يشيع الإخوان في حزب الإصلاح أن الرئيس نقل معسكرات الجيش إلى المحافظات الجنوبية، بذريعة محاربة «ما يسمى الإرهاب»، حسب تعبيرهم، وأنه في الحقيقة تعمد ذلك لكي يفرغ المحافظات الشمالية من الجيش، ليسهل للحوثيين «احتلالها كما احتلوا صعدة».. كثير منهم يروج هذه الشائعة بين المواطنين، هذه الأيام، الأمر الذي يشير إلى أن الشائعة قد صممت ولقنت لهم في الاجتماعات الإخوانية، ومنها انطلق بها النشيطون إلى المجال العام.. وفي نفس الوقت يشيعون أن حزب المؤتمر بدأ يغازل الإصلاح، ودليلهم على ذلك أن المؤتمر أصدر بيانا يدين فيه الحوثيين لأنهم فجروا أو هدموا معاهد ومساجد وبيوتا ومؤسسات هي في الأصل تابعة للإصلاح، ولإصلاحيين.. ولو افترضنا صحة ما يشيعون، فهذا يحسب عليهم، فقد هدموا ونسفوا كما يفعل بهم الحوثيون، باستثناء أن الإصلاح فجر مساجد وبيوتا ومؤسسات حكومية وبداخلها عباد الله، بينما يدمرها الحوثيون بعد أن يطردوا الإصلاحيين منها! أمر جيد أن الإخوان في الإصلاح يؤسسون ثقافتهم ويبنون تصرفاتهم على أكاذيب وشائعات، ويتجاهلون نكساتهم الجماهيرية التي كان الكذب والتلفيق والتزييف بعض أسبابها.. فمن قبل أشاعوا أن رئيس النظام السابق أخرج الجيش والأمن من محافظات جنوبية لكي يسهل سيطرة تنظيم القاعدة عليها، وكشفت الوقائع حينها، والأيام بعدها، أن تلك كانت كذبة مجيفة، واليوم يشيعون أن الرئيس هادي يفرغ الشمال من الجيش لكي يمكن الحوثيين من بسط سيطرتهم عليها، ونفوذهم فيها، بينما الجيش موجود في الشمال والجنوب، إن لم يكن في الشمال أكثر، والإخوان في الإصلاح يعرفون ذلك، لكنهم غاضبون من حياد الجيش في النزاع المسلح الدائر بينهم وبين الحوثيين، باستثناء لواء القشيبي الذي يقاتل إلى جانبهم.. أما شائعة مغازلة المؤتمر للإصلاح، فقد أسسوها على تصريح مصدر في مكتب رئيس المؤتمر الشعبي، تعمدوا إغفال جوهره الحقيقي.. فالمصدر دان كافة الأعمال الإرهابية التي تستهدف إحراق ونهب مؤسسات حكومية، وهدم منازل مواطنين، ومساجد، ودان محاولات زج الجيش في منازعات مسلحة تخدم أحزاباً وعائلات.. وهذا موقف مبدئي، بالنسبة للمؤتمر وقيادته وقواعده، فسواء كان النزاع بين الحوثيين والإصلاح أو غيرهم، فينبغي أن تحترم تقاليد وأخلاقيات الحروب، فللمساكن حرمة وللمساجد والأعيان الثقافية حرمة، وللمؤسسات الحكومية حرمة، وحتى المعاهد والمقرات الحوثية والإصلاحية وغيرها لها حرمة، وهي في الأساس منشآت حكومية سيطروا عليها.. هذا إذا موقف مبدئي بالنسبة للمؤتمر.. وليس في الأمر مغازلة، فالإصلاح صار في أقبح صورة، ولن يغازله حتى الحمقى.