حذرت أوساط يمنية من احتمال شطب مدينة زبيد التاريخية -التي تقع جنوب شرق مدينة الحديدة- من قائمة اليونسكو للتراث العالمي نتيجة الإهمال والتشويه والتدمير والسطو على المعالم الأثرية للمدينة العريقة. فكما هو معروف، تزخر مدينة زبيد بإرث حضاري هائل يضم بين دفتيه المساجد الأثرية والقصور العتيقة والآثار النادرة والقلاع والحصون والمخطوطات العلمية والدينية، وهو ما جعلها تدخل دائرة اهتمام منظمة اليونسكو فرشحتها عام 1993 كأحد مواقع التراث الإنساني العالمي. بيد أن عبد الرحمن الأهدل -أحد المهتمين بتراث زبيد- أكد أن المدينة وآثارها معرضة للخطر والاندثار نتيجة الإهمال الرسمي المتعمد منذ عقود، كما اتهم الكاتب الصحفي محمد القاضي الحكومة بطمس هوية المدينة التاريخية والعبث بتراثها. وأوضح القاضي للجزيرة نت أن الإهمال الذي طال جميع مباني زبيد الأثرية جعلها معرضة للانهيار في وقت ينعدم فيه الترميم الجاد للمساجد والقصور الأثرية التي تزخر بها المدينة، كما حذر المدير العام لفرع الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية نبيل منصر من تأثير الزحف العمراني على الأصالة المميزة للمدينة. أعمال الترميم وقامت منظمة "جي.تي.زد" الألمانية -بالتعاون مع الصندوق الاجتماعي للتنمية وإشراف وزارة الثقافة- بعملية ترميم واسعة للكثير من القصور التاريخية والمباني الأثرية النادرة في مدينة زبيد. بيد أن سكان المدينة شككوا في سلامة المواد الأولية المستخدمة في عمليات الترميم، وأكدوا عدم مطابقتها لمواصفات "الياجور الأحمر" القديم المكون الأساسي للمباني الأثرية، علاوة على حدوث أخطاء في النقوش والزخارف والأحزمة، مما يجعل العمر الافتراضي للمبنى بعد الترميم قصيرا جدا. ويستشهد المنتقدون بقصر الحوايجي المبني عام 1238 هجرية والذي يحتوي على ألوان طبيعية معقدة ذات تركيبة كيميائية دُفنت أسرارها مع فناني عصرها من الماهرين بالعمارة في مدينة زبيد، ويقولون إن الألوان المستخدمة في ترميم القصر لا تمت لألوانه القديمة بصلة، ملقين باللوم على الحكومة في هذا التشويه والإهمال المتعمد. نفي رسمي وفي المقابل، نفى وزير الثقافة محمد أبو بكر المفلحي في حديث للجزيرة نت وجود أي إهمال أو تقصير بحق هذه المدينة التاريخية، مؤكدا أن الدولة قامت برصف الطرقات والميادين العامة في المدينة باستخدام نوعية من الأحجار المناسبة لها. واتهم الوزير أهالي المدينة بارتكاب مخالفات كبرى تتمثل في الاعتداء على الميادين العامة والشوارع والأزقة الأثرية، إلى جانب الإصرار المتعمد على البناء بالطوب الأسمنتي لطمس معالم هوية المدينة. وبشأن بقاء مدينة زبيد على قائمة التراث العالمي، أوضح المفلحي أن هذا الأمر سيعرض في البرازيل، لافتا إلى أن زبيد كانت مرشحة لأخذ اللقب عام 2007، ثم جاءت بعثة من اليونسكو لزيارة المدينة وقررت منح الحكومة مهلة حتى 2008 ثم مددت إلى عام 2010. وتتكون مدينة زبيد -التي أسسها محمد بن زياد عام 204 هجرية- من أربعة أحياء قديمة وعريقة، هي رُبع الجزع ورُبع الجامع والمُجنبذ ورُبع العلي. وتذكر المراجع التاريخية أن السور القديم للمدينة اندثر تماما، في حين بقيت أبوابها الأربعة قائمة، وهي باب الشباريق وباب سهام وباب النخل وباب الكرتك، وظلت زبيد عاصمة ذات أهمية كبرى لعدة دول مُتعاقبة في التاريخ، منها الدولة النجاحية والمهدية والأيوبية والطاهرية والرسولية والعثمانية. الجزيرة