"القسام" تعلن عن عمليات "نوعية" ضد قوات العدو جنوب قطاع غزة    شركة النفط: الوضع التمويني مستقر    الدكتور عبدالله العليمي يعزي العميد عبده فرحان في استشهاد نجله بجبهات تعز    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الدكتور عبدالله محمد المجاهد    نصيحة لبن بريك سالم: لا تقترب من ملف الكهرباء ولا نصوص الدستور    مفتي عُمان يبارك "الانجاز الكبير" لليمن بضرب مطار بن غوريون    تحالف (أوبك+) يوافق على زيادة الإنتاج في يونيو القادم    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 52535 شهيدا و118491 مصابا    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    وزير الدفاع الإسرائيلي: من يضربنا سنضربه سبعة أضعاف    عدن: تحت وقع الظلام والظلم    ريال مدريد يتغلب على سيلتا فيغو في الدوري الاسباني    «كاك بنك» يدشن خدمة التحصيل والسداد الإلكتروني للإيرادات الضريبية عبر تطبيق "كاك بنكي"    هيئة رئاسة مجلس الشورى تشيد بوقفات قبائل اليمن واستعدادها مواجهة العدوان الأمريكي    بن بريك اعتمد رواتب لكل النازحين اليمنيين في عدن    أعضاء من مجلس الشورى يتفقدون أنشطة الدورات الصيفية في مديرية معين    وفاة طفلتين غرقا بعد أن جرفتهما سيول الأمطار في صنعاء    شركات طيران أوروبية تعلق رحلاتها إلى إسرائيل بعد استهداف مطار بن غوريون بصاروخ يمني    الدكتور أحمد المغربي .. من غزة إلى بلجيكا.. طبيب تشكّل وعيه في الانتفاضة، يروي قصة الحرب والمنفى    الخبجي : لا وحدة بالقوة.. ومشروعنا الوطني الجنوبي ماضٍ بثبات ولا تراجع عنه    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الأحد 4 مايو/آيار2025    الوزير البكري يهنئ سالم بن بريك بمناسبة تعيينه رئيسًا للحكومة    أبو عبيدة:التصعيد اليمني على الكيان يتجاوز المنظومات الأكثر تطوراً بالعالم    وجّه ضربة إنتقامية: بن مبارك وضع الرئاسي أمام "أزمة دستورية"    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    92 ألف طالب وطالبة يتقدمون لاختبارات الثانوية العامة في المحافظات المحررة    بن بريك والملفات العاجلة    يفتقد لكل المرافق الخدمية ..السعودية تتعمد اذلال اليمنيين في الوديعة    هدف قاتل من لايبزيغ يؤجل احتفالات البايرن بلقب "البوندسليغا"    ترحيل 1343 مهاجرا أفريقيا من صعدة    لاعب في الدوري الإنجليزي يوقف المباراة بسبب إصابة الحكم    السعودية تستضيف كأس آسيا تحت 17 عاماً للنسخ الثلاث المقبلة 2026، 2027 و2028.    الأهلي السعودي يتوج بطلاً لكأس النخبة الآسيوية الأولى    التركيبة الخاطئة للرئاسي    وادي حضرموت على نار هادئة.. قريبا انفجاره    أين أنت يا أردوغان..؟؟    مع المعبقي وبن بريك.. عظم الله اجرك يا وطن    المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة حاضنة للإبداع    العدوان الأمريكي يشن 18 غارة على محافظات مأرب وصعدة والحديدة    اعتبرني مرتزق    رسائل حملتها استقالة ابن مبارك من رئاسة الحكومة    نقابة الصحفيين اليمنيين تطلق تقرير حول وضع الحريات الصحفية وتكشف حجم انتهاكات السلطات خلال 10 سنوات    - حكومة صنعاء تحذير من شراء الأراضي بمناطق معينة وإجراءات صارمة بحق المخالفين! اقرا ماهي المناطق ؟    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    "ألغام غرفة الأخبار".. كتاب إعلامي "مثير" للصحفي آلجي حسين    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    الحقيقة لا غير    مصر.. اكتشافات أثرية في سيناء تظهر أسرار حصون الشرق العسكرية    اليمن حاضرة في معرض مسقط للكتاب والبروفيسور الترب يؤكد: هيبة السلاح الأمريكي أصبحت من الماضي    القاعدة الأساسية للأكل الصحي    أسوأ الأطعمة لوجبة الفطور    الفرعون الصهيوأمريكي والفيتو على القرآن    مانشستر سيتي يقترب من حسم التأهل لدوري أبطال أوروبا    الكوليرا تدق ناقوس الخطر في عدن ومحافظات مجاورة    من يصلح فساد الملح!    الإصلاحيين أستغلوه: بائع الأسكريم آذى سكان قرية اللصب وتم منعه ولم يمتثل (خريطة)    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الكريم الأغبري .. كشف المؤامرة السعودية على اليمن ووضع الأسس الأولى لدولة الوحدة
نشر في يمنات يوم 24 - 03 - 2012


أمين راجح
ذات يوم رمضاني سنة 1972م - كما قال العميد- علا فيه صوت عبد الكريم عبد القادر الأغبري فوق صوت الرئيس القاضي عبد الرحمن الارياني ومحسن العيني- رئيس الوزراء- والأهم من ذلك فوق صوت الحزب والمطالبين بالوحدة بالحرب أو بالسلم- وهو الشعار الذي أدى إلى حرب اليمنيين في 1975م ذلك ما ذكره الدكتور/ عبد الرحمن عبد الله بداية التسعينيات- أي بعد الوحدة- في مقال نشر له بعنوان (العميد والرسول وأنا) فيا ترى من هو ذلك الأغبري الذي علا صوته على جميع القادة في الشمال وفي الجنوب ومن هو الرسول الذي استلم الراية وضحى بحياته لإكمال دور عبد الكريم الأغبري لإيصال الرسالة من الضفة الشمالية إلى الضفة الجنوبية لإيقاف الحرب بين أبناء الوطن الواحد بعد أن بدأت رحاها تدور في أكثر من موقع تماس..
كما يصفه أصدقاؤه: كان أكثر نحافة إلا أنه أشد صرامة وأبعد تفكيراً- لدرجة أن الإمام- بعدما ذاع صيت نضاله- أمر باعتقاله وعندما أُحضر بين يديه ضحك ساخراً من نحافته وأطلق سراحه كان عبد الكريم يميل إلى السمرة مع عينين واسعتين حمراوين وحاسية أكثر لاستقراء ما وراء الأحداث.. كان بعيد النظر ويختصر الأمور الصعبة- كان والده من المغتربين ويجيد اللغة الإيطالية كأبنائها ولعله قد غذا ولده بمعلومات عن الدنيا وأسرارها فخلق منه حكيماً متفرساً ممحصاً للناس وأدوارهم..
عبد الكريم أيضاً قدم للوطن بكثير من السروى لحل المشاكل العويصة ولعل أهمها فكرته في إيقاف الحرب بين الشمال والجنوب عام 1972م ووضع أسس الوحدة بعد أن عنونت هدفاً من أهداف الثورة- الثورة التي لم ولن تكونَ ملكاً لأحد وستظل كذلك هدفاً شعبياً- نعم لقد كان الفضل في ذلك ل/ عبد الكريم وصديقه السيد/ عبد الغفور عبد الباقي ولم يكن محسن العيني والقاضي/ عبد الرحمن الارياني وعلي ناصر محمد وعبد الفتاح إسماعيل وعمر الجاوي والدكتور/ عبد الرحمن عبد الله إبراهيم سوى مساعدين لإنجاح فكرة عبد الكريم عبد القادر في إيقاف الحرب تم التفكير في أسس الوحدة..
ظل عبد الكريم صامداً في وجه الظلم والظالمين -قبل وبعد الثورة- ولعل ثورة ال "بوعزيزي" التونسية، عندما أحرق نفسه لم تكن إلا امتداداً لثورة عبد الكريم الأغبري في التغيير عندما أحرق بدلته العسكرية أمام رئيس الوزراء/ عبد العزيز عبد الغني بعدما عجز عن إحداث التغيير في قلع مدير أمن تعز-حميد الصاحب- بسبب ظلمه الجائر وتعسفه باعتقال وحبس أبناء المحافظة دون وجه حق..
أصيب بجلطة مستمرة بعد مقتل الحمدي - والتي أودت بحياته أخيراً عام 2001م تاركاً أسرته الفقيرة لتعيش بعده براتبه (27 ألف ريال)..
- عبد الكريم عبد القادر الأغبري، من مواليد قرية-(مجالد)- حيفان- تعز 1925م، له ولدان وثلاث بنات، مساهماته ومواقفه البطولية، وهو من مؤسسي نادي الأغابرة..والحركة الوطنية 1955م- 1962م.
- اعتقل أكثر من مرة قبل وبعد الثورة أطولها حبسه في الرادع مع الشيخ/ محمد يحيى مطهر. المتهم بمناصرة الإمامة آنذاك. ففضل حينها التقاعد عن العمل بداية حكم الرئيس علي عبد الله صالح وفضل البقاء في منزله حتى وافته المنية وغادر الوطن إلى ربه عام 2001م..
المستقلة وحرصاً منها للبحث عن الحقيقة دوماً قابلت أسرة المناضل عبد الكريم الأغبري، وأجرت معها هذا الحوار على أمل أن نلتقي في الحوار القادم/ مع أسرة المناضل/ السيد عبد الغفور عبد الباقي الأغبري- صديق عبد الكريم الأغبري والوجه الأخر من البحث عن الثوار المجهولين (فإلى اللقاء)..
- بداية أخ/ محمد ممكن أن تعطينا نبذة مختصرة عن حياة والدكم المناضل عبد الكريم عبد القادر الأغبري بمعنى كيف بدأ مشوار حياته؟
- طبعاً الوالد من مواليد 1925م حيفان -تعز- تعلم القراءة والكتابة في القرية ثم أنتقل وهو صغير للعمل في عدن، وهناك عمل في (فرم الأغبري) ثم اصطحبه والده -جدي- ليعمل معه في الحبشة.. وبعد فترة من عمله في الحبشة عاد إلى عدن وقد أمتلك الكثير من المعلومات عن الثورة والثوار والمقاومة المنضمة فشارك أخوانه النضال ضد الانجليز، وعندما كان يعود إلى الشمال- بحكم أنه كان يمتلك بابور ويتنقل بين الشمال والجنوب كان أيضاً يشارك إخوانه بمقارعة الإمامة في الشمال..
الوالد أيضاً له بصمة كغيره في تأسيس نادي الأغابرة والأعبوس بالتواهي وقد جنوا ثماره فيما بعد وكان ردفاً للثورة بتقديم المساعدة الطلابية لأبناء المنطقة القادمين من الريف وإعطاء المتفوقين منهم منحاً دراسية أمثال عبد العزيز عبد الغني ومن أولئك الطلاب، إلى جانب غيرهم من أبناء الوطن شمالاً وجنوباً.
الوالد كما حكى لي ذات مرة كان يشارك في التخطيط برمي القنابل على مساكن الانجليز، وفي الشمال كان على تواصل مع أصدقائه الثوار مثل/ عبد الله مطهر العريقي، والنعمان والسفاري وغيرهم، وقد شارك في ثورة 1948م وما بعدها ضد أسرة الإمام، وبعد أن علم الإمام بذلك ظل يبحث عن الوالد وأعوانه فاضطر أكثرهم للهروب إلى عدن ومنهم الزبيري وقد قام الوالد بمساعدته بالهروب إلى عدن إلى جانب غيره.. نجحت ثورة الشمال والجنوب وكان للوالد الكثير من المواقف الوطنية رغم ذلك تعرض للاعتقال وحبس أكثر من مرة..
- هل ممكن أن تذكر لنا بعض المواقف العملية والتي من خلالها أسهم والدكم المرحوم في بناء الوطن؟
- أيام الحمدي عندما عين العميد/ محمد علي الأكوع وزيراً للداخلية كان الوالد المستشار الأول له وقد وضع برنامج، على ما أتذكر، للأمن الوطني وهو بأن يضعوا مندوبين من الأمن في المصالح الحكومية ومن أهمها (القضاء والجمارك) لرفع التقارير عن المماطلين بأعمال الناس والمرتشين أسبوعياً.. تضمنت الخطة رفع تقارير عن الصالحين وعن الطالحين، والبدء بالصالحين قبل الطالحين لإجراء التغيير المناسب نهاية كل شهر.. أيام الرئيس (الغشمي) كان الفضل للوالد بإنشاء المجلس الاستشاري وكان أيضاً هو أول صاحب فكرة الكشف الشهري على كل سجون الدولة بعد قيام الثورة وطبقت فكرته إلى 1964م والفكرة تهدف الإخراج المظلومين ودفع الديون البسيطة عنهم إن أمكن أو اللجوء إلى المصالحة مع غرمائهم لإخراجهم وغير ذلك من الحلول، كما كان له دور في وقف مهزلة التناقض في الأوامر أيام السلام (وهناك مواقف كثيرة لا يتسع المجال لذكرها .
- موقف بطولي تجلت فيه شجاعة والدكم بعد الثورة؟
- أذكر بعد تغيير مدير الأمن مهيوب عبد الله ب/ حميد الصاحب بقى عداء بين أبي ومدير الأمن الجديد بسبب اعتقاله ناس من التربة- بيت النعمان، ومن بيت الحروي ومن مقبنة- وبسبب ظلمه لم يصبر أبي وقد صرخ ذات مرة في وجهه قائلاً:" لقد ظلمنا الإمام.. أنت تساوي عشرين إمام".. لقد كان الوالد يطلق المسجونين بل أحياناُ كان يضع مكانهم (جواني مملوءة) على أساس أنهم محبوسين وأحياناً كان يحبس نفسه بدلاً عنهم، ظل يقارع ظلم حميد الصاحب ويرسل الشكاوى بنقله إلى صنعاء أو تغييره، فلم يستجيب له وعند نزول عبد العزيز عبد الغني -رئيس الوزارء- قام الوالد بحرق بدلته العسكرية احتجاجاً على ما يحدث ومطالباً إياه بتفتيش بيت (حميد الصاحب) الذي حولها إلى سجن خاص، وعلى ذلك تم قلع الصاحب..
ذكر العميد الأكوع في مقابلة على قناة الجزية أجراها الأستاذ/ أحمد منصور مع رئيس الوزراء الأسبق -محسن العيني في 2005م- بالنص قوله: "والأخ عبد الكريم عبد القادر هو الذي له الفضل في إيقاف الحرب بين الشمال والجنوب عام 1972م ووصولنا إلى التفكير في تأسيس الوحدة" هذه شهادة كبيرة لوالدكم العميد/ محمد علي الأكوع، والسؤال: كيف اهتدى الوالد/ عبد الكريم عبد القادر إلى فكرة إيقاف الحرب بين الشمال والجنوب؟
- بعد أن أخذت الحرب تتوسع على المناطق الحدودية بين الشمال والجنوب أزداد قلق الوالد خاصة بعد أن تعمق الجنوب من العند باتجاه الراهدة بسبب قوة الدبابات والمصفحات -تسليح روسي قوي- ونحن لا نمتلك شيء قام الوالد بوضع التصور أو الخطة لإيقاف الحرب وعرضها على الأكوع وطلب مساعدته لعرضها على الرئيس القاضي/ عبد الرحمن الارياني، وبالفعل تمكن الوالد من مقابلة الرئيس الارياني، فأعجب بها وأبدا استعداده لوقف الحرب خلال أربع أيام، وقام الرئيس الارياني بتحرير خطاب أو رسالة إلى قادة الجنوب -(عبد الفتاح إسماعيل الأمين العام للجبهة الوطنية آنذاك، والرئيس سالم ربيع علي، وعلي ناصر محمد رئيس الوزراء)- وقد بين فيها صدق النوايا لإيقاف الحرب وتأسيس الوحدة وكلف الأكوع والعيني بمتابعة الأمر وإعطاء الوالد الرسالة لإيصالها إلى الشطر الجنوبي..
- ما هي الأسباب التي طرحها والدكم على الرئيس الارياني لإقناعه بفكرة إيقاف الحرب وتأسيس الوحدة وبما دلل على صدق أفكاره؟
طبقاً لما ذكر الأكوع في تلك المقابلة أن الوالد أوضح فكرته وأقنعه ثم الإرياني ومحسن العيني بقوله: "أن الجوار أرادوا أن تضرب صنعاء عدن، وعدن تضرب صنعاء، تنفيذاً للمحكمة التي توارثوها بأن (عزكم في ذل اليمن وقوتكم في ضعف اليمن)، وقد حشد من جيش الهبيلي ثمانين ألف مقاتل في الشرورة وجنوب بيحان وكأنهم سيشاركوا في الحرب مع صنعاء ضد الجنوب، وعندما طلب (محسن العيني) من الوالد أن يدلل على صدق تنبئوه طلب من العيني أن يتأكد من ذل بطلب طائرة هيلوكبتر تأتي بالطائرة الجنوبية التي أسقطت في قعطبة، فلم يحدث ذلك، وبعد أيام كما ذكر -العميد الأكوع- فاجأهم السفير بطائرة فيها بطانيات وفاصولياء وفول الأمر الذي أقنع الجميع ولم يترك مجالاً للشك في أنفسهم، فتحمس الوالد أكثر لانجاز فكرته التي قدمه لإيقاف الحرب بين الشمال والجنوب"..
- وهل تمكن الوالد/ عبد الكريم الأغبري من إيصال الرسالة إلى قادة الجنوب؟
- فور استلام الوالد الرسالة اتجه إلى تعز فعرض الأمر على أصدقائه المخلصين وكان هناك من يريد أن يضحي بحياته بدلاً عنه لتحمل مشقة السفر والمغامرة في إيصال الرسالة، فسلمها إياه الوالد بعد أن وضع له خطة محكمة للتواصل مع أصدقائه من جبهة التحرير بتزويده بكلمة سر للتأكد من مصداقية ما يحمل..
- ذكر الأستاذ المناضل/ محمد عبد الواسع حميد الأصبحي في كتابه قال: "عندما نزلت بصحبة العميد الأكوع وكان يرافقه أيضاً صديقه الخاص/ عبد الكريم عبد القادر الأغبري، ومعانا أيضاً الشاعر علي بن علي صبرة لتهيئة الرئيس قحطان الشعبي بمناسبة عيد 14أكتوبر عام 1968-قال- أذكر أن الرئيس الراحل قحطان الشعبي أثنى على الأكوع لخدماته الوطنية وعمله الشريف النظيف في المخابرات، وإذا بالأكوع ينكر ذاته قائلاً: "إذا كان هناك فضل لنجاحي في الجهاز فإنه يعود إلى الزميل عبد الكريم عبد القادر الأغبري وآخرين"-السؤال- كيف ومتى بدأت العلاقة الحميمة والمتينة بين الأكوع ووالدك؟"
- كما أوضح الأكوع في كثير من مقالاته ومقابلاته أنه في بداية الثورة وجد نفسه أمام خمس أو ست مسئوليات مختلفة الأمر الذي كاد أن يفضح عجزه أمام تلك المسئوليات كمراقبة البريد وضبط تسهيلات نقل الحرس الوطني والسلاح والذخائر إلى غير ذلك وتأمين المناطق البعيدة من تعز إلى قرب الحديدة والمقاطرة والقبيطة وقعطبة ومريس حتى مجاهل بيحان وغيرها بالإضافة إلى عمله كمساعد لقائد لواء تعز العميد/ أحمد الآنسي وفحص وثائق العهد الإمامي وغيرها.. قال الأكوع:" ذلك مالزمه الاتصال بإخوانه رجالات الحركة الوطنية، والهيئة الإدارية للاتحاد اليمني ب (عدن) بأن يسعفوه بالزملاء الذي عايشهم سبع سنوات عصيبة في عدن ومصر منذ 1955م إلى أوائل 1962م، فتديروا الأمر وأرسلوا له مجموعة من المناضلين الثوار وكان من ضمنهم الوالد ولم يكن يعرفه العميد الأكوع من قبل، ولكن بمجرد أن التقاه وعايشه وعرف أفكاره وتوجهاته أصبحا صديقان حميمان منذ 1962م- 1975م وقد قال الأكوع عن الوالد يصفه :"لقد كان أكثر من مغارة من سنة 1962م- 1975م، وبعدها تماماً لأستغني عن راية ولا يبخل عليّ به".
- هل شارك والدك في استقبال الرئيس جمال عبد الناصر عندما قدم تعز عام 1964م؟
- للأسف الوالد لم يكن يعجبه المفاخرة وللأسف لم نعلم الا بعد أن توفى.. وجدنا في ملفه تصريح من القيادة المصرية موقع من المقدم صفوت محمد عبد الله-رئيس الخبراء العسكريين العرب- بالسماح للوالد بالتفتيش في جميع المرافق تجهيزاً لاستقبال الرئيس جمال عبد الناصر..
ما موقف والدكم من قتل أو اغتيال الرئيس الجمدي؟
- لم يصدق ما حدث وأصيب بإحباط ومن ثم أصيب بنكسة ومرض متتالي جلطة بسيطة كان يقول: "من سيحقق خطة الحمدي الوحدوية ابتداء بالتبادل الاقتصادي بين الشطرين ثم توحيد البريد ثم المناهج التعليمية وبرنامج الإصلاح ومحاسبة الفاسدين والمرتشين...ألخ".. ثم اشتدت معاناته فازداد مرضه وأصيب أخيراً بجلطة قوية أوقفت يده عن الحركة..
- وهل ساهمت الدولة بعلاج والدكم؟
- في بداية الثمانينيات أسعف الوالد إلى القاهرة على حساب المرحوم/ عبد العزيز عبد الغني، وعندما اشتدت الجلطة سافرت أنا وهو إلى الأردن للعلاج بمساعدة أحمد هائل، وعبد الجبار هائل وكانت التذاكر على حسابنا..
- بمعنى آخر.. لقد قدم الأغبري للوطن الكثير والكثير فماذا قدمت الثورة والوطن للأغبري؟!
- بسبب معاملة مدير الأمن -حميد الصاحب- السيئة للوالد وبعد حادثة حرق بدلته العسكرية، أحبط الوالد، وأزداد إحباطاً باغتيال الحمدي فبقى برتبه "مقدم"، وإبان حكم علي صالح طلب التقاعد نتيجة ذلك الإحباط المستمر وندم على قيام الثورة وبكى كثيراً على قتل المشائخ خاصة صديقه البحر ولزم البيت فكافأته الثورة والوطن بقطع راتبه، ولكن وبمساعدة المرحوم عبد العزيز عبد الغني والأوامر الموجهة من قبله إلى جهاز الأمن الوطني -القمش- بصرف راتب الوالد نظراً لحالته ومواقفه النضالية في الجنوب والشمال أطلق راتبه.
- وماذا عن المكافأة مقابل إيقاف الحرب عام 1972م أقصد الحوالة المفتوحة من محسن العيني إلى وزير المالية أن نجح مشروع والدك وقد نجح؟!
- منحه الرئيس الارياني في رتبة مقدم وبقى عليها حتى مات عام 2001م براتب (27 ألف).. عاش الوالد عزيزاً مستأجراً أرضية ثم بناء له شقة مع درهم مكرد ولم يستطع إكمالها فاضطر إلى رهن البصيرة بالبنك البريطاني لإكمال منزله في بداية الثمانينيات.. ذلك كل ما تركه لأسرته من بعده.. قبل بضع سنين وهو يسدد الدين من راتبه..
ساقوه إلى الإمام مكبلاً فضحك لنحافة جسمه وعفا عنه
- (حُسن مكرد أحمد محمد) زوجة المرحوم عبدالكريم الأغبري سألناها متى بدأ زوجها تاريخه النضالي فردت قائلة:
- بدأ نضاله- يرحمه الله- من القرية فقد جاء عساكر الإمام إلى القرية يبحثون عنه، فقلنا لهم ليس موجوداً، فقد هرب إلى الراهدة عند عمه (أحمد عبده الصغير) فهرع العساكر إلى الراهدة بغية القبض عليه ولكنهم فوجئوا أنه قد هرب إلى تعز، وهناك في تعز استمروا في البحث عنه حتى وجدوه وساقوه إلى الإمام مكبلاً بالقيود، وعندما رآه الامام ضحك كثيراً لنحافة جسمه وضعفه، وخصوصاً عندما أخبره الجند أن هذا المقبوض عليه يريد أن يقتله.. فقال الامام (هذا يشتي يقتلني اجزع لك يا بني اجزع لك) لما شاهد ضعفه وهزاله وسلمه الباري منه..
- وبعد قيام الثورة هل واجه اضطهاداً أو تعرض للإعتقال؟
- بعد ما أقام هنا في تعز عساكر الإمام يبحثون عنه ويلاحقونه في كل مكان هرب إلى عدن وعندما وصل الى منطقة الزيلعي نام في ديمة (بيت صغير لعابدي سبيل) إلى الصباح ثم واصل السير حتى وصل إلى عدن وهناك مكث أياماً حتى عاد إلى القرية ليزوج ابنته، وفي اليوم الثالث من إقامته في القرية قال لابنه أمين: إذا جاء أحدٌ يسأل عني فأخبره أني لست موجوداً، لأنه يعرف أن عساكر الامام يبحثون عنه. ولكن عندما جاء عساكر الامام للقبض عليه وسألوا ابنه امين عنه أخبرهم أنه موجود في داره وعنده ضيوف لأن هذا كان في اليوم الثالث من زواج ابنته، فأخذه العسكر، واحتبس ثلاث أيام ف دار الضيافة ثم أخذوه إلى سجن الرادع الذي مكث فيه برفقة زملائه الثوار عشرة أشهر، وبعد هذه المدة أفرج عن الجميع وقالوا لعبدالكريم: (لازم تذهب إلى بيتك لتتم السنة، وفعلاً جاء إلى هنا (القرية) وأقام في بيت تحت الإقامة الجبرية وأتم العام المحدد له، ثم خرج من البيت واستمر في دعواته الثورية وارائه الجريئة ضد الظلم ومقارعة الفاسدين إلى أن أُقتيد مرةً ثانية إلى السجن أيام عبدالغني مطهر.. وإلى هنا انقطع الحوار مع حرم عبدالكريم الأغبري الحاجة حُسن مكرد أحمد محمد نظراً لكبر سنها وعدم قدرتها على إكمال الحوار، مما اضطررنا إلى إتمام بقية الحوار مع ابنها: محمد عبدالكريم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.