سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الجاني قال لن يحضر إلى بيت خادم والمستشفى رفض تسليم الجثة حتى يدفعو المبلغ والشرطة أفرجت عن القاتل ...قصة العنصرية التي قتلت أكرم في عاصمة الثقافة اليمنية
لا أسرح إلى بيت خادم؟!" قالها القاتل باستعلاء، تهكماً وتكبراً.. قالها بعد أن سرق روح طفل برئ، أمام مرأى أمه ومسمعها.. منذ متى كان للدم ألواناً مختلفة وأسعاراً متفاوتة .. سقط أكرم على رصيف القهر جائعاً، مضرجاً بدماء الطفولة البريئة في وطن لا مكان فيه للبراءة .. سقط والغصة في حلق والدته رصاصة أخرى من القهر والوجع، وهي ترى طفلها ينزف ويموت بين يديها ولا تستطيع أن تفعل له شيئاً.. آه عليك يا أكرم، وأن تصعد شهيداً وشاهداً على قسوة واقعنا المُرّ، وعلى زمن الأعيرة النارية الغادرة وسحقاً لوطن تعرض فيه الأرواح والدماء في أسواق الفوضى البائرة، وتباع بلا ثمن.. بأي وجه نشيعك يا أكرم ان احترقت روحك وكرامتك الانسانية بنار العنصرية والتهميش والاحتقار ونحن لم نفعل شيئاً. لم يشعر الطفل المهمش أكرم عبده علي- 12 عاماً- بلذة النوم.. لم يستطع جسمه الأسمر النحيل أن يقاوم الصقيع.. لقد كان البرد يخترق (الصفيح) بقوة والطفل أكرم يحاول عبثاً النوم، ومع ذلك نهض مبكراً.. ارتدى أكرم ملابسه المدرسية المتواضعة.. جهز دفاتره.. وضعها في حقيبته السوداء ثم حملها على ظهره الصغير. غادر أكرم منزله المصنوع من الصفيح الذي لا يقيه من برد أو حر.. يعبر الشارع يتحسس جيب بنطاله عله يجد قطعة نقود ليسد بها جوعه، فلم يجد شيئاً سوى برد قارس وحراف جارف. وصل أكرم المدرسة.. أدى تمارين الصباح ثم حيَّ العلم قبل دخوله الفصل الدراسي مرت الحصة الأولى والثانية والثالثة وفي تمام الساعة الثانية عشرة دق جرس المغادرة. عاد أكرم إلى البيت بسرعة.. خلع ملابسه وحقيبته ثم اتجه إلى (حوض الاشرف) حيث أمه تنتظره.. وصل أكرم إلى مكان أمه- بالقرب من جامع الكويت- بدأ يبحث بكل همه عن بقايا الدباب البلاستيكية الفارغة ويضعها في الشوالة التي بيده.. كاد أكرم يملئ الشوالة التي بيده.. لحظات وسيحملها إلى الشارع الخلفي لبيعها هناك. اقتربت الساعة من الثالثة عصراً.. حان الوقت ليستلم الطفل أكرم ثمن تلك الشوالة، وأمه ترقبه وترعاه بعينيها وقلبها بين الحين والآخر، وقبل أن يحمل أكرم الشوالة على ظهره أطلق أحد القتلة بعض الاعيرة النارية نحو عدوه إلا أن أحد تلك الأعيرة ظلت الطريق واخترقت جسم الطفل المهمش أكرم. كان الدم يتدفق بقوة من قلب أكرم.. لم يتوقع الموت.. ظل يركض أمام أمه بالشارع كالطير المذبوح وأمه تحاول أن تمسك به لإنقاذه وما هي إلا دقائق حتى وقع على الأرض مغشياً عليه. تقول أم الطفل أكرم والدمع بعينيها: “ابني أكرم يدرس بمدرسة الصديق في الصف الرابع.. يوم الاثنين الماضي 30/12/2013م ذهب إلى المدرسة.. كمل الدراسة ثم جاء من (المحوى) إلى الحوض (ليُدَبِّب) أي ليجمع الدباب البلاستيكية لبيعها وليشتري غداء لي ولاخوانه، وبينما كان ماراً في الشارع حدث اطلاق رصاص فأصابته واحدة منها في صدره أسفل القلب.. لم أتوقع الحادث.. كان أبني يجري وأني أجري بعده بالشارع اشتي أمسكه ما قدرتش، ثم رجع جنابي (نحوي) يجري وقبل أن يصل بين يدي أطرح قدامي وهو مكون ينزف.. أسعفوه للثورة جلس قليل وأنتهى.. أيش ذنبه كان يساعدنا ويشتغل علينا لا أني ولا أبوه موظفين كان كل يوم (يُدَبِّب) ويساعدنا ويطلع له مصروف حق المدرسة.. نحن ما نشتيش أي حاجة، لو كان حضر القاتل واعتذر سوف نسامحه، لكن قالوا رفض وقال يسخر: “أسرح إلى بيت خادم”.. نحن أيضاً خلقنا الله مثلهم.. أين العدل إلى اليوم أجري اشتي أخرج جثة أبني من الثلاجة اشتي أدفنه- والقضية تبقى مفتوحة ما قدرت.. رفضوا.. قالوا يشتوا فلوس (8500 ريال) “قلت لهم ما فيش معي قالوا “أيش نعملك”..”. توفى أكرم تاركاً أباه وأمه وإخوانه الثمانية، رغم ذلك لاتزال جثته بالمستشفى إلى حين ظهور الجناة.. يقول أخ أكرم: “سبعة أيام ونحن نتابع القضية ولا حصلنا نتيجة.. قبضوا على الشخص وأخذوا أقواله بالقسم وخلوا له حاله.. هربوا وتابعنا بالنيابة والمحافظة لكنهم لم يقبضوا على القاتل وهو معروف لديهم وملفه بالقسم.. تفرقة عنصرية.. أين القانون؟! هل هذه هي المدنية.. لم نجد إنصافاً لذلك خرجنا اليوم بكل سلمية لقطع الشارع ولكي نطالب الجهات الرسمية بالقبض على القاتل رغم ذلك لم نجد أي تجاوب.. جاءت المصفحات والطقومات وأطلقوا الرصاص علينا وقاموا بالاعتداء على الأخ ناجي علي أحمد بالبنادق وزبطوه وسحبوه بالشارع.. نحن نطالب كل المنظمات الحقوقية الرسمية والأهلية بالوقوف إلى جانبنا وتمكيننا من أخذ حقنا الشرعي، كما نناشد محافظ المحافظة وكل المسئولين بالجهات الرسمية لإنصافنا..”.