بعد فتاوى ونداءات الجهاد، وحرب مذهبية بدأت في دماج ثم امتدت إلى كتاف، وعمران والجوف وحجة، جرت بين الحوثيين من جهة، والسلفيين والإصلاح وقبائل الأحمر من جهة أخرى، قرأنا وسمعنا في اليومين الأخيرين عن حدث وقع فجأة، وفيه كان السلفيون وحدهم المنكوبين من بين جميع المحاربين. الشيخ السلفي يحيى الحجوري، وأهل دماج فوضوا رئيس الجمهورية باتخاذ ما يراه مناسبا، ووفقا لما يرتضيه أهل دماج، بشأن الحجوري وطلابه اليمنيين والعرب والأجانب، ووجود مركز دار الحديث السلفي، هل يبقون في دماج، أم ينتقلون إلى مكان آخر؟ فاختار لهم الخروج إلى الحديدة..هذا ما قيل..وقيل أيضا إن إمام السلفيين اشترط أن ينقل ومن أراد الانتقال معه إلى الحديدة بوسائل وطرق آمنة، مع أسرهم، وأسلحتهم بمختلف أنواعها، وأثاثهم، وتعويض ما خسروه في الحرب، وأن يحصلوا على ما يمكنهم من بناء مساجد ومعاهد ومساكن ومراكز طبية جديدة. يعني ستكون لهم معاهد خاصة، ومساجد خاصة، ومساكن خاصة، تماما مثل ما كانوا في دماج معزولين عن دنيا الناس، ستكون لهم بيئة مطابقة للبيئة التي صنعوها في دماج، ولا شيء سيتغير..التغيير الوحيد هو المسافة من صعدة إلى الحديدة، وإليها سينقلون أسلحتهم مختلفة الأنواع، التي حاربوا بها في صعدة..لا يريدون الاندماج في المجتمع، يدرسون في مدارسه ويصلون في مساجده، ويسكنون في مساكن متفرقة، مملوكة أو مستأجرة، بل يريدون بيئة دماج نفسها..أي أن المشكلة نفسها ستنتقل من مكان إلى آخر، من ضيق دماج إلى سعة الحديدة. المشكلة هي المشكلة..بعض المثقفين، أمثال القاضي الهتار، وتوكل كرمان، وأعضاء في مؤتمر الحوار، يصورون نقل المجمع السلفي من صعدة إلى الحديدة، بأنه بداية لفرز المناطق على أساس طائفي، أو توزيع السكان طائفيا، وهذا مدعاة لحروب طائفية..لا أرى الأمر هكذا، بل على العكس تماما، فنقل المجمع السلفي يضع حدا للحرب المذهبية، لأنه كان منتج كل الحروب في صعدة وخارجها، ومن جهة أخرى الأمر لا يتعلق بفرز مناطقي أو طائفي، لأن الذي سينقل هو مجمع سلفي معظم طلابه وشيوخه أجانب، وبسببهم كانت بؤرة من بؤر الفتنة..ولكني أتفق مع القائلين إن نقل المجمع من صعدة إلى الحديدة، سينقل الصراع المذهبي والعنف من بيئة إلى أخرى..والانتقال السليم كان ينبغي أن يركز على المجمع ببيئته ومنهجه ومنهاجه وشيوخه وطلابه وسلوكهم.