مليشيا الحوثي ترفض إحالة ملف اغتيال الشيخ أبو شعر للقضاء وتواصل التستر على الجناة    "حماس" و"الجهاد" و"الشعبية" تحيي جبهات الإسناد في اليمن ولبنان وإيران والعراق    صورة مثالية لتشجيع راقي!    ضبط متهم بارتكاب جريمة قتل شخصين في ريف حجة    سيادة القانون: ضرورة لا تحتمل التأجيل    الفنان أحمد الحبيشي يغادر المستشفى بعد عملية طارئة    أعيش لأن الموت تأخر    الجوع كافر والرواتب مقطوعة.. الجنوب يموت بصمت    البيت الابيض غاضب من خسارة ترامب جائزة نوبل    إحياء اليوم العالمي للصحة النفسية واليوم اليمني للدعم النفسي    الجزائر تعود إلى المونديال بعد 12 سنة من الغياب..    غزة.. حشود النازحين تعود إلى شمال القطاع وجيش الاحتلال ينفذ الانسحاب إلى "الخط الأصفر"    ضبط ثلاثة ألف قطة إلكترونية حساسة تستخدم في الطيران المسير بجمرك منفذ صرفت    كهرباء عدن تدعو الرئاسي إلى تدبيروقود لمحطات التوليد    الأرصاد تتوقع أمطارًا رعدية على أجزاء من المرتفعات والهضاب والسواحل    اشادة بريطانية بجهود بن بريك : عززت التماسك السياسي والاستقرار الاقتصادي    البيض: خيار الأقاليم هو الأنسب للواقع القائم في اليمن    للتحالف ولرعاة العملية السياسية.. ترحيل الحلول يزيد الأزمة عمقا وتعقيدا    قنبلة الزبيدي لضم مأرب وتعز.. رد على مؤامرات الاصلاح في حضرموت    اليمن يستأنف مشاوراته مع صندوق النقد الدولي بعد 11 عاما من الانقطاع    الين الياباني يتجه لأكبر خسارة أسبوعية    رئيس تنفيذية انتقالي حضرموت يعزي في وفاة المناضل حسن عمر باجوه    باسندوة تؤكد في مجلس حقوق الإنسان على تمكين المرأة وتحذر من استمرار انتهاكات الحوثي    التعليم المبرمج للحساب الذهني في اليمن يواصل تنفيذ تدريباته بمدارس محافظة المهرة    وفاة موظف أممي في صنعاء إثر ذبحة صدرية بعد تعرضه لضغوط نفسية ومخاوف من إختطاف حوثي    تحذيرات من تصاعد التشويش الإلكتروني على أنظمة الملاحة في البحر الأحمر والخليج العربي    قطاع الحج والعمرة يعلن بدء تطبيق اشتراطات اللياقة الطبية وفق التعليمات الصحية السعودية لموسم حج 1447ه    لبنان.. القبض على 32 شخصا بتهمة التخابر مع العدو الصهيوني    إندونيسيا تمنع لاعبي إسرائيل من دخول أراضيها للمشاركة في بطولة العالم    بعد تهديد وزير الدفاع الباكستاني.. غارات تستهدف كابول وأنباء عن مقتل قيادات في طالبان الباكستانية    عاتق الأحول ينتقد صمت قيادات المؤتمر تجاه اعتقال شقيقه غازي ويؤكد منع أسرته من التواصل معه    من حريب إلى قعطبة.. خريطة الجنوب المنهوبة تعود إلى الواجهة    رقم قياسي قابل للزيادة للمنتخبات العربية المتأهلة لكأس العالم 2026    تصفيات اوروبا لكأس العالم: هولندا تعزز صدارتها بفوزها على مالطا    التصفيات المؤهلة لكأس آسيا 2027: سوريا تكتسح ميانمار بخماسية    تقرير حقوقي: تصاعد مقلق للانتهاكات ضد الصحفيين في اليمن    منتخب اليمن يحيي أحلام التأهل لكأس آسيا 2027    تاريخي: الفضة تسجل رقماً قياسياً ب 50 دولاراً للأونصة    وكيل محافظة تعز يفتتح مركزين للخدمات الزراعية وصيدلية بيطرية في جمعية مقبنة    إب.. تصاعد جرائم الانتحار والعنف الأسري في ظل غياب الأمن    مصدر حكومي يعلن البدء في صرف المرتبات المتأخرة لموظفي الدولة في القطاعين المدني والعسكري    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يشارك في ندوة علمية بعنوان "سقطرى في مواجهة الغزاة"    اليمن يتقدم على بروناي بهدفين في الشوط الأول ويهدر فرصاً لزيادة الغلة    شركة المقبلي للطاقة المتجددة الراعي الذهبي للمعرض الثاني للطاقة الشمسية والري الحديث بصنعاء    "دبور الجولان" يقتل جندي إسرائيلي    بعد 12 عاماً من الملاحقة القضائية.. تفاصيل جديدة في محاكمة فضل شاكر    الرمان... الفاكهة الأغنى بالفوائد الصحية عصيره يخفض ضغط الدم... وبذوره لها خصائص مضادة للالتهابات    ما فوائد تناول المغنيسيوم وفيتامين «بي-6» معاً؟    حين أضاعوا الجنوب وراحوا ينتظرونه محملًا بأحلامهم    اليهود في القرآن...!!    إِنَّا عَلَى العَهْدِ    مرض الفشل الكلوي (22)    محمد عبده الفنان السادس على مسرح البواردي    وادي التماثيل في جزيرة قشم.. بقايا ظواهر رسوبية وجدران طبيعية مذهلة    كاد تهرب المسؤول أن يكون كفرا    جريمة قتل جماعي قرب حقل مياه عدن.. دفن نفايات شديدة الخطورة في لحج    مأرب.. تكريم الفائزين بمسابقة شاعر المطارح    بدء توزيع الزكاة العينية للأسر الفقيرة في مديرية اللحية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا تم تجاهل نصر الضالع؟ (تحليل)
نشر في يمن برس يوم 02 - 06 - 2015


*يمن برس - ميساء شجاع الدين (العربي الجديد)
عادة الهزيمة تولد بلا أب، بينما يكون هناك عشرات الآباء للنصر، لكن الحالة تختلف في نصر مدينة الضالع (جنوب اليمن) التي نجحت أخيراً في إسقاط لواء الجيش 33 مدرع لقائده عبد الله ضبعان، الذي كان يوالي الرئيس اليمني المخلوع، علي عبد الله صالح، ثم رفع أعلام جماعة الحوثيين منذ يناير/كانون الثاني الماضي، بعد انقلابها على الرئيس عبد ربه منصور هادي.

نصر الضالع حقيقي، وجاء بعد أكثر من شهرين من أخبار النصر ل "المقاومة الشعبية" اليمنية ضد الحوثيين، ويقابلها أخبار انتصارات حوثية على الحدود السعودية. لكن جميعها أخبار انتصارات هشّة تعتمد على تكتيك الكر والفر في هكذا حروب، تتسم بطابع العصابات بين أطراف غير منظمة أو مدربة، مثل "المقاومة الشعبية" التي تعتمد أساليب بسيطة وبدائية في القتال مقابل قوات منظمة ومدربة.

أما على الحدود فقد كان الأمر مختلفاً. تمتلك السعودية قوات نظامية أكثر تسلحاً تواجه قوات اعتمدت حرب العصابات التي تناسب الجبال، وتعوض فارق التسلح النوعي والعددي، لذا في كلتا الحالتين الحرب لا تعتمد على المواجهة بل على الكر والفر. المسألة هنا تتمحور حول من يستطيع الحفاظ على نصره. وهذا يصبّ في صالح القوات النظامية لأنها تستطيع تنظيم قواتها بدون أن تدب فيها الفوضى بعد النصر، إذ إن استحقاقات النصر مدمرة للقوات غير النظامية وبدون قيادة، أبسطها التصارع على توزيع الغنائم وكيفية إدارة المناطق الجديدة.

كذلك عامل آخر لا يقل أهمية على المدى البعيد، وهو عامل صاحب الأرض والحاضنة الاجتماعية، فبُعد المسافة الجغرافية وغياب تعاطف المجتمعات المحلية يستنزف القوات الآتية من خارج المكان ويضعفها.

ضمن هذا السياق، فإن كل ما قيل عن انتصارات "المقاومة الشعبية" في اليمن أو الحوثيين على حدود السعودية كان عبارة عن إنجازات تمحوها ساعات أو ربما أيام قليلة، هذا في أحسن الحالات. لكن هناك نصر وحيد بدا حقيقياً وقوياً هو نصر مدينة الضالع في طرد الحوثيين، لكنه لم يحظ بأي اهتمام كتلك الانتصارات البسيطة التي يرددها الإعلام ليل نهار.

الضالع لم تكن أصلا مدينة يركز عليها الإعلام مثل عدن وتعز، وهي إحدى المحافظات الجنوبية سياسياً، لكنها جغرافياً أقرب للشمال وفي وسط اليمن. مدينة الضالع هي قلب الحراك الجنوبي، حيث ينتمي لها معظم ضباط الجيش الجنوبي قبل الوحدة، وكانت قضية تسريح جنود الجيش الجنوبي، هي المحرك الأولي والأساسي للحراك الجنوبي الذي انطلقت شرارته قبل سنوات بإعلان جمعية الضباط المتقاعدين للمحافظات الجنوبية.

الضالع تحديداً كانت دون كل المحافظات الجنوبية تشهد احتكاكات مسلحة بين الحراك وقوات الجيش اليمني منذ وقت مبكر، والمدينة كانت دوماً تضرب بعنف من قبل الجيش اليمني سواء في عهد صالح أو عام ثورة 2011 أو أثناء عهد هادي.

إذا كان سلوك صالح مفهوما في تعامله العنيف مع المدينة التي انطلق منها الحراك الجنوبي، فمن غير المفهوم أن هادي الذي حاول أن يتقرب من الحراك الجنوبي لم يبادر بإقالة ضبعان الذي طالما اشتكى منه أهالي المحافظة لقمعه ودمويته.

لهذا الأمر ما يفسره، إذ له علاقة بثارات الجنوب. فهادي يمثل في الجنوب محور أبين - شبوة، أي محافظات الجنوب الشرقية مقابل محور الضالع - لحج. وكان هناك تنافس عسكري وسياسي بين المحورين في اليمن الجنوبي سابقاً، وصل إلى أشده في حرب 1986 التي انهزم فيها محور أبين ممثلاً بالرئيس السابق علي ناصر محمد، ومنها فرّ الفريق المهزوم للشمال الذي استضافه حتى قاتل إلى جانبه في حرب 1994، وتمت مكافأة هذا الفصيل العسكري بتعيين عبد ربه منصور هادي نائباً للرئيس، ولو بلا صلاحيات وسلطة تذكر.

بعد وصول هادي للرئاسة عام 2012، سعى إلى التواصل مع الحراك الجنوبي، واعتمد سياسة الاحتواء بذات طريقة سلفه، وهو الاحتواء عن طريق التفتيت وإثارة الخلافات بين التيارات المختلفة من خلال اختراقها وشراء ولاء بعض القيادات.

لم يحاول هادي في تلك الأثناء تغيير ضبعان الذي طالما اشتكت المدينة منه. واستمر ضرب الجيش اليمني العنيف بين حين وآخر على المدينة التي غابت عنها مظاهر وجود الدولة باستثناء المعسكر.

بدون مساعدة كبيرة من قوات التحالف المهتمة بجبهات أخرى مثل عدن وتعز ومأرب، استطاعت الضالع طرد قوات معسكر الجيش اليمني، لتصبح أول مدينة كانت توجد فيها قوات الحوثي - صالح وتطرد منها.

هذا النجاح يعزى لبعض الأمور، أولها طبيعة أبناء المدينة بالذات من الجيل البالغ من العمر الأربعين والخمسين؛ وهم من القيادات العسكرية التي انخرطت في الحراك، لذا نجد أسماء قيادات للقوة العسكرية في الضالع، مثل صلاح الشنفرة وعيدروس الزبيدي وخالد مسعد. وهذا لا يتوفر في مأرب وعدن وتعز مثلاً، حيث لا يوجد أي شكل من أشكال التنظيم أو الترتيب القيادي للمجموعات المسلحة المشتتة فيها.

إذن العمل المسلح المنظم في مدينة مجتمعها يرفض بقوة وجود هذه القوات، ومنخرط بشكل واسع في عملية "المقاومة" كان سبباً آخر لخروج الضالع عن سيطرة الحوثي - صالح، وهي حالة وحيدة ومنفردة تخالف مأرب التي لم يدخلها هذا الحلف حتى الآن، أو حضرموت التي استولى عليها تنظيم القاعدة، وهي المحافظة اليمنية التي لم تخضع لحكم الإمامة الزيدية أبداً.

على الرغم من كل هذا، مرّ نصر الضالع بدون أي احتفاء خاصة من الحكومة في الرياض، فهو نصر يصب لصالح فك الارتباط في الحراك الجنوبي كخطوة في مطلبه لاستعادة دولة الجنوب.

إيران والسعودية كلاهما موّل تيارات من الحراك الجنوبي، ولم يكن يكترث بالوحدة اليمنية، وطبيعة تدخل الدولتين تستند على جماعات ما قبل الدولة، مثل مليشيا طائفية في حالة إيران أو قبائل وجماعات دينية كحالة السعودية، لذا لا يمكن وصف أي منهما بالحريص على الوحدة حتى يتجاهل نصر الضالع.

في المحصلة، نصر الضالع تجاهله الجميع لأنه خرج عن السياق المرسوم. هو نصر يختصر حقيقة أن الخيار العسكري يتجه باليمن للتمزق نحو كانتونات مناطقية، فلا هو في طريق الوحدة ولا في طريق إعادته لدولتين، بل في طريق التمزق جغرافياً بين مجموعات مسلحة مختلفة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.