ربما لم يَسبق، من قبل، أنْ ذهبت قوى متصارعة حول وطن واحد، إلى المشاركة في مداولات مؤتمر يَعرف الجميع مُخرجاتِه وتوصياته ، بمَن فيهم، وعلى رأسهم : الفرقاء المتحاربون . هذا هو حال الوضع في مؤتمر جنيف الذي جرى ترحيل موعده إلى يوم غد الإثنين 15 يونيو ، بعد تعثُّرات حالت دون انعقاده اليوم . لسان حال الحوثيين الذين يشهدون تراجُعا واضحا في وضعهم العسكري وتخبُّطا كبيرا في أدائهم، وتصورهم لما يريدونه باليمن ؛ يعكس رغبةً جليّة في التنافُس الشَّكلي على إخراج مداولات مؤتمر جنيف الذي ترعاه الأممالمتحدة ، وتصويره كما لو أنه المقابل الموضوعي لمؤتمر الرياض . وفي حال يَعرف الجميع أن مرجعيّة المؤتمرين (الرياضوجنيف) هي مرجعيّات واضحة جدّا : (المبادرة الخليجيّة مخرجات الحوار الوطني اليمني ، و قرار مجلس الأمن (2216 إلا أنَّ الحوثيين يُصرّون على تلك الشكلانيّة الاستعراضيّة، كدليل على انسداد أفقهم السياسي . وإذا ما صحّت التسريبات الصحافيّة حول وجود مستشارين سياسيين إيرانيين مع الوفد الحوثي، في مؤتمر جنيف ، سيبدو لنا واضحا أن هناك نيَّةً لتفريغ المؤتمر من أيِّ محتوى سياسيٍّ جادّ ، لاسيما وأن الإيرانيين هم مِن أكثر الناس خبرة في المفاوضات الهوائيّة . ربما نشهد والحال هذه اقتراحاتٍ أخرى إلى مؤتمر آخر تحت اسم (جنيف2) على غرار ما جرى للمفاوضات بين النظام السوري والمعارضة، في كلٍّ مِن مؤتمرَي جنيف 1 وجنيف 2 تحت رعاية المنظمة الدولية، منذ أكثر من ثلاث سنين . لقد كان واضحا للحكومة الشرعيّة اليمنيّة حينما أبدتْ اعتراضَها على المشاركة في البداية أن هذا المؤتمر لن يُفضي إلى نتائج هي معلومة سلَفا ولكنها تشارك؛ سدّا للذرائع الحوثيّة ، وتأكيدا على نيَّتها في التفاوض، فيما يبدو أن مشاركة الحوثيين في المؤتمر، فقط، لمجرَّد القول : (نحن هنا).