يتحدثون عن فكِّ ارتباط، وعن أقاليم..يتحدثون عن جنوب وشمال.. عن عَلَم وحدوي وعَلَم انفصالي، دون أن يتوقَّفوا للحظة ليسألوا ردفان عن رأيه، وشمسان عن وجهة نظره، ودون أن يأخذوا رأي نقم وعيبان!!. سيعود الشعراء إلى حقبة الستينيات والسبعينيات ليحلموا بالوحدة، ويعود أحمد بن أحمد قاسم ليغني "عدن عدن يا ليت عدن مسير يوم".. ويعود مطهر الإرياني ليكتب "يا ليت وانا طير ما يحمل مرورْ... شانزل عدن فجر وشامسي في حجور".. إلى أن يقول "غنيت انا راس عيبان الصمود.. للأرض للشعب وللوحدة الخلودْ.. وأبصرت ردفان يحلف ما يعود.. الشعب شعبين ولا نقبل حدود"، تلك البالة الشهيرة التي سبق بها كلَّ اتفاقيات الوحدة. سيعود إبراهيم الحضراني ليكتب رائعته الشهيرة "لقاء الأحبة"، التي بدأها بالسمر على نغمة الدان الحضرمي، وتوحَّد فيها الحب، "الحبايب سقى الباري ديار الحبايب، بين سيئون والحوطة وصنعا وماربْ".. وتوحَّدت فيها الأرض "عانقي يا جبال ريمةْ شماريخ شمسان".. وتوحَّد فيها الفن "والتقى الآنسي والمرشدي والقمندان".. وتوحَّد فيها التجَّار "باوزير صدَّر الحنّا مع غصن ريحان.. والتّتن صدَّره والبن من سفح صعفان".. وتوحَّدت فيها المائدة "والعسل دوعني والبرّ من قاع جهران"..وتوحَّد فيه الإنسان برباط الحب المقدَّس "والتقينا الجميع في عرس حسنا وحسَّان". وسيعود أيوب طارش ليغني كلَّ هذا الشجن، وكلَّ هذه اللوعة التي كانت تنداح بصيغة الفعل المضارع وليس بصيغة التمنِّي.. وسيقول "والله لو ينصبوا شمسان، ما بيننا أو جبل سامع، ما يقدروا يحرموا ولهان، محبوب قلبه من الضالع". وثيقة بنعمر لن تستطيع أن تؤقلم نفحات الفل اللحجي، ولن تقدر على حجب شجن محمد سعد عبدالله، وسحر أمل كعدل، وسيبقى البخور العدني يراهن على قطع المسافة، مطمئناً أنه سيصل دون أن يوقفه شيء.