وجه حزب الحق يوم الخميس الماضي دعوة إلى الوحدة الإسلامية عبر التعايش بين المذاهب، مواجهاً بذلك دعاوى الكراهية عبر الإشارة بوضوح إلى التسامح ومحاولة الاقتراب من الآخر بهدوء وعقلانية. وفقت الندوة في دعوتها من حيث أنها كشفت عن قدر من التسامح الذي تميز به المذهب الزيدي تجاه الآخر، واستعداد المنتمين إليه لمارسة أكبر قدر من الطمأنينة قرب المختلف عنهم، ورغم استنكار محمد عبدالملك خلو الندوة من المتحدثين باسم المذهب السني باعتباره المذهب الذي يمثل طموح التعايش معه رغبة المنظمين للندوة، فقد أكد المنظمون أن الدعوات وجهت للجميع فلم يحضر من طالب المتوكل بحضورهم. برر أمين عام حزب الحق حسن زيد الدعوة الى التعايش باعتبار التعايش كعنوان وممارسة اجتماعية من المصطلحات والمفاهيم التي تستبطن مضمون فكري عملي أكثر واقعية وتواضعا يصلح لأن يكون مدخلا للوحدة أكثر من مفهوم التقريب أو التوحيد لأنه لا يثير في نفوس زعماء الطوائف والمذاهب القدر من المخاوف التي تثيرها الدعوة للتقارب والتوحيد. فالخلاف حول مسألة الخلافة أو الإمامة خلاف تاريخي لم يعد له تأثير في الواقع السياسي لأن البلدان الإسلامية تحكم الآن في غالبيتها بمرجعية الدستور أو مرجعية وطنية قطرية، ودعا إلى تقبل مخالفة الآخرين، والاعتقاد بان الإكراه في الدين أمر مستحيل وأن مصدري العقيدة والشريعة قابلين للحمل على أكثر من معنى ، فالتعايش لا يتحقق إلا بالقبول بالتعدد المذهبي والوقوف بحزم ضد كل أشكال التمييز العرقي والمناطقي والمذهبي، وتوفير المناخ السياسي والحضاري المناسب، ووجوب الاعتراف القانوني والسياسي بالمذاهب الإسلامية المتوفرة في كل بلد إسلامي، وسن القوانين التي تجرم وتعاقب من يمارس التمييز، وتنقية المناهج التعليمية والتربوية والمنابر الإعلامية والمساجد من كل العناصر والقضايا التي تبث الكراهية الدينية والمذهبية، وبناء ثقافة وطنية جديدة قوامها الوحدة التي لا يمكن أن تتحقق إلا باحترام التعدد والتنوع بكل مستوياته وصيانة حقوق الإنسان . واعتبر أمين عام حزب الحق تجاهل المذاهب حلماً لا يعيش مع الواقع، داعيا إلى تنقية المناهج التعليمية والتربوية والوسائل الإعلامية ومنابر المساجد من كل العناصر والقضايا التي تبث الكراهية الدينية والمذهبية وبناء ثقافة وطنية جدية قوامها الوحدة التي لا يمكن أن تتحقق إلا باحترام التعدد والتنوع بكل مستوياته حسب قوله. وعن المفاهيم المحددة والمفردات المعينة لمصطلحات الجوامع - الأئمة - المذاهب - المذهب الاسلامي - الانتساب - أصناف المنتسبين - الفرقة - الخلاف والاختلاف تحدث أحمد محمد هاشم مشيراً إلى ظاهرة ومبررات الاختلافات الفكرية والمذهبية وأقوال أئمة الفقه في مسائل الخلاف واستعرض أعلام ومؤسسي المذاهب الفقهية المشهورة . فيما ذهب الباحث عبدالله حمود العزي إلى أن الاختلاف في وجهات النظر الاجتهادية يدل على الحيوية الفكرية المتجددة، مشيراً إلى تفاوت الأنظار في فهم النصوص الدينية منذ عهد الصحابة ثم عصر التابعين ثم تطرق لنشأة المذاهب الاسلامية وتحدث عن ضرورة التقريب بين المذاهب . واستغرق محمد حسين الصافي في التركيز على "ضرورة المحبة وأهمية المذاهب الإسلامية"في ورقته التي اعتبرت أن تعدد المذاهب الإسلامية ليست ثلمة في الإسلام ولا عيباً ولا خللاً، وإنما -على حد قوله- دليلاً على عظمة الاسلام ومن قوته وقدرته على احتواء اختلافات البشر. وأكد على أن قضية الحفاظ على المذاهب قضية مهمة جدا بل وضرورة إسلامية ودينية حتى "نمنع السقوط في فوضى الأحكام والأفهام المختلفة للإسلام والتي ربما يحكمها الهوى والأعراف المشبوهة" . وتحدث حسن عباس عنتر عن "التعامل مع المخالف من منظور قرآني" عن الحريات الفكرية والدينية من منظور قرآني مقارنة بهذه الحريات في بعض القوانين الغربية ، مستعرضاً الوسائل القرآنية الحضارية للتعامل مع الآخر المخالف في الدين والمذهب، وبحث موضوع المذهبية كظاهرة إسلامية. وطالب بمراجعة وتجديد موروثات الجدل المذهبي وتطوير أساليب النقاش فيما بين المذاهب. وقال: "إذا لم يستطع المسلمون أن يتفقوا على الأولويات فعلى الأقل يجدر بهم أن يتعايشوا فيما بينهم على أساس القواسم المشتركة أما إذا لم يستطيعوا أن يتعايشوا فمن العار عليهم أن ينسبوا أنفسهم للإسلام". ونبه عادل الشجاع إلى ضرورة التعبد وفق مذهب معين لكنه طالب بتبني العلمانية كخيار عملي لتوظيف الدين والعقلانية من أجل الخروج من أزمات التمذهب والمذاهب،حسب قوله مؤكدا أن العلمانية لم تكن يوما ضد الدين وأنها تدعو إلى حرية الإنسان وتوظيف الدين والعقلانية حسب ما قال. وتساءل الشجاع عن "صحة الدين بلا مذهب وتأطير أنفسنا بإطارات الخلافات"، نافياً أن يكون الصراع بين المذاهب صراعا دينيا، مشدداً على أنه صراع سياسي، ومطالباً بإعادة الإعتبار للعقل.