أكاديمي: الشرعية توجه الضربة القاضية للحوثيين بعدما ظلت لسنوات تتلقى "ملطام وراء ملطام"    - العليمي يلغي قرارات البنك المركزي في عدن تنفيذا لتقرير مالي مستقل وينشره موقع الأوراق و يكشف عيوب قرارات بنكي صنعاء وعدن    عاجل: هجوم صاروخي على السفن غرب محافظة الحديدة    محكمة حوثية بصنعاء تقضي بإعدام 44 مواطنا يمنيا بتهمة "التخابر"    قيادي بالانتقالي الجنوبي : اليمن على أعتاب مرحلة جديدة من الانتعاش الاقتصادي    استشهاد 95 فلسطينياً وإصابة 350 في مجازر جديدة للاحتلال في غزة    صندق النقد الدولي يعلن التوصل لاتفاق مع اوكرانيا لتقديم مساعدة مالية بقيمة 2.2 مليار دولار    أعظم 9 نهائيات في تاريخ دوري أبطال أوروبا    بوروسيا دورتموند الطموح في مواجهة نارية مع ريال مدريد    الوزير البكري يشهد حفل افتتاح "طرابلس عاصمة الشباب العربي 2024    - بنك يمني لأكبر مجموعة تجارية في اليمن يؤكد مصيرية تحت حكم سلطة عدن    نجاة رئيس شعبة الاستخبارات بقيادة محور تعز من محاولة اغتيال جنوبي المحافظة    المنتخب الوطني يواصل تدريباته المكثفة بمعسكره الداخلي استعدادا لبطولة غرب آسيا للشباب    اوسيمين يخرج عن دائرة اهتمام تشيلسي    عبدالله بالخير يبدي رغبته في خطوبة هيفاء وهبي.. هل قرر الزواج؟ (فيديو)    مواصلة استغلال القضاء.. محكمة حوثية تصدر أوامر بإعدام مدير شركة برودجي عدنان الحرازي    قرارات البنك المركزي الأخيرة ستجلب ملايين النازحين اليمنيين إلى الجنوب    بنك سويسري يتعرّض للعقوبة لقيامه بغسيل أموال مسروقة للهالك عفاش    مبادرة شعبية لفتح طريق البيضاء مارب.. والمليشيات الحوثية تشترط مهلة لنزع الألغام    مجلس القيادة يؤكد دعمه لقرارات البنك المركزي ويحث على مواصلة الحزم الاقتصادي    مليشيا الحوثي تختطف عميد كلية التجارة بجامعة إب    موني جرام تعلن التزامها بقرار البنك المركزي في عدن وتبلغ فروعها بذلك    الحوثيون يطوقون إحدى قرى سنحان بالعربات العسكرية والمصفحات بعد مطالبتهم بإقالة الهادي    صلاة الضحى: مفتاحٌ لبركة الله ونعمه في حياتك    تنفيذي العربي للدراجات يناقش أجندة بطولات الاتحاد المقبلة ويكشف عن موعد الجمعية العمومية    شاهد: مقتل 10 أشخاص في حادث تصادم مروع بالحديدة    تسجيل ثاني حالة وفاة إثر موجة الحر التي تعيشها عدن بالتزامن مع انقطاع الكهرباء    الشرطة تُحبط تهريب كمية هائلة من الحبوب المخدرة وتنقذ شباب عدن من براثن الإدمان!    فرحة عارمة تجتاح جميع أفراد ألوية العمالقة    مع اقتراب عيد الأضحى..حيوانات مفترسة تهاجم قطيع أغنام في محافظة إب وتفترس العشرات    هل تُسقِط السعودية قرار مركزي عدن أم هي الحرب قادمة؟    الهلال بطلا لكأس خادم الحرمين الشريفين    براندت: لا احد يفتقد لجود بيلينغهام    الحديدة.. وفاة عشرة أشخاص وإصابة آخرين بحادث تصادم مروع    شاب عشريني يغرق في ساحل الخوخة جنوبي الحديدة    خراب    الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين: 18 ألف أسرة نازحة في مأرب مهددة بالطرد من مساكنها مميز    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 36 ألفا و284 منذ 7 أكتوبر    السعودية تضع شرطًا صارمًا على الحجاج تنفيذه وتوثيقه قبل موسم الحج    بسبب خلافات على حسابات مالية.. اختطاف مواطن على يد خصمه وتحرك عاجل للأجهزة الأمنية    هدي النبي صلى الله عليه وسلم في حجه وعمراته    قتلى في غارات امريكية على صنعاء والحديدة    تكريم فريق مؤسسة مواهب بطل العرب في الروبوت بالأردن    الامتحانات.. وبوابة العبور    شاهد .. الضباع تهاجم منزل مواطن وسط اليمن وتفترس أكثر 30 رأسًا من الغنم (فيديو)    الوجه الأسود للعولمة    مخططات عمرانية جديدة في مدينة اب منها وحدة الجوار    هل يجوز صيام العشر من ذي الحجة قبل القضاء؟    تحذير عاجل من مستشفيات صنعاء: انتشار داء خطير يهدد حياة المواطنين!    الطوفان يسطر مواقف الشرف    وزارة الأوقاف تدشن النظام الرقمي لبيانات الحجاج (يلملم)    لا غرابة.. فمن افترى على رؤيا الرسول سيفتري على من هو دونه!!    تحذير هام من مستشفيات صنعاء للمواطنين من انتشار داء خطير    جزءٌ من الوحدة، وجزءٌ من الإنفصال    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"القصة الكاملة " لتجنيد أمريكا طفل يمني لوضع شريحة الكترونية لاستهداف قائد عسكري يمني
نشر في اليمن السعيد يوم 21 - 08 - 2013

كيف تم تجنيد "برق" طفل الشوارع ذي ال8 سنوات لوضع شريحة الكترونية لاستهداف عدنان القاضي

• من هو القاضي وكيف تم الاشتباه به ومن ثم الإفراج عنه من السجون اليمنية


عندما احتاج حلفاء الولايات المتحدة في اليمن للمساعدة لاستهداف عضو مفترض في تنظيم القاعدة بغارة لطائرة بدون طيار، تشير الدلائل إلى أنهم عادوا إلى واحد من أقرب الناس إليه (طفل ذي 8 أعوام)

جريجوري. د. جنسون*

ترجمة خاصة ب"الأولى" عن مجلة أتلنتك:

الخميس، ال25 من أكتوبر 2012، وكما عبر المرشحان باراك أوباما وميت رومني بأمريكا نحو تدافع محموم لنهاية حملتهما الانتخابية الرئاسية، كان هناك 3 من ضباط الحرس الجمهوري يعقدون اجتماعاً رفيعاً في النصف الآخر من العالم، وعلى الطرف من شبه الجزيرة العربية. وكان ذلك اليوم هو عيد الأضحى، (عيد التضحية)، الذي يعتبر في التقاليد الإسلامية ذكرى استعداد إبراهيم للتضحية بابنه إسماعيل. كما أنه واحد من أقدس المناسبات في التقويم الإسلامي، ومن المحتمل أن الضباط فاتهم أن يتناولوا الطعام مع عائلاتهم، وانضموا إلى الاجتماع في ذلك المساء.

وكان السبب وراء اجتماعهم السري هو الشيء الواقف أمامهم: طفل في ال8 من عمره. خجول، ورث، ومتسخ قليلاً، وبحاجة لقص شعره، وكان يحملق إليهم بخوف من سيعرض نفسه للخطر، وكحالته تماماً عندما وصف ذات الاجتماع في شريط فيديو مسجل نشر لاحقاً.

في ذلك الاجتماع، لم يكن الطفل ليعلم أن الولايات المتحدة قد قررت قتل شخص يدعى عدنان القاضي، وعادت إلى حلفائها في اليمن للحصول على مساعدتهم. الآن الحكومة اليمنية بحاجة لطفل يساعدها. ولذا شرح ضابط الحرس الجمهوري للطفل ما يود منه أن يفعل: ازرع شريحة إلكترونية صغيرة في الرجل الذي حان التفكير به ليكون أباً بديلاً للطفل. عرف الطفل ما أريد منه، ووثق بالضباط المجتمعين، لقد كانوا أصدقاء والده الأصلي. ولذا أخبرهم أنه سيحاول، وأنه سيكون جاسوسهم.

وبحلول الوقت الذي أعطى فيه الرئيس أوباما الإذن للهجوم على عدنان القاضي، كانت الولايات المتحدة قتلت العديد من مقاتلي القاعدة على مدى سنوات، وفي أماكن تراوحت بين جبال أفغانستان وباكستان إلى صحارى اليمن والصومال. وكانت الضربات أخذت تأثيرا سلبيا على المنظمة الإرهابية، حيث إنه بعد أكثر من 10 سنوات على أحداث 11 سبتمبر، كان أسامة بن لادن، وهو الهدف الأكثر وضوحاً؛ قد قتل فعلياً.

كان القاضي، وهو ضابط قوي البنية في الجيش اليمني، هدفاً أقل وضوحاً. ولكن الولايات المتحدة، كما دخلت عقدها الثاني من حربها على تنظيم القاعدة، وجدت نفسها على نحو متزايد في مهمة ملاحقة أشخاص على شاكلة القاضي، والذين يتم استهدافهم ليس على ما فعلوه، ولكن لما يمكن أن يفعلوه.

وكانت الولايات المتحدة قد أصبحت على دارية بالقاضي في أواخر عام 2008، بعد أن قام 7 انتحاريين في سيارتين "سوزوكي جيب" معدلتين، بمهاجمة السفارة الأمريكية في صنعاء، عاصمة اليمن. لكن ردة الفعل السريعة من حارس أمن يمني، والذي سد الطريق أمامهما تماماً، وتم إطلاق النار على صدره، منعت المفجرين من اختراق الجدران الداخلية للمجمع، وقتل الأمريكيين المختبئين داخله. وهذا أجبر المهاجمين على الابتعاد من البوابة الرئيسية، فقاموا بتفجير قنابل في الشارع خارج السفارة، مما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 12 يمنيا، بمن فيهم بعض من كانوا ينتظرون دورهم للحصول على تأشيراتهم في الصباح الباكر. وأعلن تنظيم القاعدة في اليمن مسؤوليته عما جرى.

وبعد هذه الهجوم الأكثر دموية على السفارة الأمريكية منذ عقد، زادت الولايات المتحدة من أمنها في صنعاء، وبدأت الحكومة اليمنية اعتقال أشخاص. وكان واحداً من الأسماء التي كشفتها المخابرات اليمنية عدنان القاضي. ويعتقد المحققون أن القاضي كان قدم لوحات عسكرية للمهاجمين، لاستخدامها للعبور من خلال نقاط التفتيش الأولية حول السفارة، واتضح في ما بعد أن القاضي كان ضابطا عسكريا في اللواء 33 مدرع في اليمن، وكان لا يزال على جدول رواتب الجيش، على الرغم من أنه لم يداوم منذ أكثر من عام. ومنذ ذلك الحين تمت إقالة الضابط المسؤول عنه، وزوج أمه، من الخدمة الفعلية، بعد تزعمه تنظيماً لتهريب الديزل والمشروبات الكحولية، وفقاً لصحف يمنية. والأكثر إيلاماً للمحققين المحليين كانت الصلات القبلية للقاضي، والمرتبط بقمة هرم السلطة العجيب والبيزنطي في اليمن.

كان الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، المنحدر من قبيلة سنحان، وهو حليف للولايات المتحدة، أنهى العام 2008 العقد الثالث له في منصبه. ومثله كان اللواء علي محسن، الذي يعتبر "القبضة الحديدية" للنظام، وخاض حروباً محلية لصالح، ليؤكد وجوده في السلطة. ومثل الرجلين القبليين النافذين، كان القاضي ولد في قرية صغيرة تنتمي لبيت الأحمر، وتبعد 10 أميال خارج العاصمة صنعاء.

إنها مجموعة فقيرة من الأكواخ والمنازل، التي ظلت لقرون تنتج فلاحين مزارعين وجنود مشاة، وتغيرت بعد ذلك تحت حكم الرئيس صالح. بنى الرئيس لنفسه قصرا محصنا يطل على حقول ترابية وأودية، حيث كان يلعب وهو طفل. وكذلك علي محسن، الذي ارتفع إلى جانب صالح، ليصبح جزءاً لا يتجزأ من الحفاظ على السلطة، مما جعل النقاد والمراقبين يعتقدون أن "بيت الأحمر عصابة".

يمكن القول إن السياسة اليمنية وعرة ووحشية، وتعج بالحوادث المرورية المشبوهة والأحداث الفجائية. فقد اغتيل اثنان من الأسلاف الفوريين لصالح، في غضون 8 أشهر من بعضهما البعض، في أواخر عام 1977، سقط أحدهما في هجوم عصبوي دموي، وتم اغتياله مع شقيقه وفتاتين، وصبوا الكحول على أجسادهم، كما قتل الآخر في انفجار قنبلة وضعت في حقيبة. وعندما انتخب صالح، الذي كان آنذاك قائدا عسكريا، بعد اغتيال الرئيس الثاني، راهن محللو وكالة المخابرات المركزية على أنه لن يداوم في مكتبه أكثر من 6 شهور، أو أقل، لكنه قبض على السلطة بالاعتماد على الناس الوحيدين الذين يمكن أن يأتمنهم: قبيلته. وكان القاضي جزءاً من سياسة الرئيس الأحادية القائمة على تأمينه من عشرات الأشخاص بتكليفهم كضباط في الجيش، وما يقارب من كل أفراد قبيلة سنحان، الذين شكلوا الدائرة الداخلية لعلي محسن.

وهكذا في أعقاب تفجيرات السفارة عام 2008، كانت محاولة توقيف القاضي تحتاج أن يتعاطى معها بشكل حساس، ويتطلب الأمر موافقة قبيلة القاضي القوية والنافذة. وفي نهاية المطاف أعطى كل من صالح وعلي محسن موافقتهما لاعتقاله كمشتبه به ساعد في الهجوم، ولكن القاضي قضى بضعة أشهر في السجن، قبل أن يتدخل أسياده. وأفرج عنه سراً في أوائل العام 2009، وتم إسقاط كل التهم.

وفي وقت قريب سابق، وصل اسم القاضي مجدداً إلى المخابرات الأمريكية، التي تعتقد أنه كان لا يزال يستلم مرتبه العسكري، وانتقل إلى أبعد من كونه دعم تنظيم القاعدة، إلى دور قيادة في التنظيم. وفيما زادت وتيرة إدارة أوباما في هجمات الطائرات بدون طيار في اليمن، أضيف اسم القاضي إلى لائحة المستهدفين.

عندما استدعي برق الكليبي، ذو ال8 أعوام، للاجتماع مع أعضاء في الحرس الجمهوري اليمني، في أكتوبر الماضي، من المحتمل أنه لم يكن يعرف أي شيء عن عدنان القاضي، وعن سجنه، أو صلاته المزعومة بتنظيم القاعدة. وما عرفه هو أن الرجل أخذه ومنحه مكاناً للعيش عندما تخلى عنه الجميع.

كان برق واحدا من أطفال الشوارع، غير يتيم، في بيت الأحمر، قرية القاضي. وكان لدى برق أم وأب، لكنهما عادا للعيش في صنعاء مع إخوته وأخواته ال5. وكان أبوه مجنداً في الحرس الجمهوري اليمني، وراتبه لم يكن تقريباً يكفي لأن يضع طعاما على المائدة لكل أفراد الأسرة.

ليس واضحاً تماماً كيف تحول برق ليعيش كأطفال الشوارع، ولكن يقول سكان محليون إنه وصل لأول مرة إلى القرية في 2011، بعد زواج أحد أغنياء قبيلة كبيرة من عائلة بارزة من آل الأحمر. ممارسة إرسال الأطفال للبقاء مع فرع أكثر غنىً من عوائلهم الكبيرة، شائعة في اليمن، حيث يرغم الفقر الكثير من العائلات لاتخاذ قرارات صعبة. ولكن من الواضح أن أفراد عائلة برق رفضوا أخذه، مما انتهى به للاعتياش من الشارع.

تقطعت السبل ببرق بين أب في صنعاء لم يتمكن من إعالته، وبين قبيلة بيت الأحمر التي يبدو أنها لا تريده، مما جعله يبذل كل ما في وسعه في القرية. يقول قرويون إنه كان يتجول خلال اليوم في الطرق الجانبية الترابية، للبحث عن القناني البلاستيكية، وأجزاء أخرى مما يمكن بيعه من القمامة. وفي الليل يأوي حيث يمكن العثور عليه. ويمنحه بعض القرويين أحيانا بعض الطعام، أو يؤوونه لديهم ليلاً. وكان واحداً من هؤلاء القرويين عدنان القاضي، الذي، وفقا لرجال القبائل المحليين، أشفق على الطفل الصغير المتسخ. وبعد بضعة أشهر دعا القاضي برق إلى منزله، ومنح الطفل مكانا للنوم، وعامله كأنه أحد أطفاله ال5، وساعد في تمويل تعليمه.

أثناء الأشهر الأولى من الربيع العربي، أرسل زعماء تونس ومصر وليبيا إلى المنفى، والسجن والموت، وكانت الولايات المتحدة مترددة في فرض الرئيس صالح في منصبه، والقلق من أن سقوطه قد يعني سقوط القتال ضد القاعدة. وقال آنذاك وزير الدفاع روبرت جيتس، للصحفيين، في مارس 2011: "لقد كان حليفاً مهماً في ساحة مكافحة الإرهاب"، وأضاف: "ليست لدى الولايات المتحدة خطط لمرحلة ما بعد صالح".

لكن، في حين كان الرئيس اليمني مفيدا للأمريكان في مكافحة الإرهاب، قالوا عنه إنه كان متقلباً أيضاً. وتحدث دبلوماسيون أمريكيون عن "صالحين" وليس صالحاً واحداً: صالح الطيب المستوعب، الذي يسمح للولايات المتحدة أن تذهب باتجاه أي هدف أرادته، وصالح الآخر، الذي يزود الولايات المتحدة بمعلومات استخباراتية خاطئة، ليحوز على القوات الأمريكية لتنفيذ عمله القذر، وكان المسؤولون الأمريكيون حائرين مع أي "صالح" هم يعملون.

وعلى سبيل المثال، مرر مسؤولون يمنيون، في مايو2010، معلومات لأصدقائهم الأمريكان في قيادة قوات العمليات الخاصة المشتركة، وأبلغوهم فيها أن اجتماعاً للقاعدة يعقد قرب بستان لأشجار البرتقال في صحراء شرق العاصمة صنعاء.

وبعد بضع ساعات من القصف، تم التعرف على الجثث، وأدركت قيادة القوات الخاصة الأمريكية أنها ارتكبت خطأً. بدلاً من استهداف مجموعة لتنظيم القاعدة يتم تتبعها منذ سنة تقريباً، قتلت الغارة نائب محافظ مأرب، وهو أحد الخصوم السياسيين لصالح، وكان ساعد على ترتيب اجتماع مع مقاتلي القاعدة للحصول على موافقتهم للاستسلام. وفي وقت لاحق، قال مسؤول أمريكي شارك في الضربة، لصحيفة "وول ستريت جورنال": "نعتقد أن لعبة حصلت". وعلى الرغم من أن مسؤولين أمريكيين اختلفوا في ما إذا كانوا تعرضوا لفخ، (نفت الحكومة اليمنية ارتكابها أي خطأ).

وعلى الرغم من ألاعيبه وتعامله المزدوج، ظلت الولايات المتحدة على قناعة من أنها بحاجة لصالح في معركتها ضد تنظيم القاعدة. وبعد 33 عاما من الحكم، كان صالح لا غنى عنه في قبيلته، لقد كانت عائلته عملياً هي الجيش اليمني. ومع تواصل دورة القمع الوحشي لاحتجاجات الربيع العربي في 2011، كان الشيء الذي لا مفر منه، وقبلت به الولايات المتحدة تدريجيا: على صالح أن يذهب. ومع شعور بالقلق من أن تنظيم القاعدة قد يملأ الفراغ الناجم عن انهيار الحكومة، ألقت إدارة أوباما بدعمها وراء جهود نقل السلطة، والتي أعطت صالح حصانة، وأعطت نائبه الرئاسة، وغادر صالح وأقاربه ورجاله القبليون من مواقعهم العسكرية، على الأقل إلى الآن. لقد كان هناك أشخاص عملت الولايات المتحدة معهم لسنوات، ولم تتأثر جهود مكافحة الإرهاب أثناء انتقالهم.

عندما أدرج اسم عدنان القاضي على لائحة المستهدفين، مدّ المسؤولون الأمريكيون يدهم إلى بعض من شركائهم الطيعين في اليمن، وطلب منهم المساعدة في تحديد مكان المستهدف، وكيف يمكنهم المساعدة؟

ووفقاً لشريط فيديو اعترافات نشر في وقت لاحق من قبل تنظيم القاعدة، فإن الرجل المكلف بتحديد مكان القاضي كان عبدالله جباري، وهو من قدامي المحاربين في الحرس الجمهوري، ولديه سنوات من الخبرة العسكرية. ومن الواضح أنه من دون معرفة الولايات المتحدة، تم استدعاء رجل يدعى حفظ الله الكليبي، الأب الأصل لبرق.

وأخبر جباري الضابط الكليبي أنه كان أرسل للقائه ضابطاً آخر من الجيش في صنعاء: "الرائد خالد جلايز سوف يزورك"، وقال جباري: "نفذ ما يملى عليك".

ويبدو أن الحرس الجمهوري كان لديه علم أن الكليبي شخص يعاني العوز، وأن برق، الذي يعيش مع عدنان القاضي في قرية خارج صنعاء، قال الكليبي في وقت لاحق في التسجيل إن شخصا ما، من المفترض أن يكون الرائد جلايز، ناقشه في ما إذا كان الكليبي قادراً على إقناع ابنه للتعاون معهم، من خلال زرع شريحة إلكترونية للقاضي، وأن الحكومة اليمنية سوف تعطي العائلة سيارة ومنزلاً و50.000 ريال يمني (حوالي 230 دولارا)، وهذا سيخفف من متاعب العائلة المالية، في حين يعطى (الشاب) برق فرصة "لخدمة بلده".

الضابط الرفيع الكليبي رتب أمره لاسترداد ابنه من منزل عدنان القاضي. وقد كان الكليبي أرسل ابنه بعيدا لأنه لا يستطيع تحمل نفقات إطعامه. ولكن الآن كبار المسؤولين في الجيش اليمني يطلبون سنواته ال8 لمساعدتهم، وكانوا على استعداد لدفع ثمنه. في 22 أكتوبر 2012، ساق الكليبي سيارته لكيلومترات قليلة عبر ضواحي صنعاء المزدحمة، واجتاز الحواجز العسكرية التي تطوق المدينة لجلب الطفل.

عاد الأب والطفل إلى صنعاء في تلك الليلة، واجتمع شمل أسرة الكليبي. وللمرة الأولى منذ أشهر ينام برق بجانب أشقائه وشقيقاته، ويتناول الطعام مع عائلته. وبعد 3 أيام، وبالتحديد يوم 25 أكتوبر، الذي يصادف ليلة عيد الأضحى، وفقاً للاعترافات المسجلة في الفيديو، زار 3 من ضباط الحرس الجمهوري برق ووالده


الحلقة الثانية

- كيف أرسلت "حكومة الوفاق" عدنان القاضي للتوسط لدى تنظيم القاعدة في أبين؟

- كانت تعرف الحكومة منزله وتحركاته ومع ذلك قال مسؤولوها إنه زعيم رفيع للتنظيم؟

- استخدمت المخابرات الأمريكية والمصرية طفلين وجندتاهما بعد اغتصابهما للتجسس على الظواهري

- يجتمع مسؤولو مخابرات أوباما كل ثلاثاء لمناقشة المستهدفين ومع ذلك سأل أحدهم: إذا فتحت باباً ليدلف منه أحدهم، هل أكون قد ساعدت القاعدة؟

- من هو ربيع لاهب وكيف اختطف الكليبي وابنه "برق" وكيف وقع ضحية لطائرة أخرى بدون طيار؟

عندما احتاج حلفاء الولايات المتحدة في اليمن المساعدة لاستهداف عضو مفترض في تنظيم القاعدة بغارة لطائرة بدون طيار، تشير الدلائل إلى أنهم عادوا إلى واحد من أقرب الناس إليه (طفل ذي 8 أعوام)

جريجوري. د. جنسون**

ترجمة خاصة ب"الأولى"- ريّان الشيباني:

بعد بضعة أشهر، وفي وقت مبكر من هذا العام، جلس حفظ الله الكليبي، والد برق، مقرفصاً على الأرض، أمام خلفية فضية لامعة، يتحدث إلى الكاميرا التي تسجل مقطع الفيديو بجودة عالية. وفي الفيديو توقف الكليبي لبرهة، كما لو كان يحاول أن يتذكر كل ما هو مفترض منه أن يقوله. مرتديا قميصاً أزرق سماوياً بخطوط عمودية داكنة وغطاء رأس كستنائي، ويبدو عليه التعب. والزر الأسفل لقميصه منتوف، وعندما يتحرك تفتح انشقاقات القميص لتكشف عن فانيلة داخلية سوداء، وخطوط عريضة لكرش لا بأس به. ويجلس بجانبه برق، متململاً، في حين والده يعترف بالتجسس على القاعدة، وهي التنظيم الذي أعدم عدة جواسيس في اليمن، وصلبهم.

وفي الاعتراف الذي نشر بتاريخ 19 أبريل، في المنتديات الجهادية بواسطة مؤسسة الملاحم، وسيلة إعلام جناح تنظيم القاعدة في اليمن، سمّى الكليبي كلاً من عبدالله جباري وخالد غليس، كشخصين قاما بتجنيد برق وابتعاثه. وبعد ذلك بيومين، نفى كلا الرجلين الاتهامات التي وجهتها القاعدة لهما. وفي بيان نشرته الصحيفة المحلية "اليمن اليوم"، قال جباري إنه لم يكن لديه أي اتصال بالكليبي من 5 سنوات، ووصف الأمر بأنه "مهزلة مرضية".

لكن أطراف قصة الكليبي التي اعترف بها في شريط الفيديو، أكدتها مصادر مختلفة في اليمن، بمن في ذلك شخص مطلع على العملية. وعدد من القبليين، وصحفيون محليون، ومنظمة غير حكومية، كانوا جميعهم ذكروا، بشكل مستقل، أن قصة الكليبي تنسجم مع ما يعتقدونه: لقد كان برق ذو ال8 سنوات، جاسوساً.

لم يكن هذا يحدث لأول مرة لحلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، من استخدام الأطفال في التجسس على القاعدة. وكما يروي لورانس رايت في كتابه "لومينج تاور"، عام 1995، اجتذب عملاء المخابرات المصرية اثنين من الصبية الصغار إلى شقة، وخدروهما، ومن ثم اغتصبوهما. وصور عملاء المخابرات كل شيء، ومن ثم استخدمت الصور كوسيلة ضغط لإجبار الفتيين، اللذين كانا من أبناء كبار المسلحين المقربين من أيمن الظواهري، للتجسس على تنظيم القاعدة، لمحاولة قتل الرجل الذي ذهب أعلى من أن يكون نائباً لأسامة بن لادن، ليخلفه في نهاية المطاف. وفشلت المؤامرة عندما اكتشف الظواهري ما الذي يفعله الصبيان. وأدينا من قبل محكمة شرعية، وتم إعدامهما.

بالقرب من نهاية فيلم مدته 12 دقيقة، وأنتج بمهارة، ويدعى "بيت العنكبوت"، وبعد آية من القرآن مترجمة للإنجليزية، تحدث برق، لأول مرة، وأعطى روايته الخاصة للقصة. في الجزء الذي اعترف فيه والده، لم يهدأ برق، كان يهتز في المكان، ويحدق في الكاميرا، وبالتناوب إلى آلة التصوير، ومن ثم ينظر إلى حضنه. ولمرة واحدة، يبدو أن ظهوره كبت ابتسامة للرجل وراء الكاميرا. وعندما حان دوره في الكلام، مع ذلك، أصبح متزناً، واستمر على ذلك، يحدق مباشرة في الكاميرا بعينين واسعتين. بدأ بنطق اسمه، كان صوته الذي يقاطعه أبوه، خفيضاً جدا (الصوت)، يخبره أبوه ببادرة غير صبورة: "صوتك". عينا برق لا تتحركان عن الكاميرا، لكنه يتحدث بصوت يعلو تدريجياً.

أداؤه يبعث على القلق. رأس صغيرة تتشكل بواسطة أخرى كبيرة، شعر مجعد حلقي، ويبدو نموذجاً ل8 سنوات من العمر مثالية لقراءة الخطوط بسرعة، مستظهراً مسرحية مدرسته الابتدائية، لكنه الآن في اعتراف لتنظيم القاعدة، وليست مسرحية مدرسية، ويشرح كيف أنه ساعد مشغلي الطائرات بدون طيار الأمريكية لقتل رجل.

في اجتماع بتاريخ 25 أكتوبر، أوضح برق أن أباه أعطاه شريحة تتبع إلكتروني، وأن ضباط الحرس الجمهوري شرحوا له كيفية تفعيلها. وأضاف الصبي: "إنهم دربوني". وأكد مسؤول يمني لاحقا أن شريحة التتبع الالكتروني، التي كانت استخدمتها الولايات المتحدة في أفغانستان، تستخدم أحيانا لهجمات الطائرات بدون طيار في اليمن.

في الفيديو، شرح برق كيف أن الضباط قادوه خلال عملية استخدام الشرائح، وشددوا على أهمية زرعه الشريحة في عدنان القاضي، إما الأربعاء 31 أكتوبر، أو الخميس 1 نوفمبر.

من قال لك ذلك؟ قاطعه أبوه.

وبدون أن يحول بصره عن الكاميرا، سرد برق بإخلاص أسماء 3 ضباط: الرائد خالد غليس، والرائد خالد العوبلي، ومعاون اسمه جواس.

وسأله والده مرة أخرى: "لكن من كان أول واحد دربك؟"، فجأة وكمحقق مع ابنه. وإصراره على السؤال يبدو محاولة لتحويل اللوم مرة أخرى على ضباط الحرس الجمهوري الذين جندوا ابنه للتجسس على القاعدة.

"الضابط خالد"، تأتأ الطفل في الرد: "صديقك".

ولم يقاطعه والده مرة أخرى.

واصل برق، موضحاً أنه، وبمجرد اقتناعهم بأنه كان قادرا على تفعيل الشريحة الصغيرة، وتفهمه أهمية إبقائها سرية عن القاضي، كانوا قد تركوا والده يأخذه إلى القرية. كان برق مستعدا للقيام بمهمته.

من هو عدنان القاضي، الذي لا يزال رسمياً ضابطاً في الجيش اليمني، ونهاية المطاف أصبح على قائمة الاستهداف الأمريكية بعد خروجه من السجن؟

في جزء كبير من الولاية الأولى للرئيس الأمريكي باراك أوباما، يجتمع مسؤولو المخابرات لمرة واحدة في الأسبوع، من مختلف أنحاء الحكومة الاتحادية، وعادة يكون هذا اليوم هو الثلاثاء، لمناقشة لائحة الاستهداف. اجتماعات "إرهاب الثلاثاء" السرية، ومثلما تتم دعوة المسؤولين في الإدارة، تكون المناقشات دقيقة حول من سيعيش، ومن سيموت في النصف الآخر من العالم.

في سلسلة من الاجتماعات الممهدة، جادل عشرات المسؤولين حول استحقاقات كل حالة. "ما هو التسهيل أو مساعدة القاعدة؟"، سأل أحد المشاركين وفقا لتقرير لصحيفة "نيويورك تايمز". "إذا فتحت بوابة وأنت تدلف عبرها، هل أنا مسهل؟".

كافح هؤلاء المسؤولون لأن يكون لديهم ضمير، ويكونوا عادلين. لا أحد منهم أراد أن يرتكب أخطاء أو يرشح حياة شخص بريء للموت. لكن نشاطاً حيوياً كالمناقشات يمكن أن يتم، باستجواب المسؤولين بينهم البين، بشأن فرد معين، والذي يجب أن يستهدفه القتل، وهناك كانت قرارات خارج إشرافهم، وضعت وروجعت ضمن إطار السلطات التنفيذية. والمعرفة الشعبية بتفكير إدارة أوباما القانوني بخصوص ضربات الطائرات بدون طيار، أصبحت أقل غموضاً من وقت سابق من هذه السنة، عندما قام شخص ما بتسريب نسخة من ورقة بيضاء لوزارة العدل، إلى مايكل إسكوف، المراسل الاستقصائي لشبكة "إم بي سي نيوز". والوثيقة تركز على سؤال هل من القانوني قتل المواطن الأمريكي في الخارج؟ القضية في ما إذا كانت مستنيرة، فإن مسؤولاً أمريكياً رفيعاً في حكومة الولايات المتحدة، حدد أن المواطن هو "أن يكون زعيماً تنفيذياً رفيعاً في تنظيم القاعدة"، هذا الشخص هو من يمكن أن يقتل. وحددت الورقة اثنين من المفاتيح الرئيسية. أولاً افتراض أن الولايات المتحدة حددت أن القبض ليس مجدياً. ثانياً أيا كان؛ فإن الولايات المتحدة تريد أن تقتل أي شيء يشكل لها تهديداً وشيكاً. معايير تبرير الهجوم على المواطن غير الأمريكي، من المفترض أن تكون ذاتها، إن لم تكن أقل صرامة.

لكن الجدوى من الأسر أيضاً مدعاة للنظر فيه. كيف أن العديد من الأمريكان أو حلفاء الولايات المتحدة يجب أن يتعرضوا لخطر محتمل لجعل الأسر مجدياً؟ الطائرات بدون طيار هي أنظف من العمليات على الأرض، بل يمكن أن تقتل من السماء دون تعريض جندي أمريكي واحد للخطر.

إن مسألة التهديد الوشيك هي أيضاً غامضة. مفوضو الحكومة توسعوا في تعريف ما هو "التهديد الوشيك" إلى شيء أوسع من ذلك بكثير. وفقاً لورقة وزارة العدل البيضاء، لا يمكن للفرد أن يكون على وشك الهجوم، أو حتى في منتصف مؤامرة معينة، ليكون هدفاً مشروعاً. يمكن أن يكون ألف شخص تهديدا وشيكا فقط بحكم وصمهم ب"زعيم تنفيذي رفيع"، شخص يعتقد أن الولايات المتحدة تخطط بنشاط لقتل أمريكيين. وبعبارة أخرى، يتم تحديد شخص بهذا الأسلوب لمرة واحدة، ونعتبر أنه يشكل تهديدا وشيكا، وعلى هذا النحو يكون هدفاً للعدالة.

قال الطفل برق: "تسلقت على الطاولة، حيث كان معطفه؛ ووضعت الشريحة في جيبه". وبعد أسبوع كان عدنان القاضي في عداد الموتى، لقد قتل في غارة أمريكية لطائرة بدون طيار.

وبحسب المخابرات الأمريكية، كان القاضي زعيما تنفيذيا من كبار تنظيم القاعدة، والذي انطبقت عليه شروط القتل القانوني: إنه كان يشكل تهديدا وشيكا، ولا يمكن القبض عليه. وكانت المخابرات اليمنية -بعد كل هذا- أقل تأكدا من أنها ألقت القبض على القاضي ذات يوم عندما ألقوا القبض عليه عام 2008.

في يناير من عام 2012، قيل إن القاضي كان جزءاً من فريق وساطة قبلية أرسلت بناء على طلب الحكومة، للتفاوض مع مقاتلي القاعدة الذين سيطروا على بلدة تبعد أقل من 100 كيلومتر إلى الجنوب من صنعاء، وإلى جانب ذلك، كان القاضي لا يختبئ في الجبال مع بقية تنظيم القاعدة، وكان يعيش في منزله في "بيت الأحمر"، على مرمى حجر من الربوة التي يقع عليها قصر الرئيس السابق صالح.

ومع ذلك، عندما طلبت الولايات المتحدة من اليمن الإذن لها بالغارة، وافقت الحكومة. حتى إن بعض المسؤولين اتفقوا مع التقييم الأمريكي من أن القاضي كان زعيما محليا لتنظيم القاعدة في "بيت الأحمر"، مشيرين إلى أنه كان لديه جدارية عملاقة عبارة عن العلم الأسود المرتبط بالقاعدة، والذي رسم على منزله. ووفقا لمسؤولين يمنيين على صلة بالمخابرات، ذهب آخرون إلى أن القاضي كان أحد المجندين عند التنظيم، وليس زعيما تنفيذيا رفيعا. مهما كانت علاقة القاضي بتنظيم القاعدة، هناك شيء واحد واضح: إنه لم ينفذ بعد أي هجوم، وبالتالي، فإن أي ضربة ضده يمكن تعريفها بأنها وقائية (استباقية).

ووفقا لاعترافات تسجيل الفيديو، عندما أعاد والد برق ابنه إلى قبالة "بيت الأحمر"، مرة أخرى، فعل الجاسوس الصغير ما أعطاه ضباط الحرس الجمهوري من تعليمات خلال اجتماعهم المسائي. وأعاد الكليبي التواصل ثانية بالقاضي، والده البديل في القرية، ثم انتظر. يوم الأربعاء ال31 من أكتوبر، عندما ذهب القاضي إلى الحمام، صنع الطفل حركته.

"تسلقت على الطاولة، حيث كان معطفه، ووضعت الشريحة في جيبه"، يقول برق. وسعى جاهداً لاستكمال مهمته قبل خروج القاضي من الحمام، ومن ثم نزل إلى الأرض، ووضع الشريحة الثانية تحت الخزانة، تماما كما قد تم تدريبه.

في وقت لاحق من ذلك اليوم، انتاب برق القلق من أن الشريحة التي تحت الدولاب قد تكون مرئية، ولذا أزالها. لكن الشريحة الأولى التي في معطف القاضي، كانت لا تزال في مكانها، وتنبعث منها الإشارة.

لا الرجل ولا الطفل الذي أخذه من الشارع كانا يعرفان بعد، ولكن عند هذه النقطة، كان عدنان القاضي ميتاً فعليا. وكل ما تبقى لمشغل الطائرة بدون طيار هو الضغط على الزر الذي من شأنه أن يطلق الصاروخ.

وفي الولايات المتحدة، كانت الانتخابات تعم الوطن الممتد. ففي حين كان المرشحان أوباما وميت رومني يقومان بجولة اللحظات الأخيرة لكسب الأصوات، كانت الطائرات بدون طيار التي تقلع من قواعد سرية في السعودية وجيبوتي، تتتبع القاضي بمجرد لبسه معطفه. لقد كان مُعلَّماً (من المفترض لمثل هذه الشرائح أن تساعد على ضمان أن هجمات الطائرات بدون طيار تسعى لضرب الهدف فقط، وتتجنب المدنيين الذين يكونون عادة في ذات المكان).

في الصباح الباكر من تاريخ 6 نوفمبر، فتحت صناديق الاقتراع أبوابها في الولايات المتحدة. وعند ال11:00 مساءً بتوقيت الساحل الشرقي، انتهت الانتخابات. كان الرئيس أوباما قد فاز بولاية ثانية. بعد أقل من ساعتين، دلفت العائلة الأولى من بوابة في "بموكرميك شيكاجو". مشى أوباما على المسرح جنبا إلى جنب مع ابنته شاسا، البالغة من العمر 11 عاماً، تلته السيدة الأولى وابنتهما ماليا (14 عاماً)، وهو يلوح ويبتسم لستيفي ووندر: "مُوقّع، مختّم، مسلّم، أنا لكم".

بحلول الوقت الذي أنهى فيه أوباما حديثه، كان الوقت يقارب الواحدة صباحاً في شيكاجو، وفي منتصف الطريق إلى العالم، في اليمن، كان الوقت ال9 صباحاً ليوم 7 نوفمبر، حيث بدأ عدنان القاضي يومه.

بعد عدة ساعات، وفي حوالي ال06:30 دقيقة مساءً بالتوقيت المحلي، خرج القاضي من أمام باب منزله، وقفز إلى سيارة رياضية متعددة الاستخدامات، مع رجل يدعى أبو رضوان. وفي سقف السيارة، أطلقت الطائرة بدون طيار التي كانت تتبع القاضي، صاروخاً دمر السيارة، وقتل الرجلين على الفور.

بعد شهرين، وبالتحديد في 15 يناير2013، كان برق مسافراً مع والده، عندما كان أحد عملاء القاعدة، حددته مصادر مقربة من القاعدة بأنه كان ربيع لاهب، كان قد تمكن من خطف الاثنين. لاهب الذي كان قد أبلغ خطأ عن مقتله مع عدنان القاضي، زج بالطفل وأبيه لقادة القاعدة في منطقة بعيدة شرق صنعاء. وفي 23 يناير، قتل لاهب بغارة لطائرة بدون طيار أخرى. لكن كان ذلك بعد فوات الأوان ب8 أيام من تسليمه برق ووالده إلى التنظيم.

قال مسؤول كبير في البيت الأبيض ل"أتلانتك" -بعد الضغط عليه للتعليق- "إن الادعاء بأن حكومة الولايات المتحدة كانت بأي وسيلة زعم قد استخدمت طفلاً عمره 8 سنوات في هذه الحادثة، هو خطأ لا لبس فيه" (الحكومة اليمنية من جانبها لم تستجب لطلب التعليق على الأمر).

هل يمكن أن يكون الفيديو مزيفاً، أو أن فيه إكراهاً على الاعتراف؟ إن فاعلية الفيديو الدعائية واضحة: فإذا اقتنع اليمنيون بأن الحرس الجمهوري هو من جند الطفل ذا ال8 سنوات للمساعدة في وضع الإشارة لتوجيه ضربة لطائرة بدون طيار، فمن المحتمل أن تحشد هذه القناعات الدعم لتنظيم القاعدة. لكن رجال القبائل المحليين، فضلاً عن مصدر مطلع على العملية، يعتقدون أن شهادة برق دقيقة، وفي المقابلات قدمت تفاصيل ومعلومات أساسية لا يمكن استخلاصها من الفيديو. فمن جانبه، يقول حمير القاضي، شقيق عدنان، إنه يعتقد أن ما يقوله برق في الفيديو دقيق (حمير يقول إنه لا يلوم برق على وفاة شقيقه، وإنه يلوم السلطات الأمريكية واليمنية، ويخطط لمقاضاتهما). وعلاوة على ذلك، إذا عرضت القصة في الفيديو بشكل خاطئ وقسري من قبل برق ووالده، سيكون هذا الانحراف محسوباً على تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، حيث إن هذه الجماعة منذ تأسيسها بنت سمعة محلية في جزء منها كان الصدق. وفي بلد لا يثق فيه كثير من الناس بالتصريحات الحكومية، أخذ تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب لتأسيس نفسه كمصدر للمعلومات البديلة والدقيقة. يقول مسؤول حكومي يمني -تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته نظرا لحساسية الموضوع- "إنها مجموعة تميل لأن تكون أكثر مصداقية من الجيش".

على الرغم من أنه لم يكن من الممكن التحقق بشكل مستقل من هوية أفراد الحرس الجمهوري المتورطين في تجنيد برق، هناك شيء واحد صحيح في النهاية: شخص ما استغل طفلاً عمره 8 سنوات. إما حلفاء الولايات المتحدة في اليمن استخدموه للتحريض على القتل، أو تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب استخدمه كرهان في استراتيجيته الدعائية، أو كلاهما معاً. والأدلة تشير بقوة إلى أن حلفاء أمريكا في اليمن جندوا الطفل، لكن هناك ما يشير إلى أن المسؤولين الأمريكيين يعرفون شيئا عن دور برق كطفل جاسوس. المسؤولون الأمريكيون على علم، ومع ذلك، دائما ما يستخدم اليمن الأطفال في الصراعات، ولدى وزارة الخارجية وثائق وتقارير عن هذه الممارسات. ففي 2008، أصدر الكونجرس قانوناً يمنع تجنيد الأطفال، وتحظر الولايات المتحدة تمويل جيوش البلدان التي تستخدم الأطفال، أو توفير التدريب لتلك الجيوش. ومنذ دخول القانون حيز التنفيذ، عام 2012، يوقع الرئيس أوباما في كل عام على إعفاء وتنازل لليمن، وتستشهد الولايات المتحدة ب"المصالحة الوطنية"، وبالاعتقاد أن الارتباط مع دول مثل اليمن قد "يحل المشكلة". اليمن الدولة الوحيدة التي تتلقى إعفاء كاملاً كل عام.

بالقرب من نهاية اعترافات الفيديو، بعد حديث برق ووالده، والاعتراف بدورهم في مقتل عدنان القاضي، كتب تنظيم القاعدة بالنص العربي على الشاشة.

يشرح المتحدث الخفي أنه، وفي ضوء الاعترافات، قررت اللجنة الشرعية لتنظيم القاعدة ما يلي:

1. أن حفظ الله الكليبي مذنب بالتجسس على القاعدة.

2. أن حفظ الله الكليبي يتحمل المسؤولية الكاملة عن مقتل عدنان القاضي وأبو رضوان.

3. أن 4 من ضباط الحرس الجمهوري الذين جندوا ودربوا برق مطلوبون للعدالة.

وبينما يتقهقر صوت المتحدث الخفي، يسمع هتاف نشيد جهادي في الخلفية، وسطر واحد من ومضات جمل إنجليزية في الشاشة: "كل جاسوس يقتل بعد تصويره".

لا يظهر الفيديو إعدام الكليبي، لأن التنظيم أصبح حذرا من بث الإعدامات منذ تزايد الأحداث الدموية في العراق، لكن من شأن هذا أن يترك القليل من الشكوك حول الذين رشحتهم لذلك، وعلى الرغم من عدم تأكيد وفاة الكليبي من مصدر مستقل، تعتقد مصادر قبلية متعددة أنه أعدم.

في شريط الفيديو أعلن تنظيم القاعدة أن والد برق استغل "براءة" ابنه، ووفقا لمصدر مقرب من تنظيم القاعدة، أعفت الجماعة، في وقت لاحق، عن برق بسبب عمره، ولكن عائلته رفضت كل طلبات المقابلة، ولم نتأكد من وضعه بعد.


• بقية تقرير نشرته مجلة "أتلانتيك" الأمريكية في عددها هذا الأسبوع، ونشرت "الأولى" جزأه الأول أمس

• الكاتب؛ مؤلف كتاب "الملاذ الأخير: اليمن والقاعدة والحرب الأمريكية في بلاد العرب"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.