تجدد القتال العنيف في العاصمة اليمنية صنعاء يوم السبت بين القوات الموالية لنظام الرئيس علي عبدالله صالح والقوات المناوئة له، وذلك في اليوم التالي لصدور قرار مجلس الامن الذي طالب الفرقاء اليمنيين بالتوصل الى اتفاق يمنح الرئيس صالح حصانة من الملاحقة القضائية تمكنه من التنحي عن السلطة بعد شهور من الاحتجاجات الشعبية ضد نظامه. وقال شهود ومراسلون إن اصوات الانفجارات سمعت في كافة مناطق العاصمة صباح السبت الباكر، كما شوهدت اعمدة الدخان والسنة اللهب وهي ترتفع في سماء صنعاء. وقال مراسل لوكالة فرانس برس إنه شاهد سيارات الاسعاف وهي تخرج مسرعة من الحي الذي يسكن فيه الشيخ صادق الاحمر وأخوته. وكان المقاتلون التابعون للاحمر يقارعون القوات الموالية للرئيس صالح لعدة اسابيع. وفي منطقة ساحة التغيير حيث يعتصم الآلاف من اليمنيين لمطالبة صالح بالتنحي عن الحكم، اندلعت معارك عنيفة بين القوات الحكومية والجنود المتمردين الموالين للفريق المنشق علي محسن الاحمر. من جانب آخر، قالت الحكومة اليمنية يوم السبت إنها مستعدة "للتعامل بايجابية" مع قرار مجلس الامن الذي يحث الحكومة على التوقيع على اتفاق يطالب الرئيس علي عبدالله صالح بالتنحي مقابل منحه حصانة من الملاحقة القضائية. وذكر مصدر حكومي يمني في بيان أن الحكومة اليمنية مستعدة للتعامل بايجابية مع قرار مجلس الامن رقم 2014 لانه يتماشى مع جهود الحكومة لانهاء الازمة السياسية على أساس مبادرة مجلس التعاون الخليجي. وكان الرئيس صالح قد تراجع ثلاث مرات من قبل في اللحظة الاخيرة عن التوقيع على المبادرة التي جرى صياغتها بعد شهور من الاحتجاجات الشعبية المطالبة بانهاء حكم صالح المستمر منذ 33 عاما. وكان عبده الجندي نائب وزير الإعلام اليمني قد أكد يوم امس أن الحكومة اليمنية ترحب بقرار مجلس الأمن وتعتبره متوازنا، وأضاف الجندي لبي بي سي أنه لايوجد في القرار ما يستدعي القلق. وقال الجندي إنه إذا "توافرت النية عند جميع الأطراف للجلوس على مائدة الحوار للاتفاق" سيتم التوقيع على المبادرة. وأشار إلى أن القرار أدان العنف من جميع الأطراف موضحا أن الرئيس صالح أكد حق المحتجين سلميا في التعبير عن آرائهم. وأضاف الجندي أن الحكومة اليمنية تحمي الاعتصامات والمظاهرات السلمية لكنها ترفض استخدام السلاح في ساحات الاعتصام. وقال إن الرئيس اليمني لم يرفض التوقيع على مبادرة مجلس التعاون الخليجي وجدد استعداده للتوقيع عليها، موضحا أن الخلاف بشأنها حول جزئية إجراء الانتخابات. وأوضح ان الرئيس صالح عندما طالب مؤخرا بضمانات جديدة "لم تكن ضمانات شخصية بل ضمانات بأن تطبق المبادرة بالكامل" وليست البند المتعلق باستقالة الرئيس فقط. واتهم الجندي احزاب اللقاء المشترك بانها غير مستعدة لأجراء الانتخابات او إزالة أسباب التوتر في البلاد. وقد دعت الولاياتالمتحدة الى بدء العملية الانتقالية في اليمن "فورا"، وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية مارك تونر في بيان ان "المجتمع الدولي وجه اليوم رسالة واضحة وموحدة"، واصفا القرار الذي يحمل الرقم 2014 بانه "مرحلة مهمة" في اتجاه انهاء الازمة. واضاف تونر ان الطريقة الوحيدة للرد على تطلعات اليمنيين هي "البدء فورا بعملية انتقالية للسلطة" تستند الى الخطة التي تقدمت بها دول مجلس التعاون الخليجي. أما السفير البريطاني لدى الاممالمتحدة مارك ليال غرانت فقال للصحفيين إن "التصويت على هذا القرار يعكس القلق الدولي العميق". واعتبر السفير الالماني بيتر ويتيغ أن هذا القرار يمثل "رسالة سياسية واضحة جدا". وقال "انها دعوة للرئيس صالح الى التنحي عن الحكم فورا". وفي باريس، دعت وزارة الخارجية الفرنسية على لسان مساعد المتحدث باسمها رومان نادال الرئيس صالح الى "الاستماع الى الرسالة القوية من المجتمع الدولي، خلال البدء فورا بعملية نقل سلمي كامل للسلطة للرد على تطلعات الشعب اليمني والسماح بتدعيم ركائز يمن مستقر وامن وموحد وديمقراطي". وتنص مبادرة مجلس التعاون على تسليم صالح السلطة الى نائبه خلال 30 يوما من تاريخ توقيعه لها مقابل حصوله مع المقربين منه على حصانة. ووعد الرئيس اليمني مرارا بالتوقيع على الخطة الا انه احجم في المرات كافة عن القيام بذلك. وكانت الولاياتالمتحدة رفضت الاربعاء الشروط الجديدة التي وضعها صالح لتنحيه معتبرة ان اعطاء ضمانات اضافية ليس امرا ضروريا.وتطالب واشنطن حكومة صنعاء بالتحقيق في شان اعمال العنف على المتظاهرين. وتشير تقديرات إلى أن قمع الاحتجاجات التي انطلقت في يناير/ كانون الثاني باليمن أدى إلى سقوط ما لا يقل عن 861 قتيلا و25 الف جريح. وأدان مجلس الأمن بشدة الاستخدام المفرط للقوة ضد المحتجين في اليمن، ودعا إلى محاسبة المسؤولين عن ذلك. ويشار إلى أن مئات الأشخاص قد لقوا حتفهم منذ انطلاق الحركة الاحتجاجية ضد نظام الرئيس اليمني في يناير/كانون الثاني الماضي. وقال المجلس إن المسؤولين عن العنف وانتهاكات حقوق الانسان والانتهاكات يجب ان يحاسبوا. وجاء في القرار ان البلدان الخمسة عشر الاعضاء في مجلس الامن "تدين بشدة الانتهاكات المستمرة لحقوق الانسان من قبل السلطات اليمنية كالاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين المسالمين". وطلب المجلس من جميع الفرقاء في اليمن "نبذ استخدام العنف فورا" و"عبر عن اسفه العميق حيال وفاة مئات الاشخاص خصوصا من المدنيين بمن فيهم نساء واطفال". وحض القرار الذي تقدمت به فرنسا والمانيا والولاياتالمتحدة وبريطاني "كل مجموعات المعارضة على الانخراط في لعب دور بناء" وصولا الى حل سياسي يستند الى مبادرة مجلس التعاون الخليجي. المصدر : بي بي سي