ميدانياً: عبدالله المرتضى توصلت اللجنة البرلمانية المكلفة بمتابعة قضايا المرحَّلين من المملكة إلى اتفاق يقضي بإيصالهم إلى محافظة الحديدة كحد أقصى، لتسهيل مهمة عودتهم إلى منازلهم.. يأتي ذلك في الوقت الذي تزايدت فيه التحذيرات المحلية والعالمية من كارثة إنسانية قد تطال أسر 400 ألف مغترب تُتوقَّع عودتهم خلال الأيام المقبلة.. وبحسب وزير المغتربين فإن الحكومة السعودية أبدت تفهُّمها للعمالة اليمنية، لكن المشكلة تكمن في الحكومة اليمنية التي لم تلتئم حتى الآن في تشكيل لجنة خاصة للالتقاء بالمسئولين السعوديين. مأساوية الوضع خلال الأيام الماضية من بدء ترحيل المخالفين، عجَّت حرض بالفوضى وانتشرت فيها عصابات السرقة والنشل، كان الجميع يتهافتون على المغتربين القادمين من خلف الحدود والذين وصلوا إلى المديرية، وقد تهاوت قواهم النفسية بعد قطعهم الكيلومترات التي تفصل منفذ الطوال السعودي عن مديرية حرض سيراً على الأقدام.. البعض هناك كان يضطر لبيع أي شيء ثمين قد يمكِّنه من مواصلة طريقه إلى قريته أو محافظته، ومن تيسَّرت لهم مبالغ مالية يتنقَّلون بصورة سريعة وبدون أن يتناولوا الطعام أو الشراب في حرض، التي امتدت مواجهات السلفيين والحوثيين إليها.. بينما يقضي من تقطَّعت بهم السبل أياماً بلياليها في شوارع حرض بانتظار "المعجزة" التي تقودهم إلى أهلهم المفجوعين على مصيرهم.. "لا يوجد في المنفذ لا مساكن ولا هناجر لاستقبال المرحَّلين.. والوضع مأساوي بشكل كبير". أكثر من 63 ألف مرحَّل وصلوا حرض خلال اجتماع عُقد مساء أمس الأول وضمَّ رئيس الجالية اليمنية في جيزان السعودية واللجنة البرلمانية، كشف نائب مدير جوازات حرض عن وصول قرابة 63 ألف مرحَّل منذ إعلان السلطات السعودية انتهاء الفترة التصحيحية التي حددتها ب4 أشهر كمدة إضافية لتصحيح أوضاع المقيمين فيها بطريقة غير شرعية.. تحفَّظ حينها رئيس الجالية اليمنية ولم يبدِ أية معلومات عن حصيلة المرحَّلين.. لكنه دافع بقوة عن الأنباء التي تحدثت عن تعرُّض المرحَّلين للتعذيب والضرب من قبل السلطات السعودية.. "كنت موجوداً في منفذ الطوال عندما قام قرابة 3 مرحلين محتجزين في المنفذ السعودي لاستكمال إجراءات البصمة بكسر الحاجز، رافضين إجراءات البصمة، مما اضطر حرس الحدود إلى إطلاق نار في الهواء للسيطرة على الوضع".. التقرير الأوَّلي الذي أرسلته اللجنة البرلمانية إلى مجلس النواب أمس كشف عن وضع سيء يلاقيه المرحلون في حرض.. وبينت اللجنة في تقريرها أنها التقت بقرابة 500 مرحَّل وصلوا حرض على متن 3 حافلات نقل مخصصة لنحو 180 راكباً فقط.. مشيرة إلى أن المرحلين قدموا ليوم واحد فقط. دهشوش: المبالغ المالية المعتمدة ضئيلة جداً بدأت اللجنة البرلمانية، الجمعة، مهامها في استقبال ما تبقى من المرحَّلين، لكن كثرة الأفكار وقلة التمويل كان أبرز الصعوبات التي واجهتها، كما يقول ل"اليمن اليوم" رئيس اللجنة البرلمانية فهد دهشوش، والذي اعتبر المبالغ المالية المعتمدة من قبل البرلمان والحكومة ومجلس الشورى بأنها ضئيلة جداً ولا تفي بنقل المسافرين.. يضيف دهشوش: "اخترنا طريقتين، بما أنه لا توجد صالة لاستقبال المرحلين وتوفير قاعدة بيانات عنهم فذلك يستدعي إقامة مراكز إيواء مؤقتة لمن يصلون المديرية بغية أخذ بياناتهم، ومن ثم مساعدتهم على العودة إلى قراهم"، مشيراً إلى أن المرحلين بحاجة إلى أبسط الخدمات في المنفذ، لا بد من عيادة للمرضى.. وأضاف: "ثمة في اللجنة من اقترح شراء حافلات لنقل المرحلين إلى محافظاتهم أو التعاقد مع شركات نقل محلية، وهذا في ظل المبالغ الموجودة غير ممكن".. يؤكد دهشوش ضرورة إيجاد حل نهائي لأوضاع المرحلين، "لكننا الآن بصدد حل المشكلة القائمة والحفاظ على ما تبقى". مساعٍ لنقل المرحلين من اليوم ستبدأ حافلات خاصة بنقل المرحلين من منفذ الطوال الحدودي إلى محافظة الحديدة كحد أقصى.. وقال عضو اللجنة البرلمانية زيدان علي بن علي ل"اليمن اليوم" إن اللجنة وقعت أمس محضر اتفاق مع المنفذ يقضي بنقل المرحلين إلى الحديدة، باعتبار غالبيتهم من أبناء السهل التهامي.. واعتبر عضو البرلمان عن الدائرة 256 أن عملية النقل التي تمولها اللجنة من الاعتمادات التي أقرها البرلمان للمرحلين والتي تقدر ب10 ملايين ريال بمثابة تخفيف عن معاناة المرحلين وتسهيل عودتهم إلى قراهم. تجهيز مركز صحي مدير مكتب الصحة في حجة قال ل"اليمن اليوم" إن المكتب بدأ تجهيز مركز صحي مستعجل، مشيراً إلى أن المركز الذي تم إنشاؤه بالقرب من منفذ الطوال يحوي طبيباً وممرضتين إضافة إلى صندوق خاص بالأدوية وسيارة إسعاف.. وأشار أيمن مذكور إلى أن المركز الصحي سيقدم خدمات مستعجلة للمرحلين، متوقعاً بأن يتم افتتاح مستوصف بصورة مستمرة خلال الفترة المقبلة. تنصُّل حكومي مبكر بعد إعلان جوازات منفذ حرض عن وصول قرابة 63 ألف مرحل يمني اكتفت الحكومة باعتماد 10 ملايين ريال، أسوة بمجلسي النواب والشورى اللذين اعتمدا نفس المبلغ، الأمر الذي يراه مراقبون بأنه تنصل حكومي مبكر من التزامات تجاه معالجة أوضاع المرحلين مستقبلاً، ناهيك عن إخلاء مسئوليتها من التسبب برحيل آلاف المغتربين نتيجة مشاكلها الخاصة التي أعاقت تشكيل لجنة للتفاهم مع الجانب السعودي. رئيس كتلة الأحرار في البرلمان عبده بشر، قلَّل في تصريح ل"اليمن اليوم" من أهمية الدعم المالي الذي أقرته الحكومة للمغتربين.. "هم من رفدوا الموازنة لسنوات، ولولا الظروف التي أوصلتهم اليوم لما احتاجوا لفلس واحد".. واعتبر بشر الاعتمادات المالية التي أقرتها الحكومة والبرلمان والشورى بأنها دليل على اعتراف الحكومة بالمشكلة.. "وبات عليهم الالتزام بحل قضية المغتربين سواء من في المملكة أو المرحلين".. وأشار إلى قيام منظمات مجتمع مدني بتشكيل حملة وطنية لمساندة المرحلين، وكشف بشر عن تلكؤ الحكومة في دفع المبلغ الذي اعتمدته باسم المرحلين.. "اللجنة البرلمانية وحدها من وصلت حرض وأرسلت أمس تقريرها الأوَّلي، بينما الحكومة اشترطت تشكيل صندوق للمبالغ المخصصة". تفهُّم سعودي في استثناء اليمنيين من نظام الكفالة يقول النائب عبده بشر بأن وزير المغتربين أبلغ البرلمان بأن الجانب السعودي أبدى تفهمه في استثناء العمالة اليمنية من نظام الكفالة والتأمين الصحي.. لكن المشكلة تكمن في أن الحكومة اليمنية لم تستوفِ تشكيل لجنة خاصة للجلوس مع الجانب السعودي لمناقشة مستقبل العمالة اليمنية.. "ثمة إشكالية في الحكومة اليمنية تكمن في تداخل صلاحيات بعض الوزراء، الأمر الذي أعاق تشكيل اللجنة التي كان من المفترض أن تحل الأزمة الراهنة للمغتربين". اتحاد النقابات العمالية: الحكومة أوهمتنا مطلع أكتوبر الماضي وجَّه الاتحاد العام لنقابات عمال الجمهورية مذكرة لرئيس الوزراء، يطالبه فيها بعقد لقاء عاجل لمناقشة أوضاع المغتربين العائدين من المملكة واتخاذ الإجراءات اللازمة التي تساهم في التخفيف من معاناتهم وتوفير الدعم اللازم.. لكن الحكومة تجاهلت المذكرة كما يقول ل"اليمن اليوم" رئيس الاتحاد علي أحمد بلخدر.. يشير بلخدر إلى أن الحكومة كانت في كل مرة يتواصل معها الاتحاد تخبرهم بإرسالها لوفد إلى المملكة لمناقشة القضية، "لكنها لم تحل، وأوهمتنا بأن الوفود التي تذهب وتعود تهتم بمتابعة قضايا المغتربين مما أوصلنا إلى هذه المرحلة". تحذيرات من كارثة إنسانية قبل عدة أيام حذر مكتب الشئون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في صنعاء من تفاقم سوء الأوضاع الإنسانية، خصوصاً مع استمرار تدفق المرحلين من السعودية.. وتوقع المكتب في بيان له أن تصل أعداد المرحلين خلال الفترة المقبلة إلى 400 ألف مرحل، مشيراً إلى أن ذلك قد يتسبب بكارثة إنسانية بحق العائدين. تصف اللجنة البرلمانية المكلفة بمتابعة قضايا المرحلين في تقريها الأوَّلي الوضع بالكارثي، وتحذر أيضاً من تدهور الحياة المعيشية للمرحلين، الأمر الذي قد ينعكس سلباً على أسرهم التي كانوا يعيلونها. مخاوف من نشؤ جماعات مسلحة جديدة عبَّر وكيل وزارة المغتربين، عبدالقادر عايض، عن مخاوفه من انخراط بعض المرحلين في سلك الجماعات المسلحة، مشيراً في تصريح صحفي سابق إلى "أنه سيكون بمقدور هؤلاء العائدين الانضمام إلى مختلف المجموعات والمنظمات الإرهابية، وذلك سيشكل تهديداً ليس لليمن وإنما لكل المنطقة". لا يستبعد النائب بشر انخراط الكثير ممن رُحِّلوا في صفوف مقاتلي الجماعات المسلحة، وقد أفادت تقارير سابقة عن نشاط لجماعات مسلحة في حرض في تجنيد العائدين من المملكة. يقول بشر: "عندما يسلب منك كل ممتلكاتك وتتعرض للتشرد فذلك لا يمنعك من اللجوء إلى أية منظمة أو جماعة مسلحة".. محذراً في الوقت ذاته من إمكانية نشوء جماعات مسلحة وعصابات في حال لم تتم إعادة تأهيل وإدماج المرحلين وتوفير فرص عمل لهم مستقبلاً".