أحمد سيف حاشد – عدن "كريتر" .. "الزعفران" و "الميدان" و "القطيع" و "الخساف" و "حافة حسين" .. و اقتطع "القطيع" بعض من وجودي، و من خيالي الكثير .. سكنته في الحب متيما، و سكن هو دواخلي و وجداني المحب، و امتد إلى أقاصي الروح و آمادي البعيدة .. لي في حي "القطيع" حياة و إلياذة، لازالت جذوتها تومض في الزوايا المعتمة، لازلت تتوقد في مخابئ ذاكرتي، و الوعي الضارب عمقه.. – كم تلظّى الهوى في هذا الحي، و كم في فؤادي شب..؟! كم غلبني خجلي فيه، و كم خاب الظن..؟! و لا زال الحب الأول آسر .. مات البعض، و رحل الآخر، و ما خمد اشتعال دمي .. لوعة تتأجج في أوردتي و شراييني، من ذاك اليوم، إلى هذا اليوم المتخشب وعده، و المتحلل عهده.. – رن اسم "القطيع" و غنّى على مسمعي ما شجى، و كم عزف نياط القلب المتيم بالحبيب .. حي "القطيع" لطالما هزّني الشوق إليه، و أثار فيني كثيرا من شجون الطفولة و الصبا، و حرك في أعماقي عاصفة من الحنين و الذكريات التي لا تتكرر و لا تعود.. *** – عدن "مدينة الشعب" التي درست وتفوقت بدراستي فيها، هي نفسها التي أحببت في إحدى كلياتها، و فشلت في الحب بتفوق ايضا .. بل لطالما شعرت أن فشلي هذا كان متفوقا على نحو منقطع النظير.. – عدن "صلاح الدين" و الكلية العسكرية، التي كانت تعلمني الكثير، و كانت أيضا في اعماقي تجوس تمرداتي حيال بعض مما اتعلمه منها.. – في الكلية العسكرية أحرزت المرتبة الأولى في دفعتي، و تشربت فيها العسكرية و النظام، و رغم هذا كانت لدي الكثير من التحفظات و القناعات الرافضة لما أراه في غير محل قناعة .. و اعتبرتُ هذا الرفض أو التحفظ محل سوية تجعلني متصالحا مع نفسي كإنسان ينزع و يتوق إلى فضاء أكثر حرية، و ممارسة لوجودي، و رفضي للظلم .. و مع هذا و ذاك تعلمت فيها الطموح و الإرادة و القيادة.. – لازلت أتذكر تلك العبارة التي علقت في ذهني كجرس "إن الجندي الذي لا يحلم أن يكون جنرالا هو جندي خامل"، و رغم هذا أهدرت في حياتي كثير من الفرص، بل و شمخت أمامها؛ لأن ضميري كان أكبر منها، أو لأن خجلي و زهدي منعاني من الوصول إليها. في كل حال لست نادما؛ لأنني لست وصوليا أو انتهازيا .. فالوصول أحيانا يكون سقوط مروّع و مدوّي لا نتعافى منه أبدا.. *** – عدن "الشيخ عثمان"، و "المنصورة" و "النصر" و "العريش" و "الممدارة" و "دار سعد" الذي سكنته في عهد الطفولة الندي، و نعومة الاظافر، ثم سكنته و أنا شاب مراهق .. إيقاع و متعة في رحاب الاغنيات .. لطالما استمعت و انسجمت لأغنية أحمد يوسف الزبيدي: "القلب في حيرة ما بين حب اثنين .. أعطي لمن قلبي و اعطي لمن ذي العين .. إن قلت للأسمر يا اسمر أنا أهواك .. يجوّب الأبيض با تروح مني فين".