نقابة الصحفيين تستنكر الحكم الجائر بحق الصحفي أحمد ماهر وتطالب بإلغائه    انفجار عنيف يهز محافظة تعز والكشف عن سببه    انقلاب وشيك على الشرعية والرئاسي.. المجلس الانتقالي الجنوبي يتوعد بطرد الحكومة من عدن وإعلان الحكم الذاتي!    في اليوم 235 لحرب الإبادة على غزة.. 36096 شهيدا و 81136 جريحا وعدة مجازر في رفح خلال 48 ساعة    "طوفان زارة"....جماعة إرهابية جديدة تثير الرعب جنوب اليمن و الأجهزة الأمنية تتدخل    فعلها في العام 2019...ناشطون بالانتقالي يدعون الزبيدي "لإعلان عودة الإدارة الذاتية"    سانشيز افضل مدرب في الليغا موسم 2023-2024    غوندوغان سيتولى شارة قيادة المانيا بلون العلم الوطني    لامين يامال افضل لاعب شاب في الليغا    دموع أم فتاة عدنية تجف بعد عامين: القبض على قاتل ابنتها!    برعاية السلطة المحلية.. ندوة نقاشية في تعز غدًا لمراجعة تاريخ الوحدة اليمنية واستشراف مستقبلها    منتدى حواري في مأرب يناقش غياب دور المرأة في العملية السياسية    جزءٌ من الوحدة، وجزءٌ من الإنفصال    غوتيريش يدين بشدة هجوم إسرائيل على مخيم للنازحين في رفح    بالإجماع... الموافقة على إقامة دورة الألعاب الأولمبية لفئة الشباب لدول غرب آسيا في العراق    ضربة معلم تكسر عظم جماعة الحوثي وتجعلها تصرخ وتستغيث بالسعودية    استمرار النشاط الإيصالي التكاملي الثاني ونزول فريق إشرافي لأبين لتفقد سير العمل للفرق الميدانية    خبر صادم: خروج ثلاث محطات كهرباء عن الخدمة في العاصمة عدن    استشهاد طفل وإصابة والده بقصف حوثي شمالي الضالع    الحوثي يسلّح تنظيم القاعدة في الجنوب بطائرات مسيرّة    الرئيس الزُبيدي: تدهور الأوضاع يحتّم على الانتقالي مراجعة قراراته    مجلس الوزراء السعودي يجدد رفضه القاطع لمواصلة انتهاكات الاحتلال للقرارات الدولية    ارتفاع أسعار النفط وسط ترقب المستثمرين لبيانات التضخم واجتماع أوبك+    تدشين مشروع توزيع "19"ماكينة خياطة على الأرامل في ردفان    الهلال السعودي ينهي الموسم دون هزيمة وهبوط أبها والطائي بجانب الحزم    الحكومة اليمنية تبحث مع سويسرا استرداد عرشين أثريين    فلكي يمني يحدد موعد أول أيام عيد الأضحى المبارك وبداية أيام العشر    عاجل: الحكم بإعدام المدعو أمجد خالد وسبعة أخرين متهمين في تفجير موكب المحافظ ومطار عدن    الزُبيدي يؤكد على أهمية المخيمات الصيفية لخلق جيل مناهض للفكر الحوثي    الوحدة التنفيذية : 4500 شخص نزحوا من منازلهم خلال الربع الأول من العام الجاري    بعد تجريف الوسط الأكاديمي.... انتزِعوا لنا الجامعات من بلعوم السلفيات    ياوزير الشباب .. "قفل البزبوز"    انعقاد جلسة مباحثات يمنية - صينية لبحث مجالات التعاون بين البلدين وسبل تعزيزها    وزير الإعلام: مليشيا الحوثي تواصل استغلال مأساة المخفيين قسراً للمزايدة السياسية    انطلاق أولى رحلات الحج عبر مطار صنعاء.. والإعلان عن طريقة الحصول على تذاكر السفر    شاهد .. وزير الزراعة الحوثي يعترف بمجلس النواب بإدخال الحوثيين للمبيدات الإسرائيلية المحظورة (فيديو)    استعدادات الأمة الإسلامية للعشر الأوائل من ذي الحجة وفضل الأعمال فيها    أكاديمي سعودي: التطبيع المجاني ل7 دول عربية مع إسرائيل جعلها تتفرعن    برشلونة تودع تشافي: أسطورةٌ تبحث عن تحديات جديدة وآفاقٍ أوسع    الإعلان عن تسعيرة جديدة للبنزين في عدن(السعر الجديد)    العكفة.. زنوج المنزل    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    استشهاد جندي مصري في الحدود مع غزة والقاهرة تحذر من المساس بأمنها    تدشين دورة إدارة البحوث والتطوير لموظفي وموظفات «كاك بنك»    8200 يمني سيغادرن من مطار صنعاء الى الأرضي السعودية فجر غدا الثلاثاء أقرأ السبب    معالي وزير الصحة يُشارك في الدورة ال60 لمؤتمر وزراء الصحة العرب بجنيف    مغادرة أول دفعة من الحجاج جواً عبر مطار عدن الدولي    سلطان العرادة وشركة غاز صافر يعرقلون أكبر مشروع لخزن الغاز في ساحل حضرموت    دعم سعودي جديد لليمن ب9.5 مليون دولار    - 45أعلاميا وصحفيا يعقدون شراكة مع مصلحة الجمارك ليكشفون للشعب الحقيقة ؟كأول مبادرة تنفرد بها من بين المؤسسات الحكومية منذ2015 فماذا قال مرغم ورئيس التحرير؟ اقرا التفاصيل ؟    الثاني خلال أسبوع.. وفاة مواطن نتيجة خطأ طبي خلال عملية جراحية في أحد مستشفيات إب    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    عالم يمني يبهر العالم و يكشف عن أول نظام لزراعة الرأس - فيديو    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    ما بين تهامة وحضرموت ومسمى الساحل الغربي والشرقي    وهم القوة وسراب البقاء    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علي صالح عباد (مُقبل)… السنديانة الحمراء للحزب الاشتراكي اليمني
نشر في اليمن السعيد يوم 03 - 03 - 2019

“سلام منا للرجال المقنفة/ ذي ما يوطيها سوى رب العباد/ الحزب علمنا أصول المعرفة/ والصبر علمنا علي صالح عباد”.
هذه أبيات شعرية بلهجتها العامية اليمنية قيلت في الأمين العام السابق للحزب الاشتراكي اليمني، علي صالح عباد (مُقبل)، الذي رحل فجر أمس الجمعة في منزله في صنعاء عن عُمر تجاوز الثمانين عاماً.
لم يكن أحد من كوادر الحزب الاشتراكي اليمني منذ عام 2005 وحتى فترة قصيرة سبقت وفاته، يشعر بأن الرفيق علي صالح عباد قد ترك منصب الأمين العام واستراح في بيته. كانوا يتعاملون معه كما لو أنه ما يزال الأمين العام، وإلى منزله في صنعاء كانوا يتوجهون إذا ما أرادوا استشارة أو تقوية للمعنويات كلما شاعت عمليات البيع والشراء والاستمالات، مستلهمين تصدي عباد للرئيس الراحل علي عبدالله صالح، الذي جعل من مسألة تدمير بنيان الحزب الاشتراكي بعد حرب 1994 هدفاً رئيسياً في تفكيره وسار على هذا النهج ولم يتوقف عنه مطلقاً. وحين يُذكر عباد هنا لا يمكن تجاوز حالة المقاومة الكبيرة التي فعّلها من أجل تماسك الحزب وتجميع أطرافه وعدم السماح بتسرّب الروح الانهزامية بين كوادره. حتى أنه لم يكن يأسف كثيراً أو يُعاتب الرفاق الذين قرّروا ترك “البيت الأحمر” والذهاب إلى أحضان علي عبدالله صالح والمؤتمر الشعبي العام، وكان آخرهم أحمد عبيد بن دغر، الذي كان قد وصل إلى منصب الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي للشأن الإعلامي والثقافي، ثم انضم للمؤتمر الشعبي العام.
وعباد من مواليد محافظة أبين (جنوب اليمن) منطقة الدرجاج، ويتبع قبيلة تنحدر من السلطنة الفضلية. بعد قيام ثورة 14 أكتوبر/تشرين الأول 1963 دخل عباد في صراع مع السلاطين أنفسهم، لأنه وبحسب نداءات ثورة أكتوبر كانت المطالب تنادي بمناهضة الفكر السلاطيني ومسألة الملكية بحسب النسب عبر تأميم أراضيهم وإعادة توزيعها للطبقات الكادحة المُحتاجة. لم يتردد عباد في الانخراط في تلك المعركة وإن كانت ستجلب له الأذى والمعاداة من قبل أهله وأقاربه التابعين لتلك السلطنة.
بعد ذلك انخرط علي صالح عباد في قلب الجبهة القومية لتحرير اليمن وخاض حرب التحرير نفسها من أجل نيل الاستقلال من الاحتلال البريطاني عام 1967. والحال هذه تُظهر أن سيرة عباد كانت رحلة متواصلة في طريق السعي إلى التحرّر والاستقلال والكرامة.
ومن أجل استعادة هذه الفكرة قد ينبغي النظر لعلاقة عباد نفسه مع علي عبدالله صالح، بغية تسليط الضوء على فكرة المقاومة التي بثها عباد في نفوس كوادر الحزب الاشتراكي، وعلى وجه الخصوص فئة الشباب الذين كانوا في مفترق طريق صعب، بين البقاء في قسوة ظروف حزبهم الاشتراكي، أو الذهاب في حضن حزب المؤتمر الشعبي العام والتنعم بالمزايا الكثيرة التي كان يمنحها لكوادره.
من هنا ظهرت صورة الأمين العام المثال في عيون الشباب. وقد أدت سيرته ومواقفه، إلى انتخابه لعضوية مجلس النواب عام 1993 والصعود لهيئة رئاسة المجلس التي كانت تتألف من ثلاثة أعضاء. وهو العام نفسه الذي تعرّض فيه لمحاولة اغتيال في منطقته، محافظة أبين. وكان ذلك على يد أعضاء تنظيم الجهاد الذين كانوا قد عادوا من أفغانستان يتقدّمهم الجهادي طارق الفضلي. يومها ذهب الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، رئيس حزب التجمع اليمني للإصلاح، إلى منزل عباد من أجل تهدئة النفوس، لكن الموكب الفخم للأحمر لم يقدر على العثور بسهولة على منزل أمين الاشتراكي. وكان الأحمر يعتقد أن عباد يسكن قصراً، لكن بعد بحث طويل وسؤال للناس العابرين في المكان عثر على بيت متواضع من أربع غرف يسكنها عباد مع أهله.
بعد ذلك فرضت أحداث 1994 والحرب التي شنّها صالح على الجنوب وتداعياتها، تحديات جديدة على عباد، أهمها إعادة جمع شتات الحزب وعقد المؤتمر العام للحزب وسط ظروف غاية في الصعوبة. ونجح في ذلك بعد أن نزحت قيادة الصف الأول للحزب إلى الخارج، في حين بقي هو صامداً ومُقاوماً حالة الاجتياح التي فرضها صالح على كل كيان لم يرغب بالرضوخ للإغراءات والمال والسلطة المُتاحة بسخاء وسهولة أمام من يريد من قادة الحزب الاشتراكي.
بعد نهوض الاشتراكي نفسه من ركام حرب 1994 الظالمة في حق الجنوب، ظهرت قدرة الرفيق عُباد في مقاومة أكبر فعلها ضد صالح، وهذه المرّة من داخل القصر الرئاسي. كان صالح يُحب جمع أُمناء الأحزاب في مجلسه (المقيل) لتناول القات ظاهرياً ولكنه في الأساس كان من أجل ممارسة استعراض القوة أمامهم. كيف لا وقد صار الحاكم الأوحد للجمهورية اليمنية. وحده عُباد من كان يلقن صالح دروساً في كيفية التعامل مع الناس، هذا في المرّات القليلة التي كان يضطر فيها لحضور تلك المجالس.
في واحدة منها، كان صالح يواصل ممارسة سلوك الإهانة في حق الحاضرين من أصحاب الأحزاب الضعيفة أو الكبيرة على حد سواء. كان يذكر أمام جمع الحضور حجم الأموال والهبات وقطع الأراضي والمنح الدراسية والعلاجية التي كان يهبها لكل واحد منهم. كان يذكرهم بالاسم، قائلاً: “يا فلان ويا فلان، ماذا فعلت بقطعة الأرض التي منحتك! هل وصلتك المنحة العلاجية وتذاكر السفر!” كان يمر عليهم واحداً واحداً لكنه حين كان يصل إلى علي صالح عباد، كان يسمع كلاماً مرتفع النبرة من الأمين العام للاشتراكي: “قول يا علي، قول، لا شيء في بطني من مال السلطة، قول”. وكان علي عبدالله صالح يعمد إلى تهدئته فوراً. وفي حادثة أخرى يتناولها اليمنيون دائماً، لاحظ عباد تعامل صالح بطريقة مُهينة مع الموجودين في الجلسة (المقيل). كان صالح يقوم بقذف قطع من أغصان شجرة القات ويرميها في وجوه الحاضرين، بطريقة يمكن أن تؤذي عيونهم. لم يتوقف صالح عن ألعابه إلى حين صرخ عباد في وجهه :”متى ستعرف كيف تتعامل مع الرجال من غير إهانتهم”. ومن بعدها لم يعد عباد يحضر تلك المجالس.
انتقام صالح لم يتأخر في حق عباد والاشتراكي، الذي قرّر خوض الانتخابات الرئاسية في عام 1999 مع ما يحمله قرار عباد في ذلك الحين من تحدٍ للرئيس اليمني لا سيما بعد نتائج حرب 1994 ومحاولات صالح في ذلك الحين إقصاء الحزب الاشتراكي والجنوب من المعادلة السياسية. يومها كانت الإجراءات تفرض أن يحصل أي مرشح للرئاسة على تزكيات من عدد محدد من النواب، إلا أن صالح أدار الأمور داخل المجلس، وبناء على تحالف حرب 94، بطريقة انتهت بحصول عباد على 9 أصوات فقط، وبالتالي لم يتمكن من الترشح للانتخابات، في حين أتى علي عبد الله صالح، الذي رشحه أيضاً حزب التجمع اليمني للإصلاح في سابقة في الحياة السياسية اليمنية، بمرشح صوري لينافسه، هو نجيب قحطان الشعبي.
لكن علي صالح عباد واصل طريق الصمود والنضال وصولاً إلى عام 2005 عندما قرر عدم الترشح مجدداً لمنصب الأمين العام، لينتخب في ذلك العام ياسين سعيد نعمان خلفاً له خلال انعقاد المؤتمر الخامس للحزب. ابتعاد عباد عن العمل الحزبي الرسمي لم يمنعه من مواصلة نشاطه السياسي، فلم يكن بعيداً عن حركة الاحتجاجات الجنوبية منذ انطلاقها في 2007. كان في المقدمة كعادته. لكنه سرعان ما انتبه إلى كثرة الأصوات المنفردة التي تريد إقصاء غيرها والبقاء وحدها على منصة المسرح. هو لاحظ ذلك وانسحب. ترك المايكرفون لغيره واختار أن يبقى بعيداً عن كل ذلك الضجيج ويراقب المشهد اليمني بتطوراته المتلاحقة خلال الأعوام الماضية من بعيد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.