من موقعي كمواطن، وموقعه كرئيس للدولة، أشعر بالتعاطف مع الرئيس عبدربه منصور هادي.. لكنني في حيرة من أمر عدم تعاطفه مع موقعه ومع 25 مليون يمني طالما تمنوا عليه أن يطيح بحكومة أجمعت كل القوى المجتمعية والسياسية على فشلها وضعفها وفسادها، وظهر الرئيس هو صاحب القرار الأخير في بقائها فقَّاسةً للفشل والضعف الأزمات، بل أحد أسباب نُذُر الحرب. والحق أن الجرعة سيئة السمعة لم تكن سوى الحبل الذي طوَّق رقاب الجميع، ذلك أن مجلس النواب بجميع القوى السياسية الممثلة فيه قرَّر استجوابها وأجمع على سحب الثقة منها وإسقاطها، وتم تسطير ذلك في رسالة إلى الرئيس هادي، لكن الحكومة ظلت فوق أكتاف الشعب المنهك لتكون الضربة الساحقة الماحقة هذه الجرعة القاتلة. لقد توقع حتى أكثر الناس تشاؤماً أن يتم تغيير هذه الحكومة لأسباب كثيرة ومقنعة، أخفّها أن الجرعة التي أحرقت أحلام المزارعين والصيادين وأصحاب الدخل المحدود ومن لا دخل لهم تبقى في حاجة إلى كبش فداء لتأكيد أن الدولة تسمع أوجاع مواطنيها وصرخاتهم، فإذا بنا أمام سجال عجيب حول قضايا بعيدة عن معاناة الناس الذين رأوا بأن حكومة تصل بالبلاد إلى فرض جرعة بهذه القسوة ليست جديرة بالبقاء وإنما بالرحيل والمساءلة، وهي التي اكتفت بمضاعفة أسعار المشتقات النفطية وأغفلت مكافحة التهرب الوظيفي والجمركي وتطبيق قانون التقاعد وإصلاح شئون الإيرادات وحنفيات الفساد ورفع العناء عن كاهل الكشف المدني والعسكري المثقل بالأسماء الوهمية، وإيقاف فساد الصناديق الخاصة وما شابهها من صور العبث. وسبحان الله.. حتى المجتمع الدولي شكا من فساد الحكومة اليمنية وعجزها عن استيعاب المنح والقروض.. لكن لا الشكوى المحلية ولا ملاحظات المانحين ولا هذا التوتر الذي أطبق على العاصمة أقنع صاحب القرار باستبدال حكومة المحاصصة بحكومة كفاءات قادرة على التقاط الأوجاع ووضع الحلول وفق حالة مقنعة من الشفافية والنزاهة. وعود على بدء.. سيكون جيداً وملهماً لو أن فخامة الرئيس هادي يلتقط ما صار واضحاً، داخلياً وخارجياً، فيسجل ما طال انتظاره ويسحب البساط ويخفف من التوتر السياسي والشعبي العام. إنه الرجاء من فخامته..