أظهر تسجيل تداوله نشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي مجموعات قالوا إنها تنتمي لميليشيا "فجر ليبيا" خلال اقتحامهم لمقر السفارة الأميركية في طرابلس الخالي من الدبلوماسيين. وقامت هذه الميليشيا، قبل أيام باقتحام مطار طرابلس الدولي، في مؤشر على تدهور الوضع الأمني في العاصمة الليبية. وبعيد هذا الاقتحام لمطار طرابلس، تحرك المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته ليعلن استلامه السلطة، استجابة لطلب من ميليشيا "فجر ليبيا"، وهو ما أدخل البلاد مجدداً في أزمة شرعية. وتواجه لندن اتهامات بإيواء مفتي ليبيا الشيخ الصادق الغرياني، المشتبه بارتكابه جرائم حرب في القتال الدائر في ليبيا، من خلال مساعدة مقاتلين، صنفهم مجلس النواب الليبي المنتخب حديثا "إرهابيين"، سيطروا على طرابلس منذ أيام، خاصة بعدما أصبحت العاصمة البريطانية ملاذا لقيادات تنظيمات كالإخوان المسلمين. وتقول صحيفة "غارديان" إن الخارجية البريطانية أكدت أن الغرياني، الذي يقيم في المملكة المتحدة، يحرض أتباعه على إطاحة الحكومة الليبية والبرلمان المنتخب حديثا، رغم إعلان رئيس الوزراء البريطاني دافيد كاميرون عن "تدابير أكثر صرامة ضد الإرهابيين". وقبل أيام احتفل الغرياني بسيطرة المتشددين على طرابلس، داعيا المسلحين إلى توسيع نطاق هجماتهم، عن طريق قناة "تناصح" التلفزيونية الإلكترونية، المسجلة باسم أحد أقاربه في مدينة إكستر "جنوبي إنجلترا". وقال الغرياني في رسالة إلى مقاتلي التنظيمات الإرهابية: "أهنئ الثوار بانتصارهم وأترحم على الشهداء". وقد يؤثر وجود الغرياني في بريطانيا سلبا على علاقة لندن وواشنطن، إذ أنه أثنى في وقت سابق على جماعة "أنصار الشريعة" المسلحة، المصنفة إرهابية أيضا من قبل البرلمان الليبي المنتخب، التي تقول الولاياتالمتحدة إنها ضالعة في الهجوم على قنصليتها في بنغازي وقتل سفيرها و3 دبلوماسيين أميركيين آخرين في 2012. وكان مجلس النواب الليبي أعلن في بيان سابق أن الجماعات التي تحمل اسم "فجر ليبيا" وأنصار الشريعة" و"مجلس شورى ثوار بنغازي"، هي "جماعات إرهابية خارجة على القانون ومحاربة لشرعية الدولة، وهدف مشروع للجيش الليبي". تهديد الأمن الداخلي وقالت "غارديان" إن وجود الغرياني في بريطانيا "يضع لندن في حرج شديد"، لاسيما بعد تحذيرات كاميرون من "تهديد أكبر للأمن الداخلي" من الجماعات المتطرفة. وقد يخضع الغرياني للتحقيق قريبا، على خلفية قرار مجلس الأمن بشأن ليبيا، الذي يتوعد بملاحقة "المحرضين على العنف" في البلاد ويدعو لوقف فوري للقتال في طرابلس وبنغازي. ووجه وزير الهجرة في حكومة الظل البريطانية دافيد هانسون، أسئلة لوزير الداخلية عما إذا كان "شخص مشتبه بارتكابه جرائم حرب مقيما في بريطانيا، وكيف أن وزارة الداخلية قررت أن وجوده هنا سيكون مفيدا للمملكة المتحدة"، في إشارة إلى الغرياني. وردت وزارة الداخلية قائلة: "عادة نحن لا نعلق على حالات فردية، لكننا واضحون في أن الساعين إلى تعزيز الكراهية أو الترويج للإرهاب غير مرحب بهم في بريطانيا. سنتخذ إجراءات ضد من يحاولون تخريب قيمنا المشتركة. جميع الحالات قيد المراجعة الآن". وقال متحدث باسم الخارجية البريطانية إن الغرياني "لم تتم دعوته من قبل بريطانيا. إنه هنا في زيارة خاصة". ليبيا على حافة الانهيار ورأى تقرير بموقع «ذي إكونوميست» أنَّ ليبيا التي استطاعت التغلب على الفوضى وتماسكت خلال السنوات الثلاث الماضية، أصبحت الآن على حافة الانهيار الفعلي. لافتًا إلى أنَّ التنازع بين البرلمانين والحكومتين يجعل الأمور أسوأ بصورة أكبر؛ حيث يدعم كل منهما طائفة من الميليشيات وقوى إقليمية. وأشار التقرير إلى أنَّ ليبيا أصبح بها جميع مكونات الحرب الأهلية المطولة. ولم تؤثّر الهجمات الجوية الأخيرة بطرابلس على نتيجة الحرب الدائرة بالعاصمة منذ أسابيع حسب «ذي إكونوميست»، حيث فاز في المعركة من استهدفت مواقعهم بالطائرات. كما سيزيد المطار، الذي مثّل توازنًا دقيقًا للسلطة بالعاصمة، احتمالية حدوث عنف مجددًا.