هايل القاعدي في ظل الظروف الاقتصادية القاسية التي تمر بها المحافظات الشمالية في اليمن، والمتمثلة في شح الموارد، انعدام السيولة النقدية، تدهور العملة، والحصار المستمر؛ يصبح البحث عن بدائل اقتصادية وموارد تنموية ذاتية ضرورة وطنية قصوىوليست مجرد خيار. وتبرز هنا الثروات المعدنية، وعلى رأسها #الذهب والمعادن الأخرى، ككنز لم يُستغل بعد، وكمخرج حقيقي من أزمة الاعتماد الكلي على إيرادات النفط المتذبذبة أو الاستنزاف المفرط لجيب المواطن بزيادة الجبايات والضرائب التعدين الأهلي فرصة لا تُعوَّض إن تنظيم وتوسيع دائرة التعدين الأهلي ليس مجرد عمل لتوفير فرص عمل محدودة، بل هو مشروع استراتيجي يهدف إلى تحويل هذه الثروات الكامنة إلى رافد اقتصادي فعّال يعود بالفائدة على الدولة والمجتمع والأفراد. أهمية تنظيم وتوسيع دائرة التعدين الأهلي تنظيم قطاع التعدين الذي يمارسه الأهالي حالياً بطرق عشوائية يحقق أهدافاً متعددة: 1– تحويل الاقتصاد غير المنظم إلى مُنتج يتم حالياً استخراج كميات من الذهب والمعادن بطرق تقليدية لا تساهم بشكل فعّال أو واضح في الاقتصاد الرسمي. التنظيم يضمن دخول هذه الموارد ضمن الدورة الاقتصادية للدولة. 2– السلامة والحماية البيئية: الممارسات العشوائية تشمل استخدام مواد خطرة (كالزئبق) وتؤدي إلى انهيارات وحوادث مأساوية. التنظيم يفرض معايير للسلامة المهنية والبيئية لحماية المنقبين والمناطق المحيطة. 3– زيادة الكفاءة الإنتاجية: توفير الدعم التقني وورشات العمل للمنقبين يمكنهم من استخدام وسائل أكثر كفاءة، مما يزيد من كمية الذهب المستخرج ويقلل الهدر. الفوائد الاقتصادية والاجتماعية إن تبني رؤية لتوسيع التعدين الأهلي المنظم يعود بفوائد جمة على محاور الدولة والمجتمع أ. الفائدة على الدولة والمجتمع 1- بديل اقتصادي استراتيجي (غير نفطي) توفير مصدر دخل سيادي مستدام ومستقر بعيداً عن تقلبات سوق النفط أو الضغوط الخارجية وتعزيز الاحتياطي النقدي بحيث تقوم الدولة بشراء الذهب المنتج محلياً بالعملة المحلية، مما يساهم في بناء احتياطي نقدي صلب ومقوَّم بالذهب والذي يمنح العملة المحلية قيمة حقيقية وثقة دولية أكبر. كما يساهم في إحلال الواردات ويقلل الحاجة لاستيراد المعادن والمواد الخام الأخرى المتوفرة محلياً. 2- تخفيف العبء عن المواطنين عندما يتوفر لدى الدولة مصدر دخل كبير ومستدام من الثروات الطبيعية، فإنها تستطيع التوقف عن إرهاق كاهل التجار والمواطنين بزيادة الجبايات والضرائب التي تزيد من معاناة الشعب المثقل بالحروب بحيث تتحول دخل الدولة من الاعتماد على فرض الجبايات إلى الاعتماد على الاستثمار في الثروات الطبيعية. ب. الفائدة على الأهالي والأفراد 1– توفير فرص العمل اللائقة بامكان التعدين الأهلي ان يكون مصدراً حقيقياً للدخل لألوف الاسر والعائلات، ويساهم في تقليل معدلات البطالة في المناطق النائية. مع توفير الحماية القانونية والتأمينية للمنقبين وتحسين أجورهم. 2– تنمية المجتمعات المحلية تنفيذ مشاريع بمبادرات مجتمعية للشركات المساهمة أو الجهات التنظيمية يضمن تخصيص جزء من الإيرادات لإقامة مشاريع تنموية محلية (مدارس، مستشفيات، طرق) في مناطق التعدين. 3– تمكين الشباب من خلال تدريب الشباب على التقنيات الحديثة في التعدين والاستكشاف، مما يخلق جيلاً من الخبراء الوطنيين في هذا المجال. خطوات مقترحة للتنظيم والتوسيع لتفعيل هذه الرؤية، يجب اتخاذ خطوات عملية: 1– التشريعات والتراخيص المبسّطة: إصدار قانون ينظم ويشرعن التعدين الأهلي، ويوفر تراخيص مبسطة بأسعار رمزية للمجموعات التعاونية من الأهالي . 2– إنشاء شركات تنموية وطنية تأسيس شركات حكومية أو شبه حكومية تكون مهمتها شراء الذهب والمعادن من المنقبين بأسعار عادلة ومنافسة للسوق العالمي، ومنحهم الدعم الفني والمعدات الأساسية. 3- برامج تدريب وتوعية إطلاق حملات توعية حول أساليب التعدين الآمنة والبيئية، وتدريب الأهالي على كيفية استخلاص المعادن بكفاءة. 4– تخصيص مناطق التعدين تحديد وحصر المناطق الغنية بالمعادن، وتخصيص مساحات محددة للمنقبين الأهليين لضمان عدم تضارب المصالح مع المشاريع الكبرى المستقبلية. إن الثروة المعدنية في اليمن هي الورقة الرابحة لإنهاء الاعتماد المهلك على النفط أو الموارد المستنزفة للمواطن. إن تنظيم وتوسيع التعدين الأهلي يمثل نقلة نوعية فهو ليس مجرد توفير للذهب، بل هو مشروع لبناء دولة قائمة على مواردها الذاتية، ويحول المواطن من مُتلقٍّ للمساعدة إلى شريك مُنتج ومُساهم في إنعاش الاقتصاد الوطني، ليكون الذهب والمعادن الأخرى بالفعل البديل الاقتصادي الفعّال الذي ينتشل البلاد من أزماتها.