فجر أداء الرئيس المصري الجديد اليمين الدستورية أمام الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية العليا أول خلاف من نوعه بين قوى الثورة، منذ إعلانه رئيسا للبلاد في 24 يونيو/حزيران الجاري، عقب أول انتخابات رئاسية تعددية تشهدها مصر في تاريخها الحديث، ففي الوقت الذي رأت فيه العديد من القوى السياسية أن أداء الرئيس لليمين أمام المحكمة الدستورية من شأنه أن يعلي من دولة القانون التي غابت عن مصر لعقود، يرى آخرون أن إقدامه على مثل تلك الخطوة يعد تسليما بالأمر الواقع، واعترافا بسلطات المجلس العسكري المطلقة التي تضمنها الإعلان الدستوري المكمل ونصوصه التي تغل من يد الرئيس الجديد، وتعطل من تسليم السلطة كاملة لإدارة مدنية منتخبة . وتصدرت معضلة أداء الرئيس الجديد اليمين الدستورية صدارة المشهد السياسي المصري على مدار الأيام الماضية، قبل أن يحسم بيان صادر عن رئاسة الجمهورية، مساء الخميس، الجدل مؤكدا أن الدكتور محمد مرسي سوف يتوجه في الحادية عشرة من صباح اليوم (السبت) إلى مقر المحكمة الدستورية العليا، لأداء القسم أمام الجمعية العمومية للمحكمة، قبل أن يتوجه إلى قاعة الاحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة، ليلتقي ممثلي مختلف القوى السياسية والنقابية والعمالية في احتفال تنصيبه كأول رئيس منتخب للبلاد، بعد ثورة 25 يناير، ويلقي كلمة إلى الأمة يوضح فيها أبعاد المشهد السياسي الراهن، ورؤيته في التعاطي مع العديد من القضايا الملحة في المرحلة المقبلة . وقررت الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية في وقت سابق، عقب جلسة طارئة أن يؤدي الرئيس المنتخب اليمين الدستورية داخل مقر الدستورية العليا، وقالت المستشارة تهاني الجبالي، نائب رئيس المحكمة إن قضاة الدستورية انتهوا إلى هذا القرار “حفاظا على الشرعية الدستورية وإعلاء دولة القانون” . وتسببت أزمة أداء اليمين الدستورية التي انفجرت خلال الأيام الأخيرة في مطالبة عدد من القوى السياسية الرئيس المنتخب، بتأجيل مراسم التنصيب لحين انتخاب البرلمان الجديد . وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور وحيد عبد المجيد “أجّل جمال عبد الناصر أداءه لليمين الدستورية في عام 1954 بعد اختياره رئيساً للجمهورية، لحين تشكيل مجلس الأمة (البرلمان) الجديد، بعد حوالي عام ونصف العام من الاستفتاء على رئاسته”، لكن آخرين اعتبروا أن مثل هذا القرار من شأنه أن يمثل التفافا على شرعية الإعلان الدستوري الصادر في مارس/اذار من العام الماضي، الذي خضع للاستفتاء الشعبي ودارت في ضوء نصوصه عملية الانتقال السياسي للسلطة خلال المرحلة الانتقالية . وقال أستاذ العلوم السياسية الدكتور جمال زهران:”الإعلان الدستوري الصادر في مارس يمنح العسكري الحق في إصدار نص مكمل يحدد صلاحيات الرئيس الجديد، وقد نص هذا الإعلان صراحة على أن يؤدي الرئيس المنتخب اليمين أمام الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية العليا، ومن ثم لا يجوز للرئيس أداء اليمين أمام أي جهة أخري، وفي نفس الوقت، لا يجوز له ممارسة مهامه كرئيس للبلاد دستوريا، إلا بعد أداء اليمين” . ورغم إعلان قوى سياسية رفضها أداء اليمين أمام الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية، إلا أن آخرين، بينهم الجمعية الوطنية للتغيير، اعتبروا أداء الرئيس المنتخب اليمين الدستورية أمام الدستورية العليا،”يعلي دولة القانون”، وقالت الجمعية في بيان أصدرته قبل يومين إنه رغم”تحفظها المبدئي على الإعلان الدستوري المكمل، إلا أنها ترى أنه يتعين ألا يبدأ الرئيس المدني المنتخب عهده بعدم احترام القانون”، مطالبة الرئيس بضرورة الالتزام بتعهداته بأن يكون رئيسا لكل المصريين، وبأن يكون ولاؤه الأول والأخير للوطن والشعب والدستور . المصدر: الخليج