وعموماً وعلى ضوء ما سلف في الحلقة الأولى يمكن التأكيد هنا على أن ما هو حاصل من ممارسات سلطوية ممنهجة بطابعها التسلطي والإقصائي المكرس ضد بعض القوى والتيارات السياسية والحركية نزولاً عند رغبة البعض الآخر لا يمكن ربطه بمفهوم العدالة والحداثة والتعددية بأية صلة. لأن كل ما قدمته السلطة الانتقالية الحالية بشقيها السيادي والتنفيذي (رئاستي الجمهورية والحكومة) خلال ما يربو على العامين ونصف الماضية من هيمنتهما على مفاصل الحياة العامة في البلاد لم يكن منافياً وحسب لأبسط شروط ومقتضيات الحداثة المدنية والديمقراطية المزعومة.. وإنما أيضاً لمجمل التطلعات الوطنية والشعبية العادلة في السلام والتقدم والاستقرار.. خذوا مثلاً الرئيس هادي الذي عودنا منذ اعتلائه لسدة السلطة في البلاد في فبراير 2012م على الإسهاب وكلما أتيحت له الفرصة في الحديث بعمق عن الفضائل المدنية والديمقراطية وعن السلم والاستقرار الأهلي والاجتماعي الذي حققه والمصالحة الوطنية التي قطعت في عهده شوطاً طويلاً وتذكيره الدائم بالمتاريس المزالة في عهده من شوارع العاصمة صنعاء وبقية المدن الملتهبة بنيران أزمة العام أزمة العام 2011م .. مع تأكيده المستمر أيضاً وفي كل مناسبة على أن الماضي الشمولي قد ولى دون رجعة وبأن الطريق أمامنا باتت سالكة صوب المستقبل.. وذلك في الوقت الذي تقوم فيه مليشياته الرئاسية بشن الحملات القمعية واستحداث المتاريس على مداخل المؤسسات المدنية والإعلامية وحتى الاعتبارية والروحية على غرار ما حدث لكل من قناة اليمن اليوم التي اقتحمت مكاتبها بالقوة وتم نهب محتوياتها وإيقاف بثها بالتزامن مع قيام آخرين من نفس الطينة الرئاسية أيضاً بمحاصرة جامع الصالح، وكل ذلك دون مسوغ قضائي أو قانوني.. وبصورة كانت كافية على ما يبدو لإثبات حقيقة أن الأفندم هادي هو من نوع السياسيين الذين لا يمكن الوثوق بهم على الإطلاق.. إذاً عن أي ماضي شمولي يتحدث هادي وما هي مواصفات الحداثة والتعددية التي يدعيها إذا كانت وحدات كاملة من الجيش النظامي مكونة من الطيران الحربي والقوات الراجلة تقوم وعن سبق إصرار وتعمد بقصف واستهداف معاقل الحوثيين بمنطقة عمران على غرار ما حدث الأسبوع قبل الفائت في محاولة لترجيح كفة المواجهة الناشبة هناك لصالح المطاوعة .. الخ وعن أي سيادة واستقلال وكرامة وطنية يتحدث هادي إذا ما كانت أولى إنجازاته المحققة في هذا الشأن قد تمخضت عن أدراج بلادنا تحت رحمة الفصل السابع لميثاق الأممالمتحدة بكل ما يحمله هذا القرار من مخاطر، مؤكدة على صعيد أمننا الداخلي واستقلالية قرارنا وهويتنا الوطنية.. وعن أي حقوق وحريات مدنية وإنسانية يتحدثون إذا كان دستور الدولة الاتحادية المقترح يتضمن بنداً أساسياً يجيز لتجاز الرذيلة حرية إصدار الفتاوى في الوقت الذي نكافح نحن فيه لإلغاء ما قد تم إصداره من فتاوى لا تزال مسلطة على رقابنا ليل نهار.. وعن أي فرص متكافئة ومواطنة متساوية يتحدثون فيما طواير الكراهية الإخوانجية تقوم بأوسع وأشرس حملات التطهير الوظيفي والإداري الممنهج لآلاف الكوادر المتهمة بالانتماء للنظام السابق .. ألا ينم كل ذلك عن افتقاره المطلق -أي الرئيس هادي- للحيادية المفترضة بصفته رئيساً توافقياً للأمة كما يحلو للبعض تسميته .. في تأكيد على مدى ارتهانه المخزي ونظامه للقوى والجماعات الجهادية والتكفيرية وتحالف اليمين الديني والعشائري الذين نجحوا على ما يبدو في فرض هيمنتهم المطلقة على مفاصل نظام هادي وتسخيره لتعزيز نفوذهم السلطوي ولتنفيذ أجندتهم الاستحواذية وهيمنتهم المستقبلية على دفة التاريخ والتطور الوطني بصورة لن يكون الفكاك منها ممكناً على المدى الزمني الطويل.. إن التعددية بمفهومها الأعم، تعد جزءاً لا يتجزأ من تكوين الطبيعة الإنسانية.. ومعياراً أسياسياً لتطور حركة الكون والتاريخ البشري والإنساني على وجه العموم. وإذا كان الإخوان يسعون اليوم من خلال استقوائهم الانتهازي بسلطة هادي لفرض وتعميم مفهوم التعددية من منظورهم الحادي التسلطي القائم على النفي والشطب والإلغاء للآخر، فإنهم حتماً لا يدركون مدى القيمة والأهمية التي أولاها الله ذاته عبر كتبه المقدسة ومنها القرآن لمفهوم التعددية التي باركها وجعلها أمراً واقعاً ومعاشاً حتى على مستوى الأديان المنزلة من عنده ..الخ مثلما لا يزالون عاجزين بالتأكيد ومعهم الأفندم هادي عن إدراك مدى حاجة الأمة لاكتساب حقها الطبيعي في العيش بأمان وحرية وعدالة طال توقها لها. وللحديث بقية رئيس قطاع الحقوق والحريات في الاتحاد الوطني للفئات المهمشة الرئيس التنفيذي لحركة الدفاع عن الأحرار السود في اليمن