لن يرى الوطن النور ولن يبصر الأمل .. ولن يعانق آفاق المستقبل بعزة وشموخ وكبرياء , ولن يصل لرحى التقدم والتطور والإزدهار والإنفتاح , ولن تسمو همته وعزيمته وعلياءة لتصنع الغد الافضل لأجيال .. وأجيال قادمة , ولن يتغير التأريخ والمكان والزمان .. ويعيد لليمن شمسها ومجدها وسؤددها , وهؤلاء مازالوا يعيثون في الأرض فساداً وإفساداً , افسدوا الأرض .. وأهلكوا الحرث والنسل , وافسدوا البلاد والعباد , ولوثوا أجواء و صفاء اليمن السعيد , وقتلوا أحلام وآمال ألشباب بالثورة والتغيير . جميعهم الطغمة الحاكمة - بلا إستثناء- من يتربعون الآن على عرش السلطة ويمكلون زمام ومقاليد الأمور ومفاتيح الحكم , الفاسدون .. المفسدون من حكومة وفاق ورئاسة جمهورية ومجلس نواب وساسة مخضرمين من عهود غابرة وحكومات سابقة ومتعاقبة عفا عليها الزمن , واكل الدهر عليها وشرب , اغتالوا أماني الشباب بكل برود وجمود .. والآن يسعون لوأد الأحلام باسم الحوار الوطني ,أيقظونا عنوة من أحلام التغيير و (حلم الثورة )الجميل , لنغط في نوم عميق و(كابوس النظام ) المرعب المخيف الذي لم يسقط ولم ينته وامتد ولم نستفيق منه بعد ولم نتعافى من صدمته وأثارة , ورّثوا الحكم و النظام باسم الشرعية الدستورية الزائفة, وشرّعوا الفساد باسم الوفاق والإتفاق , و حصّنوا القتلة والمجرمين باسم المبادرة الخليجية وإنقاذ الوطن , والخروج من ازمة قاهرة افتعلوها ونسجوا خيوطها وتبادلوا الأدوار, وناموا على وقودها , يرتعون من خيراتها و يشربون وياكلون ويتاجرون من دماء الشهدآء والجرحى . كانت الثورة الشبابية بالنسبة لهم فرصة تأريخية لا تعوض و جسر عبور و غنيمة حتى يتصيدوا فيها امانيهم وطموحاتهم وتطلعاتهم المريضة , وقدموا الشباب الحر قربانا وثمنا رخصيا لأطماعهم الزائفه , هم هؤلاء جميعاً من سيلعنهم التأريخ و للأبد وسيرميهم في منافي التأريخ المنسية , لم يقدموا لليمن شيئاً سوى الخزي والعار والتخلف والتمزق والشتات , هم هؤلاء من اعتلى الشيب الأبيض جباههم المتوسمة بالمال الحرام والمنقوشة بوشم الفساد المستطير , ولم يتركوا للشباب حتى فرصة التغيير.
دمّروا ماضي اليمن , وحطموا حاضره , وباعوا مستقبلة للشيطان والأهواء , اختلفوا على مائدة الرحمن , وتحالفوا مع الشيطان على دماء الشهدآء , وتقاسموا الغنائم بعد ان زجّ بالوطن في اعصار الأيام الزمان , باعوا الأرض .. وما فوق الأرض .. وما تحت الأرض , باعوا الهواء والبحار والموانئ , تاجروا بالجزر والأراضي والثروات , ونهبوا الأراضي والخيرات , وبنوا القصور العالية المشيّدة من جماجم الضعفاء وطوبها البسطاء وحدائقها الغناء مزروعة من انات الثكالى وصرخات اليتامى وبكاء الأرامل , نقش على أبوابها الفولاذية المزخرفة بالخط العريض **هذا من فضل ربي ** وجمعوا الأرصدة المتخمة (لصوص الليل) وسرقوها من خزينة المال العام وبنك الشعب في ليل أسود طويل امتد ل 33 عاما او يزيد من عمر الوطن المنسي . ووهبوا الحدود .. وماقبل الحدود لما وراء الحدود بأثمان بخسة زهيدة ,تاجروا بالمبادئ والسياسة والثوابت والقيم , واتوا الينا بعد ان افلس بهم الزمان وتكاثرت عليهم المحن والبلايا وضاقت بهم السبل في شر اعمالهم وكيد مؤامراتهم , يطالبونا بالحوار الوطني ويصيغون كتاباته كحبر على ورق , هم من يختارون ومن يعينون ومن يصدرون الأسماء من جيب النظام ومن إبط الحكومة , ومن يكتبون البيانات المسبقة ومن يحددون النتائج , وهم وحدهم فقط من لهم من يقررون ويصدرون الآوامر وينفذون سياسات الوطن حسب مزاجهم وأهوائهم وبعيه في مزاد الأمم وسوق النخاسة السياسية بأسعار واثمان بخسة , وشرعنوا التواجد الأمريكي والخارجي بكل صورة وأشكالة. ويسوقون الشباب الى أطماعهم وغاياتهم الدنيئة مرغمين مكرهين .. بالأمس اختلفوا .. واليوم اتفقوا , وهناك على الطرف الآخر صوت الشباب الحر الضائع ينسج من تسابيح الليل ادعية ممتزجة بآهات وطن ذبيح , يغرق في صورة أنسان يحتضر بينما العصابة المارقة تتقاسم الغنائم على شاطئ الجريمة وتعلو الضحكات غير مبالية باحتضار وطن, فمن لا دين له لا وطن له , سرقوا البسمة من شفاة الأطفال , وخنقوا الفرحة في قلوب الملايين , ويحصدون على طول الوطن وعرضة استثمارات سياسية وتجارية كبرى .. غارقين في وحل التآمر والبغي لكل ماهو جميل وبديع , وجعلوا من اليمن ارض الجنتين ومهد الحضارة والعروبة مستنقعاً لأطماعهم الآنية وموطناً للشر ومنتجعا خصباً للأمراض والمجاعة والفقر والتخلف ومختلف الأوبئة. تراهم يعتلون المنابر والمحافل ويقيمون المؤتمرات والخطابات ويصرخون ويهزجون بالشعارات الوطنية الرنانة , ويهيمون على وجوههم في كل مقيل ومحفل وناحية يتغنون بالوطنية , هي تلك الوجوة .. نفس الوجوة ..الشاحبة المصفرّة, ونفس الشخصيات المعتادة التي ولدنا وعشنا وهمْ .. همْ .. لم يتغيروا ...او يتبدلوا , ذات اللهجة والنبرة ونفس الأصوات والوجوه المملة , ونفس المواويل و الشعارات على أنغام الوعود والآمال لم تتغير او تتبدل. يعزفون سيمفونية الوفاق والوئام بإبداع ومهارة شديدة , ويتراقصون على رؤوس الأرانب الأليفة , ويتغنون بألأخوّة والصحبة والوحدة والتلاقي , لتصحو على أصوات الإنفجارات تملأ السماء , و الرصاص تلعلع في الأجواء , والقصف يحصد ارواح الأبرياء , يتفقون .. يختلفون لا يهمْ .. فالوطن سيقدم الآلاف قرباناً لتصالحهم , وسيدفع بدماء شبابة ثمنا لخصامهم وتناحرهم , فهم يحيون في قصور مشيدة بنوها من اموال الشعب وضرائب الفقراء والمساكين واختزلوهها من ثروات الوطن , وباعوا كل شئ ولم يتركوا للغد وللجيل القادم من امل يحيا به . يبعثون من القبور تارة جاثمين على الصدور ليعلنوا البناء والتقدم والغد الأفضل , ويهاجرون ويرحلون بعيداً تارة أخرى ليعودوا محملين بوعود وآمال التغيير , (لعنة سلطوية كبرى) تطارد الوطن اينما حلت وحطت رحالة او تبدلت سنينة وأيامة, واستثمروا اموال الشعب في إنشاء الفضائيات وغزوا الفضاء , واسسوا امبراطورية اعلامية هائلة وأقلام مأجورة اختزلت الأوطان في اشخاص , وغلّبت المصالح الخاصة على المصالح العليا والعامة , لاهمّ لها الا تمجيدهم .. والدعاء لهم , نصبوا من انفسهم واعوانهم ثماثيلاً واصناماً يعبدها الشعب ويبجلّها ويدور في فلكها , أصنام لم تتهاوى ولم تتحطم او تتكسر مع الزمن.. ولم تمت.. او ترحل مطلقاً, وان رحلت .. فقد رحل معها الوطن , فلم يبق منه شئ يذكر .. ولم تجعل شئ ما يستحق الحياه به على ارضة وتحت سماءة.
تلك الوجوه العابسة الشاحبة الصفراء تصحو كل صباح .. لتنتشر صورها وأقاويلها في صفحات الصحف وشاشات الأخبار تشعرك بأي يوم قاسٍ ممل قاهر بائس ينتظرك , فالوطن لم ولن يتغير وتلك الوجوة الهرمة التي شاخت واشاخت معها جميع مؤسسات ومرافق الدولة , و مازالت تتربع على عرش الحكم وتخنق أحلام التغيير وتحارب العلم والمعرفة . صدّروا اليمن للخارج انه دولة ارهابية فاشلة , وجعلوا من موطن الحضارات (يداً متسولة) تلقف فتات و بقايا الأمم , وتجمع الهبات والتبرعات بكل ذل وامتهان شديدين , وتصدّر العمالة واليد العاملة للخارج , يبحثون عن حل المشكلة وهم اكبر مشكلة يعانيها الوطن , يدعون للوفاق والتصالح والحوار , وهم ذاتهم السبب الرئيسي للشقاق والخلاف والتناحر المزمن , يدعون الجميع الى البناء والتطور والإسهام في تقدم اليمن, وهم .. هم سبب عثراته وتخلفه وعجزة وتأخرة بين الأمم , يبحثون عن الطيب و الدواء وهم موطن الدآء المستعصي لكل مصائب اليمن وكوارثها وأوجاعها. يحاورون انفسهم .. ف(النظام يحاور نفسة).. يتصالحون .. يتخاصمون والضحية هو الشعب والوطن , جعلوا من سلطة المشائخ سيفاً مسلطاً على رؤوس الخلائق , وجعلوا من العائلة والأسرة الحاكمة اخطبوطاً متفشياً ومنتشراً في كل مفاصل ومرافق الدولة ومواقعها الأمنية والعسكرية الحساسة , يحيون في الترف والغناء الفاحش من اموال الشعب المنهوبة .. بينما يحيا الغالبية العظمى من الشعب تحت خط الفقر وفي هامش التأريخ والزمان , يدهسون بمواكبهم الجرارة نعوش وجنائز الشعب المطحون القابع تحت مطرقة وحمأة الفقر والحرمان الذي صنعوة واوصلوة الية وامتهنوا في إذلالة وتفننوا في تسليط سيف العقاب الجماعي بلا رحمة . فليرحلوا جميعا .. بداءهم وامراضهم وعللهم ومصائبهم , وليحرروا الوطن من فسادهم وشرهم وتآمرهم , وليتركوا الوطن يتنفس الصعداء والنسيم العليل أخيراً بعد حقب مريرة من الديكتاتورية والظلم والإستبداد و الإنهزام , فلا نريد منهم لا حكماً .. ولا هيكلة ولا حواراً , لا نريد منهم جزاءً ولا شكورا , فليتركونا .. وليرحلوا .. وكفى ..