروع تعديل له أسوأ منه, محظوراته ومفرداته الفضفاضة والضبابية وأنه لم يضع حدود واضحة لحرية التعبير وعدم دقة الحقوق والواجبات والأدوار المناطة بالدولة وأفراد المجتمع وعدم وضوح بعض المفاهيم مما يجعلها عرضة للتأويل المغلوط, وكذلك توسعه في دائرة التجريم خصوصاً في كثرة الأفعال التي اعتبرتها القوانين اليمنية "جرائم ومحظورات النشر, و"الإسراف في العقوبات السالبة للحرية وإنفاذها بطريقة لا تتناسب في أحوال كثيرة مع حجم المخالفات المرتكبة (مبدأ تفرد العقوبة), بل وفي بعض الأحيان تبلغ في قساوتها حداً كبيراً, مما يجعل الصحفي ناقلاً للمعلومات ومستعرضاً قضايا سطحية لا تفيد القارئ في شيء بسبب خوفه من الملاحقة الجنائية مما يؤدي إلى إخلاله بحق حرية التعبير ويلزم نفسه برقابة ذاتيه".
ومن المعوقات الرئيسية لحرية الصحافة سواءاً بين نصوص قانون الصحافة أو القوانين الأخرى التعطيل القضائي للصحيفة وإغلاقها ومنعها من التداول والطباعة, إلى جانب فقدان الصحفي صفته الصحفية بسبب فصله وفقاً لنص في القانون او منعه من مزاولة المهنة كعقوبة تكميلية, وأيضاً معاقبة رئيس التحرير كفاعل أصلي إلى جانب الكاتب وفقاً لمبدأ المسئولية التضامنية التي فرضها القانون ممامثل إخلالاً بمواد الدستور وخروجاً عن مبدأ شخصية العقوبة وإحالة الصحفيين الى رقباء في ممارسة النشاط الصحفي لتفادي الوقوع في قضايا يجرمها القانون, وفوق ذلك لم يتضمن القانون نصوص واضحة تحدد الفوارق بين الصحف الرسمية والأهلية والحزبية سواءاً من حيث بناءها الداخلي أم مايتعلق بالصحفيين وحقوقهم".
تصاعد المطالب بتحرير الإعلام
وخلال العام 2007م كانت قضية الحريات الإعلامية عموماً ذات حضور متصاعد باستمرار وارتفع سقف المطالبين بها حد تبني نقابة الصحافيين الدعوة لطرح المؤسسات الصحافية الرسمية (الثورة, الجمهورية, 14 أكتوبر) للاكتتاب لصالح العاملين فيها, ونفذت 20 اعتصاما أسبوعياً أمام مقر الحكومة وأثناء الانعقاد الدوري لمجلس الوزراء وحملت مطالب خاصة كانت تغلفها بمطالب عامة كتحرير الإعلام الرسمي من القبضة الشمولية والسماح للأفراد والجماعات بتأسيس محطات تلفزيونية أرضية وفضائية, وإذاعية, ولم تعد تخلو بيانات اجتماعات ومؤتمرات الأحزاب والنقابات ومؤسسات مدنية من الإشارة إلى هذه المطالب أو بعضها مع إدانة انتهاك حرية الصحف والصحفيين وجرجرتهم إلى ساحات القضاء بصورة تعسفية.
فحزب الإصلاح الذي كان يعتقد لتوجهه الإسلامي المحافظ انه فيما يخص حرية الإعلام انه في ذيل أحزاب المعارضة المنضوية في إطار تكتل اللقاء المشترك الذي يعد أكبرها, كان البيان الختامي لمؤتمره العام الرابع يقدم صورة واضحة للسقف الذي وصلت إليه هذه المطالب, حيث أشار إلى أن "من أهم أسس ومفاهيم العمل الديمقراطي هو الحق في التعبير وحرية النشر وامتلاك وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية وكفالة حق الصحفيين في الحصول على المعلومات", ودعا إلى إلغاء قانون الصحافة والمطبوعات النافذ والتشريع بما من شأنه كفالة هذه الحقوق وإلغاء عقوبة حبس الصحافيين والتأكيد على الحق في الحصول على المعلومات من مصادرها وكفالة حياة معيشية كريمة للعاملين في الوسائل الإعلامية, مع تكليف قيادة الحزب بالعمل مع كافة القوى لتخليص الإعلام الرسمي من الهيمنة الأحادية لحزب واحد بما يجعله وسيلة للارتقاء بالوعي الشعبي العام وتوسيع آفاقه ومداركه وتعزيزاً لقيم الحوار والتسامح والتنافس الشريف, وطالب بإطلاق حرية إنشاء القنوات الفضائية التلفزيونية والإذاعية دون شروط تعسفية, إلا أنه قيدها بشرط ملتزمة بالثوابت الإسلامية والوطنية المنصوص عليها في الدستور, وشدد على ضرورة العمل على استصدار قانون من مجلس النواب يؤكد على حق الحصول على المعلومات للمواطنين وتجريم كل من يمتنع في أجهزة الدولة عن توفيرها.
لم يقف الأمر على النقابة وأحزاب المعارضة في الدفع نحو تحرير وسائل الإعلام العامة من القبضة الشمولية وإنهاء احتكار وسائل الإعلام المرئية والمسموعة, فالعديد من منظمات المجتمع المدني عملت في هذا الاتجاه, حيث قادت منظمة صحفيات بلاقيود الإعتصامات التي نفذت على مدار 20 أسبوعا فيما عرف بعد ذلك (ساحة الحرية) أمام مجلس الوزراء وكان من المطالب التي أعلن عنها قضية تحرير الإعلام العام وإنهاء الاحتكار الحكومي للإعلام المسموع والمرئي, وأثمرت تلك الإعتصامات منح العديد من الصحف تراخيص بعد ان ظلت الوزارة تمتنع عن البت في أكثر من 60 طلب ترخيص, بمبررات مختلفة, وخلصت نقاشات ندوتين نظمهما المرصد اليمني لحقوق الإنسان (دور الإعلام في التحول الديمقراطي) وملتقى المرأة للدراسات والتدريب (تحرير الإعلام في اليمن بين الواقع والضرورات الحتمية), إلى ذات النتيجة, بالإضافة الى الكثير من الفعاليات التي تبنتها منظمات مهتمة بحرية الصحافة والإعلام.
ودشنت المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون الحكومية قناة مهتمة بالتعليم والشباب والرياضة والسياحة إلى جانب بث القناة التلفزيونية الثانية عدن عبر القمر الصناعي عربسات وأطلق على الاولى إسم سبأ رغم وجود قناة بذات الإسم عن اطلاق بثها التجريبي من بريطانيا قد سبق الحجز لها بشهرين لرجل الأعمال المعارض (حميد الأحمر) كنوع من التضييق وتقييد الحرية حتى خارج اليمن, ورفض الأحمر ومجموعة مستثمرين آخرين مالجأت اليه الحكومة, مؤكدين انهم "يرغبون بالإستثمار داخل اليمن في المجال الإعلامي, غير أن القوانين واللوائح المنظمة للعمل الإعلامي في اليمن لا تسمح بالبث الفضائي الخاص, وفي حال السماح بالبث الفضائي فسيبادروا للإستثمار في العمل الإعلامي داخلياً, وسجلت فضائية السعيدة - تبث من العاصمة المصرية - نفسها كأول قناة يمنية خاصة رغم انها تبث من خارج اليمن وتتبع رجال أعمال قريبين للسلطة او لهم علاقة بمسئولين سابقين في التلفزيون الرسمي. وتبرر الحكومة عدم السماح للأفراد والجماعات بإنشاء محطات تلفزيونية او إذاعية, بأن ذلك يعود الى القانون رقم 32 لسنة 2003م بشأن تنظيم المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون, الذي أعطى للمؤسسة وحدها حق البث الإذاعي والتلفزيوني الأرضي والفضائي, وبذلك يعتبر هذا النشاط محتكراً من قبل الدولة فهي التي تقيم المحطات الإذاعية والتلفزيونية, وأتاح القانون الفرصة لإقامة مؤسسات الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني على إطلاق مفهوم الإنتاج كنوع من التجارة والإستثمار.
الإعلام العام
يتمثل الإعلام العام في اليمن في وسائل الإعلام التابعة للدولة (تلفزيون, إذاعة, صحافة مطبوعة وإلكترونية) والتي تمول من الخزينة العامة ولليمن قناتين (فضائية أرضية) إحداهما تبث من صنعاء والأخرى تبث من عدن, بالإضافة الى القناة التعليمية والشبابية والسياحية التي بدأت إشارات ترددها وسيقتصر بث الثلاث - بإستثناء الفضائية - عبر القمر العربي عربسات, وهناك إذاعتين عامتين إحداهما تبث من صنعاء والثانية من عدن, بالإضافة الى الإذاعات المحلية في المحافظات (تعز, إب, حجة, صعدة, المكلا, المهرة, الحديدة, ابين).
وفي مجال الصحافة المكتوبة لليمن 4 مؤسسات صحفية تتفاوت في حجمها وإمكانياتها وإصداراتها (مؤسسة الثورة - صنعاء, الجمهورية - تعز, 14 أكتوبر - عدن, دار باكثير - حضرموت), إلى جانب وكالة الأنباء الرسمية (سبأ) وهي الوكالة الوحيدة في اليمن, في حين ان لدائرة التوجيه المعنوي للقوات المسلحة مؤسسة صحفية متكاملة (26 سبتمبر), بالإضافة الى العديد من الصحف والمجلات الصادرة عن الوزارات والمؤسسات والمصالح الحكومية العسكرية والمدنية.
والإعلام العام بكل تنوعاته هذه بالإضافة الى المواقع التابعة له على شبكة الأنترنت, يعمل وفق آلية محددة وبذات الطريقة القديمة, ولا يقف الأمر فقط عند الدعاية الفجة للحاكم شخصاً وحزباً ومؤسسة وإقصاء الآخر المختلف سياسياً وحزبياً ونقابياً مع توجه النظام وحتى من قد يكون ضمن منظومة النظام ويطرح رأي مختلف, ولكنه يُسخر لمهاجمة الآخر وتخوينه وطنياً وتكفيره دينياً واتهامه بالعمالة والسعي للإضرار بالوطن والتآمر عليه, فعلى سبيل المثال فإنه يجرى استبعاد أحزاب المعارضة من إذاعة أي نشاط يتعلق بها رغم انه حق مكفول بنص المادة (24) و(42) من الدستور والمادة(31) من قانون الأحزاب والتنظيمات السياسية التي تنص على أن " تمكن أجهزة الإعلام الرسمية جميع الأحزاب والتنظيمات السياسية بالسوية من استخدام وسائلها لنقل وجهات نظرها إلى المواطنين.
وتحرص أحزاب المعارضة في تكتل اللقاء المشترك على ان تحصل على نصيبها من النشر في وسائل الإعلام الرسمية كحق دستوري وقانون لايجب التفريط فيه, إلا انه في كل البيانات الصادرة عن الهيئات القيادية لتلك الاحزاب يتم الإجتزاء منها مايتعلق بالقضايا العربية والدولية ونشره, وفي القضايا الداخلية المتعلقة بأوضاع اليمن والتطورات الجارية فيها ومواقف الاحزاب بشأنها يتم حجبها وإسقاطها, وتتهمها المعارضة بانها تتحايل للتهرب من الإلزام الدستوري في تغطية آراء ومواقف وفعاليات احزاب المعارضة بنفس الدرجة والمساحة عند تغطيتها لمايصدر عن الحزب الحاكم. والإعلام الرسمي في اليمن ذو سطوة أكبر في بلد تتجاوز فيه الأمية ال 65 % في الرجال وال 70 % في النساء, ويمارس دور آخطر من الدعاية والترويج للحزب فهو يحرض منتسبي الجيش والأمن ضد المعارضة احزاب وصحافيين وصحف ويتصدر تلك التعبئة والتحريض رئيس الدولة من خلال خطاباته خاصة في المعسكرات والمناسبات الوطنية والحوارات الصحفية. ورغم إستمرار الصحفيين في وسائل الإعلام الرسمية في مطالبتهم لعقدين بإقرار الكادر الصحفي لتحسين اوضاعهم المالية, إلا ان وضع العاملين في مختلف وسائل الإعلام العام لايختلف كثيراً عن تلك الصورة الشمولية للوسائل وإدارتها.
ولا يقف الأمر عند الإلتفاف على حق احزاب المعارضة في نشر وبث أنشطة هيئاتها وإقصاء أصحاب الرأي غير المتوافق مع التوجه الرسمي سواء كانوا معارضة أو مستقلين او من داخل الحزب والنظام الحاكم, فوسائل الإعلام تعمل على التحريض ضد المعارضة والصحافيين وتوجيه تهم الخيانة والعمالة والتكفير والقذف والتشهير وبعض الأحيان التهديد, من خلال خطابات وتصريحات مسئولي الدولة وخاصة رئيس الجمهورية وفي الغالب تنطلق من داخل معسكرات واجتماعات وفعاليات الجيش والامن, او من خلال الأخبار الصحفية والكتابات وإفتتاحيات الصحف والتغطيات الخبرية للأنشطة والفعاليات.
ويصل الخطاب الرسمي إلى أبعد من التخوين والتشهير بالمعارضة (صحافة واحزاب وفعاليات ومنظمات) حد إتهامهم من قبل الرئيس قبل سنوات من داخل احد المعسكرات بأنهم يتسكعون في السفارات الأجنبية ويتنافسون على موائدها, وتحدى في خطاب آخر عام 2007م "كل من يدعي ان هناك صحفياً تعرض للأذى من السلطات ان يثبت صحة ذلك الإدعاء, والإدعاءات التي تتحدث عن تعرض الصحفيين لمضايقات هي إعتداءات مدفوعة الأجر, ينفذها أشخاص مأجورين, وبعض الصحفيين يدعي ذلك من أجل الضجيج الإعلامي وتهييج الرأي العام, وهناك من يقول تعال نضج في الصحافة ونذهب إلى السفارة الأميركية"..
كفل قانون الصحافة والمطبوعات الحالي الحرية للصحافة ومنح المواطنين حق إصدار الصحف والمجلات وملكيتها كحق تتمتع به الأحزاب السياسية المصرح لها والأفراد والشخصيات الإعتبارية والمظمات الجماهيرية والإبداعية والوزارات والمؤسسات الحكومية, وأعطى القانون حق التظلم أمام القضاء لمن أستكمل الشروط القانونية بإنشاء الصحيفة ورُفض طلبه, وذلك خلال 30 يوماً من تاريخ إبلاغه بالرفض او مضي 30 يوماً دون الرد على طلبه.
إلا أن الواقع يبتعد كثيراً عن ذلك من خلال اللائحة التنفيذية للقانون والممارسات العملية لموظفي وزارة الإعلام, مماجعل الحصول على ترخيص في اليمن صعب جداً, هناك شروط صعبة وإشتراطات كبيرة, وليس القانون هو الفيصل فمازال الترخيص نوع من انواع الرقابة كما يقول القيادي في نقابة الصحافيين (علي الجرادي), ورفضت الكثير من الطلبات بمنح تراخيص إصدار الصحف بسبب موقف طالبي التراخيص من النظام, فقد استمر الصحفي سمير جبران يتابع الحصول على ترخيص اكثر من 4 اشهر رغم إستكمال الشروط القانونية المعقدة, وفي المقابل يمنح التراخيص لآخرين قد لاتنطبق عليهم الشروط القانونية او شروط مزاولة المهنة التي تعمل بها نقابة الصحافيين.
والصحافة في اليمن مازالت تابعة لمؤسسات حكومية صحفية او أخرى, او صحافة أحزاب او صحافة أفراد وأشخاص في الأغلب, وبحسب الوكيل المساعد لوزارة الإعلام (المحامية فتحية عبدالواسع) فإن هناك من الصحف والمجلات المنتظمة الصدور 145 من إجمالي الصحف المصرح لها والبالغ عددها 363", وتعترف انه كمايبدو ان الإستثمار في المجال الصحفي ينطوي على مخاطر لاتشجع أصحاب رأس المال على الإستثمار فيه, وإلى جانب ذلك فإن سبباً آخر لبقاء الصحافة اليمنية المعارضة (الأهلية والحزبية) في حالتها المتردية, حيث تمارس عليها الضغوط كالحرمان من الإعلانات التي تشكل مورداً لها من خلال منع الشركات ورجال الأعمال من الإعلان وخوفهم من نشر إعلاناتهم في صحف المعارضة والذي يترتب عليه ضغوط واجراءات قانونية او غير قانونية تمارس عليهم من قبل السلطات الرسمية تضر بمصالحهم التجارية, فالصحافة بإعتبارها القناة الوحيدة للرأي الآخر يتم التركيز عليها وتفريغها من مضمونها وممارسة الضغوط عليها وحرمانها من المدد المالي بحرمانها من الإعلانات, والصحف الرسمية وبعض الصحف الحزبية والأهلية (الموالاة) هي التي تحتكر الإعلانات.
وتشير الإحصائيات إلى وجود 100 صحيفة أهلية وحزبية, إلى جانب 185 صحيفة ومجلة مسجلة صدر منها البعض لفترة وتوقفت جميعها, وتوجد 23 صحيفة حصلت على تراخيص ولم تصدر تماماً, بالإضافة إلى 8 مجلات متخصصة, غير المجلات الصادرة عن المؤسسات والجامعات والمعاهد العلمية والثقافية, ورغم ذلك, إلا انه وخلال السنوات الأخيرة استقبلت الساحة اليمنية تباعاً عدداً من الصحف الأهلية المستقلة والجادة تتجه نحو التشكل كمؤسسات صحفية ولازالت, وكان لها الدور الأكبر في الحراك السياسي الذي شهدته اليمن ولازالت منذ ماقبل إنتخابات 2006م, وساهمت في رفع سقف الحرية إلى اكبر مدى, وصارت محل إهتمام مختلف الأطياف السياسية والإجتماعية, ونافذة للتسابق على التعبير عن الرأي والمواقف من خلال التناولات الصحفية المختلفة, وتحولت إلى ملجأ للمظلومين ومسلوبي الحقوق ومنتهكي الحريات, وايضاً وسيلة لكشف الفساد وكان لها دور في دفع الحكومة للتراجع عن اتفاقيات ظللتها صفقات فساد كالإتفاقية المفاعيل النووية وقبلها الإتفاقية النفطية وتشغيل المنطقة الحرة بعدن اللتان ساندت البرلمان في حشد الرأي العام ضدهما.
الإنتهاكات والمحاكمات
تزايدت الانتهاكات والاعتداءات لحرية الصحافة والصحافيين مع تصاعد ممارسة العديد من الصحفيين والكتاب لحرية التعبير بطريقة غير مألوفة في اليمن حد تجاوزها لماكان يعتقد أنها "خطوط حمراء" وأيضاً لإستمرار حملة التحريض والاستعداء ضد الصحفيين التي يقوم بها قيادات في الدولة وتتناولها وسائل الاعلام العامة من خلال مفردات يتم إطلاقها في الخطابات والمقابلات والمقالات والاخبار ضد الصحفيين المخالفين بالرأي.
وبحسب واقع حرية الصحافة في اليمن فإنه نتيجة لذلك التحريض بالدرجة الأولى الذي يأتي بسبب ضيق السلطة وقياداتها بالنقد والرأي الآخر وكشف الفساد والمظالم تتصاعد الإعتداءات التي تقوم بها الأجهزة الرسمية أو افراد خارجها يرون الصحفي مستحقاً لذلك إلى جانب إنتهاكات يقدم عليها أفراد وضباط وقيادات في الجيش والأجهزة الأمنية قد تكون دون توجيهات لقادتهم أومن هو أعلى منهم ويرتكبونها في ظل اعتقاد ان الصحفي خائن ومثير للفتن ومغضوب عليه من الدولة ولايتعرض الجناة في حقه حتى للمسائلة وهو مالم يحدث - بحسب بيانات نقابة الصحافيين - حتى الآن بمسائلة أي منتهك لحرية الصحافة أومعتدي على صحفي أوصحيفة.
وتنوعت - ولازالت - تلك الانتهاكات لحرية الصحافة والاعتداءات مابين إغلاق الصحف وسحب تراخيصها ومنع توزيعها وطباعتها وجرجرتها إلى النيابات والمحاكم والحرمان من منح التراخيص والضغط على المعلنين, والقتل والضرب الوحشي والاختطافات من قبل جهات رسمية وجماعات أو أفراد غير رسمية ومجهولين والاعتقالات التعسفية والترغيب والترهيب والتهديد والتضييق في الوظيفة والتخوين والتكفير والتحريض والتصنت والمنع من السفر وحجب الصحف الالكترونية على شبكة الانترنت وتلفيق التهم بقضايا جنائية والتحريض خاصة في المعسكرات من قبل مسئولي الدولة في مقدمتهم الرئيس, حتى وصلت تلك الانتهاكات والضغوط حد القذف والنيل من أعراض الصحافيات واسر الصحافيين.وذكر تقرير حول إنتهاكات حرية الصحافة لعام 2007 م في اليمن انها تميزت بأنها الأكبر كماً وكيفاً وزادت بمعدل الضعف عن العام 2006م, ورصد تقرير منظمة صحفيات بلاقيود 113 حالة انتهاك للعام المنصرم مقابل 67 حالة في العام السابق, دون ان يرصد حالات انتهاك أخرى غير مباشرة تمثلت في رفض وزارة الإعلام التصريح 68 طلب ترخيص لإصدار صحف ومجلات، وأضاف "وبذلك تكون الانتهاكات لعام 2007 قد بلغت معدل3 انتهاكات تقريبا في الاسبوع الواحد".
ووفق تقرير آخر للمنتدى الموازي لمنتدى المستقبل, فقد تم خلال 10 اشهر من العام 2007م, رصد 125 حالة إنتهاك وأغلاق صحف ووقف وسجن عدداً من الصحفيين والمفكرين والكتاب, واختطاف آخرين بسبب آرائهم السياسية المعارضة, في الوقت الذي سجلت 85 حالة انتهاك لحرية الصحافة والصحافيين خلال العام السابق 2006, وذكرت معلومات رسمية ان القضاء اليمني نظر في 133 قضية مرتبطة بالصحافة خلال 2000-2006م, 60 منها صدرت فيها أحكام بالإدانة والسجن والغرامة, و13 براءة, و16 انقضاء الدعوى بسبب تنازل المجني عليه, و10 رفضت الدعوى فيها, و18 قضية لم يصدر فيها حكم حتى نهاية 2006م, بالإضافة إلى 9 قضايا خارجة عنها ارسلت لمحكمة غرب الأمانة ولم يعرف مصيرها وقضيتان تفصل فيهما محكمة الإستئناف, ومثلهما حفظت, ودعوى إحتساب واحدة وواحدة اكتفى القضاء بتوجيه اللوم.
ووفق الإحصائية التي أجراها الباحث من واقع المعلومات التي تضمنها كتاب صادر عن وزارة الإعلام بعنوان (الصحافة اليمنية 1990م-2006م), فإن 6 قضايا رفعها وزراء في الحكومة وقضيتين رئيس وزراء ونائب رئيس جمهورية سابق, وتوزعت البقية بين قضايا رفعتها وزارة الإعلام او نيابة الصحافة نيابة عن رئيس الجمهورية او سفارات وسفراء اجانب وقضايا رفعتها وزارات ومؤسسات حكومية اخرى مدنية وعسكرية وامنية وبرلمانيين سابقين وحاليين ورجال اعمال وقيادات حزبية وبدا حجم القضايا المرفوعة من مواطنين تضرروا من النشر لاتتجاوز العشر قضايا.
وتجاوز الأمر ذلك في عام 2007م إلى نقل المعركة مع الصحافة إلى المحكمة الجزائية المتخصصة بقضايا الإرهاب وأمن الدولة, فقد أقتيد الصحفي عبدالكريم الخيواني بعد إعتداءات قوة امنية اقتحمت منزله الى النيابة الجزائية المتخصصة دون ان يسمح له حتى بإرتداء ملابسه لمباغتته نائماً, ووجهت له تهمة العلاقة بخلية صنعاء الثالثة, الخلية التي بدأت وسائل إعلام الحكومة التحدث عنها ونشر أسماء اعضائها عقب إعتقاله وفي سياق تبرير إعتقاله, وكانت التهمة قيامه بالترويج لأفكار الحوثيين - يقودون تمرداً ضد الدولة في صعدة شمال البلاد - لدى وسائل الإعلام.
وكانت الخطوة الثانية تقديم صحيفة الشارع المستقلة - حديثة الصدور - الى ذات المحكمة في القضية المرفوعة من وزارة الدفاع وتبنتها النيابة الجزائية والتي طالبت بإعمال مادة في قانون العقوبات تنص على الإعدام للمتهمين الثلاثة رئيس ومدير التحرير ومحرر(نائف حسان, نبيل سبيع, محمود طه) على ذمة قضية نشر تتعلق بملف المتطوعين في حرب صعدة في اول عدد للصحيفة, وهو ما اعتبر تجاوز بالمحكمة عن المهمات المعلنة لها وتكريس لإرهاب ذوي الرأي, واستغربت نقابة الصحفيين إصرار النيابة على إحالة شكوى وزارة الدفاع ضد الصحيفة الى المحكمة الجزائية, في سابقة خطيرة لايتوقف أثرها عند الإضرار بالمركز القانوني للمتهمين, بل يتعداه إلى المساس بالركائز الدستورية التي تبنى عليها مهنة الصحافة منذ الوحدة اليمنية 1990, وأعتبرت منظمة المادة 19 إحالة رؤساء تحرير ومحررين للمحاكمة امام المحكمة الجزائية, حيث يواجهون عقوبة الإعدام, سابقة مقلقة للغاية وإشارة إسكات أكثر قمعاً للإعلام.
مجهولو الهوية
ولأن الإنتهاكات كانت سابقاً تتم من قبل جهات معروفة كأجهزة المخابرات والأمن والجيش, كان من السهل مواجهتها, لكن في الفترة الأخيرة - بحسب امين عام نقابة الصحافيين مروان دماج- فقد أصبحت في الفترة الأخيرة تمارسها جهات مجهولة أقرب إلى العصابات, ما يجعل النقابة عاجزة عن متابعة جهة مجهولة خاصة فيما يتعلق بالقضايا الكبيرة والخطيرة, وبقاء هذه القضايا مقيدة ضد مجهول وعدم كشف الجناة وتقديمهم للعدالة يعني إستمرار الإعتداءات وتفاقمها, إلا أن الأمر بدا متجاوزاً لماكان, ففي اغسطس تعرض عبدالكريم الخيواني للإختطاف اغسطس في وضح النهار من أحد الشوارع الرئيسية بالعاصمة صنعاء امام زملائه والعشرات من المواطنين, وأعقبه بيان صادر عن وزارة الداخلية ينفي الإعتداء البشع, معتبراً ان الخيواني ذهب إلى منطقة خولان خارج العاصمة صنعاء لحضور حفل عرس لأحد معاريفه, وأعتبرتها نقابة الصحافيين "جريمة خطيرة وتكراراً لجرائم سابقة ارتكبتها جهات وجماعات معادية للصحافة والقيم الديمقراطية في اليمن", ولفتت إلى أن "مسارعة الجهات الأمنية نفي حدوث جريمة وقعت في قلب العاصمة وعلى مرأى من صحفيين ومواطنيين كانوا قريبين من مكان وقوعها, ليس من شأنه إلا إظهار الجهات الأمنية بإعتبارها متواطئة في جريمة الإختطاف التي استهدفت الخيواني".
وفيما يجرجر الصحافيين أمام أجهزة القضاء في قضايا تستند إلى النصوص الفضفاضة لمحظورات النشر في القانون النافذ, لم تعلن الأجهزة الأمنية عن القبض أوحتى الكشف عن أياً من الجناة في قضايا الاعتداءات التي طالت الصحفيين لسنوات بعضها كادت أن تودي بحياتهم ولم تجد نفعاً مطالبات نقابة الصحافيين المتكررة لوزارة الداخلية لإعلان حسن النية تجاه الصحفيين بالكشف عن الجناة أو تقديهم للقضاء.
مراسلو الإعلام الخارجي
الكثيرون من مراسلي وسائل الإعلام الخارجية ينالهم قسط من الإنتهاكات مثل غيرهم من الصحفيين اليمنيين, ولطبيعة عملهم تفاقمت مشكلتهم بصورة أكبر فلم يقف الأمر عند منعهم من بث تقاريرهم عبر الفضائية اليمنية كخيار وحيد امامهم مما سبب لهم مزيد من المتاعب في اداء مهمتهم, فبسبب الحراك الشعبي وتصاعد الفعاليات الإحتجاجية خاصة في المحافظات الجنوبية والشرقية, زادت الأجهزة من سطوتها, فقد منعت طواقم قناة الجزيرة من تغطية 4 فعاليات شعبية في محافظات (لحج, والضالع, وحضرموت), واحتجزت الطواقم وأدوات عملهم لساعات في مكاتبها او فندق او هددت بإغلاق مكتب القناة في اليمن إذا تم التعامل مع الخبر, وأقدمت على مصادرة - بعد الإحتجاز للطاقم- اشرطة التسجيل التابع لقناة العربية عقب تغطية فعالية قبلية إحتجاجية في محافظة عمران, ما اعتبرته النقابة دليل واضح على البيئة الخطرة التي يعمل في ظلها الصحفيون اليمنيون.
الانترنت
تواصل الحكومة احتكار خدمة الانترنت عبر شركتي يمن نت وتليمن الحكوميتين التي تقدمها لكبار المشتركين وتقوم يمن نت بحجب المواقع غير المرغوب فيها ووصلت حد حجب مواقع صحفية يمنية أو منتديات بسبب موقفها السياسي من النظام, ولم يتم إنهاء عملية الحجب لموقعي (الاشتراكي نت, الشورى نت) إلا بعد سلسلة إعتصامات للصحفيين والنشطاء وأنصار حرية التعبير, ولازالت الكثير من المواقع التي تبث من خارج اليمن لأشخاص معارضين للنظام وينتمون للمحافظات الجنوبية والشرقية تعاني الحجب (عدن برس, صوت الجنوب) ومنعت وزارة الاتصالات بث الخدمات الإخبارية لصحف أهلية معارضة عبر الهاتف الجوال عبر رسائل (SMS) وتشددت مع وزارة الإعلام على ضرورة الحصول على ترخيص بشأنها رغم خضوع الوزارتين للاستجواب من قبل نواب المعارضة في البرلمان بسببها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.