ظلَّت مشاهد التعذيب والعبوات الناسفة والرشاشات التي دسها تنظيم "داعش" في محافظة نينوى ومركزها الموصل، شمال العراق عالقة في أذهان الأطفال حتى بنزوحهم إلى حضن الأمان والحرية. عبر الطفل ماجد "المهندس الصغير" عن الضرر النفسي الذي تعرض له في الموصل، بتأسيس منزل في مخيم للنازحين، عوضا عن دار أسرته، الذي فجره عناصر داعش في الموصل — صنع زميله "شهاب" سلاحا.
وفي هذا التسجيل من داخل مخيم "الخازر" قرب قرية "حسن شام" شرقي الموصل، يظهر طفل نازح بانت عليه أثار الحرب ومشاهد العنف بسبب تنظيم داعش.
ويقول الطفل ويدعى “شهاب” البالغ من العمر 11 سنة، إن "عناصر داعش فعلوا كل شيء في الموصل — آذوا الناس".
– هل رأيت بعينيك كيف يعذب “داعش” الناس؟
شهاب: نعم يرجمون الحريم “النساء” بالحجارة، كل شيء صار في الموصل.
"شهاب" كان واحدا من الأطفال الذين يجمعهم تنظيم داعش بالقوة وتحت التهديد بالسلاح، ضمن ما يُسمى "عامة الناس" لمشاهدة رجم النساء والفتيات بتهمة "الزنا" وهي مثل كل التهم التي يلفقها الدواعش على العراقيات وباقي المدنيين لإبادتهم والقضاء عليهم في الموصل.
ومن الأفعال التي بقيت عالقة في ذهن "شهاب" هو استبدال مناهج التعليم من قبل تنظيم "داعش" في الموصل، القرار الذي دفع الأهالي إلى منع أطفالهم من الذهاب إلى المدارس كي لا يتعلموا حساب العبوات والرصاص وقتل البشرية وأساليب متوحشة يعتمدها الدواعش في غسل الأدمغة والتجنيد لصفوفهم.
ويحمل "شهاب" بيده سلاحا يقول أنه صنعه بنفسه، من خشبة عثرت عليها قرب المخيم، وأختار أن يحمله معه، ويومئ برأسه، إيجابا بأنه يستخدمها للدفاع عن نفسه، لكنه يكتفي بابتسامة بريئة ردا على سؤال الناشط: هل ستقتل الدواعش بها؟
ورغم احتواء المخيم وهو واحد من أكبر مخيمات النزوح القريبة من الموصل، على ألعاب للأولاد ومنها كرة القدم المسماة في اللهجة العراقية "طوبة"، لم يختارها "شهاب" وفضل حمل سلاحه الخشبي المربوط بشريط أبيض أشبه بالرايات التي يحملها النازحون لحظة الهرب من منازلهم باتجاه القوات الأمنية.
وعبر شهاب بعبارة "أحب الرشاشة"، وحبه لها هو ما جعله يفضلها على كرة القدم واللعب مع الأطفال في المخيم.
وغير "شهاب" هناك شباب من الناشطين العراقيين منشغلين بترتيب أكياس من المواد الغذائية ضمن مساعدات لتوزيعها على العائلات النازحة في المخيم الذي يشهد يوميا استقبال عائلات هاربة من بطش “داعش” الإرهابي.
شهاب واحد من آلاف الأطفال الذين شوه الإرهاب المتمثل بتنظيم "داعش"، أحلامهم وأفكارهم، وسلب منهم التعليم وحتى اللقاحات واللعب والبراءة، في نينوى التي شهدت عمليات عسكرية منتصرة للقوات العراقية بدأت يوم 17 تشرين الأول الماضي.
وحررت القوات العراقية، مئات الآلاف من العائلات التي كان يرتهنها تنظيم "داعش" في محيط نينوى والساحل الأيسر من مركزها، كدروع بشرية له منذ اليوم الأول الذي استولى فيه على المحافظة منتصف عام 2014