شددت أكبر مطارات العالم، من إجراءاتها الأمنية، أمس وأمس الأول، بعد معلومات استخباراتية أمريكية عن تطوير تنظيم القاعدة في اليمن، قنبلة ذكية، يمكن أن يتم شحنها من خلال عناصر غربيين موجودين في تنظيم القاعدة بسوريا. وانضمت فرنسا، أمس، إلى دول أخرى، مثل بريطانيا وألمانيا وبلجيكا والولاياتالمتحدة، لتشديد إجراءاتها الأمنية، غير أن كل تلك الدول لم تفصح عن طبيعة التهديد الجديد، بشكل رسمي. وشدد أمن المطارات في المملكة المتحدة من إجراءاته الأمنية، بشكل عاجل، أمس، بسبب ما قالوا إنه "تهديد حقيقي" لتنظيم القاعدة بهجوم بقنبلة، ويجري تشديد هذه الإجراءات في المطارات البريطانية، بعد أن حذرت الولاياتالمتحدة من وجود "تهديد حقيقي" لهجوم إرهابي للقاعدة. وبحسب صحيفة "الإندبيندنت"، ستشمل التدابير عمليات فحص إضافية وغير محددة للركاب الذين يمرون من المنافذ الجوية الأمنية، ونقلت "الإندبيندنت عن وزارة النقل، أن هذه التدابير قد لا تقتصر على "الأيام المقبلة" لمحطات الرحلات إلى أمريكا. وتأتي هذه التطورات في أعقاب تقارير عن "جيل جديد" من القنابل غير المعدنية التي يجري تطويرها من قبل فرع تنظيم القاعدة في سوريا، واليمن، والذي أعلن سابقا مسؤوليته عن محاولة تفجير فاشلة لقنبلة ملابس داخلية لطائرة فوق ديترويت. وقال وزير النقل البريطاني باتريك ماكلوكلين، إن الحكومة "تأخذ المشورة في المعلومات التي تلقيناها" من الولاياتالمتحدة، وإنه "يأمل" ألا يكون هناك "تأخير كبير"، نتيجة لذلك. وأضاف: "آمل ألا يتأخر الركاب كثيراً"، وقال: "يجب أن تكون هناك إجراءات إضافية، ولكن سيتم بذلها في مسار الإجراءات الأمنية التي يمر بها الناس، والتي هي صارمة إلى حد ما من قبل". وقال مكتب السيد ماكلوكلين إنه لن يخوض في تفاصيل الإجراءات الأمنية الجديدة "لأسباب معروفة". وأشار: "لقد اتخذنا قرارنا لرفع بعض التدابير الأمنية في مطاراتنا، ولا ينبغي أن يتعرض غالبية الركاب لاختلالات كبيرة". من جانبه، قال نائب رئيس الوزراء البريطاني نيك كليج، الخميس، إنه لن يكون هناك تغيير في مستوى التهديد الإرهابي في المملكة المتحدة، والذي سيبقى "مرتفعاً"، في المستوى الثالث من 5 درجات مفترضة من اليقظة، والذي يعني أن يبقى احتمال وجود تهديد كبير في أي وقت. ويستند التهديد الجديد على تقارير من المخابرات الأمريكية عن أن جماعات متشددة في الشرق الأوسط تستعد لصنع عبوات ناسفة جديدة يمكن تنفيذها بحيث لا يمكن اكتشافها على الرحلات التجارية الجوية. وفي ذات السياق، قال "راديو مونت كارلو"، أمس، إن فرنسا عززت من إجراءاتها الأمنية في مطاراتها بناء على طلب من الولاياتالمتحدة، لتعزيز فحص رحلات الطيران المتجهة مباشرة إلى الولاياتالمتحدة. وانضمت فرنسا إلى دول أخرى، مثل بريطانيا وألمانيا وبلجيكا، وكثفت من إجراءاتها الأمنية في المطارات، بعد أن قال مسؤولون أمريكيون إنهم يشعرون بقلق من أن تنظيم القاعدة في سورياواليمن يطور قنابل قد يتم تهريبها إلى متن طائرات. وقالت هيئة الطيران المدني الفرنسي، إن التدابير الجديدة "ستنفذ بطريقة تحد قدر الإمكان من إزعاج المسافرين". لكنها أضافت: "ومع ذلك، لا يمكننا الكشف عن طبيعة التدابير التي يتم اتخاذها". وستشمل هذه الإجراءات مطار شارل ديغول، وهو واحد من أكثر المطارات ازدحاماً في العالم، وأيضاً سيشمل مطارات في باريس ومرسيليا ونيس وتاهيتي وجزر المارتينيك وغواديلوب. وبحسب "راديو مونت كارلو"، فإنه سيتم توجيه المسافرين إلى محطة بمطار هيثرو بلندن، حيث يوجد فحص دقيق للأحذية والمواد الإلكترونية. وعلى الرغم من أن الولاياتالمتحدة لم تعطِ أسباباً رسمية للتحذير الجديد، غير أن القلق نابع من مئات المتشددين الإسلاميين الذين سافروا من أوروبا للقتال في الشرق الأوسط، ممن تمثل عودتهم خطراً على أمن دولهم التي قد يعودون إليها، وفقاً لخبراء. وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، نقلت، الأربعاء، عن مسؤولين في واشنطن قولهم إن وزارة الأمن الداخلي شددت من فحص الركاب على عديد من الرحلات المتجهة إلى الولاياتالمتحدة، والمتجهة من أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط، رداً على تقارير استخباراتية بوجود تهديد متنامٍ من فرع تنظيم القاعدة باليمن. وقال المسؤولون إنه ستتم زيادة الجهود في حوالي 15 مطارا في الخارج، ولن تتم مضاعفة هذه الجهود في الولاياتالمتحدة. ووفرت وزارة الأمن الداخلي المعلومات الاستخباراتية عن التدابير الأمنية الإضافية المفترض اتخاذها لدى شركات الطيران والحكومات الأجنبية، لكنها لم تقدم أي تفاصيل. وقال المسؤول في وزارة الأمن الداخلي الأمريكية جيه جونسون، في بيان، إن هذه التدابير بعضها مشاهد، وبعضها غير مشاهد، وإنها ستتطور بما تمليه الحالات. ويأتي هذا التهديد الجديد كأحدث مؤشر على أن جماعة القاعدة، التي تتخذ من اليمن مقرا لها، تحاول إسقاط طائرات ركاب متجهة إلى الولاياتالمتحدة. وكانت خططت منذ العام 2009، دون جدوى، ل3 هجمات بالقنابل تم تنفيذها على متن طائرات من قبل أحد عناصرها، أو بواسطة زرعها في بضائع. وصانع قنابل هذه الجماعة هو السعودي إبراهيم حسن العسيري. وقيل إنه قام بتدريب مجموعة من الجهاديين المهرة ليكونوا بديلا عنه في حال قُتل. ووفقا لمسؤولين أمريكيين، فإن لدى جماعة القاعدة في اليمن علاقات مع بعض الجماعات الجهادية في سوريا، والتي تحارب ضد نظام بشار الأسد. يذكر أنه في العام 2009، نفذ عمر فاروق عبدالمطلب، وهو شاب نيجيري، محاولة لتفجير رحلة من أمستردام إلى ديترويت، بقنبلة صنعها العسيري، وخاطها له في ملابسه الداخلية. وحين اشتعلت النيران في لفة الملابس، كان عبدالمطلب يجلس على مقعده هادئاً، غير أن الركاب هجموا عليه، ومنعوه من محاولة إشعال الطائرة، وإلحاق ضرر بها. وبعد هبوط الطائرة في ديترويت، اقتيد عبدالمطلب إلى السجن من قبل الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون، وحكم عليه لاحقا بالسجن مدى الحياة. وفي أكتوبر من العام 2010، عبأ تنظيم القاعدة في اليمن متفجرات على خراطيش طابعات، وتم شحنها على رحلة متجهة إلى شيكاجو. وتم إحباط العملية بناء على مساعدة استخباراتية من السعودية، كما كان هناك مخطط آخر، في العام 2012، لتفجير طائرة ركاب متجهة إلى الولاياتالمتحدة. ويأتي الحديث عن التدابير الأمنية الجديدة، بعد سنة من تدابير أمريكية اتخذتها الولاياتالمتحدة، وأغلقت فيها سفارات وقنصليات في الشرق الأوسط وأفريقيا وشرق آسيا، وقالت المعلومات حينها إن التدبير اتخذ بعد اعتراض مسؤولين يمنيين وأمريكيين معلومات لدى حاوي بريد للقاعدة، وفيها معلومات عن اجتماع إلكتروني بين الوحيشي والظواهري، لتنفيذ هجمات كبيرة ضد مصالح غربية في المنطقة.